عودة الى الموقع عودة رئيسية الملف
بوابة الحركات الاسلامية
يبدأ عام 2018، محملًا بعدد من القضايا والأزمات داخل منطقة الشرق الأوسط، التى ما إن تم حلها وتجاوزها، حتى زادت الأحوال قتامة وسوءًا، وأدت بشكل كبير إلى توحش وتوسع دوائر وجود ونفوذ التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، كتنظيمى «داعش» و«القاعدة»، وبدورنا أردنا الوقوف عبر هذا «الملف» على مستقبل التنظيمات المتطرفة والإرهابية فى العام الجديد، ولأن الأشهر الأخيرة لعام 2017، شهدت تغيرات ملحوظة أثرت بشكل مباشر فى الأوضاع الحالية سواء للتنظيم نفسه بحسب توجهاته السابقة وما ستؤول إليه مستقبلًا أولًا، وبالنسبة للمناطق التى يتواجد فيها التنظيم وفروعه، على اعتبار أن وجوده فيها يعود لطبيعة الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية للدولة ذاتها ثانيًا. لذا كان لزامًا علينا، مراعاة هذين الأمرين عند كتابة هذا «الملف» ليقدم فى النهاية إلى القارئ بشكل أقرب للواقع والوضوح، خاصة أن طبيعته إزاء ملف يناقش ظاهرة «الإسلام السياسي» المعروف عنه امتلاءه بالكثير من الملابسات والتشابكات التى تحتاج إلى وقت كبير لفك طلاسمها وألغازها، ومن ثم استيعابها جزئيًا على الأقل، فمنها ما هو مرتبط بالعقيدة الدينية، وفى جوانب أخرى ترتبط بطبيعة الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والأمنية بالنسبة للعناصر الإرهابية نفسها، أو بالدولة التى تنشط فى جزء منها هذه العناصر. وكى نصل إلى أدق السيناريوهات المحتملة، والمتوقعة لهذه التنظيمات فى المستقبل القريب، جرى الاطلاع على العديد من التقارير الأمنية والمعلوماتية، وكذلك التقارير الصادرة عن «المنتدى الاستراتيجى العربي» الذى يرعاه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، كمنصة لاستشراف المستقبل، بالإضافة إلى الدراسات المستقبلية والاستشرافية الصادرة عن العديد من كبريات مراكز الدراسات والأبحاث العربية والأجنبية، ومنها العربى للدراسات، والأهرام للدراسات الاستراتيجية، وكارنيجى للسلام، وبيو للأبحاث، ولجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي.
مآلات »داعش» في 2018.. هل يعود إلى إستراتيجيات ما قبل 2013؟
بوابة الحركات الاسلامية
قبل الحديث عن مصير «داعش» المحتمل لعام ٢٠١٨، ينبغى البحث أولًا فى تلك العوامل التى ساهمت فى عودته للظهور عام ٢٠١٣، بداية من انسحاب الولايات المتحدة من العراق فى ديسمبر ٢٠١١، بجانب الضعف المتلازم لقوات الأمن العراقية، ومشاركة التنظيم المتواصلة فى أعمال إجرامية محلية وقدرته على استغلال السنة ضد الحكومة المركزية ذات الغالبية الشيعية، وعمليات الهروب الجماعية من السجون من قبل رفاق التنظيم فى العراق، واندلاع الحرب فى سوريا، الأمر الذى حث على تعبئة غير مسبوقة للمقاتلين الأجانب.
كما تجب الإشارة هنا إلى تلك القضايا التى تتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر، فى مسألة استمرار الصراع (العربى- الإسرائيلي)، خاصة بعد ما نجح الكيان الإسرائيلى مع نهاية العام ٢٠١٧، فى الضغط على الرئيس الأمريكى للاعتراف بالقدس عاصمة له بما يخالف كل الأعراف الدولية والثقافية، فى ظل ضعف الموقف الفلسطينى عامة وتشرذمه بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية، بجانب الموقف العربى ككل، وهو ما يدعو إلى التوقع بعدم حدوث أية انتفاضات ذات تأثير واضح وكبير قريبًا حيال هذا القرار. 
ومن المعلوم أن الشرق الأوسط والدول العربية تحديدًا كانت ولا تزال ساحة للصراعات العسكرية والحروب الأهلية الدينية والقومية والإثنية، فى العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال ومالي، مما أدى إلى بزوغ موجات من الإرهاب المتوحش المرتبط بالتطرف الديني، على أيادى تنظيم «داعش» الذى نجح سابقًا فى السيطرة على مساحات واسعة من الأراضى العراقية والسورية، قبل القضاء عليه عسكريًا فى الموصل والرقة، واستمرار تواجده فى ليبيا وشمال سيناء. 
كما يعد تحول دول مثل: الصومال وليبيا واليمن إلى دول هشة وفاشلة، من الأسباب التى قد تؤدى إلى توسع فجوة الخلافات بين الدول العربية بفعل الخلاف حول عدد من القضايا والملفات الحيوية، إضافة إلى زيادة الصعوبات، والمشاكل الاقتصادية، والاجتماعية، وفشل مشاريع التنمية الشاملة والتحديث وتعزيز المواطنة والمشاركة السياسية لدول مثل: الأردن ولبنان وتونس والجزائر والمغرب.
وبالتالى ليس من المستبعد ظهور فرص جديدة أمام التنظيم الداعشي، الذى كان يعمل فى فترات ما قبل ٢٠١٣، حينما كان اسمه «الدولة الإسلامية فى العراق» على إنشاء شبكات إجرامية تعمل بالاتجار بالبشر، والاختطاف، والابتزاز، وسرقة المصارف، والتكرير البدائى للنفط، والاتجار بالآثار، إلى أن جاءت له الفرصة فى الظهور عام ٢٠١٤ بشكل لم يحدث من قبل فى تاريخ التنظيمات التكفيرية والمتطرفة، ويبدو أن هذا هو المربع الذى يقع فى التنظيم فى الوقت الراهن؛ حيث يكتفى باستغلال المنظمات الإجرامية فى العراق والحرب السورية، مع اختلاف أقل فى مستوى الزخم والامتداد والسرعة، لكن الدوافع والتداعيات التى أدت إلى ظهور التنظيم فى البدايات الأولى لا تزال قائمةً.
وسيكون من الخطأ اعتبار «داعش» خارج المعادلة خلال عام ٢٠١٨، فيعتبر «داعش» حاليًا أقوى مما كان عليه عقب هزيمته الأولى عام ٢٠٠٩، وفى كل الأحوال يظل الصراع السورى والتوتر الطائفى العراقي، قائمين كعاملين رئيسيين دفعا التنظيم الأول «دولة العراق الإسلامية»، إلى إحياء التنظيم من جديد والتحول إلى تهديد عالمى حقيقي، ومن المؤكد أن دوريهما رئيسيًا فى رسم ما هو آت.
وربما تتفرع إلى تنظيمات صغيرة، معتمدين على تكتيك «داعش» فى التوحش والجرائم التى تستخدم أسلوب الصدمة والرعب، وتحدثت تقارير عن ظهور فصائل منشقة عن التنظيم المركزي، مثل: (الرايات البيض، خراسان، السفياني، المتطوعون)، وهى الخلايا التى كثفت حضورها الإعلامى بإصدار بيانات وتسجيلات على الإنترنت بما يشير إلى تمهيد «داعش» نحو حل محلها على نطاق أقل اتساعًا.
