بوابة الحركات الاسلامية : فتحي يكن.. صقر الإخوان اللبناني (طباعة)
فتحي يكن.. صقر الإخوان اللبناني
آخر تحديث: الأربعاء 09/02/2022 10:46 ص حسام الحداد
فتحي يكن.. صقر الإخوان
هو فتحي محمد عناية.. والمعروف بـ"فتحي يكن" نسبة إلى جده لأبيه و"يكن" تعني ابن أخت السلطان (9 فبراير 1933 - 13 يونيه 2009)، نائب سابق في البرلمان ،سياسي وعالم دين سني لبناني ورئيس جبهة العمل الإسلامي في لبنان والأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في لبنان.

حياته:

حياته:
ولد في طرابلس بلبنان، وتعود أصول عائلته إلى تركيا، فوالده محمد عناية ووالدته عائشة، وهو متزوج من منى حداد. حائز على دكتوراه في الدراسات الإسلامية واللغة العربية.
أسس مع زوجته جامعة إسلامية خاصة وهي جامعة الجنان في طرابلس، وهي من القليلات بين نساء الحركة اللاتي عرفن بجهدهن الفكري والدعوي. وله أربع بنات وولد. توفي عصر السبت يوم 20 جمادى الثانية عام 1430 هـ الساعة الرابعة والدقيقة ال45 عن عمر يناهز 76 عام في مستشفى أوتيل ديو الذي نقل اليه قبل وفاته بأيام إثر إصابته بأزمة صحية.

مسيرته:

فؤاد السينورة
فؤاد السينورة
انخرط في العمل الإسلامي في لبنان منذ خمسينيات القرن العشرين، وكان من الرعيل الأول بين مؤسسي الحركة الإسلامية في لبنان والتي نشأت في عقد الخمسينيات متأثرة بجهود الإخوان السوريين وعلي رأسهم الشيخ مصطفى السباعي، أصبح بين 1962 و1992 أميناً عاماً للجماعة الإسلامية وهي فرع الإخوان المسلمين في لبنان، انتخب كعضو في مجلس النواب سنة 1992 وأسس جبهة العمل الإسلامي مع المحافظة على عضويته في الجماعة الإسلامية. تولى مبادرة سياسية للخروج من أزمة السلطة القائمة بين الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة وحلفائها والمعارضة بقيادة حسن نصرالله وميشال عون ونبيه بري، وأم المصلين وخطب الجمعة في أكبر تجمع للمعارضة يوم الجمعة 8 ديسمبر 2006 في ساحة رياض الصلح في بيروت.
تظهر مؤلفاته ميلاً لكتابات سيد قطب، على الرغم من أن أداءه السياسي يوصف بالمعتدل. وحظي باحترام الوسطين الإسلامي والسياسي اللبناني والدولي بشكل عام، كما يعد يكن من الشخصيات الداعية إلى التقريب بين أهل السنة والشيعة، حيث سجلت بعض المصادر مواقف له في هذا الصدد، أبرزها إمامته لجموع المصلين الشيعة والسنة في بيروت أواخر سنة 2006

بين الدعوة والسياسة:

بين الدعوة والسياسة:
وفي إطار سعيه لحسم الجدل حول ازدواجية الخطاب الإسلامي بين الدعوي والسياسي يقول الراحل (الحقيقة أن الخطاب السياسي الإسلامي يحتاج إلى كبير عناية وإلى تطوير، وتقليدية الخطاب ورتابته وعاطفيته وعدم علميته مشكلة تعاني منها الساحة الإسلامية في كل مكان، ولقد كنت لفتُّ إلى ذلك في كتابي (نحو صحوة إسلامية في مستوى العصر) من خلال دراسة عنوانها (فقه الخطاب الإسلامي)، عرضت فيها لواقع الخطاب ولمتطلبات تطويره، ليكون في مستوى العصر، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الخطاب مهما كان متطورا يلامس قضايا الناس المتغيرة والمتبدلة فإنه يجب ألا يغفل الجوانب الثابتة في الإسلام وفي المشروع الإسلامي، لأنها بمثابة الأصل الذي ترتبط به كل المفردات والتفصيلات وتُبنى عليه، وبذلك يكون الخطاب الإسلامي الناجح هو الخطاب الذي يوجِّه فروع القضايا والشئون في أي زمان ومكان إلى الأصل ويحتكم إليه).

