بوابة الحركات الاسلامية : الماتريدية.. مدرسة العقل والاعتدال (طباعة)
الماتريدية.. مدرسة العقل والاعتدال
آخر تحديث: الأحد 14/07/2019 02:34 م
الماتريدية.. مدرسة
تمثل المدرسة الماتريدية اتجاها فكريا إسلاميا معتدلا لا يبتعد عن الإسلام السٌّنِّي التقليدي المنضبط في إطار من التسامح ورفض التطرف بكافة أشكاله وأنواعه، وهذا ما رسخ له أبو منصور الماتريدي مؤسس هذه المدرسة وأتباعه من بعده، من خلال استخدام البراهين والدلائل العقلية والكلامية في مناقشة معارضيهم، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية. وتعرف الماتريدية بأنها فرقة كلامية، يقوم منهاجها على استخدام البراهين والدلائل العقلية والكلامية في المناقشة والرد على معارضيهم، من المعتزلة والجهمية، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية، ولم تعرف بذلك الاسم إلا بعد وفاة مؤسسها أبو منصور الماتريدي.

الماتريدية.. مدرسة
وقد استخدمت المدرسة الماتريدية الأدلة والبراهين العقلية والفلسفية في مواجهة المعتزلة، والجهمية في محاولة للتوفيق بين مذهب أهل السنة والجماعة في الاعتقاد ومذاهب المعتزلة والجهمية وأهل الكلام، وأعْلَوا شأن العقل مقابل النقل، وقالوا ببدعة تقسيم أصول الدين إلى عقليات وسمعيات عن طريق التأويل والتفويض، والقول بالمجاز في القرآن الكريم، والسنة النبوية، وعدم الأخذ بأحاديث الآحاد، وبالقول بخلق الكتب ومنها: القرآن الكريم؛ وعلى أن القرآن الكريم كلام الله تعالى النفسي.

مراحل تطور المدرسة الماتريدية

مراحل تطور المدرسة
مرت المدرسة الماتريدية بـ4 مراحل رئيسية تمثلت فيما يلي: 
مرحلة التأسيس
 وتمتد هذه المرحلة من بداية تبلور فكر أبو منصور الماتريدي حتى وفاته في عام 333هـ وتميزت هذه المرحلة بكثرة المناظرات مع المعتزلة حول توحيد الخالقية والربوبية، والأسماء والصفات. 

مرحلة التكوين
وتمتد هذه المرحلة من عام 333 هـ ـ حتى عام 500 هـ وتعد هذه المرحلة مرحلة تلامذة الماتريدي ومن تأثر به من بعده، وفيها "الماتريدية" فرقة كلامية بدأت في سمرقند، وعمل تلامذته على نشر أفكاره، وصنفوا له متبعين مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع (الأحكام)، وانتشرت العقيدة الماتريدية في بلاد ما وراء النهر أكثر من غيرها.
 ومن علماء هذه المرحلة: 
1- أبو القاسم إسحاق بن محمد بن إسماعيل الحكيم السمرقندي 342هـ.
2- أبو محمد عبد الكريم بن موسى بن عيسى البزدوي 390هـ.
3- أبو اليسر البزدوي 421ـ493هـ، ولقب بالقاضي الصدر، وشيخ الحنفية بعد أخيه الكبير علي البزودي

مرحلة التأليف والتأصيل 
وتعد هذه المرحلة هي مرحلة التأليف والتأصيل للعقيدة الماتريدية وتمتد من 500ـ700هـ وتميزت بكثرة التأليف وجمع الأدلة للعقيدة الماتريدية؛ وبذلك تعد أهم  المراحل في تأسيس العقيدة.
ومن علماء هذه المرحلة: 
1- ميمون بن محمد بن معتمد النسفي المكحولي النسفي 438ـ508هـ. 
2- أبو حفص نجم الدين عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن لقمان الحنفي النسفي السمرقندي نجم الدين عمر النسفي 462ـ537هـ.

