بوابة الحركات الاسلامية : "شارلي إيبدو" بين القاعدة وداعش والدروس المستفادة (طباعة)
"شارلي إيبدو" بين القاعدة وداعش والدروس المستفادة
آخر تحديث: الخميس 15/01/2015 05:54 م
شارلي إيبدو بين القاعدة
اتجهت أنظار العالم بعد وقوع الهجوم على المجلة الفرنسية الساخرة "شارلي إيبدو" والذي راح ضحيته 12 من هيئة تحرير الجريدة، إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، كما أعلن التنظيم مسئوليته عن هذا الهجوم في محاولة منه لإخافة الغرب من تحالفه مع أمريكا في حربها الموجهة ضد هذا التنظيم، إلى أن أعلن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسئوليته عن الهجوم، فقد أكد تنظيم القاعدة باليمن مساء أمس مسئوليته عن هجوم باريس انتقاماً لإهانة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
يأتي ذلك بعدما قال متحدث باسم وزارة العدل الفرنسية: "إن أحد الشقيقين اللذين نفذا الهجوم المميت على صحيفة شارلي إيبدو كان ممنوعاً من مغادرة البلاد، حينما سافر إلى اليمن في عام 2011 للتدريب على استخدام أسلحة". وكان مصدران يمنيان كبيران قالا «إنه تم تهريب كل من شريف وسعيد كواشي إلى اليمن بعد وصولهما إلى عمان في 25 يوليو 2011».
كما قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية أمس الأربعاء: إن الولايات المتحدة تعتقد بصحة فيديو من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يزعم المسئولية عن الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة".
وأضافت المتحدثة ماري هارف أنه من المعتقد أن الفيديو صحيح، لكن المسئولين ما زالوا يحددون ما إن كان إعلان المسئولية حقيقي أم لا.

القاعدة وداعش والتنافس حول الهجوم

القاعدة وداعش والتنافس
يرجح الخبراء في حركات الإسلام السياسي أن تنظيم القاعدة أراد أن يثبت قدرته على توجيه ضربة في الصميم في الغرب تعيده إلى الواجهة بعد تراجعه أمام غريمه تنظيم "الدولة الإسلامية"، وذلك بتبنيه الهجوم ضد صحيفة شارلي إيبدو الباريسية الساخرة.
وصرح المحلل المتخصص في شئون اليمن لوران بونفوا أن "الهجوم على شارلي إيبدو يعيد تنظيم القاعدة إلى الساحة في إطار التنافس مع تنظيم "الدولة الإسلامية".
فقد شهد العام 2014 خلطا للأوراق وتراجعا كبيرا لزعامة تنظيم القاعدة للتيارات الجهادية في العالم، لا سيما في العراق وسوريا مع بروز تنظيم "الدولة الإسلامية" وسيطرته على مساحات واسعة من البلدين.
ورجحت الكفة لصالح تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يعرف بـ"داعش" بعد معارك دامية مع مقاتلي جبهة النصرة، فرع القاعدة في سوريا.
شارلي إيبدو بين القاعدة
ولا يزال قياديو تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب الذي تأسس في 2009 مع دمج الفرعين السعودي واليمني للشبكة المتطرفة، يمثل تحديا لواشنطن. ويشكل مثالا على ذلك إحباط عملية نفذتها قوات أمريكية خاصة في ديسمبر لتحرير رهينتين إحداهما أمريكي والآخر جنوب إفريقي. وانتهت العملية بموت الرهينتين.
ويرى الخبراء أن عملية باريس التي قضت على هيئة تحرير الصحيفة الفرنسية الساخرة في السابع من يناير الجاري تهدف إلى إعادة تعبئة المقاتلين واستقطاب مسلحين جدد، واستعادة زمام المبادرة على جميع الأصعدة، بما في ذلك مجال الدعاية.
واعتبر جيدير أن الهجوم على شارلي إيبدو هي "بروباجندا من خلال الفعل هدفها إعادة جذب بعض المسلحين الذين تركوا الشبكة وإعادة تعزيزها لا سيما وأن تنظيم "الدولة الإسلامية" يشهد تراجعا جراء الضربات الدولية التي يتلقاها في العراق وسوريا".
ولكن بونفوا يشير إلى أن "الإمكانيات التي يملكها تنظيم "الدولة الإسلامية" أكبر من إمكانيات القاعدة".
شارلي إيبدو بين القاعدة
من جانبها، اعتبرت الخبيرة في شئون اليمن أبريل لونجلي العاملة في مجموعة الأزمات الدولية (انترناشنل كرايسس جروب)، أن "ضعف الدولة اليمنية" منذ سيطرة المسلحين الحوثيين الشيعة على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر "يمنح تنظيم القاعدة فرصا جديدة".
وأشارت لونجلي إلى أن رغبة تنظيم القاعدة في تصدر جبهة المواجهة مع المسلحين الحوثيين يتيح له ترويج خطاب "طائفي" و"اكتساب حلفاء جدد" في صفوف القبائل السنية، وذلك "ليس بدافع أيديولوجي بل في مواجهة عدو مشترك".
فقد تدرب الإخوان كواشي في العام 2011 لدى القاعدة في اليمن متأثرين بالإمام الأمريكي اليمني المتطرف أنور العولقي الذي قتل في السنة نفسها بغارة لطائرة أمريكية من دون طيار.
وبحسب ريتا كاتز، وهي أحد مؤسسي موقع سايت المتخصص في رصد النشاط المسلح عبر الإنترنت، فإن "تبني الهجوم (ضد صحيفة شارلي إيبدو) يمثل تبني أول هجوم ناجح لتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب في الغرب بعد عدة محاولات باءت بالفشل"، مثل محاولة شاب نيجيري تفجير نفسه على متن طائرة متجهة إلى ديترويت الأمريكية يوم عيد الميلاد في 2009 أو عمليات إرسال طرود مفخخة إلى الولايات المتحدة في 2010.

