بدأت ملامح شخصية الشيخ العطار السياسية تظهر مبكرا فعندما احتل الفرنسيون مصر سنة 1798 كان حسن العطار في الثانية والثلاثين من عمره، ومثل كثير من العلماء في ذلك الحين فر إلى الصعيد وتحديدا أسيوط خوفاً على نفسه من أذاهم وأثناء وجوده بأسيوط أصاب البلاد مرض الطاعون الذي كان يحصد عشرات الآلاف في اليوم، فوصَفَه في رسالةٍ له.
ومكث العطار في الصعيد نحو ثمانية عشر شهراً تقريباً في الصعيد لكنه عاد بعدها إلى القاهرة بعد استتباب الأمن وعندما عاد إلى القاهرة تعرف ببعض علماء الحملة، واطّلع على كتبهم وتجاربهم وما معهم من آلات علمية فلكية وهندسية، كما اشتغل بتعليم بعضهم اللغة العربية، فأفاد منهم واطلع على علومهم، واشتغل أثناء الحملة الفرنسية بالتدريس في الأزهر.
وبعد رحيل الجملة الفرنسية تجول في الشام والحجاز واوربا وتركيا وقيل انه هرب الى هناك بسب علاقاته الجيدة مع الفرنسيين وغضب رجال الأزهر منه و زار تركيا ونزل بعاصمتها القسطنطينية وأقام في ألبانيا مدة طويلة وسكن ببلد تدعي اشكودره من بلاد الأرنؤد وتزوج بها ثم دخل بلاد الشام سنة 1810م وعمل هناك في التدريس وأقام بها خمس سنين.
عاد إلى مصر سنة 1815 وكانت الأمور في مصر قد استقرت وصارت ولاية البلاد لمحمد علي، فعاد إلى التدريس بالأزهر وكان له اتصال خاص بسامي باشا وأخويه باقي بيك وخير الله بيك من رجال محمد على وبواسطتهم أستطاع التقرب من محمد علي باشا وكان يقابله ويبدى حرصه على مساعدة محمد على في تطوير مصروكلف منه بالمساهمة في إنشاء المدارس الفنية العالية مثل الألسن والطب والهندسة والصيدلة.
لم يكتف الشيخ العطار بذلك، بل إنه استغل قربه من محمد علي والي مصر، وثقة الوالي به، وطلب منه إرسال البعثات إلى أوروبا لتحصيل علمها، وأوصى بتعيين تلميذه رفاعة الطهطاوي إماماً لأعضاء البعثة العلمية إلى باريس، وأوصى الطهطاوي بأن يفتح عينيه وعقله، وأن يدون يوميات عن رحلته، وهذه اليوميات هي التي نشرها الطهطاوي بعد ذلك في كتاب "تخليص الإبريز في تلخيص باريز".
واختير كأول محرر لأول جريدة عربية مصرية وهي الوقائع الرسمية التي أنشأها محمد علي سنة 1828 وجعلها لسان حال الحكومة والجريدة الرسمية للدولة، ولعل سر اختياره كأول محرر للوقائع المصرية يكمن وراء جمال أسلوبه في الكتابة.
وكان الشيخ حسن العطار أحد المشاركين الأساسيين لنهضة مصر الحديثة، وكان أول صوتٍ طالَب بإصلاح الأزهر الشريف وشدد على الاصلاح في الازهر بقوله "مَن تأمَّل ما سطَّرناه وما ذكرناه من التصدِّي لتراجم الأئمة الأعلام عرف أنهم مع رسوخ قدَمِهم في العلوم الشرعيَّة والأحكام الدينية لهم اطِّلاع على غيرها من العلوم، حتى في كتب المخالفين في العقائد والفروع، وقد انتهى الحال في زمنٍ وقعنا فيه من تقليد ونقل علوم، وجدنا أنَّ نسبتنا إليهم كنسبة عامَّة زمنهم، فإنَّ قصارى جهدنا هو النقل عنهم دون أنْ نخترع شيئًا من عند أنفسنا، وليتنا نصل إلى هذه المرتبة، بل اقتصرنا على النظر في كتبٍ محصورة.
ولم يوفق في إصلاح برامجه وخطط الدراسة فيه كما كان يريد ولعله في ذلك سار علي درب محمد علي الذي لم يشأ خشية إثارة سخط العلماء ولكنه رزق حظاً كبيراً من التوفيق في الدعوة إلى إصلاح التعليم بالبلاد كلها، فالمدارس العالية الفنية التي أنشئت بمصر في ذلك العهد كالهندسة والطب والصيدلة، هي استجابة لدعوة العطار وتطلعاته ومناداته بحتمية التغيير للأحوال في البلاد، كما كانت الكتب التي ترجمت بالمئات في عصر محمد علي، هي الصدى المحقق لأفكار العطار، حين رأى كتب الفرنسيين في الرياضة والعلوم والآداب وإذا كان الطهطاوي صاحب فضل كبير ويد طولي في حركة ترجمة الكتب في عصر محمد علي، فإنه بلا شك تأثر بآراء وطروحات شيخه العطار ويدين له بهذا الانفتاح على الآخر وإرسال البعثات العلمية.
وفى عهده حاول أحد الطلاب أن يقتل الطبيب كلوت بك وهو يمارس تشريح جثة في مشرحة مدرسة الطب بأبي زعبل ، فهم بأن يطعنه بخنجره مرتين ولكن الطلاب حموه، من أن يصاب بسوء فوقف شيخ الأزهر "حسن العطار" في امتحان مدرسة الطب يصدع برأي الدين في تعليم الطب ويشيد بفائدته في تقدم الإنسانية فكانت هذه الشجاعة في إحقاق الحق بمثابة الفتوى التي اعتبرت نقطة انطلاق للتعليم الطبي، وذلك بفضل الله على لسانه.
ونادى بضرورة تغير مناهج الازهر ورسم برنامج هذا التغيير وأهمية وقيمة العلوم العصرية، وإلى البعد عن الجمود قد آتى ثمرته، وخاصة على يد تلميذه رفاعة الطهطاوي الذي كان رائد النهضة في العصر الحديث.
ومن أقواله عن الاصلاح
"إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها، ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها"
"ومن سَمَتْ هِمته به إلى الاطلاع على غرائب المؤلفات، وعجائب المصنفات، انكشفت له حقائق كثير من دقائق العلوم، وتنزهت فكرته إن كانت سليمة في رياض الفهوم"