توقعات بتفجيرات فى ظل تنامى ظاهرة «العائدين»
بوابة الحركات الاسلامية
 تنظيم «داعش» هو الأساسى فى مستقبل منطقة الشرق الأوسط والإرهاب العالمي، فرغم تفكيك ما يسمى بـ «الخلافة المزعومة» فى سوريا والعراق، فإن هذا لا يعنى نهاية إرهاب تنظيم «داعش» بقيادة أبو بكر البغدادي، فمن المرجح أن يشهد الشرق الأوسط والعالم خلال ٢٠١٨، تغييرات جديدة فيما يتعلق باستراتيجيات التنظيمات الإرهابية والتكفيرية المسلحة، بل وخريطة الإرهاب كليًا، ومن المحتمل وقوع هجمات استراتيجية فى ظل تنامى ظاهرة «العائدين» و«الترانزيت الجهادى»، ومحاولاتهم المستميتة فى زعزعة الاستقرار والأمن فى كل المناطق التى تصل إليها أياديها. والحديث هنا يخص التنظيم الأكثر شراسة فى التاريخ المعاصر، ألا وهو «داعش» الذى أعلنت أغلب القوى الرئيسية فى العراق وسوريا، انتصارها عليه، وإلا أنه فى المقابل يوجد ما يؤكد أن هذا التنظيم لم- ولن- يختفى بسهولة، وإن جرى استعادة الأراضى التى سيطر عليها يومًا ما، وبحسب ما توارد من أخبار وتقارير على مدار الأسابيع الماضية، عن معارك وتحركات قام بها «داعش» فى مناطق متعددة، وما تحدث منها عن أحراز عناصر «داعش» لعمليات مؤثرة أو تقدمًا فى بعض المعارك، يشير إلى أن الحرب على التنظيم لم تحقق انتصارًا حاسمًا حتى الآن، وأن العام الجديد سيشهد معارك جديدة ولو بصورة مختلفة.
وطبقًا للمعطيات الميدانية، فيما يخص شكوك البعض فى مسألة الانتصار الحقيقى على التنظيم، أشارت تفاصيل عدد من المعارك إلى انتشار الآلاف من عناصر التنظيم فى وحدات إرهابية، وثمة آلاف أخرى قد تنخرط ضمن خلايا نائمة للتنظيم، تعمل على إعادة ترتيب الصفوف لاستئناف المعارك فى سوريا والعراق وغيرها من المناطق التى تضم مجموعات تابعة للبغدادي.
وبعض من الشواهد فى الحرب على «داعش»، تقول إن ما وقع لم يكن هدفه حسم الصراع مع «داعش» أو تصفيته، بقدر ما كان هدفه تحجيم التنظيم فقط، ومسألة إخلاء الموصل والرقة من «الدواعش»، لن تكون هزيمة نهائية للتنظيم، وإنما ستمثل عودة إلى مستوى آخر، وشكل مختلف من التمرد، بما يشير ضمنًا إلى فرضية استغلال التنظيم للصراعات والأزمات المتوقعة مستقبلًا فى العراق وسوريا، كما حدث خلال الفترة ما بين ٢٠٠٩ و٢٠١٢، أى الفترة الممتدة بين هزيمته كتنظيم «الدولة الإسلامية فى العراق» وإعادة بروزه فى إبريل ٢٠١٣.
سوريا.. معركة بقاء «الأسد»
بوابة الحركات الاسلامية
ليس من المُعتقد أن يشهد الملف السورى اختراقًا واسعًا من «داعش» كما حدث من قبل نتيجة الصراع السياسى داخل الأراضى السورية بين الجيش النظامى وكتائب المعارضة المعروفة بالجيش الحر، فبات الأمر مختلفًا فى الوقت الراهن، نظرًا لوجود «تفاهمات سياسية»؛ حيث روسيا التى تحدد قواعد اللعبة فى الملف السوري، بجانب قوى فاعلة إقليميًا وعالميًا، لديهم إجماع ضمنى على بقاء بشار الأسد فى السلطة للمرحلة المقبلة، وهذا يأتى فى ظل تمدد الأذرع الإيرانية بالداخل السورى.
بالمقابل، كشفت استطلاعات رأى وتقديرات، أن عددًا قليلًا يحدوه التفاؤل بأن الحرب السورية ستنتهى خلال العام الجديد، رغم اعتقاد الكثيرين أنها لن تستمر إلى ما بعد السنوات الخمس المقبلة، وفى كلتا الحالتين، بات خروج أغلب قيادات داعش من الأراضى السورية أمرًا واقعيًا، فربما مضوا إلى مكان آخر على الحدود السورية أو العراقية، أو تم نقلهم إلى تركيا أو ليبيا أو شبه جزيرة سيناء بتدخل تركى وقطري، مما اضطر إلى إعادة اختراق مناطق فى العراق من بينها محافظة ديالى التى يتردد أن عدة آلاف من الدواعش يختبئون بها.
ومن تبقى قد يشكل خلايا نائمة داخل سوريا، وبالإمكان هنا الاستمرار فى العمل بموارد مالية ضعيفة، تشبهًا بنهج سلكته القاعدة منذ ١٨ عاما، ففى سوريا سيستفيد تنظيم «داعش» من الاضطرابات المتوقع استمرارها، حيث إن نظام الأسد لن يتمكن- إلى حد كبير- من السيطرة على المعاقل السنية شرق سوريا فى أى وقت قريب، مما سيجعل من التنظيم أحد الجماعات القليلة القادرة والراغبة فى تقديم من الخدمات لأهالى هذه المناطق، رغم نجاح جهود استعادة الرقة وما حولها بالكامل. وبالقطع، سيحمل ٢٠١٨، تحديات جديدة للتحالف المضاد لداعش فى سوريا، أهمها تحدى إدارة الأراضى التى خضعت لسيطرة التنظيم فى الفترات السابقة، بما يجعل دراسة العوامل الثلاثة التى ستؤثر بشكل كبير فى مسارات داعش المستقبلية أمرًا ضروريًا، وتتلخص هذه العوامل فى وضع أهل السنة فى سوريا، وخيارات الحكومة السورية، وخيارات الفواعل الخارجية المنخرطة فى الحرب ضد داعش أو تدعمه بشكل مباشر أو غير مباشر، وهى نفسها العوامل التى تنطبق على العراق.
تركيا.. مواجهة الأكراد بتمويل «الدواعش»
بوابة الحركات الاسلامية
أما بالنسبة للأكراد فى سوريا، فمسألة مواجهتها كانت أحد الدوافع وراء تسامح وتعاون تركيا ودعمها للتنظيمات السلفية الجهادية النشطة فى سوريا وعلى رأسها «داعش»، وربما وجدت فى هذه التنظيمات حليفًا طبيعيًا ضد خصومها من الأكراد، ثم بعد أن تحول تنظيم داعش إلى خطر وتهديد لها، شاركت تركيا بالفعل فى التحالف الدولى ضد داعش بقيادة الولايات المتحدة، ولكنها لم تتخل عن نظرتها تجاه قوات سوريا الديمقراطية الكردية- الشريك الأمريكى على الأرض- والتى تعتبرها تركيا تهديدًا أكبر من تهديد «داعش»، وترى أنقرة أن إضعاف تنظيم داعش بدرجة كبيرة سيخلى الساحة أمام قوات سوريا الديمقراطية، بما يمنحها فرصة التمدد بشكل أكبر واستعراض نفوذها فى مواجهة تركيا.
