بوابة الحركات الاسلامية : أربعون عامًا على الحرب الأهلية اللبنانية.. لا أحد بمقدوره إلغاء الآخر (طباعة)
أربعون عامًا على الحرب الأهلية اللبنانية.. لا أحد بمقدوره إلغاء الآخر
آخر تحديث: الأربعاء 15/04/2015 07:53 م
أربعون عامًا على
منذ أيام قليلة مرت الذكري الأربعين علي اشتعال الحرب الأهلية في لبنان  40 عاما بالتمام والكمال مرت علي ابشع حرب اهلية في المنطقة مازالت نيرانها لم تبرد في القلوب ولا داخل النفوس التي اشتعلت مع الحرب ولم تهدأ في وجدانها بعد وكما قال الكاتب اللبناني عبده وازن لا يتذكر اللبنانيون عام انتهاء هذه الحرب 1990 الذي عُرِف بعام اتفاق "الطائف"، هم لم يحتفلوا مرة بذكرى انتهاء حربهم، ولم يُدرِجوا هذا التاريخ في روزنامتهم الجماعية، إنهم يصرّون على عام ولادتها الذي حفروه في قلوبهم وذاكرتهم، وانطلاقاً منه راحوا يحصون أعوامها المتوالية، عاماً تلو عام، ولا أظن أن ربيعاً مرّ لم يتذكر فيه اللبنانيون هذا اليوم: 13 نيسان (أبريل) 1975، على خلاف يوم "الطائف" الذي وقّع فيه الاتفاق الشهير، يحنّ اللبنانيون إلى يوم اندلاع الحرب لا إلى يوم «موتها»، كانت كثرة منهم قررت الاشتراك فيها علانية، أحزاب وطوائف وجماعات وأفراد، ناهيك بأطراف آخرين، وجدوا فيها ذريعة لترسيخ موقع أو هوية، ومنهم أحزاب الكفاح الفلسطيني المسلح.
في الذكرى الأربعين لا يتذكر اللبنانيون حرب عام 1975 بمقدار ما يحنّون إليها. اللبنانيون الذين يشعرون أنهم خرجوا منها خاسرين واللبنانيون الذين يظنون أنهم خرجوا منتصرين. وكذلك القلة القليلة التي مكثت خارج حساب الربح والخسارة. البدايات، كل البدايات لها سحرها، حتى وإن انتهت إلى مآس رهيبة. هذه حرب تظل في ربيعها مهما شاخت وتقدمت في السن.

بداية النار

بداية النار
الحرب الأهلية اللبنانية هي حرب دموية وصراع معقد دامت لأكثر من 15 عاما و7 أشهر في لبنان (13 أبريل 1975 - 13 أكتوبر 1990)، وتعود جذوره للصراعات والتنازلات السياسية في فترة الانتداب الفرنسي على لبنان وسوريا وعاد ليثور بسبب التغير السكاني (الديمجرافي) في لبنان والنزاع الديني الإسلامي - المسيحي، وكذلك التقارب مع سوريا وإسرائيل. وقد حصل توقف قصير للمعارك عام 1976 لانعقاد القمة العربية ثم عاد الصراع الأهلي ليستكمل وعاد ليتركز القتال في جنوب لبنان بشكل أساسي، والذي سيطرت عليه بداية منظمة التحرير الفلسطينية ثم قامت إسرائيل باحتلاله.وانتهت الأحداث بانتشار الجيش السوري بموافقة لبنانية عربية ودولية وذلك بحسب اتفاق الطائف.
اشتعلت الاحداث  بمحاولة فاشلة لاغتيال الزعيم الماروني بيار الجميّل قام بها مسلّحون وأدى إلى مقتل مرافقه "جوزيف أبو عاصي"، ويقال "رداً" على هذه الحادثة حصلت حادثة عين الرمانة التي هوجمت فيها إحدى الحافلات المدنية وكان يتواجد فيها ركاب فلسطينيين مما أدى إلى مصرعهم ( 27 شخص.)

