بوابة الحركات الاسلامية : إيران: انتخابات 2016.. هل تُنهي سيطرة المحافظين على مقاليد الأمور ؟ (طباعة)
إيران: انتخابات 2016.. هل تُنهي سيطرة المحافظين على مقاليد الأمور ؟
آخر تحديث: الثلاثاء 20/01/2015 02:49 م
إيران: انتخابات 2016..
بدأ الصراع الانتخابي مبكرا، بين الإصلاحيين "المعتدلين" والمحافظين "المتشددين" في إيران مع عقد التيار الإصلاحي لأول مؤتمر انتخابي لهم منذ الانتخابات الرئاسية في 2009 والتي فاز بها أحمدي نجاد وأدت لموجة من الاحتجاجات بين الشباب الإيراني.
ويهمن التيار الأصولي على مجلس الشورى "البرلمان" في إيران منذ سنوات عديدة مع وصول الرئيس المتشدد أحمدي نجاد إلى الحكم في 3 أغسطس 2005 بعد تغلبه على منافسه هاشمي رفسنجاني في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، وأعيد انتخابه في 12 يونيو 2009 على حساب منافسه مير حسين موسوي، وظلَّ رئيسًا حتى 15 يونيو 2013.

أبرز التيارات

أبرز التيارات
يوجد في بلاد فارس تياران أساسيان في الحياة السياسية والفكرية الإيرانية، تيار الإصلاحيين، وتيار المتشددين أو مجموعة آيات الله، وهو تيار كبير في إيران يطلق عليه المحافظون تختلف تنوعاتهم بين اليمين المتشدد والوسط يرى أن مضمون الثورة الإسلامية التي قامت في البلاد سيتأثر بشدة؛ بسبب الحريات الثقافية والسياسية والإعلامية؛ لأن تلك الحريات ستفسح المجال لمفاهيم غير إسلامية للنفاذ إلى وجدان الشعب الايراني؛ مما يبعده عن الإسلام على حد اعتقادهم، ويسهل التدخل الخارجي وخاصة الأمريكي الذي يحاول أن ينفذ إلى إيران بأي طريقة‏.‏ وفي ظل الاعتقاد السابق يحافظ التيار السابق على تقييد الحريات بأنواعها، وتمثل ذلك في فرض بعض الأحكام القضائية أو إغلاق الصحف وسجن من يخالفون الرأي‏.‏ ويساعد التيار السابق الدستور والصلاحيات الواسعة الأخرى في فرض وجهة نظره‏.‏
أما التيار الآخر "الإصلاحيون" فهو الذي يوصف بأنه استطاع أن يفتح إيران على العالم من خلال الدعوة إلى الحرية بمستوياتها المختلفة وذلك في إطار حوار الثقافات‏.‏ والحقيقة أن مشكلة هذا التيار أنه أطلق عناوين رنانة وكبيرة؛ مما أخاف التيار السابق ألا وهو المحافظون وخلق نوعا من القلق والخوف من إمكانية أن يتحول ويتطور إلى مرحلة يمكن أن تساق فيها إيران إلى العلمانية، خاصة أن بعض أجيال الشباب الإيراني الجديد تراوده تلك الأفكار حاليا‏.‏

مؤتمر انتخابي

مؤتمر انتخابي
عقب 6 سنوات من التضييق على التيار الإصلاحي من قبل المتشددين والحرس الثوري الإيراني،  استطاع الإصلاحيون عقد أول مؤتمر يعقدونه لحشد أضخم نسبة من المشاركة في الانتخابات النيابية المرتقبة في مارس 2016، عقب مقاطعة الإصلاحيين الانتخابات البرلمانية التي جرت في مارس 2012 احتجاجاً على إقصاء نسبة كبيرة من مرشحيهم من قبل مجلس صيانة الدستور، وكذلك بسبب الحظر المستمر ضد جبهة المشاركة الإصلاحية.
وحض الإصلاحيون في إيران السلطات على احترام «آراء سياسية وفكرية مختلفة» ومكافحة الفساد والاحتكار، ودعوا إلى تأمين انتخابات نيابية «نزيهة وتنافسية» العام المقبل، فيما فرض مجلس صيانة تشخيص الدستور قيوداً على الإنفاق خلال الحملات الانتخابية، ونبّه المرشحين إلى ضرورة تجنّب إثارة فرقة مذهبية وعرقية.
وكان لافتاً أن الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي لم يحضر المؤتمر، بل اكتفى بتوجيه رسالة دعم، فيما دعا رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، في رسالة وجهها إلى المجتمعين، إلى بذل كل جهد لحشد أضخم نسبة من المشاركة في الانتخابات النيابية المرتقبة في مارس 2016، من خلال نشاط سياسي وحزبي رسمي.