اليمن.. حروب قبلية تهدد البلد البائس
بوابة الحركات الاسلامية
فى الشهور الأخيرة، بخاصة بعد عملية اغتيال الحوثيين للرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح، أحد أبرز الأطراف الفاعلة فى اليمن، تغير شكل الصراع اليمنى كثيرًا، ودخل مرحلة جديدة من المتوقع أن تتسبب فى تبديل مساره خلال عام ٢٠١٨، الذى ربما يشهد اليمن فيه تصعيدًا أكثر خطورة، يؤدى إلى مزيد من التفرقة والتجزئة، وهذا إن حدث سيكون بفضل تحول النزاع السياسى الإيديولوجى إلى نزاع قبلي، تنتج عنه حروب قبلية تحت مسميات الثأر والعصبية.
فضلًا عما سبق سنرى محاولات أكثر لطهران، للانخراط فى النزاع اليمنى الذى سيكون متفجرًا للغاية، إن لم يتم التوصل إلى حل ممكن يضع نهاية لهذا النزاع الذى قد يطول حتى نهاية عام ٢٠١٨ على الأقل، هذا رغم بداية الشرعية فى اليمن بفرض سلطتها على ثلاثة أرباع البلاد، ليبقى حسم المعركة على مدينتى صنعاء وميناء الحديدة، وفى حال تحريرهما ستتغير خريطة الصراع بشكل جذري، قياسًا على الوضع الحالى لأفغانستان، التى حصرت تواجد طالبان فى المناطق الجبلية.
وفيما يخص تنظيمى «القاعدة» و«داعش» داخل الأراضى اليمنية، لا يجوز الفصل بينهما فى الخطوط العريضة كثيرًا نظرًا لخصوصية الملف اليمني، فهما على كل حال لهما مصير متشابه على هذه الأرض، رغم فشل تنظيم «داعش» الوليد فى اليمن، فى إظهار نفسه بنفس قوة «القاعدة»، مقارنة بتنظيم «داعش» المركزى فى الشام والعراق.
ومن المنتظر فى الشهور القليلة القادمة، رفع وتيرة الضغط من قبل تحالف دعم الشرعية، مما سيؤدى إلى تقوقع إرهابيى «داعش» و«القاعدة» داخل نطاقات أقل مساحة وتأثيراً، فالتنظيمان سيخسران يوميًا المزيد من الأرض والموالين وعناصر القيادة، بفضل نجاح التحالف العربى فى قطع الطريق عليهما فى أغلب مناطقه التقليدية شمال وجنوب ووسط اليمن.
ومع نهاية العام ٢٠١٧، عاش التنظيمان مرحلة هى الأسوأ، والأكثر ضعفًا؛ حيث فقد تنظيم القاعدة أهم عناصره التى كان يعتمد عليها ميدانيًا وإعلاميًا، وفر إلى مخابئه القديمة فى الكهوف والجبال وشعاب الأودية، فيما أصبح تنظيم داعش أضعف من أن يكون له تهديدات خارجية، وبالتالى سيمر التنظيمان فى ٢٠١٨ بمرحلة هى الأصعب، نظرًا لتلقيهما هزائم ضخمة أثرت فى كيانهما ووجودهما، وكذلك أفقدتهما القدرة على الاستقطاب والتمدد.
ولأن «داعش اليمن» لم يحظ بقبول داخل الأوساط اليمنية مقارنة بتنظيم القاعدة، لكونه أكثر تشددًا مع المخالفين لأفكاره، فضلًا عن ما يدور من شبهات حول ارتباطاته بأجهزة وقوى مشبوهة، فلم يجد الحاضنة الشعبية التى تُشجعه على إعلان نفسه رسميًّا، وغالبًا لن يجد فى اليمن قاعدة لبسط نفوذه وتمكنه من التحكم والسيطرة كما يطمح.
وبالتالى مستقبل «داعش» فى اليمن، قد يكون معدومًا، ولن يخرج عن مستوى محاولات «إثبات الوجود» التى سيقوم بها عبر تنفيذ هجمات غير مؤثرة، وهذا يأتى رغم احتضان عدة محافظات يمنية كالعاصمة صنعاء شمالًا، والبيضاء بوسط اليمن، وحضرموت جنوبًا، قلة من عناصر «داعش» الأجنبية، والعربية، ممن يسكنون فى أماكن تسمى «المأوى»، يتخذون منها منطلقًا لنشر الفكر المتطرف، وإعداد مقاتليهم، والتجهيز لعملياتهم، والشواهد تقول إنهم لن يستطيعوا إحداث تغيير ملحوظ سواء فى واقع التنظيم السيئ، أو على مستوى خريطة الصراع على أرض اليمن.
من المؤكد أن خريطة التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة فى الإقليم- حيث المنبع الرئيسى لكل هؤلاء- ستشهد تطورات وتغييرات عدة، كنتيجة واقعية وضرورية، بعد انحسار وتقزم قدرات تنظيم البغدادي، وهو ما سيعود حتمًا على دور وتأثير أغلب التنظيمات الفاعلة والنشطة، فى الشرق الأوسط وأفريقيا، مثل: «القاعدة» فروعها وأتباعها، و«داعش» بفروعه، و«هيئة تحرير الشام»، و«بوكو حرام»، و«جند الخلافة»، وغيرها.
وعن ذلك توجد أسباب أخرى كفيلة بتغيير خريطة وشكل التنظيمات المتطرفة، من ضمنها الطبيعة الجغرافية والسكانية والاجتماعية والاقتصادية الخاصة بمناطق تمركزها، نظرًا لاعتماد المتطرفين على استغلال الأوضاع الاقتصادية، الضعيفة، والتركيبة الاجتماعية الهشة، لاستقطاب عناصر جديدة.. وبالتوقف عند هذه النقطة، سيحيلنا الأمر إلى تلك الأدبيات التى يعتمدها تنظيم داعش، كمفهوم إدارة الفوضى المتوحشة، المنقسمة إلى ٣ مراحل، ألا وهي: (الإنهاك، وإدارة التوحش، والتمكين).
وترتبط عوامل التحول فى البيئة السياسية والأمنية الجارية بالشرق الأوسط، بمسألة الاستقرار السياسى والأمنى والاقتصادي، كعامل مهم فى مدى فاعلية ونشاط هذه التنظيمات، وقياسًا على ذلك بالفترة التى أعقبت ما سمى بـ «الربيع العربي»، أسفرت عن حالة من عدم الاستقرار السياسي، ساعدت بشكل مباشر على توسع وتوحش هذه المجموعات، التى تنطلق من واقع فكرى وعقائدى نظرته تنظيمات إرهابية عابرة للحدود، وهو ما ينطبق بطبيعة الحال على فروع وخلايا «داعش»، فكلما تراجع التنظيم المركزى أثر ذلك فى قدرة باقى الأفرع.