الدروس المستفادة

الدروس المستفادة
هناك درسان يمكن استخلاصهما من الهجمات المسلحة التي هزت باريس في الأسبوع الماضي: ففي الوقت الذي تمكن فيه مركز الأزمات بين الوزارات تحت إشراف وإدارة وزارة الداخلية من تنسيق العمليات بنجاح لتحييد الجهاديين، كان هناك قصور في توقع التهديد بسبب سوء تنظيم جهاز الاستخبارات الداخلي، وفقا لما أوردته نشرة "أنتليجنس أون لاين"، الاستخبارية الفرنسية، في عددها الأخير (727).
وقالت النشرة: إن الشبكات الجهادية لا تزال نشطة؛ لذا، جُند نحو 480 من عملاء وضباط من المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI)  منذ بداية الأزمة، بما يعادل سدس مجموع عددهم الكلي.
ورغم أن منفذي العملية قضوا نحبهم في هجوم 9 يناير، فإن الاستخبارات المعنية لا تزال مستنفرة، ذلك أن مسئولين أمنيين واثقون من أن أعضاء آخرين في المجموعة الجهادية المعروفة بـ"خلية بوتيه شومو"، نسبة للمنتزه الذي كان يحتضن اجتماعاتهم، لا يزالون نشطين وأن هناك خلايا أخرى مرتبطة بها.
ويضم مركز الأزمات الذي يتولى عمليات مكافحة الإرهاب، أربع خلايا تتشكل من الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية، وخصوصا مديرة الأمن الداخلي، الدرك الوطني والشرطة الوطنية، فضلا عن الوزارات الأخرى المعنية، بما في ذلك العدالة والنقل.
ففي حين تضع خلية التوقعات خطط طوارئ لمواجهة أحداث جديدة مفترضة، تتركز مهمة خلية الوضع في توفير تحديثات مستمرة لخلية اتخاذ القرار. وأخيرا، فإن خلية الاتصالات تتولى مراقبة وسائل الإعلام التقليدية وتغطية الشبكة الاجتماعية للأحداث ووضع استراتيجية الاتصالات، وفقا لما أوردته النشرة الاستخباراتية الفرنسية.
وفي أعقاب العمليتين الناجحتين، كما اعترف التقرير، يدور النقاش الآن عن أخطاء في المخابرات الداخلية أدت إلى تنفيذ عمليتين من أفراد معروفين للسلطات الأمنية، ولم يتم اكتشافهما أو توقعهما مسبقا.