أهم نتائج المؤتمر

أهم نتائج المؤتمر
المؤتمر خرج بخارطة طريق ونتائج مهمة حول الوضع الحالي والمستقبلي للبلاد، في ظل حالة الثورة الموجودة في الشباب الإيراني، من تشديد الرقابة على الحريات من قبل الأجهزة الأمنية الإيرانية، وفي بيان أصدره المجتمعون في نهاية المؤتمر، أن "الوحدة والثقة العامة تشكّلان أركان أمننا القومي"، لافتا إلى أن جهود حكومة الرئيس حسن روحاني أثمرت عن "خطوات قيّمة تُسهم في بناء الثقة، في اتجاه تسوية الملف النووي" الإيراني، وحض القوى الكبرى على "اغتنام كل فرصة لتسوية النزاع".
وحذر "المخربين في الداخل وأولئك الذين يفوّتون فرصاً في الخارج"، من "عواقب أفعالهم".
ولفت البيان إلى وجوب "الاعتراف بالحقوق الشرعية والقانونية لكل الأعراق والأديان، إضافة إلى آراء سياسية وفكرية مختلفة"، داعياً إلى "تطبيق كامل للدستور، وتجنّب نهج مقيِّد وانتقائي إزاء مواد فيه".
وذكّر بـ "الحاجة إلى تهيئة الساحة لتشجيع أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة"، ونبذ "وسائل تقيّد حق الشعب في الاختيار، وتأمين سباق نزيه وقانوني وتنافسي". ودعا إلى "احترام القادة الإصلاحيين"، ومكافحة الفساد والاحتكار، إضافة إلى احترام "الحقوق الشرعية للمرأة".
وقال محمد رضا عارف، نائب الرئيس السابق، خلال المؤتمر: «نريد برلماناً يناضل من أجل مطالب الشعب، من دون خوف من عواقب». أما هادي خامنئي، وهو شقيق مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي، فشدد على أن «الاستراتيجية الانتخابية للإصلاحيين تتمثّل في حماية حقوق الشعب».
متحدثون في المؤتمر دعوا إلى إطلاق موسوي وكروبي، كما أعلنوا دعمهم النائب المحافظ البارز على مطهري بعدما منعه نواب متشددون من إكمال كلمته من على منصة البرلمان قبل أسبوع، إثر اعتباره إخضاع الزعيمين المعارضين لإقامة جبرية، أمراً غير قانوني ومؤذياً للثورة. وشكا مطهري من خدوشٍ في رأسه، بعدما دفعه نواب لإنزاله عن المنصة، كما اتهم أحدهم بتمزيق الأوراق التي كان يقرأ منها خطابه.

توحيد صفوف الإصلاحيين

توحيد صفوف الإصلاحيين
المؤتمر الذي حضره الرئيس الإصلاحي حسن روحاني، يؤكد سعي التيار إلى التوحد في مواجهة المحافظين، في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
النائب محمد رضا خباز، من مكتب شئون البرلمان في رئاسة الجمهورية، أعلن أن "الإصلاحيين عقدوا عدة اجتماعات برئاسة الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي بهدف توحيد الإصلاحيين بجميع أطيافهم في صوت واحد لخوض الانتخابات المقبلة".
أحمد بورنجاتي، النائب الإصلاحي السابق وعضو المجلس الاستشاري للإصلاحيين، يقول: إن "المجلس عقد جلسات عديدة ومنسجمة، واتخذ قرارات عدة من أجل تقديم أفضل المرشحين لخوض الانتخابات المقبلة"، مؤكدا أن "الإصلاحيين يريدون إنقاذ البلد من الظروف الصعبة أكثر من أنهم يريدون تكرار التجربة التاريخية الإصلاحية"، على حد تعبيره.
وكثف الإصلاحيون اجتماعاتهم خلال الأشهر الأخيرة من أجل إعادة ترتيب صفوفهم لتحويل البرلمان إلى أغلبية إصلاحية تساند الرئيس حسن روحاني في خطواته نحو الإصلاحات التي وعد بها خلال حملته الانتخابية، والتي يقف البرلمان الحالي حجر عثرة أمام الكثير منها بسبب هيمنة المحافظين عليه.
وكان حسين مرعشي، من حزب "كاركزاران سازندكي" الذي يتزعمه رفسنجاني (رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام)، قد أكد أن "الإصلاحيين سيخوضون الانتخابات النيابية المقبلة بقيادة محمد خاتمي".