وانطلاقًا من هنا، فمن المتوقع أن تفك بعض الخلايا المرتبطة بالتنظيم المركزى تنظيميًا وعقائديًا، وتندمج مع تنظيمات أخرى، أو تشكل تنظيما مستقلا على غرار تنظيم «هيئة تحرير الشام»- جبهة النصرة سابقًا- الذى أعلن فك الارتباط بتنظيم القاعدة، وإنهاء البيعة لزعيمه أيمن الظواهري، مع الإبقاء على المنطلقات الفكرية للتنظيم الأم.
ومن المرجح أيضًا، لجوء هذه التجمعات إلى حل نفسها على غرار ما حدث بالنسبة لتنظيم «أنصار الشريعة» فى درنة بدولة ليبيا خلال شهر مايو من العام ٢٠١٧، وتنظيم «سرايا الدفاع عن بنغازي»، والذى أعلن عن حل نفسه خلال شهر يونيو ٢٠١٧. 
وفى كل الحالات، من المحتمل ظهور تنظيمات متطرفة جديدة تأخذ الطابع الجغرافى، والاجتماعى بكل دولة على حدة، وهو ما أطلق عليه الخبراء مصطلح «التنظيمات الإرهابية المناطقية»، التى اكتسبت مهارات قتالية من تبعيتها لتنظيم «داعش» من ناحية، ومن فقه القاعدة من ناحية أخرى، وهو ما يطلق عليه «التنظيمات القاعدية الفكر الداعشية التكتيك»، بما يعنى دخول خريطة التنظيمات الإرهابية، مرحلة جديدة من التطور من حيث البنية التنظيمية، والمنطلقات الفكرية، والتكتيكات القتالية.
ومن المتوقع أن ينشق بعض الخلايا المرتبطة بالتنظيم المركزى تنظيميًا وعقائديًا، وتندمج مع تنظيمات أخرى، أو تشكل تنظيما مستقلا
اختفاء «البغدادى» وتعيين زعيم جديد وتبنى سياسة اللا مركزية
بوابة الحركات الاسلامية
من المؤكد أن الشهور المقبلة ستجيب بشكل قاطع عن المكان الذى يعيش فيه أو يختبئ فيه، أبو بكر البغدادى وباقى قيادات الصف الأول للتنظيم، ففى الفترة الأخيرة، تناول البعض رواية تفيد بإلقاء قوات أمريكية القبض على أبو بكر البغدادى مؤسس تنظيم «داعش» الإرهابي، وهى الرواية التى ساهم فى تضخيمها ممثل البنتاجون «أدريان رانكين»، عندما رفض التعليق عليها عندما تلقى سؤالًا بشأن احتجازه داخل قاعدة «رميلان» التابعة للولايات المتحدة بمحافظة الحسكة شمال سوريا.
وهى الرواية التى زعمتها مصادر سورية، وأضافت، أن عملية القبض عليه تمت وبرفقته ٧ من قيادات «داعش»، بينهم عراقى والآخرون أجانب، وفى وقت سابق صرح المتحدث الرسمى لوزارة الدفاع العراقية، يحيى رسول- استنادًا إلى تقرير للمخابرات العراقية- أن زعيم تنظيم «داعش»، لا يزال على قيد الحياة ويختبئ بالقرب من الحدود العراقية السورية، وإضافة إلى ذلك صرحت قيادات بالحشد الشعبى العراقى أن البغدادى محتجز لدى القوات الأمريكية.
وعلى مدار السنوات السابقة أثير حول «البغدادي» العديد من التساؤلات حول مكان اختبائه، فمنذ ظهوره الأول، فى تسجيل مصور بالجامع الكبير فى مدينة الموصل العراقية، الجمعة ٤ يوليو ٢٠١٤، لم يعلم أحد مكانه.
وقد ظهرت العديد من السيناريوهات المحتملة، عن المكان الذى يحيا فيه؛ فإن لم يكن فى قبضة الأمريكان؛ فإنه على الأرجح يتواجد إما فى «جبال حمرين» بمحافظة ديالى، التى تتمتع بطبيعة جبلية وعرة، أو فى منطقة الحدود (السورية- العراقية)، وهى المنطقة التى يسميها التنظيم «ولاية الفرات»، أو بمدينة البوكمال شرق سوريا، بحسب ما تناقله البعض عن رؤيتهم لاثنين من مساعديه فيها.
كما ظهرت أيضًا على السطح روايات عدة، تحدثت عن احتمالية هروبه إلى تركيا، وأخرى أشارت إلى إمكانية وجوده فى ليبيا، استنادًا إلى واقعة العثور على رسائل له فى الجنوب الليبي، وذكرت صحيفة إنجليزية فى وقت سابق إن البغدادى فر إلى مدينة سرت فى ليبيا عقب نجاته من غارة جوية فى العراق، واختفاء الرجل الأول فى التنظيم بأى حال سواء تم قتله أو القبض عليه أو اختبائه؛ فإن فشل التنظيم مؤخرًا يعنى أنه لم يعد لديه دور خلال العام ٢٠١٨، وإن بات له دور، سيكون بتأثير أقل من ذى قبل.
وبحسب آخر المستجدات، فمن المتوقع بالنسبة للقيادة المركزية لـ «داعش»، وعلى رأسها البغدادي، أنها ستعمل على إعادة تشكيل التنظيم من جديد داخل إحدى ولاياته، فى إطار سيناريو محتمل من ناحية، أو قد تتبنى سياسة اللامركزية، بالسماح لكل فرع يعمل تحت لافتة التنظيم وحلم الخلافة، دون الالتزام بالقواعد الرئيسية للتنظيم المركزي، وفى كلتا الحالتين يجدر بنا التأكيد من جديد على استمرار بقاء إرهاب «داعش» على قدر أوضاعه الجديدة.
وبالنظر فى الهيكل التنظيمى العام لـ «داعش» يتبين أولًا أن النخبة القيادية للتنظيم هى تقريبًا عراقية بالكامل، بما فيها رءوس الفروع فى كل من سوريا وليبيا وشمال سيناء، بما يجعله تنظيمًا عراقيًا، أكثر منه تنظيمًا دوليًا.
وثانيًا، بالعودة إلى تاريخ تشكيل هيكل القيادة المركزية أواخر عام ٢٠١٠، مع تولى أبو بكر البغدادى القيادة، ظهر أنه رحب بانخراط عدد من رجال الأمن العراقى ممن كانوا خارج الخدمة أو من تركوها فيما بعد، لرفع كفاءة قدرات التنظيم العسكرية، رغم عدم اعتقادهم بالفكر الدينى للتنظيم، وانضمامهم كان للثأر من النظام العراقى الحاكم، ومحاولة استعادة هيمنة السنة على النظام السياسي، وهى العناصر التى تعتبر العمود الفقرى للتنظيم، ويستبعد تخليهم عن بلدهم العراق. وهذان الأمران يشيران مبدئيًا إلى أن المستقبل قد يحمل تغييرات جذرية فى البنية الإدارية للتنظيم المركزي، إذا أراد أو استطاع الحفاظ على وجوده.
