المشهد الانتخابي في العراق خلال 2014 شاهدٌ على تفكك العديد من الكتل السياسية والقوائم والتحالفات ذات الصبغة الطائفية، التي اعتادها العراقيون في انتخابات 2005 و2010، في وقت يلمّح فيه القادة السياسيون إلى تغيير تحالفاتهم إلى أخرى عابرة للطائفية.
فقد شهدت الانتخابات التشريعية العراقية خمسة ائتلافات شيعية رئيسة، هي دولة القانون، والمواطن، والأحرار، والفضيلة والنُّخب المستقلة، وتحالف الإصلاح الوطني، وشهدت ثلاثة ائتلافات سنِّية هي متحدون للإصلاح، والعربية، وكرامة، وشهدت أربعة ائتلافات كردية هي الائتلاف الكردي الموحد، وكوران، والاتحاد الإسلامي الكردستاني، والتحالف الوطني الكردستاني.
ولكن، ثمَّة ثلاثة ائتلافات غير مذهبية وهي ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه علاوي، والتحالف المدني الديمقراطي، وهو تحالف علماني، يضم خليطًا من القوى والشخصيات اليسارية، والقومية، والليبرالية، وائتلاف العراق الذي يموّله رجل الأعمال، فاضل الدبّاس، غير أنّ هذه الائتلافات ليست رئيسيةً في الخريطة الانتخابية، ولا يُتوقَّع أن تفوز سوى بعدد محدود من المقاعد.
فقد تتنافس القوى السياسية الرئيسية بكيانات منفردة بعدما صادقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على 276 كيانًا لخوض السباق الانتخابي لعام 2014.
وتشير النتائج الأولية للانتخابات إلى أن المناطق السُنية لم تنتخب سوى السنة، والشيعية لم تنتخب سوى الشيعة، والكرد لم ينتخبوا سوى أكراد، دون النظر إلى منجزات أو تاريخ هؤلاء المرشحين، وهو ما يعني أن المرشح الذي ينتمي إلى طائفة أو قومية الناخب سيتشبع ناخبوه بسموم الكتل السياسية، التي تتخذ من الطوائف والمسميات الأخرى ستاراً تخفي وراءه أهدافها الحقيقية، التي لا يمكن أن تكون لمصلحة العراق بأي حال من الأحوال.
ودخل ائتلاف دولة القانون بأكثر من كيان أبرزها: "حزب الدعوة الإسلامية، مستقلون، دولة القانون، الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق، إضافة إلى كيانات دعمته خلال المدة الماضية وهي: تيار الإصلاح الوطني، حزب الدعوة الإسلامية/ تنظيم العراق، حزب الفضيلة، تيار الدولة العادلة، منظمة بدر، الكتلة العراقية الحرة وغيرها".
كما دخلت القائمة العراقية بأكثر من كيان، سواء انفصل عنها أو ما زال منضويًا تحت لوائها، وأبرزها الوطنية، للعراق متحدون، الجبهة العراقية للحوار الوطني، حركة الحوار والتغيير، الحركة الوطنية للإصلاح، تجمع حزام بغداد، مؤتمر صحوة العراق، الحزب الإسلامي العراقي، حركة التصحيح الوطني، وغيرها.
أما كتلة الائتلاف الوطني، فقد دخلت الانتخابات أيضًا بكيانات منفردة عكس الانتخابات السابقة التي شهدت ائتلاف المجلس الأعلى الإسلامي والتيار الصدري وغيرها من كيانات، وأبرز هذه الكيانات الداخلة في الانتخابات هي: "المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، الأحرار، المواطن، المؤتمر الوطني، والشراكة، وغيرها من الكيانات السياسية".
ودخل الكرد في الانتخابات بكيانات عدة، أبرزها: "الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، والتغيير، والجماعة الإسلامية الكردستانية، وغيرها من كيانات أخرى".
وتمثل القائمة العراقية التي كانت تضم أبرز القيادات السنية- أبرز الكتل التي شهدت انقسامات وتغيرات في انتخابات 2014 عن انتخابات 2010، إذ بدأت الخلافات تظهر للعيان بعد إعلان تشكيل الحكومة العراقية عام 2010 على خلفية اتفاق أربيل وتقاسم المناصب بين الكتل والمكونات العراقية تحت مسمى حكومة الشراكة الوطنية، وخروج زعيم القائمة إياد علاوي خالي الوفاض من أي منصب، ما أثار سخط العديد من حلفائه ممن أقنعهم بالدخول في القائمة العراقية، مثل الشيخ العشائري جمال البطيخ، ورئيس إحدى الكتل النيابية الصغيرة قتيبة الجبوري، اللذين أعلنا انشقاقهما عن القائمة العراقية بعد أشهر من تشكيل الحكومة وتكوين كتلة برلمانية بمعية 7 من أعضاء قائمة علاوي سمّوها "كتلة العراقية البيضاء" التي ارتمت فيما بعد في أحضان ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي.
تحوّلت القائمة العراقية إلى قائمة سُنيّة في البرلمان لمواجهة التحالف الوطني الشيعي الذي ضم الائتلاف الوطني وائتلاف دولة القانون، لكن «العراقية» تمزّقت داخلياً إثر انسحاب العديد من النواب العلمانيين والشيعة منها، وتناقص أعضاء الكتلة في البرلمان إلى 75 نائباً.
"الائتلاف الوطني العراقي" هو الآخر شهد تفككاً، لكن الأسباب لم تكن صراعات داخلية، بل بسبب قانون الانتخابات الجديد (سانت ليغو المعدل)، الذي يميل إلى القوائم والكتل المتوسطة وليس الكبيرة، كما في انتخابات 2010، أو الصغيرة كما في انتخابات مجالس المحافظات 2013.
وضم "الائتلاف" كلا من المجلس الأعلى الإسلامي برئاسة عمار الحكيم وكتلة الأحرار بزعامة مقتدى الصدر، وحزب الفضيلة بزعامة رجل الدين الشيخ محمد اليعقوبي وتيار الإصلاح بزعامة رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري، والمؤتمر الوطني برئاسة أحمد الجلبي، فضلاً عن منظمة "بدر" برئاسة وزير النقل الحالي هادي العامري، وحزب الله العراق برئاسة أبي مصطفى الشيباني، وقوى سياسية شيعية أخرى.