أطراف القتال

أطراف القتال
الأطراف كانت تتقاتل ضمن محاور دينية وسياسية، هذه الأطراف تمثلت في المسيحيين الموارنة، الشيعة، السنة، والدروز، منظمة التحرير الفلسطينية، والإسرائيليون وكذلك الجيش السوري وأطراف أخرى متفرقة، في البداية كانت هناك 3 جبهات رئيسية :
الجبهة اللبنانية بزعامة كميل شمعون، هذا الفصيل كان يهيمن عليه المسيحيون الموارنة، وسرعان ما حصلوا على المعونة من سوريا ثم من إسرائيل لاحقاً. كانت للميليشيا التابعة للجبهة المسماة القوات اللبنانية بقيادة بشير الجميل دور أساسي في الحرب.
ومجموعات الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط، السياسي الدرزي البارز.
ومنظمة التحرير الفلسطينية بجميع قواها واطيافها والتي تحالفت مع الحركة الوطنية اللبنانية.
حيث كان الاقتتال في بداية الأمر ما بين الجبهة اللبنانية وتحالف الحركة الوطنية اللبنانية مع منظمة التحرير الفلسطينية.
بشكل عام لم تكن أطراف الصراع في لبنان متمايزة تماما وكانت التحالفات تتغير خلال الحرب وفي خضم الأحداث كانت أطراف الصراع كالتالي:

المدينة الرياضية في بيروت عام 1982م خلال الاجتياح الإسرائيلي
الجيش اللبناني
القوات اللبنانية
حزب الكتائب اللبنانية
حزب الوطنيين الأحرار
منظمة التحرير الفلسطينية
الحركة الوطنية اللبنانية
الحزب التقدمي الاشتراكي
إسرائيل
سوريا
الولايات المتحدة الأمريكية
حركة أمل
الحزب السوري القومي الاجتماعي

خلفية الجحيم

خلفية الجحيم
سبقت الأحداث الدامية العديد من الإشكاليات التي هيأت للحرب. فعام 1969، اقتتل الجيش اللبناني مع المسلحين الفلسطينيين والتي أدت إلى الاعتراف بحق الفلسطينيين بامتلاك السلاح على الأرض اللبنانية من خلال ما عرف باتفاق القاهرة. في عام 1975، خرجت اضطرابات مختلفة في لبنان كان أخطرها مظاهرة الصيادين في صيدا والتي أدت إلى مقتل معروف سعد. والعديد من المناوشات بين المسيحيين والفلسطينيين في مناطق مخيم تل الزعتر والكحالة. كما قام الفلسطينيين بالعديد من الأعمال الفدائية ضد إسرائيل مما جعل العالم يعتبر لبنان مرتعا للإرهابيين.
أما الشرارة الحقيقية لبدء الحرب الأهلية اللبنانية كانت في 13 أبريل 1975 عندما قام مجهولون بمحاولة اغتيال بيار الجميّل رئيس حزب الكتائب, الجميّل, الذي نجى من المحاولة ولقى أربعة أشخاص حتفهم في المحاولة, اثنين منهم حراس شخصيين لجميّل. ردت ميليشيات حزب الكتائب على محاولة الاغتيال بالتعرض لحافلة كانت تقل أعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة إلى مخيم تل الزعتر مروراً بمنطقة عين الرمانة. أدّى الكمين الذي نصبه مقاتلو حزب الكتائب إلى مقتل 27 فلسطينياً. سميت الحادثة بحادثة البوسطة والتي كانت بمثابة الشرارة لبدء القتال في كل أنحاء البلاد. بانتشار الخبر، سرعان ما اندلعت الاشتباكات بين الميليشيات الفلسطينية والكتائبية في أنحاء المدينة.
في 6 ديسمبر 1975، عثر على اربعة جثامين لأعضاء من حزب الكتائب فقامت الميليشيات المسيحية بوضع نقاط تفتيش في منطقة مرفأ بيروت وقتلت المئات من الفلسطينيين واللبنانيين المسلمين بناء على بطاقات الهوية (التي كانت آنذاك تدون مذهب حاملها) فيما عرف لاحقاً بالسبت الأسود. أدت عمليات القتل لاندلاع الاشتباكات على نطاق واسع بين المليشيات. فانقسمت بيروت ولبنان معها، إلى منطقتين عرفتا بالمنطقة الشرقية وأغلبها مسيحيين، والمنطقة الغربية التي كانت مختلطة مع أكثرية إسلامية.
كانت بيروت الشرقية محاطة بمخيمات الفلسطينين المحصنة مثل منطقة الكرنتينا ومخيم تل الزعتر. في 18 يناير 1976، قامت الميليشيات المسيحية باقتحام منطقة الكرنتينا ذات الأغلبية المسلمة والواقعة تحت سيطرة منظمة التحرير الفلسطينية والتي كان يسكنها أكراد وسوريون وفلسطينيون. قتلت الميليشيات المسيحية 1500 من سكان المنطقة. ردت الميليشيات الفلسطينية بعدها بيومين باقتحام بلدة الدامور المسيحية وقتل المئات من السكان المسيحين. هرب الآلاف من السكان بحراً حيث كانت الطرق مقطوعة. أدت هاتين الحادثتين إلى هجرة جماعية للمسلمين والمسيحين حيث لجأ كل منهم إلى المنطقة الواقعة تحت نقوذ طائفته. انقسمت بيروت الشرقية وبيروت الغربية بشكل متزايد إلى بيروت المسيحية والمسلمة.