«الذئاب المنفردة» والقتل دهسًا أسلحة «الإرهاب» فى الغرب
بوابة الحركات الاسلامية
ربما يتوقع البعض أن أوروبا قد تتأثر كثيرًا بخروج بريطانيا من «البريكس»، خلال العام ٢٠١٨، ولكن المفاجأة تكمن فى أن القارة العجوز، ستتأثر أكثر بالإرهاب والتطرف الدينى بشكل أكبر من كل الأزمات الأخرى، وهذا يعود بالضرورة إلى خطورة ظاهرة «الإرهاب العابر للحدود»، فقد شكلت موجة الهجمات الإرهابية وعمليات «الذئاب المنفردة»، وهجرة الشباب الأوروبيين والتحاقهم بالتنظيمات الإرهابية فى العراق وسوريا، أزمات أمنية ساعدت فى إدراك هذه الدول لأهمية التعاون ومشاركة المعلومات.
وبالتالى من التوقع أن تشهد أوروبا فترة من الهدوء النسبى العام ٢٠١٨، لكن يمكن للأعداد القليلة نوعًا ما- مقارنة بأعداد المهاجرين- عادوا من ساحات القتال، أن يشكلوا قنبلة موقوتة فى قلب أوروبا، ويأتى هذا فى ظلال انتشار ظاهرة الشعبوية والقومية المتطرفة، والإسلاموفوبيا فى الكثير من أوروبا الغربية فى النمسا، وألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وهى إشكالية قد تزيد مع الوقت، نظرًا لكون هذه الجماعات لها ارتباطات عالمية مع مثيلاتها فى أمريكا، بما يجعلها فى ازدياد أكثر عام ٢٠١٨، ليصبح من المحتمل أيضًا وقوع هجمات إرهابية داخل الأراضى الأمريكية. 
وعند الحديث عن مستقبل التنظيمات المسلحة بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا، فيجب التطرق إلى استراتيجيات وأساليب الإرهابيين فى الغرب، وتأتى ظاهرة إرهاب «الذئاب المنفردة» فى المقدمة، فبعد أن كانت قبل عقد من الزمان فقط مجرد «اتجاه فرعي» فى ظاهرة الإرهاب العالمى بشكل عام، ومن الأدلة على ذلك أنه منذ عام ٢٠٠٦ حتى ٢٠١٦، نتج ٩٨٪ من قتلى العمليات الإرهابية فى الولايات المتحدة الأمريكية عن عمليات نفذها «الذئاب المنفردة»، وأدت إلى مقتل (١٥٦) شخصًا.
وهو ما ينطبق أيضًا على استراتيجية «الخيل المسمومة»، والمقصود بها القتل دهسًا، التى يلجأ إليها التنظيم لزعزعة استقرار الغرب، واتجه اهتمام التنظيم لتنشيط ذئابه المنفردة وخلاياه النائمة فى أوروبا لتنفيذ عمليات إرهابية تهدد الأمن، وتحدث دويًا إعلاميًا، وتجنيد مزيد من الشباب الذى لديه حماسة للالتحاق بالتنظيمات المتطرفة، وانتقامًا من الدول المشاركة فى التحالف الدولى ضد الإرهاب.
واعتاد التنظيم الإرهابى اللجوء إلى هذه الطريقة غير المكلفة التى لا تثير فى العادة حفيظة قوات الأمن، ولا تتطلب إلا مركبات فقط، تقاد بسرعة كبيرة للانقضاض على الهدف، حتى بات هذا الأسلوب الأكثر مرونة وسهولة فى تنفيذ الأهداف.
«داعش العراق» يبحث عن فرصة جديدة
بوابة الحركات الاسلامية
بالنظر إلى الدولة العراقية، سنجد أنها قد تبدو على قدر من الاستطاعة لتحقيق شىء من الاستقرار ولو نسبيًا، خلال العام ٢٠١٨، خاصة مع الانتصار السياسى الذى حققه رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادي، بفوزه على تنظيم «داعش»، وإحباط استفتاء استقلال كردستان. وفى حين ذلك تتنبأ الشواهد العامة، أن تنامى الأذرع الإيرانية بالداخل العراقى سيؤدى إلى إفشال الحكومة العراقية، وعدم قدرتها على التعامل مع الأزمات السياسية، والاجتماعية، والإيديولوجية.
وبالتالى الحديث على اختفاء «داعش» نهائيًا من العراق، قد يكون من المستبعد إلى حد ما كبير، وعلى الأقل قد يؤجل التنظيم، التفكير بالشروع فى حملة إرهابية فعالة داخل الأراضى العراقية قريبًا، وهذا لعدة أسباب، أبرزها أنه يعيش حاليًا حالة من الصراع على زعامة «حماية أهل السنة»، عقب ظهور منافسين جددًا له حول هذه المسألة من داخل الحركة السلفية الجهادية، وربما قد تظهر فرق وتيارات من داخل التنظيم نفسه على إثر انقسامات قد تحدث فيما بعد، واقتتال داخلى بين تيارات مختلفة يسعى كل منها لفرض رؤيته على التنظيم.
ومن الأسباب أيضًا، ما يتعلق بملف العناصر العربية، والأجنبية، التى لم يعد التنظيم قادرًا على حمايتها، فبدأ فى طردهم، وهى القوة التى كانت حتى وقت قريب قسمًا كبيرًا من قوة داعش البشرية، أصبحت اليوم نقطة ضعف رئيسية للتنظيم، نظرًا لأن جزءًا كبيرًا من هذه العناصر لن يتمكن فى الغالب من العودة إلى بلاده الأم، ومن حيث وضع معظمهم على قوائم ترقب الوصول لدى كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية لأوطانهم وغير أوطانهم أيضًا، وهنا تجدر الإشارة إلى خطورة بقائهم داخل الأراضى العراقية أو تسللهم داخل بلدان الشرق الأوسط.
وفى هذه الحالة قد يندمجون داخل تنظيمات أخرى، أو تجنيدهم من قبل الأجهزة الأمنية، ومن المرجح فشله فى حماية عناصره العرب والأجانب، ممن هاجروا إلى «دولة الخلافة» المزعومة على قدر استطاعته، وطردهم هو الأساس بالنسبة له رغم صعوبة تحقيقه، بما يشير إلى أنه سيحتاج بعضًا من الوقت لحسم هذه المسألة، وإعادة ترتيب أوضاعه من جديد، إن بقى دون مواجهات مستمرة.
ومما لا يجب إغفاله، أن العراق ستشهد عمليات نوعية تنفذها عناصر عراقية تختبئ وسط الأهالي، وهذا استنادًا إلى تلك المعارك التى نفذها التنظيم فى الموصل، قبل هزيمته الأخيرة، بعدد من العمليات الانتحارية يقترب من الألف، معظم منفذيها كانوا عراقيين من الموصل، متأثرين بالفكر الداعشى بعد سيطرة التنظيم على المدينة. 
وهذا يعنى أن «داعش» بات لديه قاعدة شعبية، لا يُستهان بها فى الموصل أو العراق بشكل عام، ومن المفترض مبدئيًا أن التنظيم قد يلجأ إلى الانتظار، ليعيد تسليح نفسه وتدريب من تبقى من أذنابه وعناصره، وتحين الفرصة للقيام بضربات جديدة.
