بوابة الحركات الاسلامية : لمناسبة مئوية ثورة 1919.. حفيد القمص سرجيوس خطيب الثورة في حوار خاص (طباعة)
لمناسبة مئوية ثورة 1919.. حفيد القمص سرجيوس خطيب الثورة في حوار خاص
آخر تحديث: الخميس 06/03/2014 02:34 م روبير الفارس
القمص سرجيوس يخطب
القمص سرجيوس يخطب في صحن المسجد
--- خطيب ثورة 1919 الوطنى الكبير شلحته الكنيسة نحو 5 مرات ولكن لم يمت محرومًا فقد باركه البابا كيرلس السادس 
--- الدولة اطلقت اسمه علي شارع بمصر الجديدة والكنيسة لم تهتم بتكريمه 
--- البابا شنودة الثالث أساء اليه وعندما قاضيناه تراجع ومدحه  
--- كان أول من فضح جماعة الإخوان ولقبهم بتجار الدين والعصابة وحذر النقراشي منهم  لكنه استمع متأخر ،،، وثورة يوليو حددت اقامته في بيته لمدة سنة

حفيد القمص سرجيوس
حفيد القمص سرجيوس مع محرر بوابة الحركات الاسلامية
لمناسبة مئوية ثورة 1919م..  ننشر الحوار الذي انفردنا به مع حفيد القمص سرجيوس خطيب الثورة حيث أنه للأسف الشديد يتم استدعاء شخصية القمص سرجيوس (ولد عام 1882 ورحل عام 1964) عند وقوع حوادث طائفية فقط كرمز للوحدة الوطنية باعتباره الخطيب الشهير لثورة 1919 ويظنه البعض مجرد ماض عبر بلا اثر ،لذلك سعدت جدا عندما قادتنى الظروف للقاء حفيد للقمص سرجيوس من ابنته جوزفين وهو الأستاذ / إدوار حلمى جيد- مدير عام الخدمة الاجتماعية بالمنيا سابقاً – حاليًّا على المعاش – والذي عاصر  بعض من عظات القمص سرجيوس  بكنيسة الملاك بطوسون ويقول ادوار  كان عمرى وقتها 10 سنوات، ولا انسي  هيبته وورعه وكنت انام قريبا منه واراقبه عندما يكون نائمًا بالليل ويقوم فجأة لتدوين  فكرة، كان شكله كالأسد الجالس في عرينه نسخة فريدة في ذاتها ليس من السهل ان تتكر، ،ويضيف ادوار بحماس كان جدي خطيبا مفوها وكاتبا المعيا، كان عظيما في شجاعته الفذة في الدفاع عن الوطن وعن العقيدة ، ولد ثائرا وعاش ثائرا ومات ثائرا، وأطلق عليه الزعيم  سعد زغلول خطيب الثورة 1919 وكذا خطيب المنبرين الكنيسة والمسجد فكان أول كاهن يخطب بالجامع الأزهر وجامع أحمد بن طولون، متحديًا الإنجليز قائلًا قوله المأثور" إذا كان الاستقلال موقوفًا على الاتحاد، وكان الأقباط في مصر حائلًا دون ذلك، فإني مستعد لأن اضع يدى في يد اخواني المسلمين للقضاء على الاقباط لتبقى مصر امة متحدة مجتمعة الكلمة"، حقيقة لم تعرف الكنيسة كاهنا ثوريا وغيورا وطنيا مثل القمص سرجيوس فأطلق عليه "الكاهن المُسيّس"، 

لمناسبة مئوية ثورة
- هل يمكن أن تلخص لنا حياة جدك،، خاصة أن جيل الشباب قد لا يعرف عنه الكثير؟
-- حياة جدى يمكن أن تلخص في كلمة واحدة (سفر مفتوح) منذ أن خرج من مسقط رأسه مدينة جرجا الى ان التحق بكلية اللاهوت الكلية الإكليريكية وقام بأول ثورة طلابية في تاريخ مصر سنة 1903 لتطوير مكان إقامة الطلاب بالاكليريكية حيث وجد المكان حقير جدا فقام بإشعال النيران فيه ليتم تجديده، وهنا اوضح انه وليس كما يردد البعض نقل الثورة من اجل الوطن الى الثورة لأجل الكنيسة بل هو مولود ثائرا وبدء بالكنيسة قبل الوطن وليس العكس -  وبعد هذه الواقعة قربه حبيب جرجس، مؤسس مدارس الأحد والكلية الإكليريكية إليه، وتلمذه على يده وبعد تخرجه رسم، كاهنا في ملوى وانتقل وكيلا لمطرانية اسيوط ومنها الى القاهرة (القللى) استدعاه الانبا صرابامون الإسناوي سنة 1912 وشعب الخرطوم وعينه وكيلا لمطرانية الخرطوم وهناك بدأ كفاحه الوطنى ضد الانجليز فأصدر مجلة المنارة المرقسية مما جعل المدير الانجليزى يأمر بترحيله فقاله " اننى سواء كنت فى السودان او فى مصر لن اصمت حتى تتحرر بلادى، ومكث هناك 3 سنوات وحاول الشعب السودانى ارجاعه دون جدوى.