سوريا في الحرب

سوريا في الحرب
في يونيو 1976، كانت الميليشيات المارونية على وشك الهزيمة. طالب الرئيس سليمان فرنجية سوريا بالتدخل بحجة أن ميناء لبنان سيغلق وهو مصدر أساسي للمنتجات الواردة إلى سوريا. كان التخوف المسيحي قد نمى بعد مجزرة الدامور. ردت سوريا بإنهاء دعمها لجبهة الرفض الفلسطينية وبدأت دعم الحكومة ذات الأغلبية المارونية. الأمر الذي جعل سوريا في نفس صف إسرائيل والتي بدأت بدعم الميليشيات المارونية بالسلاح والدبابات والمستشارين العسكريين في مايو 1976.
بناء على طلب الرئيس، دخلت القوات السورية لبنان واحتلت طرابلس وسهل البقاع متفوقة بسهولة على قوات الحركة الوطنية اللبنانية والميليشيات الفلسطينية. فرضت سوريا حظر التجوال إلى انه فشل في وقف الاشتباكات. بدعم سوري، استطاعت الميليشيات المسيحية اقتحام دفاعات مخيم تل الزعتر والذي كان تحت حصار وقصف متواصل طوال أشهر. أدى حصار واقتحام المخيم إلى مقتل الآلاف من الفلسطينيين مما أثار غضب العالم العربي ضد سوريا.
في أكتوبر 1976، وافقت سوريا على اقتراح قمة جامعة الدول العربية في الرياض والذي اعطى لسوريا حق بالاحتفاظ ب 40 ألف جندي هي جوهر قوات الردع العربية التي كانت مهمتها فك الاشتباكات واسترجاع الأمن. كانت عددت دول مشاركة في قوات الردع العربية إلى انها سرعان ما فقدت الاهتمام منسحبةً وتاركةً الأمور مرة أخرى في يد سوريا. تنتهي الحرب الأهلية رسميا ويحل الهدوء المؤقت بيروت ومعظم أنحاء لبنان باستثناء منطقة الجنوب حيث تتواجه منظمة التحرير الفلسطينية مع الميليشيا المسيحية التي تدعمها إسرائيل.