يكن من سيد قطب إلى حسن نصر الله:

يكن من سيد قطب إلى
لا بد لنا من التعرف على نشأة الجماعة الاسلامية. قبل الحديث عن علاقة يكن بسيد قطب وحسن نصر الله، فالمتداول أن الجماعة برزت بشكلها الحالي في 1964، والعمل الاسلامي الإخواني، في لبنان، ليس بعيدا عن العمل الاخواني في الجارة سوريا، او حتى مصر، لأنه كان من المشهور ان لقاءا اخوانيا، او لنقل «دوليا» عقد في لبنان، برعاية الاباء الروحيين المؤسسين للجماعة في لبنان، واستضافة مرشد الجماعة الاول في حينها المصري حسن الهضيبي، وذلك اثناء زيارة الهضيبي إلى لبنان 1953، وانعقاد المكتب التنفيذي لقادة الإخوان المسلمين في «بحمدون» وحضره الرمز الاخواني الاول في سوريا الدكتور مصطفى السباعي واللبناني محمد عمر الداعوق والعراقي الشيخ محمد الصواف والاردني «المراقب العام» محمد عبد الرحمن خليفة.
إذن وحسب كتابات تؤرخ لنشأة العمل الاسلامي في لبنان، فوجود الاخوان قديم، وهو جزء من الحضور الاخواني العام في المنطقة، عزز ذلك بعض الظروف الخاصة مثل لجوء مرشد الجماعة في سوريا مصطفى السباعي الى لبنان 1952، إبان حكم الحاكم العسكري السوري أديب الشيشكلي واستطاع، كما ترى مصادر اخوانية «تأصيل الفكر الإسلامي الملتزم» وصياغة دراسات فكرية و«حركية»، لكل من «جماعة عباد الرحمن» التي تشكلت في بيروت وكان أسسها محمد عمر الداعوق، عام 1950، ولدى مجموعة من الشباب بطرابلس أبرزهم الدكتور فتحي يكن.
هذا التثقيف، وأحداث سياسية أخرى، أدت الى انصهار التيارات الاخوانية في وعاء الجماعة الاسلامية، وإن كان البعد الطرابلسي لم يخف عنها، خصوصا وان طرابلس هي المعقل الرئيس لجماهير التيار الاخواني و«عزوته»، ففي أزمة 1958 أنشأت جماعة «عباد الرحمن» البيروتية الطابع، معسكراً للتدريب وأقامت محطة إذاعة «صوت لبنان الحر» في شمال لبنان، واستمرت حتى الشهور الاخيرة من الازمة، بينما اكتفت الجماعة في بيروت بدور اجتماعي إغاثي، مما أدى، كما يرى راصدون اخوانيون، أوائل الستينات إلى أن يستقل العمل الإسلامي في الشمال عن «عباد الرحمن» تحت مسمى الجماعة الاسلامية، وكان أول أمين عام لها هو فتحي يكن، إضافة إلى بقية المؤسسين ومنهم، إبراهيم المصري.
وفتحي يكن له محطات طويلة مع العمل السياسي الإسلامي في لبنان، خصوصا بعد انخراط الجماعة في اللعبة السياسية ونجاحها في إيصال بعض مرشحيها الى الندوة البرلمانية. ففي انتخابات 1992 حصلت الجماعة الإسلامية على ثلاثة مقاعد في المجلس النيابي، الدكتور فتحي يكن وأسعد هرموش وخالد الظاهر، وفي انتخابات 1996 لم تحصل الجماعة إلا على مقعد مثله خالد الظاهر.
لكن للشيخ يكن أوجه أخرى، تتجاوز لبنان، فهو من «كبار» الرموز الحركية في العمل الاسلامي السياسي، وبعض اصداراته الحركية مثل «قوارب النجاة في حياة الدعاة» و«مشكلات الدعوة والداعية» و«كيف ندعو إلى الإسلام؟» و«الموسوعة الحركية» وغيرها، كل هذه الادبيات والكتب حفظت لفتحي يكن مكانة بارزة في تثقيف الاجيال الجديدة من شباب الحركة الاسلامية، ولا ينسى المتابع، كيف كانت كتيبات فتحي يكن محل ترويج، وإشادة من قبل الموجهين والمثقفين والتربويين من الاسلاميين الحركيين في السعودية.
تغير الأمر بعد ذلك، بسبب اندلاع المواجهة بين الحركيين الاسلاميين السعوديين ذوي النزعات الاخوانية مع الحكومات الخليجية وبعض الجماعات السلفية الجديدة الموالية، التي فرغت نفسها لملاحقة هذه الادبيات الحركية و«فضح» الجانب السياسي الصريح فيها، ومطالبة المتعاطفين معها والمشجعين لها بإبداء موقف صريح منها، خصوصا بعد «الانشطار العظيم» الذي اصاب جماعات الاخوان المسلمين، و«نصف الاخوان» مثل التيارات السلفية الحركية أو «السرورية» في السعودية والكويت، وكان فتحي يكن، وادبياته، محل استهداف من قبل هذا الهجوم السلفي المضاد.
ومما ضاعف الهجوم على القطب الإخواني اللبناني هو «مناوراته» السابقة في محاولة كسب «الأحباش» في لبنان، وهم فريق سني محلي يناصب العداء للسلفيين والحنابلة ويكفر بن تيمية، ويضم له الشيخ بن عبد الوهاب وايضا سيد قطب، وهو كما تبين لاحقا، منضو في الحلف السوري، وحاول السوريون الاستفادة منه في اختراق الإسلام السني في لبنان، واشتهر الاحباش بهجومهم على دار الفتوى السنية، واثارة الشغب، والامساك بمساجد سنية كثيرة في عهد الوصاية السوري.
فتحي يكن.. صقر الإخوان