أقام بالقللى وبنى كنيسة مار جرجس بمعاونة أقباط الحي سنة 1915"،
وفى 1919 غير اسم المنارة المرقسية الى " المنارة المصرية" ولدوره الوطني الكبير في الثورة نفى الى رفح مع الشيخ القاياتى ثمانين يوما.
--- لا يوجد خلاف على الدور الوطني الكبير للقمص سرجيوس والعجيب ان يكون الخلاف على دوره الكنسي منذ ان انتهج طريق الاصلاح فما هى المشاكل التى اثارها ؟
كلامك صحيح ويظهر ذلك من تكريم الدولة له في اطلاق اسمه علي شارع كبير بمصر الجديدة ،والاشارة الدائمة الي اسمه في كتب التاريخ عند ذكر ثورة 19 ، - اتمنى ان تحول وزارة الثقافة منزله بجرجا الي متحف يضم كتبه ومجلاته ومقتنياته كرمز ومعنى حقيقة لكلمة الدين لله والوطن للجميع -- في حين ان الكنيسة تتنكر له وقد مرت هذا العام الذكرى الخمسون لرحيله دون اهتمام ،ولم تهتم الكنيسة بإعادة طبع كتبه التفسيرية والعقائدية وهى كتب تدرس وتخدم المسيحية وفكرها بصورة لا مثيل لها ،

لمناسبة مئوية ثورة
إذن ماذا فعل للكنيسة حتى تغضب عليه بعد كل هذه السنين ؟
في عام 1920 استأنف القمص سرجيوس نشاطه لإصلاح الكنيسة القبطية فاصطدم مع البابا كيرلس الخامس رقم 112  لمطالبته بسلطات كبري للمجلس المللى وكشفه للكثير من العيوب والأخطاء بلا هوادة في مجلة المنارة، وحكم عليه المجمع المقدس غيابيا بتجريده من رتبته الكهنوتيه اى شلحه ونفيه الى جرجا ولشعبيته الطاغية، تحدى المجمع المقدس وواصل الوعظ فى كنيسة مارجرجس القللى حتى اغسطس 1921م فحرمه البابا مرة اخرى فاستاجر قاعة في الفجالة وواصل الوعظ وتقديم اهدافه الاصلاحية، وبعد رسامة البابا يوانس ال19 رقم 113 عقدت مصالحة معه، ورفع عنه الحرم واعطاه رتبته الكهنوتيه وعين مستشارا للمجلس الملي سنة 1935 ،كما كانت  علاقته قوية مع  البابا مكاريوس الثالث البطريرك ال114وجعله وكيل البطريركية 1944 وكان من اشد المعجبين به وبغيرته الكبيرة على الكنيسة وقال له انت عالم من علماء الكنيسة،ولكن عندما أصبح الانبا يوساب مطران جرجا بطريركا – البابا رقم 115 – واحضر معه خادمه ملك جرجس وهو من جرجا ايضا ، وجدى كان يعرفهما لانهما بلدياته واثارت علاقة البابا يوساب بالخادم جدلا كبيرا لخضوع البطريرك له فكان القمص سرجيوس من المنددين بهذه العلاقة وظل في خلاف مستمر معه بسبب تلميذه ملك، فاصدر البابا قرار بفصل القمص سرجيوس  من كنيسته كما شلحه من رتبته الكهنوتيه أوائل الخمسينيات، وهنا قام القمص الثائر قام بمظاهرة ضخمة ضمت اتباعه  واتجه للبطريركية.
وأغلقت أبواب البطريركية أمام المظاهرة  واستدعى البابا الشرطة التي عجزت عن ايقاف ،القمص سرجيوس الذي استخدم ذكائه الخطابي في هتاف جذب العساكر معه وله حيث اخذ يهتف ( يسقط ملك- ويحيا الملك)  فأمرت الشرطة  بفتح الابواب ودخلت  الجموع وهتف والجموع من ورائه.