الهدوء الحذر

كان لبنان مقسما حيث كان الجنوب وغرب بيروت تحت سيطرة منظمة التحرير الفلسطينية والميليشيات المسلمة بينما كانت بيروت الشرقية والقسم المسيحي من جبل لبنان تحت سيطرة الميليشيات المسيحية. كان الخط الفاصل بين بيروت الغربية والشرقية يسمى الخط الأخضر.
في 1976 تتحالف الأحزاب والتيارات المسيحية اليمينية وهي حزب الكتائب بقيادة بيار الجميل، تيار المردة بقيادة سليمان فرنجية، حزب الوطنيين الأحرار بقيادة كميل شمعون، حراس الأرز بقايدة إتيان صقر والتنظيم مكونة الجبهة اللبنانية. بينما تتكون القوات اللبنانية وهي الجناح العسكري للجبهة اللبنانية من الميليشيات التابعة لتلك الأحزاب ويتولى بشير الجميل نجل بيار الجميل قيادتها.

غزو إسرائيل لجنوب لبنان

غزو إسرائيل لجنوب
في 14 مارس 1978غزت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان حتى نهر الليطاني رداً على العمليات التي كانت منظمة التحرير الفلسطينية تقوم بها ضد إسرائيل منطلقة من لبنان. الهدف من الغزو كان خلق منطقة عازلة بعرض 10 كيلومترا داخل الأراضي اللبنانية وبطول الحدود اللبنانية - الإسرائيلية. إسرائيل وجدت أن احتلال الأراضي كان سهلا وسرعان ما سيطرت على 10 ٪ من جنوب البلاد. اصدر مجلس الأمن قراراً يطالب فيه إسرائيل بالانسحاب من لبنان وينشئ قوات اليونيفل المنوط بها حفظ الأمن في الجنوب.
بحلول مايو 1978 انسحبت إسرائيل من معظم جنوب لبنان باستثناء منطقة تسميها إسرائيل "منطقة أمنية" يتراوح عرضها ما بين 4 و 12 كلم على طول الحدود الجنوبية للبنان. تثبت إسرائيل جيش لبنان الجنوبي العميل له بقيادة سعد حداد على طول الحدود. تبقى إسرائيل مسيطرة على المنطقة الحدودية حتى عام 2000 حين تنسحب فجأة تاركة أعضاء جيش لبنان الجنوبي، حيث يفر بعضهم إلى إسرائيل ويعتقل حزب الله الباقيين منهم ويقدمهم للسلطة اللبنانية حيث تتم محاكمتهم.

الاقتتال داخل القوات اللبنانية

في يونيو 1978، وعلي إثر مقتل عضو بارز في حزب الكتائب على يد قوات المردة، أرسل بشير الجميل قواته بقيادة سمير جعجع إلى مدينة إهدن لاختطاف طوني فرنجية، قائد ميليشيات المردة وابن الرئيس سليمان فرنجية، لإجباره على تسليم المسؤولين عن مقتل العضو الكتائبي. إلا أن العملية انتهت بمقتل طوني فرنجية وعائلته والمقاتلين التابعين له. سميت الواقعة فيما بعد بمجزرة إهدن. أنهى سليمان فرنجية ارتباط حزبه تيار المردة بالجبهة اللبنانية بعد مقتل ابنه.
في عام 1980، أرسل بشير قواته إلى مدينة الصفرا لقتال داني شمعون، قائد ميليشيا نمور الأحرار الجناح العسكري لحزب الوطنيين الأحرار. تمت العملية بموافقة كميل شمعون والد داني شمعون ورئيس حزب الوطنيين الأحرار والرئيس السابق للجمهورية اللبنانية والذي كان يرى أن قوات ابنه خرجت عن السيطرة. تم القضاء تماماً على ميليشيات النمور فيما سمي بمجزرة الصفرا. لم يتم قتل داني شمعون حيث ذهب ليعيش في بيروت الغربية التي كانت ذات أغلبية مسلمة.
أصبح بشير بذلك المسيطر الأوحد على القوات اللبنانية.