مرحلة التوسع والانتشار

1- وتمتد هذه المرحلة من 700ـ1300هـ وتعد من أهم مراحل الفرقة الماتريدية؛ حيث كثر فيها تأليف الكتب الكلامية من: المتون، والشروح، والشروح على الشروح، والحواشي على الشروح.
وبلغت أوجَ توسعها وانتشارها في هذه المرحلة؛ وذلك لمناصرة سلاطين الدولة العثمانية، فكان سلطان الماتريدية يتسع حسب اتساع سلطان الدولة العثمانية، فانتشرت شبه الجزيرة العربية، والهند، ووسط آسيا، وفارس، وتركيا. 
ومن علماء هذه المرحلة:
الكمال بن الهمام صاحب كتاب "المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة"، ولا زال يدرِّس في بعض الجامعات الإسلامية.

المرتكزات الفقهية والفكرية:
للمدرسة الماتريدية العديد من الأفكار والمعتقدات منها: 
 أولا: من حيث مصدر التلقي قسّم الماتريدية أصول الدين إلى:
1- الإلهيات [العقليات]: وهي ما يستقل العقل بإثباتها والنقل تابع له، وتشمل أبواب التوحيد والصفات.
2- الشرعيات [السمعيات]: وهي الأمور التي يجزم العقل بإمكانها ثبوتاً ونفياً، ولا طريق للعقل إليها مثل: النبوات، وعذاب القبر، وأمور الآخرة.
3- الأدلة النقلية في مسائل الإلهيات [العقليات] كالتالي:
ـ إن كان من نصوص القرآن الكريم والسنة المتواترة مما هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة مقبولاً عقلاُ، خالياً من التعارض مع العقل ما كان قطعي الثبوت ظني الدلالة مخالفاً للعقل، فإنه لا يفيد اليقين، ولذلك تُؤوَّل الأدلة النقلية بما يوافق الأدلة العقلية، أو تفويض معانيها إلى الله عز وجل. 
ـ أحاديث الآحاد تفيد الظن، ولا تفيد العلم اليقيني، ولا يعمل بها في الأحكام الشرعية مطلقاً، بل وفق قواعدهم وأصولهم التي قرروها، وأما في العقائد فإنه لا يحتج بها، ولا تثبت بها عقيدة، وإن اشتملت على جميع الشروط المذكورة في أصول الفقه، وإن وردت مخالفة للعقل ولا تحتمل التأويل رُدَّت بافتراء ناقله أو سهوه أو غلطه، وإن كانت ظاهرة فظاهرها غير مراد.
ـ وجوب معرفة الله تعالى بالعقل قبل ورود السمع، وهو أول واجب على المكلف، ولا يعذر بتركه ذلك، بل يعاقب عليه ولو قبل بعثة الأنبياء والرسل. 
ـ التحسين والتقبيح العقليين، حيث يدرك العقل حسن الأشياء وقبحها، إلا أنهم اختلفوا في حكم الله تعالى بمجرد إدراك العقل للحسن والقبح، فمنهم من قال: إن العباد يعاقبون على أفعالهم القبيحة ولو لم يبعث إليهم رسول؛ كما سبق، ومنهم من قال بعكس ذلك.
 ـ المجاز واقع في اللغة والقرآن والحديث؛ وهو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، وهو قسيم الحقيقة واعتمدوا عليه في تأويل النصوص دفعاًـ في ظنهمـ لشبه التجسيم والتشبيه. 
ـ التوحيد هو إثبات أن الله تعالى واحد في ذاته، لا قسيم له، ولا جزء له، واحد في صفاته، لا شبيه له، واحد في أفعاله، لا يشاركه أحد في إيجاد المصنوعات، والله هو القادر على الاختراع واستخدموا في ذلك الأدلة والمقاييس العقلية والفلسفية التي أحدثها المعتزلة والجهمية، مثل دليل حدوث الجواهر والأعراض، وأن الطرق التي دل عليها القرآن أصح.