الشيخ فتحي يكن اشتهر بزيارة مثيرة لعراب «الاحباش» ووالدهم الروحي الشيخ عبد الله الهرري في الرابع عشر من سبتمبر 2004. وكال فيها الهرري هجوما على السلفية والوهابية وابن تيمية، فكان تعليق الشيخ فتحي يكن، حسب النص الحرفي للمقابلة ان قال «حاشا أن تكون هذه الحركة (الوهابية) حركة سلفية، نحن نعتبر انفسنا سلفيين (...)، اما الحركة الوهابية فأحدثت في الأمة بالفعل فجوة كبيرة وفتن لها اول وليس لها آخر".
لكن هذا التقرب من الشيخ يكن لم يرض اعداء دار الفتوى والسلفيين والاخوان في لبنان، فأصدر «الاحباش» بيانا تحذيريا من فتحي يكن، قالوا فيه انه قد حصل اجتماع بين الهرري والشيخ يكن من أجل أن يبين الهرري ليكن «خطر الفكر المتطرف الذي يكفّر البشرية جمعاء ويستحل دماءها وأموالها المتمثل بما قاله الكاتب المصري المعروف سيّد قطب، والذي كفّر كلّ إنسان لا ينتمي إلى جماعته بما يشمل رعاة الغنم ومؤذني المساجد".
وأضاف البيان التحذيري «استمر اللقاء نحو ساعة لم يتكلم فيها الدكتور فتحي بكلمة واحدة تعارض ما قاله الشيخ عبد الله الهرري»، وتابع «وقد أصدر فتحي يكن بعد اللقاء بيانًا عبر مكتبه الإعلامي زعم فيه أنه لم يكن بين المجتمعين في هذا اللقاء أي خلاف متعلق بالأسس والأصول».
ويضيف باستغراب «لكن بعد أسبوع من ذلك صرّح فتحي يكن في المجلة التابعة لحزبه المسماة «الأمان» بأن فكر الشيخ الهرري وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (مخالف لِما أجمع عليه السلف الصالح وعدول هذه الأمة وفقهاؤها) مدافعًا عن سيد قطب وناعتًا له بالشهيد ومنتقدًا».
وهكذا، لم يكسب الشيخ فتحي يكن تعاطف واقتناع هذا الفريق «الشارد» عن الصف السني، ولم يكسب رضا الصف السني الاصلي، ووجد القائلون باغراقه الحركي على حساب الاصول السنية المتبعة ذريعة اخرى للبرهنة على موقفهم ضده.
الشيخ يكن خرج من صفوف الجماعة او اخرج منذ ان تم «تجميد» عضويته في مجلس شورى الجماعة، حسب رواية اسعد هرموش او الموافقة على استقالته بعد طلبه ذلك حسب رواية اخرى، او اخراجه من الجماعة بحسب روايات أخرى، وكون فتحي يكن منذ ذلك الوقت ما أسماه «قوى ‏العمل الاسلامي»، وهي جبهة مختلطة من الدكتور يكن وتلاميذه وبقايا تنظيم التوحيد في طرابلس بقيادة الشيخ بلال شعبان، وايضا بعض السلفييين القلة مثل داعي الاسلام الشهال وهاشم منقارة.
فتحي يكن.. صقر الإخوان
بعد ذلك، ولأول مرة كما قالت جريدة البلد اللبنانية، دخل فتحي يكن معقله طرابلس ليس كممثل للجماعة الاسلامية بل بصفته مسؤولاً عن «قوى العمل الاسلامي» في لبنان وليس أميناً عاماً سابقاً لـ«الجماعة الاسلامية» كما جرت العادة بعد «الطلاق» بين الطرفين، وكان حضور فتحي يكن حينها مع «قوى العمل الاسلامي» لرعاية احتفال ديني بالمولد النبوي الشريف».
حاول الشيخ يكن خلق فريق جديد، اعتمادا على رصيده التاريخي في الجماعة الاسلامية، وايضا بسبب طموحه الشخصي كونه من المؤلفين المعروفين في الادبيات الحركية الاسلامية.
وحسب ملاحظة مفكر سني سياسي فإن مشكلة الدكتور يكن، حسبما يرى، هي في اقتناعه العميق بقدراته في رسم المسارات النظرية والسياسية للسنة في لبنان وربما خارج لبنان.
ويبدو ان سورية جار لبنان الكبير، والملقي بظله على هذا البلد، قد تنبه لأهمية استثمار كل هذه المعطيات في شخصية الشيخ يكن.
ففي 21 سبتمبر 2006، استقبل الرئيس السوري بشار الاسد، فتحي يكن في دمشق، ونشرت الخبر وكالة الانباء السورية، وبحسب نص الخبر فإن الرئيس الاسد استعرض مع الدكتور فتحي يكن «رئيس جبهة العمل الاسلامي» (الاسم الاخير لتنظيم يكن) الأحداث في لبنان، وأوردت «سانا» أن اللقاء تناول «تداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان والانتصار الذي حققته المقاومة اللبنانية، وذكر البعض بأن هذه الحفاوة السورية جاءت بعد حديث يكن عن البعد الجهادي في «جبهة العمل الاسلامي".
لكن وبحسب مصدر لبناني حكومي، تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن علاقة الشيخ يكن بدمشق، فإن يكن رفض دعمًا ماديًا من أجل جبهته، واكتفى بالدعم السياسي.
وقد قام الدكتور فتحي يكن، بمبادرة من أجل الوساطة بين الرئيس السنيورة والنائب سعد الحريري وقوى المعارضة، ومن ثم قيامه بإمامة صلاة الجمعة في جمهور حزب الله المتجمهر امام السراي الحكومي، تأتي في سياق التطور الخاص بمسيرة ورؤية فتحي يكن، يبدو انه ابتعد بمسافات ليست قصيرة عن حزبه الاصلي، الجماعة الاسلامية، ومن خلف هذه الجماعة الطائفة السنية برمتها، التي يبدو انها لا تشاطر الشيخ يكن رؤيته ولا تحالفاته في ظل هذه المناصرة التامة للسنيورة والحريري، والتي رسخها المفتي رشيد قباني وقتها بالقول «ان اسقاط الحكومة خط أحمر».