الاقتتال بين سوريا والقوات اللبنانية

ما بين يوليو وأكتوبر عام 1978 قام الجيش السوري بمحاصرة بيروت الشرقية معقل القوات اللبنانية فيما سمي بحرب المئة يوم. تم خلال تلك الفترة قصف شديد لبيروت الشرقية وحي الأشرفية ولم ينتهي الحصار والقصف إلا بعد وساطة عربية أدت إلى وقف إطلاق النار. خرج بشير الجميل من تلك الحرب وهو يعتبر نفسه منتصراً. في عام 1981، تصادمت سوريا مع ميليشيا بشير الجميل مرة أخرى بعد سيطرة القوات اللبنانية على مدينة زحلة. في تلك المعركة، استغاث بشير بإسرائيل فأرسلت طائرات حربية أسقطت مروحيتين سوريتين.

قصف إسرائيل لبيروت

قصف إسرائيل لبيروت
في 17 يوليو 1981، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مبنى مكون من عدة طوابق كان يضم مكاتب لمنظمة التحرير الفلسطينية. بعثة الأمم المتحدة في لبنان قدرت عدد القتلى ب 300 وعدد المصابين ب 800 مصاب. أدى القصف إلى استياء دولي وحظر مؤقت لتصدير المنتجات الأمريكية لإسرائيل.في اغسطس من عام 1981، اعيد انتخاب رئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيجن لفترة ثانية وفي سبتمبر من نفس العام بدء بيجن ووزير الدفاع أرئيل شارون التخطيط لغزو لبنان مرة أخرى لطرد منظمة التحرير الفلسطينية. كانت خطة شارون حسب قوله هي "القضاء على البنية التحتية العسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية والقضاء، إذا أمكن، على قيادة المنظمة؛ قد يتطلب ذلك ضرب بيروت الغربية، حيث مقرات ومراكز قيادة المنظمة". أراد شارون تأمين وصول بشير الجميل لرئاسة الجمهورية اللبنانية. مقابل مساعدة إسرائيل لبشير، أراد شارون من بشير أن يوقع اتفاقية سلام مع إسرائيل تضمن أمن حدود إسرائيل الشمالية للأبد. في يناير 1982 قابل شارون بشير الجميل على متن سفينة قبالة السواحل اللبنانية وناقشا خطة تقتضي وصول القوات الإسرائيلية إلى مشارف بيروت ومحاصرة بيروت الغربية فيما تقوم ميليشيات القوات اللبنانية باقتحام بيروت الغربية والقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية.كانت إسرائيل قد أعدت خطة الغزو وتنتظر الذريعة لبدء تنفيذ الخطة. في 3 يونيو 1982 قامت منظمة أبو نضال بمحاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن. بالرغم من أن أبو نضال كان قد انشق من فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية بل أنه اغتال العديد من أعضاء منظمة التحرير وحاول اغتيال عرفات وأبو مازن، إلى ان إسرائيل اتخذت من العملية ذريعة لتنفيذ مخططها باجتياح لبنان والقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية. أمر شارون وبيجن بضرب معاقل منظمة التحرير الفلسطينة والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيروت الغربية مما تسبب في مقتل 100 شخص. ردت منظمة التحرير الفلسطينية بإطلاق الصورايخ والمدفعية من جنوب لبنان على شمال إسرائيل. كان ذلك بمثابة الذريعة المباشرة لإسرائيل بالقيام بالاجتياح.
في 6 يونيو 1982 بدأت إسرائيل غزو لبنان من حدودها الجنوبية. في غضون بضعة أيام تستولي القوات الإسرائيلية على مدن الجنوب الهامة مثل صور وصيدا، لتدخل بعد ذلك بيروت الشرقية بدعم ضمني من القادة والميليشيات المارونية. عندما اجتمعت الحكومة الإسرائيلية للموافقة على خطة الغزو، وصف شارون الخطة بأنها وصول القوات الإسرائيلية إلى 40 كم في العمق اللبناني للقضاء على معاقل منظمة التحرير الفلسطينية وخلق "منطقة أمنية موسعة" تجعل شمال إسرائيل خارج مدى صواريخ منظمة التحرير. كما ادعى شارون أن بيروت هي خارج الصورة. في الواقع، أمر رئيس الأركان رفائيل ايتان ووزير الدفاع الإسرائيلي أرئيل شارون القوات الإسرائيلية بالتوجه مباشرةً إلى بيروت وفقاً لخطة وضعها شارون في سبتمبر 1981.

