بوابة الحركات الاسلامية : "حقوق النساء في الإسلام".. كتاب مجهول لقاسم أمين (طباعة)
"حقوق النساء في الإسلام".. كتاب مجهول لقاسم أمين
آخر تحديث: الأحد 24/03/2019 03:58 م حسام الحداد
حقوق النساء في الإسلام..
اسم الكتاب: حقوق النساء في الإسلام
الكاتب: قاسم أمين
تقديم ودراسة: د. رفعت السعيد
حقوق النساء في الإسلام..
كتاب جديد قديم في آن واحد فهو للأستاذ قاسم أمين رائد من رواد التنوير في عصر النهضة المصرية وأحد تلاميذ الشيخ الإمام محمد عبده، فهو قديم من هذه الزاوية، ولكنه في الوقت ذاته جديد حيث لم يتم الكشف عنه إلا من وقت قريب على يد الدكتور رفعت السعيد.
يقدم الدكتور رفع السعيد الكتاب بقوله "يتبدى الامر لدي المؤرخين والمهتمين بتاريخ مصر أن حركة البحث والتدوين النشطة في مجال التاريخ قد استوعبت تقريبا كل شيء. لكن الكنوز المصرية لم تزل تبوح لنا بأسرار لم تكن معلومة، ويبدو انها حيلة مصرية قديمة تماما ككنوز الآثار الفرعونية." فيعتبر الدكتور رفعت السعيد ان كتاب قاسم أمين الذي قدم له وتناوله بالدراسة أحد هذه الآثار الفرعونية والتي تتزايد قيمتها من وقت لآخر، وحسب الدكتور رفعت فان مسألة حقوق المرأة وحقوق الأقباط تكتسبان اهمية قصوى فيكون الحرص الرجعي على التكتم عليها والحرص التقدمي على البحث عنها، وهنا نحن ننجح في اكتشاف جانب من الكنوز المخفاة.. ويؤكد السعيد اننا سوف نواصل بحثنا عن كنوز أخرى أخفاها تعاقب السنوات أو تعمد الرجعيين."
وكتاب قاسم امين "حقوق النساء في الإسلام" صغير الحجم حيث يقع في 64 صفحة ومن بين اهم الملاحظات التي تناولها السعيد في هذا الكتاب ان قاسم أمين لم يقدم كتابه فقد دخل في موضوع الحجاب مباشرة حيث قال "ربما يتوهم ناظر أنني أرى الآن رفع الحجاب بالمرة، ولكن الحقيقة غير ذلك، فإنني مازلت أدافع عن الحجاب وأعتبره أصلا من أصول الأدب التي يلزم التمسك بها، غير أني أطلب أن يكون منطبقا على ما جاء في الشريعة الاسلامية. وهو على ما في الشريعة يخالف ما تعارف الناس عندنا لما عرض عليهم من حب المغالاة في الاحتياط والمبالغة فيما يظنونه عملا بالأحكام حتى تجاوزوا حدود الشريعة و أضرو بمنافع الأمة"
فيرجع قاسم امين ما نحن فيه إلى المغالاة والتطرف في تنفيذ أحكام الشريعة، ولا يرجع للشريعة نفسها، وهكذا نظن انفسنا اكثر تمسكا بالشريعة بينما نحن نضيعها. فعلى حد قول محمد فريد "لو ان للشريعة الإسلامية نصوصا تقضي بالحجاب على ما هو معروف الآن لوجب علي اجتناب البحث فيه، ولما كتبت حرفا يخالف تلك النصوص لأن الاوامر الإلهية يجب الإذعان لها بدون مناقشة، لكننا لم نجد نصا في الشريعة يوجب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة." فهكذا يبين كل من قاسم امين ومحمد فريد ان الحجاب المتعارف عليه في وقتهم ليس من الشريعة في شيء كذلك ذلك الوجود لدينا الآن. وللدلالة على ما يقول يستشهد بالعديد من الآيات القرآنية التي تناولت موضوع اللباس في الإسلام والحجاب خاصة وكذلك آراء العديد من الفقهاء مثل كتاب الروض من مذهب الإمام الشافعي، وكتاب تبيين الحقائق في شرح كنز الدقائق لعثمان بن علي الزيلعي وغيرهم.
ويؤكد قاسم امين في كتابه هذا على ان الشريعة "خولت للمرأة ما للرجل من الحقوق، وألقت عليها تبعة أعمالها المدنية والجنائية، فللمرأة الحق في ادارة أموالها والتصرف فيها بنفسها فكيف يمكن للرجل ان يتعاقد معها من غير أن يراها ويتحقق من شخصيتها؟ كيف يمكن لامرأة محجوبة أن تتخذ صناعة أو تجارة للتعيش منها إن كانت فقيرة؟ كيف لتاجرة محجوبة أن تدبر تجارتها بين الرجال؟ وكيف يتسنى لزارعة محجوبة أن تفلح أرضها وتحصد زرعها؟" كل هذا وأكثر يحاول قاسم أمين مناقشته في هذا الكتاب القيم، واللافت للإنتباه هنا اننا مازلنا نحاول مناقشة هذه الأسئلة التي قام بمناقشتها قاسم امين المتوفي 1908 اي ما يزيد عن قرن من الزمان. ويخرج علينا البعض بتكفيرنا لمجرد طرح مثل هذه الأسئلة!
كما يؤكد قاسم امين بين طيات كتابه على انه "ليست أسباب الفتنة ما يبدو من أعضاء المرأة الظاهرة، بل إن من أهم أسبابها ما يصدر عنها من الحركات أثناء مشيها وما يبدو من الأفاعيل.. والنقاب والبرقع من أشد أعوان المرأة إن أرادت أن تعمل على تحريك الرغبة لأنهما يخفيان شخصيتها" وهنا يؤكد قاسم امين انه ليس بالملابس وحده تكون العفة والحفاظ على الفتنة فالعفة تكمن في النفس وليس في الشكل او الملابس، ثم يتحدث بعد ذلك عن حجب المرأة في المنزل بعد سن البلوغ  فيقول إن هذه سن الحاجة إلى اختيار العالم والبحث في الحياة والذي تظهر فيه الملكات والميول والوجدانات. وهي السن التي يتعلم فيها الانسان علم الحياة، وطريق تحصيل هذا العلم هو الاختلاط بالناس فيعرف الانسان شعبه وملته ووطنه ودينه وحكومته.. وحجب المرأة في البيت يجعل منها عاجزة مسكينة قضت عليها عادة سخيفة بالحرمان المؤبد من الترقي والكمال".
ويختتم قاسم امين كتابه هذا فيقول "ومن احتقار المرأة أن يحال بينها وبين الحياة العامة، والعمل في أي شيء يتعلق بها."
نعم ان هذا الفكر المتطرف الذي تقدمه تلك الجماعات المنتشرة في عالمنا العربي والاسلامي عن المرأة لا ينتج سوى مجتمع متخلف لا يقبل التطور وهو اقرب الى العداء والارهاب منه الى الحياة السوية الآمنة، فالمرأة هي التي تربي الأبناء، فكيف لها ان تربي أبنائنا وهي محبوسة في منزلها منذ بلوغها وما هي عقلية هؤلاء الأبناء وخبراتهم المكتسبة من أم لا تختلط بالعالم!
كما يؤكد الدكتور رفعت السعيد في نهاية مقدمته للكتاب على ان هذه "الكتابة المستنيرة تعرف كيف تشق طريقها بسلاسة وحسن تدبر.. وكم نحتاج أن نتعلم من هذا النمط من الكتابة وهذه المعرفة المستنيرة."