وفيما يخص ملف «حماية أهل السنة» فى العراق، وهى المعضلة القديمة، والسابقة على وجود «داعش»، ولا تزال مستمرة على ما يبدو رغم محاولات التقريب بين المناطق السنية والحكومة المركزية الشيعية العراقية، وهذه تعد المدخل الذى استثمره «داعش» فى البدايات، بهدف التمدد وتوسيع نطاق النفوذ، وبحلول العام ٢٠١٤، رحبت قطاعات من العراقيين السنة بتنظيم داعش، نكاية فى النخب غير المسئولة، والمتهمة بالفساد، وحكومة المالكى وممارساتها، وأخيرًا حكومة العبادي.
ويبقى سؤال ربما قد تكون إجابته صادمة، ألا وهو: من سيملأ الفراغ بعد رحيل داعش؟! لتكون الإجابة عنه أن هذه المسألة فى الغالب- إذا لم تنضبط الأوضاع بشكل مغاير عن المعمول به- ستكون سببًا فى أحد الخيارين، إما تشكيل تنظيم جديد بديلًا عن «داعش»، أو انبعاث «داعش» نفسه من جديد مستقبلًا، بدعوى التصدى للفساد، وعدم الثقة بين السنة والحكومة المركزية، والإيديولوجيات المتطرفة، ورفض السنة المستمر لهيمنة الشيعة.
ليبيا.. انتخابات رئاسية أو دولة فاشلة
بوابة الحركات الاسلامية
من المتوقع بالنسبة لدولة ليبيا بشكل عام، فى عام ٢٠١٨، مواجهات مثيرة للغاية؛ حيث الاهتمام بالانتخابات الرئاسية، والسباق الذى قد يحدث بين الحرس القديم الجنرال خليفة حفتر، الذى خدم فى الجيش الليبى قبل انشقاقه، وسيف الإسلام ابن الحاكم السابق فى ليبيا معمر القذافى، خاصة أن حفتر يسعى لأن يفوز بالرئاسة الحالية لحكومة الوفاق الوطنى المدعومة من قبل الأمم المتحدة، وفى هذه الحالة قد يحافظ رئيس الوزراء فايز السراج على منصبه.
ومن المنتظر أيضًا، مدى الاستعداد الليبى وجاهزية مؤسساتها لتأمين وتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية على مستوى البلاد، وعما ستكشفه الأحداث، من قدرة المنافسين على رئاسة الحكومة على ضبط النفس من عدمها.
وبالربط مع التوقعات والمؤشرات الأولية لمستقبل «داعش» داخل ليبيا، سيكون التنظيم فى الغالب مرتبط بباقى التنظيمات الإرهابية الأخرى، بداية بما يسمى «الأنصار» نسبة إلى «تنظيم أنصار الشريعة»، الذى أعلن فريق منه موالاته لتنظيم داعش فى عام ٢٠١٤، والفرق الآخر يتبع «القاعدة»، ودخل فى تحالف مع تنظيم «الإخوان» فى ليبيا، ومجموعات أخرى تتبع القاعدة، تعاونوا معًا تحت اسم «مجلس شورى ثوار بنغازي» الذى بدأ المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني، حملة لطرد المتطرفين من المدينة قبل ثلاث سنوات.
وبالتالى لا يجوز الحديث عن «داعش» ليبيا بشكل منفرد، نظرًا للتعاون الوثيق بين كل الفصائل والتنظيمات الإرهابية والمنتشرة فى كل أنحاء ليبيا، وتبين فى وقت سابق أن هناك علاقات خفية بين زعماء هذه الخلايا رغم اختلاف المسميات والتبعية سواء كانت للإخوان أو البغدادى أو القاعدة، اما للتنسيق أو لبحث كيفية الحصول على الإمدادات والعون من الداخل الليبى أومن دول أخرى يهمها بقاء الصراع لأول مدى ممكن.
المسائل فى ليبيا كانت ولا زالت معقدة إلى حد كبير؛ حيث تتشارك فيها جهات محلية، وأخرى دولية، ومؤسسات أممية وحكومات وأجهزة استخباراتية هذا من ناحية، والكل يبحث عن تشكيل قواته الخاصة، بعد أن تعرض الجيش الليبى فى ٢٠١١، لضربات موجعة من ناحية أخرى، حيث بدأت جماعة «الإخوان» فى ٢٠١٢، بالاستعانة بآلاف العسكريين بعد إخراجهم من الخدمة، واستقطبت آخرين مفصولين من الجيش إما بسبب من حملة الفكر التكفيري، أو بسبب قضايا تمس الشرف وطبيعة الخدمة العسكرية.
وفى الفترة نفسها مع نهاية ٢٠١٢، تكون جيش جرار يضم ميليشيا ذات توجهات جغرافية تخص مدنًا محددة، وتحمل إيديولوجيات وتوجهات مذهبية مختلفة، سواء مرتبطة بـ «الإخوان» و«الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» التابعة لـ«القاعدة»، وخلايا تكفيرية بايعت «داعش»، وفى كل الأحوال اختلطت العناصر المدنية بالعسكرية، وكشفت التحقيقات العسكرية الحالية التى تعتمد على ما تركه المتطرفون من أدلة وإثباتات، إلى حصول أمراء وعناصر من هذه الميليشيات على عتاد ودعم من جهات محلية وإقليمية ثبت فيما بعد أن لها علاقة بالإرهاب، فى إشارة إلى دولتى قطر وتركيا.
وتأسيسًا على ذلك؛ فإن العام ٢٠١٨ بالنسبة للدولة الليبية، سيشهد على الأرجح أحد السيناريوهات التالية، الأول مرتبط بمدى قدرة الفريق حفتر على تنفيذ وعوده بقلب الأوضاع عسكريًا، لا سيما عقب اتفاقه الأخير مع قوات «البنيان المرصوص» فى مصراتة، والذى قد ينتج ائتلافًا عسكريًا جديدًا يمكنه من تحقيق ما تعهد به، والسيناريو الثانى يتمثل فى انفلات الأوضاع وفشل البعثة الأممية فى توحيد الليبيين، وهنا سيكون للتنظيمات الإرهابية دورًا أكبر وفرصة أعلى فى السيطرة على الكثير من الأراضى السورية، بينما ثالث سيناريو، سيعود إلى اقتناع الأطراف الليبية بالجلوس إلى طاولة المفاوضات من خلال المؤتمر الوطنى الجامع، الذى ستنظمه الأمم المتحدة والذهاب إلى انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية؛ حيث أغلب الشخصيات النافذة ستعود من خلال الانتخابات إلى المشهد السياسى الليبى من جديد، وفى هذه الحالة دور الجماعات سيقل بشكل كبير.