حصار بيروت

حصار بيروت
بحلول 15 يونيو كانت القوات الإسرائيلية تعسكر خارج بيروت. طالبت الولايات المتحدة منظمة التحرير بالخروج من لبنان.أصدر شارون الأوامر بشن غارات على بيروت الغربية لاستهداف 16,000 من الفدائيين الفلسطينين المحصنين فيها. استمر حصار بيروت لمدة 7 اسابيع قطعت خلالها إسرائيل الكهرباء وإمدادات الماء والطعام عن المدينة. هاجمت القوات الإسرائيلية بيروت الغربية عن طريق البر والبحر والجو وأدى القصف العشوائي إلى مقتل آلاف من المدنيين.
في هذه الأثناء كان فيليب حبيب مبعوث الولايات المتحدة في المنطقة يتفاوض مع إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية لإنهاء الحصار. في 12 اغسطس توصل حبيب إلى هدنة تقتضي خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وانسحاب القوات الإسرائيلية ووصول قوات أمريكية وفرنسية وإيطالية للإشراف على خروج مقاتلي منظمة التحرير وتأمين الحماية للمدنيين العزل من الفلسطينيين.
وصلت القوات الفرنسية والأمريكية والفرنسية تباعاً في 21، 24 و 26 من أغسطس. في 30 اغسطس أشرفت القوات المتعددة الجنسيات على خروج منظمة التحرير من بيروت بحراً إلى اليونان ومن اليونان إلى سوريا وتونس والأردن والجزائر. رغم خروج منظمة التحرير إلى أن إسرائيل ادعت ان 2,000 من الفدائيين ما زالوا يختبؤون في مخيمات اللاجئين على أطراف بيروت. انسحبت القوات متعددة الجنسيات مبكراً من لبنان بعد اسبوعين فقط من وصولها وقبل أنسحاب القوات الإسرائيلية كما كانت تنص اتفاقية وقف إطلاق النار. كان من المفترض أن تبقى القوات متعددة الجنسيات لمدة شهر.
في هذه الأثناء وفي 23 اغسطس وتحت الاحتلال الإسرائيلي، انتخب بشير الجميل رئيساً بهامش بسيط وبمقاطعة النواب المسلمين للجلسة. كانت الدوائر المسلمة تتخوف من علاقة بشير بإسرائيل ودعمها له بالسلاح أثناء الحرب. في 11 سبتمبر، قابل بشير الجميل رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجين في إسرائيل ووعده باتخاذ الخطوات لبدء علاقات دبلوماسية بين لبنان وإسرائيل بمجرد أن يتسلم رئاسة الجمهورية اللبنانية تم اغتيال بشير في 14 سبتمبر 1982 وقبل أيام من الموعد المحدد لتسلمه الرئاسة عندما فجر حبيب الشرتوني وهو عضو في الحزب السوري القومي الاجتماعي مبنى حزب الكتائب في بيروت الشرقية.

مجزرة صبرا وشاتيلا

مجزرة صبرا وشاتيلا
قام شارون وايتان بارسال القوات الإسرائيلية إلى بيروت الغربية في خرق لاتفاقية حبيب. قامت تلك القوات بنقل 200 مقاتل من ميليشيا القوات اللبنانية بقيادة إيلي حبيقة إلى المخيمات بحجة القضاء على 2,000 من مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية مختبئين في المخيمات. اقتحمت القوات اللبنانية مخيمي صبرا وشاتيلا في السادسة مساءً من 16 سبتمبر وقتلت ما يقرب من 3500 فلسطيني بمساعدة الجيش الإسرائيلي الذي كان يحاصر المخيمين والذي كان يشعل القنابل المضيئة في السماء ليتمكن مقاتلي القوات اللبنانية من الرؤية طوال الليل. كان شارون وقادة الجيش الإسرائيلي يتابعون المجزرة من على سطح مبنى سفارة الكويت المطل على المخيمين. وفقاً للتقارير الإسرائيلية لم يكن وسط الضحايا "أياً من أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية".
أدت المجازر في صبرا وشاتيلا إلى سخط دولي على إسرائيل ومطالبة شعبية دولية للمجتمع الدولي للتدخل. عادت القوات متعددة الجنسيات كقوات حفظ سلام. انتخب البرلمان اللبناني أمين الجميل ليخلف أخيه في رئاسة الجمهورية اللبنانية.