مؤلفاته:

مؤلفاته:
أصدر عدة مؤلفات، ترجم معظمها لعدد من لغات العالم، وتزيد على 35 مؤلفاً ومن أبرزها:
•مشكلات الدعوة والداعية.
•كيف ندعو إلى الإسلام؟
•نحو حركة إسلامية عالمية واحدة.
•الموسوعة الحركية (جزءان).
•ماذا يعني انتمائي للإسلام؟
•حركات ومذاهب في ميزان الإسلام.
•الاستيعاب في حياة الدعوة والدعاة.
•نحو صحوة إسلامية في مستوى العصر.
•المناهج التغييرية الإسلامية خلال القرن العشرين.
•الإسلام فكرة وحركة وانقلاب.
•الشباب والتغيير.
•المتساقطون على طريق الدعوة.
•أبجديات التصور الحركي للعمل الإسلامي.
•قطوف شائكة من حقل التجارب الإسلامية.
•ليت قومي يعلمون(طبع مباشرة بعد وفاته)
أشرف على رسالة ماجستير الباحث الجزائري :بدرالدين زواقة -برهان- بعنوان :نظرية الرأي العام وتطبيقاتها في الفكر الإسلامي بقسم الإعلام جامعة الجنان - بتقدير ممتاز -، وهي الرسالة الوحيدة التي أشرف عليها.

وفاته:

وفاته:
توفي في 13 يونيو 2009.