ثم جاء البابا كيرلس السادس البابا رقم 116 حيث تم الصلح مع القمص سرجيوس على ان يعود القمص سرجيوس لكنيسته في مقابل التنازل عن راتبه لمدة 7 سنوات ووافته وكتبا مع البابا كيرلس القديس اتفاق هذا نصه (بما ان غبطة البطريرك الأنبا كيرلس السادس رأى ان يرد الحق الى نصابه بإعادة القمص مرقس سرجيوس بالقللى كما كان بدون تدخل لأية هيئه أو لجنة معه في ادارتها بتعهد القمص مرقس سرجيوس بان لا يطالب غبطة البطريرك بإيراد السبع سنوات الماضية والتعويض عن حكم المجلس الإكليريكى، وفى حالة ما تعرض البطريرك للقمص مرقس سرجيوس باية صورة تزحزحه عن كنيسته فيكون البطريركية ملزمة بان تدفع له تعويضا قدره سبعة الاف جنيه قيمة الاضرار التي لحقته.
معنى هذا أن القمص سرجيوس لم يمت محروما من الكنيسة كما هو شائع عند الكثير من الأقباط ؟
لا إطلاقا لقد حله البابا كيرلس السادس وتمت الصلاة الكنسية عليه في جنازة شعبية بالكنيسة المرقسية بكلوت بك، وأرسل الرئيس جمال عبد الناصر العقيد عبد المسيح غبور نائباً عنه في تقديم واجب العزاء للكنيسة ولأسرة الراحل الذى ابت الجماهير مسيحيين ومسلمين إلا أن تحمله على أعناقها من شبرا شارع القريز الى الكاتدرائية بكلوت بك البابا كيرلس السادس- نظر له كأب، فجمع كل الامور، وتعامل معه بابوة في محاكمته كنيسة انتهت بمحبة.

لمناسبة مئوية ثورة
ولماذا هاجمه البابا شنودة أيضا بعد رحيله؟
فوجئنا في الثمانينات بقداسة البابا شنودة الثالث يهاجم جدى في احدى العظات قائلا انه ملاء الدنيا صياحا وتشهرا ولم يصل الى شيء ورفض الاعتذار،
وقمنا برفع دعوى قضية  على البابا شنودة باعتباره صاحب ورئيس تحرير مجلة الكرازة، ولكن عندما اصدر السادات قرارات ستمبر والتى اعتقل فيها البابا بدير الانبا بيشوي تنازلنا عن القضية ،وعندما راى البابا هذه المحبة منا غير رايه وقال عن جدي انه  بركة عظيمة واحد مشاهير الوعظ والكهنة الاكليريكيين كان له عقليه فذه- ذكاء نادر- روح عجيبه مرحه- انتاج فكرى قدرة فائقة على الاقناع مما زاد به اعجاب الناس .
-- لكنى اجدك لا تريد أن تتحدث عن اكبر مشكلة سببها القمص سرجيوس للكنيسة حيث قام برسامة كهنة وهى المشكلة التي كانت تثار من حين لاخر لتوقيع الحرمان عليه؟
-- عن قراءة لاهوتية لوضع اليد في الكنيسة ومن خلال رؤيته ان الكاهن الذي بصلاته يمارس كل الاسرار الكنيسة من تحويل القربان وعصير الكرمة الى جسد ودم ويقوم بالمعمودية والزواج ومسحة المرض راى انه يمكن ان يرسم ايضا كاهن فقام برسامة قسا هو الدكتور تودري وكان ذلك عام 1933،وقد ادركت الكنيسة الامر بسرعة حيث تم ارسال احد الاساقفة لوضع اليد واكمال المراسم ،والقلق الذي سببه للكنيسة هنا هو الخوف من عدم النظام فماذا لو فعل كل الكهنة مثله ،لكن التاريخ القديم يذكر ان الكاهن كان يشترك مع الاسقف في رسامة الكهنة ايضا ،ولا حظ انه لم يكرر هذا الامر في حياته مرة اخري 
--  لماذا حددت ثورة 23 يوليو إقامته لمدة عام؟
--- بعد قيام الثورة جاء الى بيت جدى بشبرا  كل من  زكريا محى الدين- وانور السادات وحسين الشافعى وطلبوا منه ان يلقى كلمة تمثيلا للاقباط تتضمن تأييدهم لحركة الضباط المباركة، واعلنوا عن الكلمة فوجدوا الالاف تسد الشوارع بشبرا  فشعر الضباط بشعبيته الطاغية وقوة تاثيره الخطابي علي الجماهير  فقاموا بتحديد اقامته لمدة سنة لان الثورة في مهدها وشعبيته تمثل خطر كبير.