معاهدة 17 مايو وانسحاب إسرائيل

في 17 مايو 1983 وقّع أمين الجميـّل والولايات المتحدة وإسرائيل على اتفاق ينص على انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان بشرط انسحاب القوات السورية. نص الاتفاق أن "حالة الحرب بين لبنان وإسرائيل قد انتهت ولم يعد لها وجود" وهو ما جعل الاتفاقية فعلياً اتفاقية سلام. اعتبر اللبنانيون المسلمون الاتفاقية محاولة إسرائيل السيطرة الدائمة على جنوب لبنان. اعتبر البعض أمين الجميل خائناً وأن الاتفاقية اتفاقية استسلام. رفضت سوريا الانسحاب.

حرب الجبل

في أغسطس 1983 انسحبت إسرائيل من جبل الشوف مزيلة الفاصل ما بين الدروز والمسيحيين لتندلع معارك عنيفة ودامية بين الحزب التقدمي الاشتراكي، مدعوماً من بعض القوى الفلسطينية، من جهة والقوات اللبنانية والجيش اللبناني من جهة أخرى. ارتفعت بسرعة وتيرة المعارك على مختلف الجبهات لترتفع معها أعداد القتلى بسرعة هائلة إذ كان يسقط مئات المقاتلين من الطرفين كل بضعة أيام. اعتبرت حرب الجبل إحدى أعنف فصول الحرب اللبنانية. انتهت المعارك بهزيمة مدوية للقوات اللبنانية وانسحاب المقاتلين المسحيين إلى بلدة دير القمر ومن ثم إلى بيروت الشرقية. ارتكبت مجازر متبادلة من الطرفين وسقط المئات من الأبرياء.
من نتائج حرب الجبل أنها فتحت الطريق للمقاومة نحو الجنوب وأصبح السوريون قادرين على تسليح المقاومة كما أنها أدت إلى بداية سقوط اتفاق 17 مايو. لم تدم سيطرة الحزب الاشتراكي على مدينة سوق الغرب التي عاد وسيطر عليه الجيش اللبناني وبقيت سوق الغرب منطقة صراع حتى دخول الجيش السوري إليها وانتهاء الحرب الأهلية اللبنانية.

الهجمات على الأهداف الأمريكية

ما بين عامي 1983 و1984، تم استهداف العديد من المصالح الأمريكية، في أبريل 1983 قتل 63 شخصاً في انفجار انتحاري استهدف السفارة الأمريكية في بيروت. في أكتوبر 1983 قتل 241 جندياً أمريكاً و 58 جندياً فرنسياً في هجوم انتحاري استهدف معسكر القوات الأمريكية والفرنسية في بيروت. في يناير 1984 قتل رئيس الجامعة الأمريكية في بيروت. في سبتمبر 1984 وقع هجوم آخر على السفارة الأمريكية في بيروت في مبناها الجديد الأكثر تحصينا. أدى التفجير إلى مقتل 7 لبنانيين وأمريكيين اثنين.
في تلك الأعوام ظهر حزب الله كقوة شيعية تقاوم الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب. انبثق حزب الله من صفوف حركة أمل الشيعية.و تبنّ الحزب فكر الثورة الإسلامية في إيران وحصل منذ بداياته على الدعم من حرس الثورة الإيرانية.

حرب المخيمات

بانسحاب القوات المتعددة الجنسيات من لبنان، سيطرت حركة أمل على بيروت الغربية. في أبريل 1985، وبدعم من سوريا، هاجمت حركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي المرابطون  في مايو 1985 هاجمت حركة أمل الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة، استمرت حرب المخيمات ما بين عامي 1985 و 1986 تم أثناءها حصار المخيمات ومنع المساعدات من الوصول إليها وتدمير المخيمات تدميراً شبه كليّ.

