بوابة الحركات الاسلامية : المقاتلون الأجانب.. بين "الجهود الدولية" و"المصالح الإقليمية" (طباعة)
المقاتلون الأجانب.. بين "الجهود الدولية" و"المصالح الإقليمية"
آخر تحديث: الأربعاء 17/12/2014 11:42 م
المقاتلون الأجانب..
لا تزال ظاهرة المقاتلين الأجانب تفرض نفسها على الساحة العالمية، وسط مخاوف غربية من تداعيات الوجود الأجنبي المتزايد في صفوف تنظيم داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية، وبالرغم من الدعوات المختلفة بشأن كيفية توحيد الجهود من أجل وقف زحف المقاتلين الأجانب، ومنع تقدمهم ونقل أفكارهم المتطرفة إلى مجتمعاتهم في حال عودتهم إليها مرة أخرى.
وبالتزامن مع تصاعد هذه المشكلة، استضافت مراكش المغربية مؤخرا منتدى مكافحة خطر المقاتلين الأجانب، بمشاركة أكثر من 40 دولة وعدد من المنظمات الدولية المعنية بهذه القضية، وبرئاسة مشتركة بين المغرب وهولندا.
ويرى منظمو المنتدى أن الظاهرة شهدت في السنوات الأخيرة تطورًا واضحًا، برز عبر تمكن المنظمات الإرهابية من تحصيل إمكانات مادية مهمة وأعداد كبيرة من المقاتلين من جنسيات متعددة، إلى جانب أن المجموعات المقاتلة الإرهابية عرفت تحولًا نوعيًا من حيث أهدافها، حيث أصبحت تعلن عن إقامة دول، وتطمح للسيطرة على مناطق واسعة والتحكم في عدد كبير من السكان، مما شكل تهديدا خطيرا للسيادة الوطنية لمجموعة من الدول في جهات مختلفة من العالم.
ويرى متابعون أن الوعي المتزايد بخطورة التهديد الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب على الأمن والسلم الإقليمي والدولي، والتأكيد على أن الظاهرة ليست جديدة، بل ارتبطت بشكل وثيق بالإرهاب وبالطبيعة العابرة للحدود لهذه الآفة التي دأب المجتمع الدولي على محاربتها، حيث عرفت بؤر توتر سابقة انخراط مقاتلين من جنسيات متعددة لدعم القدرات القتالية لمجموعات إرهابية.
المقاتلون الأجانب..
ويؤمن المسئولين المغاربة بتوفير الأمن والسلم والاستقرار المستدام رهين بضمان ثلاثية الأمن والتنمية البشرية والحفاظ على القيم الثقافية والدينية، مشددا على أن المقاربة الأمنية وحدها رغم أهميتها تبقى قاصرة عن معالجة الأبعاد المعقدة للظاهرة الإرهابية، ولا تأخذ بعين الاعتبار العوامل الأخرى المؤدية لانتشار الإرهاب، إلى جانب مناقشة تطور ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب في إطار فريق عمل ، مع تعاون دولي أكثر فعالية لمجابهة الأبعاد الجديدة للظاهرة الإرهابية، وأنه لا يوجد بلد في مأمن من الإرهاب وتداعياته.
وفى محاولة منها لحصر الظاهرة، تبنت الحكومة المغربية مشروع قانون جديد يهدف إلى استكمال التشريعات المتعلقة بمحاربة الإرهاب، في ظل ازدياد عدد المغاربة الذين يقاتلون إلى جانب تنظيم داعش، خاصة وأن هناك مجموعتان من المغاربة انضموا إلى التنظيمات الارهابية، واحدة تضم 1122 شخصا توجهوا مباشرة من المغرب، والثانية تضم بين 1500 إلى 2000 من المقيمين في الاتحاد الأوروبي والحاملين لجنسيات عدد من دوله.
وأكدت مصادر رسمية مغربية مقتل 200 إسلامي متطرف مغربي في العراق، كما تم اعتقال أكثر من 200 آخرين فور عودتهم، ويخضعون للتحقيق.
ويري متابعون أن استضافة مراكش للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب يعد خطوة جيدة في إطار الاستراتيجية التي تنتهجها المملكة المغربية في التضييق على تحركات الإرهابيين في المنطقة حول العالم، كما يبين تنظيم المنتدى أن المملكة أصبحت شريكا لا غني عنه في تنسيق الدعم بين الفاعلين الدوليين في مكافحة الإرهاب. 
المقاتلون الأجانب..
من جانبه اعتبر إدريس قصوري، رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث المرجعية، أن المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب يعد ثمرة الجهود الكبيرة، التي يقوم بها المغرب للتصدي لظاهرة الإرهاب، منذ فترة طويلة، إضافة إلى تجربته المشهود له بها في القضاء على الإرهاب، مشيرا إلى أن المغرب اكتوى بنار الإرهاب، وعمل على تقديم نموذج فعال في محاربة هذه الظاهرة، ولم يركن إلى المعالجة الأمنية وحدها، بل دخل في سلسلة من البرامج التنموية والثقافية، وأطلق مشروع التنمية البشرية، الذي يحارب بواسطته الفقر في المناطق الهشة، كما دشن مشروع تقويم المجال الديني، من خلال تكوين وإعادة تكوين الأئمة والمرشدين على أساس الوسطية والاعتدال.
وتتجه الاتهامات إلى تركيا بتقديم تسهيلات لمن يرغب في الانضمام إلى تنظيم داعش الارهابي، ومحاولة الضغط على المجتمع الدولي من أجل الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وفي الوقت الذي تتزايد فيه الاتهامات للنظام التركي بمساعدة المقاتلين الأجانب ونقلهم إلى العراق وسوريا، وكذلك غض البصر عن ما يتم تقديمه من أسلحة ودعم مالي من دول خليجية وأجنبية، نفى رجب طيب أردوغان الرئيس التركي هذه المعلومات،  وزعم منع أكثر من خمسة آلاف مقاتل إسلامي أجنبي يشتبه بأنهم كانوا يسعون للتوجه إلى سوريا للانضمام إلى الجماعات المسلحة التي تقاتل النظام السوري.
وحسب الأرقام المتاحة، يبلغ عدد المقاتلين الأجانب في سوريا وصل إلى حوالي 11 ألف مقاتل من 74 دولة، في حين تقدر مصادر بحثية واستخبارية عالمية، أن أكثر من 60٪ من هؤلاء المقاتلين، ينتمون إلى تنظيم داعش والآخرون إلى الجماعات القريبة من القاعدة.
وتشير الدراسات إلى أن عدد الجهاديين البريطانيين في سوريا يتراوح بين 200 مقاتل و1200 التحق معظمهم بصفوف جبهة النصرة وداعش، وعبرت العديد من الأوساط البريطانية عن تخوفها من 300 شخص عادوا إلى أراضيها بعد تلقيهم تدريبات ومشاركتهم في القتال في سوريا.
ولا تزال الأزمة مستمرة بالرغم من الجهود الدولية لوقفها، إلا أن الفترة المقبلة ربما تشهد انفراجه مع تشديد الإجراءات المنية لوقف زحف المقاتلين الاجانب إلى التنظيمات الإرهابية.