«القاعدة» وصراع شرس مع «داعش» فى أفغانستان
بوابة الحركات الاسلامية
توقعات باختفاء نشاط تنظيم الظواهرى فى أفغانستان لعدم وجود روابط بين القيادات والأجيال الجديدة
قد يشهد عام ٢٠١٨، عودة تدريجية لتنظيم القاعدة الإرهابي، الذى يحتفظ بعناصر له فى أفغانستان واليمن والصومال واليمن وغرب أفريقيا، ومن المحتمل أن تلتحق به بعض عناصر داعش الإرهابية الفارة من العراق وسوريا، وقد تصطدم به بعض العناصر الأخرى فى مزيج من التحالف والمواجهة، من المتوقع أن يصحبه صراع شرس بين التنظيمين الإرهابيين، خصوصًا فى أفغانستان، بعد أن وصلت عناصر من «داعش» إلى ولاية جوزان فى أفغانستان؛ حيث أقاموا معسكرًا للتدريب بموافقة تنظيم «طالبان» الإرهابى ودعمه.
بعد سنوات من التراجع، ربما تكون البداية بالفصل بها من تنظيم القاعدة فى العراق- داعش فيما بعد- مع التنظيم وقيادته أيمن الظواهرى فى مايو من هذا العام، ثم كان الشرخ الأكبر فى انشقاق «هيئة تحرير الشام» بقيادة أبى محمد الجولانى عن التنظيم الأم، فى أكتوبر الماضي، كان اتهام الظواهرى له بنكث البيعة وعدم الوفاء بها وخيانته لها فى شريط له تم بثه فى ٢٨ نوفمبر الماضي، ولم يقف الأمر فى الحالتين عند تبادل الاتهامات والتشكيك فى الشرعية والجدارة أو خيانة العهد دائما بل تمتد من البغدادى إلى الجولانى إلى اعتقال وقتل لكل من يرفض قيادته.
ومن المتوقع ألا يشهد العام الجديد أى دور ملحوظ لـ«القاعدة» لعدم توافر صلة بزعيم القاعدة الحالى أيمن الظواهري، أو قيادتها المركزية ككل، بل لم تعد للشرعية التاريخية ولا العلمية سابق تأثير على الأجيال الجديدة من قادة التطرف العنيف، فالظاهرة تتشظى خلافا واختلافا وانشقاقا كما تتشظى ثقة وترميزا لرموز جديدة وموات رموز قديمة.
وفى الغالب لن يترك، حمزة بن لادن، التنظيم على الأرجح إن أراد، يأتى من جديد، فقد نرى أن مشهد الإرهاب الحالى قد تجاوز فكرة التنظيم المركزي، بل كاد يتجاوز فكرة الشبكة التى بدأتها القاعدة كتنظيمات فرعية، تأسس أولها فى عدو بن لادن الأول «العدو القريب»، وكان التالى فى العراق سنة ٢٠٠٥، ثم فى المغرب العربى سنة ٢٠٠٧.
ماذا سيصنع حمزة بن لادن الذى لا يتمتع بتاريخ جهادى مع أجيال جديدة من المنظرين والقادة الجهاديين الذين لم يتورع بعضهم عن تسفيه بل وتكفير والده الراحل حتى بعد رحيله؟!
سيناء.. التحدى الصعب
بوابة الحركات الاسلامية
بالنسبة لما يطلق عليها «ولاية سيناء»، تقول المؤشرات إنها فى الطريق إلى الزوال- عاجلًا أو أجلًا، فهى الخلية التى تبنت اجندة التنظيم المركزي، بعد وصول أمير جديد للتنظيم، يدعى «أبو هاجر الهاشمي»، تم تعيينه بتكليف من البغدادى نفسه فى أوائل العام ٢٠١٧، وكان هذا من ضمن الأسباب التى أدت إلى غل يد التنظيم عن التغلغل بعمق وسط أهالى سيناء، والمصريين بشكل عام، ومن ثم تحجيم قدرته على العمل.
وفيما يخص هذه المسألة، غالبًا سيكون ٢٠١٨، عامًا مصيريًا للدولة المصرية؛ حيث مواجهة الجماعات التكفيرية الناشطة فى شمال سيناء، وفى ظل استمرار الاستقرار الحالي، ستنجح السلطات الحالية فى صياغة استراتيجية ميدانية عسكرية أكثر نجاحًا، والقضاء النهائى على هذه التنظيمات سيحتاج إلى تكثيف العمل على تجفيف المنابع البشرية، والتسليحية، والتنظيمية، للجماعات التكفيرية المسلحة.
كما تشير التوقعات إلى أن بعض العناصر الباقية على قوة «الخلية الداعشية» قد تنفذ عمليات متفرقة، تستهدف فيها المدنيين، إن سنحت لها الفرصة.
إيران.. «الحرب بالوكالة» لتفجير المنطقة
بوابة الحركات الاسلامية
يعتمد مستقبل التنظيمات المتطرفة والإرهابية- إن لم يكن مستقبل الإقليم كله- على قدر التزام فواعل دولية رئيسية بشراكة طويلة المدى مع القوى الإقليمية المنخرطة فى الصراع ضد داعش، والعمل على رفع مستوى العمل الاستخباراتي، فلو على سبيل المثال، فشلت الدول المحاربة للإرهاب، فى التعلم من دروس فك الارتباط السابقة فى أفغانستان والعراق، سيجد دعاة وأنصار داعش والقاعدة أرضا خصبة للبقاء والاستمرار، وسيكون لمساعيهم بإقناع العراقيين والسوريين على كلا الجانبين من الحدود بأنهم القوة الوحيدة القادرة على حماية مصالح السنة، فرصا لا يمكن التقليل أو الاستخفاف بها.
ولا شك هنا أن استمرار انخراط إيران (وميليشياتها الشيعية التى تدور فى فلكها) بكثافة فى الصراع فى كل من سوريا والعراق واليمن ولبنان، لتأجيج الفتن والصراعات والانقسامات، كى يشتد الوهن العربي، وتتهيأ الفرصة للملالى وأذنابه بالسيطرة، على مجريات الأمور.
وبالتأكيد سيرتبط مستقبل التنظيمات الإرهابية، بتلك الأهداف التى يسعى إليها كل طرف دخل المعركة ضد «داعش» خافيًا هدفًا مغايرًا عن الآخر، بما يلقى ظلالا كثيفة من الشك حول مدى نجاح جهود الحرب ضد هؤلاء المتطرفين على المدى البعيد، ناهيك عن مستقبل التحالف أصلا ومدى قدرته على الاستمرار.
وإضافة إلى ما سبق، يجب الأخذ فى الاعتبار دور قوات «الحشد الشعبي» فى العراق أو القوات المحلية والأجنبية المدعومة من إيران فى سوريا، التى لن تسمح بإعادة بناء «داعش»، مما قد يعد سببًا لتأسيس قاعدة تجنيد مستقبلية لتنظيم البغدادي، خاصة أن المجتمع السنى لم يبق له سوى القليل من البدائل المحلية، وأحد البدائل المحتملة هو إعادة تأسيس شبكة تنظيم «القاعدة فى العراق»، كتوجه جديد للعناصر التكفيرية والجهادية.
وبالنسبة للتدخل الإيرانى الصريح فى المواجهات اليمنية، ودعم «تسليح نوعي» ومتطور، للحوثيين، بما يشمل مشاركة قوات من الحرس الثورى الإيراني، وفى تطور محتمل قد يأخذ «صورة مواجهة ساخنة» بين المملكة السعودية تحديدًا وإيران، وفى هذه الحالة تنتقل الأزمة اليمنية، إلى ساحة صراع مكشوف «عربى- إيراني»، لا يمكن التحسب لتمدد نيرانها وخسائرها، وربما تستدعى تدخلًا دوليًا.