حكومة ميشال عون و"حرب التحرير"

قبيل انتهاء فترة رئاسة أمين الجميل في 1988 وعند اجتماع مجلس النواب اللبناني لانتخاب رئيس جديد، كان الانقسام على أشدّه ما أفشل الجهود للاتفاق على رئيس جديد وأدخل البلاد في مأزق دستوري، سلّم الرئيس أمين الجميل الجنرال ميشال عون، عماد الجيش اللبناني آنذاك، منصب رئاسة الجمهورية حسب تفسيره للدستور اللبناني، بينما أصرت الكتل الوطنية والإسلامية على تفسير الدستور بالشكل الذي ينص على تولي رئيس الوزراء مهمات رئيس الجمهورية لحين انتخاب رئيس جديد. بذلك أصبح للبنان رئيسين وحكومتين، حكومة عسكرية مسيحية في بيروت الشرقية مدعومة من النظام العراقي وحكومة مدنية مسلمة في بيروت الغربية مدعومة من سوريا.
في مارس 1989، بدأ ميشال عون بحرب ضد الجيش السوري سماها "حرب التحرير" وادعى أنه يحارب من أجل استقلال لبنان. تخللت المعارك معارك داخلية بين المسيحيين أنفسهم، حيث قام الجيش بمقاتلة القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع للسيطرة على أحياء جونية ومنطقة الميناء ومحطة الكهرباء والمطار الخاص. كان الدعم العسكري والاستخباراتي الكبير الذي حصل عليه عون من العراق، والدعم المالي والاعلامي من منظمة التحرير الفلسطينية، إضاقة إلى عدم تدخل حزب الله في القتال، عوامل إيجابية مكنت العماد عون من الصمود أمام الجيش السوري وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي وألوية الجيش التي دعمت الحص، إلى أن تسبب دخول العراق للكويت في دفع المجتمع الدولي للإسراع في إنهاء حرب لبنان. أدت هذه الحرب إلى تدمير كبير لبيروت الشرقية وهجرة كبيرة للسكان المسيحيين.

اتفاق الطائف وإنهاء الحرب

في أغسطس 1989 توصل النواب اللبنانيون في الطائف بوساطة المملكة العربية السعودية إلى اتفاق الطائف الذي كان بداية لإنهاء الحرب الأهلية. لدى عودة النواب اللبنانيين من مدينة الطائف انتـُخب رينيه معوّض رئيساً للجمهورية ولكن ميشال عون رفض الاعتراف بمعوّض ورفض اتفاق الطائف وذلك لأن الاتفاق يقضي بانتشار سوري على الأراضي اللبنانية. قُتل رينيه معوّض بعد انتخابه بـ 16 يوم وخلفه إلياس الهراوي. رفض ميشال عون الاعتراف بإلياس الهراوي أيضا. تم إقصاء ميشال عون من قصر بعبدا الرئاسي وإعدام المئات من أنصاره في أكتوبر عام 1990 بعملية لبنانية-سورية مشتركة وبمباركة أمريكية حيث فر ولجأ إلى السفارة الفرنسية وتوجه من بعدها إلى منفاه في باريس.
انتهت الحرب اللبنانية الأهلية بإقصاء ميشال عون وتمكين حكومة إلياس الهراوي, وبإصدار البرلمان اللبناني في مارس 1991 لقانون العفو عن كل الجرائم التي حدثت  منذ 1975. في مايو تم حل جميع الميليشات باستثناء حزب الله وبدأت عملية بناء الجيش اللبناني كجيش وطني غير طائفي.

البناء الطائفي

تبقى العودة إلى كلام عبده وزان بأن الحرب مازالت باقية في النفوس وان الدرس علي بناء طائفي يعطل درس الحرب الذي لن يتعلمه كل العرب بأنك لا تسطيع أن تلغي الآخر