بوابة الحركات الاسلامية : خبير عسكري لبناني: تفجيرات "جبل محسن" ينقل لبنان من أرض نصرة ودعم إلى أرض جهاد (طباعة)
خبير عسكري لبناني: تفجيرات "جبل محسن" ينقل لبنان من أرض نصرة ودعم إلى أرض جهاد
آخر تحديث: الإثنين 12/01/2015 03:06 م
خبير عسكري لبناني:
- الأرض مهيأة لحرب أهلية وداخلية
- الطائفية تهدد عمل القوى الأمنية
- الفراغ الرئاسي يجعل الدولة عرجاء
- الحوار بين حزب الله والمستقبل تنفيذا لإرادات خارجية
كشف العميد اللبناني والخبير الاستراتيجي والعسكري وليد زيتوني، في حوار خاص لـ"بوابة الحركات الإسلامية"، عن حقيقة ما يجري من صراع في الداخل اللبناني، وجهود الجيش لمواجهة الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وجبهة النصرة "فرع تنظيم القاعدة بسوريا"، ومدى تهديدهم للاستقرار بلبنان، واصفا إياها بالاستقرار المؤقت، وأن البلاد قد يشتعل فيها الصراع الطائفي في أي لحظة في ظل فشل البرلمان في انتخاب رئيسا للجمهورية وإلى نص الحوار:
خبير عسكري لبناني:
*كيف ترى تفجيرات جبل محسن الأخيرة؟
تندرج التفجيرات في جبل محسن الأخيرة ضمن السياق الطبيعي لمحاولات داعش والنصرة، رفع معنويات الفئات الحاضنة وتحضيرها لإقامة إمارة إسلامية في لبنان الشمالي . غير أن ما يميّزها هذه المرة التبني المباشر للجبهة الموحدة بينهما (داعش والنصرة). وهو ما يعتبر حسب المفهوم المتداول، نقل لبنان من أرض نصرة ودعم إلى أرض جهاد.
ولعل الفضيحة الأكبر أن العملية تمت بناء على تخطيط موجه من داخل سجن روميه الذي يتواجد فيه العديد من ذوي السوابق في العمل الإرهابي التكفيري.
وعليه لا يمكن إقامة إمارة سلفية في الشمال إلا بتحقيق شرطين. تعبئة سنية بمواجهة جبل محسن. وخروج الإسلاميين من سجن روميه. وهذا هو مضمون رسالة التفجيرين.

*ماذا عن الوضع الأمني في لبنان؟
لبنان بالمعنى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، يرتبط ارتباطا وثيقا بالمحيط وخاصة في بلاد الشام. 
حيث تنعكس كل أحداث المحيط على تركيبته الاجتماعية. وهذه بالتالي تصبح المرآة السياسية والعسكرية لما يدور حوله. إن ما يسمى "سياسة النأي بالنفس" الذي درجت الحكومات على تبنيها، لا ترتبط بالواقع الميداني والعملي، إنما هي صدى تمنيات الدول الكبرى لبقاء لبنان، قاعدة عمل لمشاريعها المستقبلية. نستنتج أن الأرض والشعب في لبنان مهيئين لحرب أهلية وداخلية، غير أن من يعمل على تأخيرها. هي الدول الكبرى والإقليمية لغاية في نفس يعقوب.
خبير عسكري لبناني:
*مدى تغلغل الجماعات المتطرفة في لبنان؟
منذ القرار 1559. ومن ثم اغتيال رفيق الحريري. والأدوات المخابراتية الدولية تعمل على خلق وضعية مناسبة للصراع المذهبي والطائفي. ولعل المناخ الإقليمي العام ساهم برفع وتيرة التقوقع المذهبي. فاستفادت داعش والنصرة وحتى القاعدة وجماعة الإخوان المسلمين من هذه الوضعية. كما أن تدفق النازحين السوريين أعطى هؤلاء جرعة معنوية كبيرة ساهمت في تراص هذه القوى وجعلت لـ"داعش" و"النصرة" بيئة حاضنة كبيرة.

*مدى قدرة الجيش اللبناني في التصدي لهذه الجماعات؟
إن الانقسام الداخلي على المستويين الرسمي والشعبي. يساهم بتعطيل القرار السياسي، والغطاء الفعلي للجيش . بل إن هذا الانقسام جعل القوى الأمنية بكافة أجهزتها رهينة عند الطوائف المهيمنة عليها. أضف لذلك أن تسليح الجيش وتزويده بمعدات وعديد جديدين محكوم بالاتفاق السياسي الذي لم يولد بعد، وربما لن يولد قبل التفاهم على ملفات المنطقة بمجملها. 
غير أن الجيش قادر لو تأمنت له الظروف المواتية بحسم المعركة، ولقد أثبت عن جدارة وبطولة في أكثر من مكان وموقعة.
خبير عسكري لبناني:
*مدى تأثير غياب رئيس للجمهورية وحوار "حزب الله" و"تيار المستقبل"؟
رغم أن رئيس الجمهورية في لبنان قد تقلصت صلاحياته في اتفاقية الطائف، إلا أنه يبقى كسلطة ناظمة معنوية بين السلطات الأخرى. والفراغ الرئاسي يجعل الدولة عرجاء في اتخاذ قراراتها. بالإضافة أن رئاسة الجمهورية تمثل ولو شكليا شريحة كبرى من المجتمع في لبنان. وبالتالي تأتي ضرورة انتخابه استكمالا للمدة الدستورية وحتى القانونية. 
والانتخاب، كما قلت سابقا، ينتظر التفاهمات الدولية والإقليمية؛ لأن الأطراف اللبنانية المتصارعة كما المتحالفة لها شبكة علاقاتها الخارجية المستقلة. وما الحوار الذي يدور الآن بين حزب الله والمستقبل إلا تنفيذا لإرادات خارجية تسعى لسبر أغوار القوى الأخرى وقدراتها وتمنياتها.
خبير عسكري لبناني:
*متى سيتوقف الصراع في سوريا؟ هل ستنجح المبادرة الروسية المصرية في التوصل لحل سياسي؟
الصراع في سوريا وعلى سوريا ليس حديثا. ويعود لمراحل سحيقة في التاريخ. وهو يعود للموقع الجيواستراتيجي لسورية الطبيعية. 
وقد تجدد هذا الصراع لوجودها في المسرح الوسيط للمشروع الجيوبولتيكي الأمريكي، الساعي إلى تطويق الصين، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ومحاولة الولايات المتحدة الأمريكية العمل على استدامة تفردها بحكم العالم . غير أن الرياح لم تجر كما تشتهي أمريكا. حين ساعد المناخ الاقتصادي والسياسي استعادة روسيا لدورها المحوري وتشكل منظومة البريكس وغيرها.
أضف إلى ذلك الصراع على مرور أنابيب النفط بين السيل الجنوبي لغاز بروم ومشروع نابكو الأمريكي. كما لظهور النفط بوفرة على السواحل السورية وبقية الشواطئ الشرقية للبحر المتوسط .
ربما اقتنعت أمريكا ومن خلفها أوروبا، أن المارد الذي استخدمته في تحقيق أهدافها للسيطرة على سوريا قد خرج من "القمقم" وأصبح الآن يهدد مصالحها. وأنها بالتالي تتقاسم النفوذ مع الشرق (روسيا والصين) أضمن لها من الاستمرار في المغامرة الكبرى. فكانت المبادرة المصرية مقدمة للعودة إلى قواعد الانطلاق الأولى. وهو ما يبشر نسبيا بانتهاء هذا الصراع المدمر.