قطر.. «شيطان» الشرق
بوابة الحركات الاسلامية
فيما يخص الأزمة الخليجية، من المرجح أن العام المرتقب لن يشهد اختراقًا فى ملف الأزمة مع قطر، خاصة أن كل الأطراف غير مستعدة لتقديم تنازلات خلال العام المقبل، فالقيادة القطرية مستمرة فى التحدي، فهى تعتمد على تركيا وإيران لمحاولة التعاون، كما أن استراتيجية قطر أصبحت واضحة، فهى تعتمد على الاستثمار فى الدبلوماسية وبالصفقات العسكرية والمالية مع الدول الغربية.
لذا، نجد أنه منذ بداية الأزمة الخليجية، كان التساؤل الرئيسى يتمثل فى: هل تريد قطر أن تخرج من حاضنتها الاجتماعية والثقافية؟ وهو ما ظهرت إجابته فى تحركات قطر بالمضى والاعتماد على قوى إقليمية غير عربية وقوى غربية، كما أن احتمالية انفراج الأزمة القطرية الخليجية فى ظل التصرفات الحالية ضئيل للغاية وقد يتراوح ما بين ٣٠٪ و٤٠٪.
«الإنهاك وإدارة التوحش والتمكين».. استراتيجيات داعشية
بوابة الحركات الاسلامية
وبالنظر إلى أسباب استمرار بقاء التنظيم واستمرار إرهابه خلال العام ٢٠١٨، تبين أن التنظيم قد يستغل الانتصارات التى حققها، فى تصديرها لعناصر التنظيم نفسه والتنظيمات الموالية له، كمصدر للفخر والإلهام، وسيركز فى دعاياته المستقبلية على استعادة أمجاد «داعش» السابقة وإمكانية العودة، من خلال نشاطاته فى المجال الافتراضى وعبر صفحات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى التى لا يتطلب استخدامها موارد مالية تذكر.
وكما تقول النظريات، إن هزيمة التنظيمات المسلحة أو المتمردة أو الإرهابية ذات الطابع الدينى أو الإيديولوجي، قليلًا ما تنتهى بانهيار التنظيم أو اختفائه نهائيًا؛ لأنها تمتلك القدرة على تجاوز الهزائم والخسائر، والبدء من جديد، بهيكل وتنظيم مختلف، أو بالعودة إلى المربع الأول.
وفيما يخص مسائل التمويل، من المؤكد أن الوضع الجديد للتنظيم تسبب فى انخفاض وتراجع موارده المالية والاقتصادية، وفى الوقت نفسه لديه القدرة على توفير الأموال عبر عدة طرق منها وسائل الابتزاز، والتهريب، والإتاوات، والفدية، وهى الأساليب التى ستوفر ما يحتاجه التنظيم لتحقيق هجماته التى ستكون أقل وأخف وطأة، وكذلك الهجمات الانتحارية، ووضع كمائن، وتنفيذ عمليات اغتيال وقنص.
«التقويض الشامل» و«الاحتواء» أساليب مواجهة التنظيمات المتطرفة
بوابة الحركات الاسلامية
النهاية، كى يستطيع هذا العالم القضاء على التنظيمات الإرهابية المتطرفة، إذا رغبت كل الأطراف؛ فإن العامل الأهم لتقليص عمر أى تنظيم هو قدرة أجهزة مكافحة الإرهاب والتمرد على سد منافذ الدعم والإسناد المادى والمعنوى لهذه التنظيمات، وإن تحقيق ذلك يتطلب وجود أجهزة أمنية وقوات لحرس الحدود تتمتع بالكفاءة، ولا يمكن أن نزعم أن الأجهزة فى العراق أو سوريا تتسم بالكفاءة المطلوبة لا من حيث العدد ولا مستوى الاحترافية.
ويعتبر التعاون المعلوماتى والتنسيق الأمنى بين دول الإقليم والعالم لمواجهة تلك التنظيمات المتطرفة من الضروريات فى آليات المواجهة الشاملة مع التنظيمات المتطرفة، انعكاسًا على وضع التنظيمات المتطرفة بمصر مما يضع أمام الدولة المصرية والأجهزة الأمنية تحديًا جديدًا لإعادة تجديد الاستراتيجية الأمنية فى مواجهة الإرهاب فى سيناء من جهة، وربطها باستراتيجية شاملة لمواجهة التطرف والعنف والإرهاب لتشمل أبعادًا مختلفة تضاف إلى المجهود الأمنى فى عملية الحرب على الإرهاب، من جهة أخرى. ومن الاستراتيجيات المعتمدة عادة فى التعامل مع التنظيمات الإرهابية بشكل عام ومن بينها داعش، «عدم الاشتباك»، أى الاعتماد الكامل على بلدان أخرى لمواجهة التنظيم الإرهابي، وهى الاستراتيجية التى أفضت إلى تبعات غير مقصودة وسيئة على امتداد السنوات، فقد فتح الانسحاب الأمريكى من العراق فى ٢٠١١ أبواب الجحيم، وساعد على بعث «تنظيم دولة العراق الإسلامية» مرة أخرى وتحوله إلى تنظيم «داعش»، وانتشاره عبر الإقليم. 
واستراتيجية «الاحتواء»، التى تهدف إلى منع التنظيم الإرهابى من توسيع نطاق سيطرته ونفوذه، لا السعى إلى تقويض تلك السيطرة أو ذاك النفوذ، وغالبا ما تلجأ الدول إلى هذا الخيار إذا لم تكن تستشعر تهديدا مباشرا من التنظيم الإرهابي، وفى الوقت ذاته تتحسب لتبعات توسع نطاق نفوذه وتأثيره.
وثالثًا، استراتيجة «التقويض عن بعد»، وهى التى تبنتها الولايات المتحدة ضد داعش، لإغلاق الدائرة عليه فى معاقله الرئيسية، وجردته من قواعده ونطاقاته بداخل البلدين، وأيضًا الجماعات الموالية له فى مواضع أخرى، مثل: ليبيا، نيجيريا، وأفغانستان، وهى الاستراتيجية التى لا تهدف إلى القضاء عليه، بل تقويض قدرة وكفاءة التنظيم على تنفيذ عمليات إرهابية ضخمة ومعقدة، وأيضًا قدرته على إلهام تنظيمات أخرى تحاكيه أو تتماهى معه، وهى أيضًا الخطة التى تتطلب فترة زمنية طويلة نسبيا، ربما سنوات، بما يعنى أنه لا تزال هناك أمام التنظيم فرص للتعافى أو الانتقال إلى ساحات أخرى، وربما تفكيك نفسه انتظارا للحظة أخرى مواتية للصعود من جديد.
وأخيرًا تبقى استراتيجية «التقويض الشامل» هى الأسرع؛ حيث تقوم على الاشتباك العسكرى الكثيف، بنشر قوات نظامية كثيفة والاشتباك مع التنظيم عسكريا، لتجريد التنظيم من كافة مكاسبه التى حققها.