حزب جديد

حزب جديد
في خضم الاستعداد للانتخابات البرلمانية ومن أجل توحيد صفوف الاصلاحيين، أُعلن رسميًّا في طهران عن إنشاء حزب (نداء إيران) الإصلاحي الجديد استعدادا للمشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 2016.
ويدعو نداء إيران إلى مجتمع مدني وإلى احترام الحريات واستقلال البلاد والى التنمية وتعزيز النمو وفق بيان يعلن ولادة الحزب.
وشكل (نداء إيران) من الجيل الثاني من الإصلاحيين المنتمين إلى تيار محمد خاتمي الذي حكم بين 1997 و2005 وفق وسائل الإعلام الإيرانية.
وحظر عندها حزبان إصلاحيان كبيران لكن الإصلاحيين استفادوا من انتخاب روحاني للعودة الى الساحة السياسية. فروحاني يؤيد إعطاء المزيد من الحرية السياسية والثقافية في إطار احترام قيم الجمهورية الإسلامية.

المحافظون يسيطرون

المحافظون يسيطرون
في ردود الأفعال حول عزم الإصلاحيين المشاركة في الانتخابات المقبلة، قال النائب المحافظ ونائب رئيس البرلمان محمد رضا باهنر: إن "على الإصلاحيين إعلان التوبة عن مشاركتهم في احتجاجات عام 2009 قبل الإعلان عن نيتهم خوض الانتخابات المقبلة".
كما عزز التيار الأصولي من سيطرته على المجالس البلدية أمام التيار الإصلاحي المنتمي إليه الرئيس الحالي حسن روحاني، في مشهد أعاد للأذهان سيطرته على أروقة السياسة قبل سنوات على الرغم من أن كل التيارات الإيرانية لا تخرج عن عباءة المرشد الأعلى.
واستعاد المحافظون الإيرانيون رئاسة المجلس البلدي في العاصمة طهران "الذي يجري انتخابه كل عام" بعد عام من افتكاكه من قبل الإصلاحيين والذي يعد بمثابة البرلمان المصغر، وفق ما أعلنت عنه وسائل إعلام إيرانية رسمية، فقد حصل مهدي جمران على 18 صوتا أمام رئيس المجلس المنتهية ولايته الإصلاحي أحمد مسجد جامعي الذي حصل على 13 صوتا فقط.
وبحصولهم على هذا المنصب يعزز المحافظون الذين يتبنون النهج المتشدد في العديد من القضايا الداخلية والخارجية موقعهم في العاصمة التي يبلغ عدد سكانها ثمانية مليون نسمة.
ويأتي انتخاب جمران بعد أقل من أسبوعين على تصويت بسحب الثقة في مجلس الشورى الذي يسيطر عليه المحافظون من الوزير السابق للعلوم رضا فرجي دانا، الذي ينتمي إلى تيار الإصلاحيين.
كما يكرس جيل المحافظين المتشدد مبدأ يعتبرونه واقعيا ومخلصا للإسلام ويعطي، على الرغم من نفيه، إشارة وقف الإصلاحات السياسية والاجتماعية والثقافية في البلاد.

المشهد الإيراني

المشهد الإيراني
يرى مراقبون، أن الصراع بين الإصلاحيين والمحافظين على مسك زمام السلطة في البلاد بأنه أمر تقليدي بينهما وهذا التجاذب لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يخرج عن سلطة ولاية الفقيه المتمثلة في المرشد الأعلى.
فإيران تمر بحالة انتقالية فريدة، فهي لم تعد ثورية، ولكنها لم تصبح دولة عادية أيضا، السبب يعود لظروف موضوعية تصاحب هذا التحول. أهم عناصر هذا التحول هو كما يقال: التغيرات السكانية دائما مصيرية، فالانتخابات البرلمانية  المقبلة في 2016 ستكون أول انتخابات يكون أغلب المصوتين من ولدوا بعد الثورة، وأغلب السكان من الذين ولدوا بعد الحرب التي كان لها دور حاسم في تشكيل تفكير النخبة الحاكمة الآن.
فلن يكون هناك مرشحان لديهما الشرعية الثورية، والصراع الثنائي القوي (علي خامنئي ورافسنجاني) وستكتمل السلطة في الانتقال إلى المؤسسة العسكرية، وإن حافظ النظام على الشكليات بتنصيب مرشد جديد.
أصبح النزاع على السلطة عاريا دون المثاليات الثورية ومادي النزعة وتوسعي السياسة الخارجية. لعل أفضل تعبير عن هذا التحول هو الميزانية الإيرانية، حيث المال هو دم السياسة.. فهل ينجح الإصلاحيون في إقصاء المحافظين والوصول لأغلبية في الانتخابات القادمة، أم أن المحافظين والحرس الثوري سوف يعرقلون هذه المساعي، مع جيل جديد من الشباب الإيراني يتطلع إلى الحرية والخلاص من سيطرة وتقييد المحافظين؟