لمناسبة مئوية ثورة
دخل القمص سرجيوس في معارك ضارية مع الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، وتكشف مقالاته عن فضحه لأفكارهم مبكرا جدا كيف تري ذلك؟
--- بالفعل إذا كنا نقرأ التاريخ لأدركنا مبكرًا حقيقية هذه الجماعة التي كشف عنها القمص الوطني سرجيوس، وأطلق عليها منذ أكثر من سبعين عامًا ألقابًا واقعية مثل ( العصابة) و (تجار الدين) بل وقم بشرح آيات القرآن التي عجز البنا عن شرحها ومال الأزهر الشريف لتفسيرات جدي ،كما انه كشف عن خطورة هذه الجماعة على الوحدة الوطنية وقال جملته الشهيرة (الموت ولا حكم عم حسن)، وقد حدثت كل تنبؤاته في العام 2012 حيث حكم الإخوان وظهرت خستهم  وعدم حرصهم على الوحدة الوطنية وكيف انهم بالفعل عصابة تبغى الحكم باي شكل وتظهر مقالات جدي في المنارة تحذيره المتكرر للنقراشي باشا من هذه العصابة ولكن للأسف عندما ادرك صدق هذه التحذيرات وقام بحل الجماعة كان قد دخل تحت مقصلتهم. 
-- ما آخر مشروع كان يفكر فيه القمص سرجيوس؟
--على لسان ابنه- اليد اليمنى له- الاستاذ وليم سرجيوس – رحمه الله -  قال: فكر والدى قبل وفاته بعام ان يستأجر مكان يلقى فيه محاضراته اللاهوتيه على من تتلمذوا له امثال القمص بولس باسيلى،،،واخرين ليجعل منهم مدرسة تذيع تعاليمه وتدعوا الى تنفيذ مبادئه 
- والآن ماذا يبقى من خطيب ثورة 19؟
لقد ترك القمص سرجيوس تراثاُ فكرياً خالداً وثروة روحية نذكر منها مؤلفاته في الدفاع عن الايمان المسيحي واللاهوت المقارن في الاديان ومبادئ الاصلاح الكنسي والمواعظ التي القاها في السنين الاخيرة من ايامه، وكتابه تفسير الاناجيل مع تعاليم ومواعظ ويقع في 24 جزءاً أصدر منها 3 اجزاء فقط ومؤخرا اصدر الاستاذ بيشوى البسيط العاكف على جمع تراث جدي مجلدًا عام 1937 من مجلة المنارة، ومازال هناك الكثير يحتاج الى دعم كبير ويبقي منه مواقفه الخالدة للوطن والكنيسة فهو كما قيل عنه ثورة وانجيل ومن هذه المواقف اذكر، دعوته الى الاتحاد بين المسلمين والمسيحيين فى السودان بين 1912- 1915م ولما خشى الانجليز تأثير روحه النزاعه الى الحرية طلبوا اليه مغادرة البلاد خلال 24 ساعة، ومناداته بالاتحاد بين الاقباط والمسلمين عام 1919م ومهاجمته للاستعمار في خطبته النارية التي كان يلقيها في الجامع الازهر والمظاهرات العامة وكان يلقى خطابا امام الكونتننتال في جماهير الشعب استهله بقوله: اهتفوا معي ليحي الانجليز!،، لانهم بظلمهم واستبدادهم علمونا ان نطالب بالاستقلال والحرية! وصوب ضابط انجليزي مسدسه لصدر سرجيوس فطلب منه جمهور الحضور ان يبتعد فقال لهم: هل مثلى يهرب؟ ان مسدسه محشو بالملبس! وظل يوالى القاء خطابه حتى النهاية!!!
وشجاعته في محاربة  الإخوان، وإدراكه المبكر لمطامع هذه الفئة التي دعت الى التعصب الديني والتمييز العنصري وانتصاره عليها رغم قوة بطشها وخطورة أسلحتها وقد سجلت له صحائف مجلته المنارة المصرية ومنبر كنيسة القللي مواقف بطولة فذة.
وايضا حماسته في الدعوة الى الوحدة المسيحية بكتاباته وخطبه التي القاها في الكنائس الارثوذكسية والكاثوليكية والانجيلية، ومن أقواله المأثورة التي أحفظها عن ظهر قلب، دخل مرة أحد المساجد بصحبة الشيخ ابو العينين واعتلى المنبر قائلاً " بسم الله الرحمن الرحيم،، بسم الآب والابن والروح القدس انني مصري اولاً ومصري ثانياً ومصري ثالثاً والوطنية لا تعرف مسلماً ولا مسيحياً، بل تعرف مجاهدين فقط بغير تمييز عمامة بيضاء وعمامة سوداء. (- لو قيل لي إن الموت يتجول في الشوارع لنزلت لأتفرج عليه،)
انى لن أموت الا مرة واحدة اما الجبناء فانهم يموتون في اليوم الواحد عدة مرات،  (ان ايامى كلها مملوءة بالآلام)، وكان يرددها كما اخبرتني والدتي عند شلحه المتكرر من الكهنوت خاصة انه كان له عشرة ابناء خمس بنات وخمس اولاد ومع ذلك كان لا يخاف الموت ولا قول الحق الذي جلب عليه الكثير من البلايا