الانتشار الجغرافي:

الانتشار الجغرافي:
انتشرت  أفكار الماتريدية انتشارا كبيرا ما بين 700ـ1300هـ وكثر أتباعها في بلاد الهند والصين، وبنجلاديش، وباكستان، وأفغانستان وتركيا، وفارس، وبلاد ما وراء النهر، والمغرب؛ وذلك لأسباب كثيرة منها:
1- المناصرة والتأييد من الملوك والسلاطين لعلماء المذهب، وبخاصة سلاطين الدولة العثمانية.
2- للمدارس الماتريدية دورٌ كبير في نشر العقيدة الماتريدية، ومنها الديوبندية بالهند وباكستان وغيرها؛ حيث لا زال يدرَّس فيها كتب الماتريدية في العقيدة على أنها عقيدة أهل السنة والجماعة.
3- النشاط البالغ في ميدان التصنيف في علم الكلام، وردهم على الفرق المبتدعة الأخرى، مثل الجهمية الأولي، والمعتزلة، والشيعة. 
4- انتسابهم للإمام أبي حنيفة ومذهبه في الفروع.
 
وهناك مدراس ما زالت تتبنى الدعوة للماتريدية في شبه القارة الهندية وتتمثل في:
1- مدرسة ديوبند والندوية وظهرت في عام 1283هـ حتى الآن وفيها كثر الاهتمام بالتأليف في علم الحديث وشروحه، ولهم إسهامات نقلية وعقلية؛ وهم متصوفة ولهم بعض البدع تظهر في كتابهم "المهنَّد على المفنَّد" لـ الشيخ خليل أحمد السهارنفوري أحد أئمتهم، وهو من أهم كتب الديوبندية في العقيدة، ولا تختلف عنها المدرسة الندوية في كونها ماتريدية العقيدة.
2- مدرسة البريلوي وظهرت في عام 1272هـ نسبة إلى زعيمهم أحمد رضا خان الأفغاني الحنفي الماتريدي الصوفي الملقب بعبد المصطفي 1340هـ. 
3- مدرسة الكوثري وظهرت في عام 1296هـ نسبة إلى الشيخ محمد زاهد الكوثري الجركسي الحنفي الماتريدي.

الفرق بين الماتريدية والأشعرية:

الفرق بين الماتريدية
تتفق المدرسة الماتريدية مع المدرسة الأشعرية بشكل عام في القضايا الكلية، وإن كانت تختلف معها في بعض القضايا الفرعية، ومنها:
1- أثبتوا لله تعالى أسماءه الحسنى، وقالوا: لا يسمَّى الله تعالى إلا بما سمى به نفسه، وجاء به الشرع، ووافقوا أهل السنة والجماعة "الأشعرية" في القول بالتوقيف في أسمائه تعالى، إلا أنهم خالفوهم فيما أدخلوه في أسمائه تعالى: كالصانع، القديم، الذات؛ حيث لم يفرقوا بين باب الإخبار عن الله تعالى وباب التسمية.
2- إثبات ثماني صفاتٍ لله تعالى فقط، على خلاف بينهم، وهي: الحياة، القدرة، العلم، الإرادة، السمع، البصر، الكلام والتكوين، وعلى أن جميع الأفعال المتعدية ترجع إلى التكوين، أما ما عدا ذلك من الصفات التي دل عليها الكتاب والسنة "الصفات الخبرية" من صفات ذاتية، أو صفات فعلية، فإنها لا تدخل في نطاق العقل؛ ولذلك قالوا بنفيها جميعاً. 
أما أهل السنة والجماعة "الأشعرية" فهم كما يعتقدون في الأسماء يعتقدون في الصفات، وأنها جميعاً توقيفية، ويؤمنون بها "بإثبات بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل، مع تفويض الكيفية وإثبات المعنى اللائق بالله- تعالى ـ لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.
3- القرآن الكريم ليس بكلام الله تعالى على الحقيقة، وإنما هو كلام الله تعالى النفسي، لا يسمع، وإنما يسمع ما هو عبارة عنه، ولذلك فإن الكتب بما فيها القرآن مخلوقة؛ وهو قول مبتدع محدث لم يدل عليه الكتاب ولا السنة، ولم يرد عن سلف الأمة. وأول من ابتدعه ابن كلاب فالله تعالى يتكلم إذا شاء متى شاء بما شاء، ولا يزال يتكلم كما كلم موسى، ويكلم عباده يوم القيامة، والقرآن كلام الله تعالى على الحقيقة، غير مخلوق وكذلك التوراة والإنجيل والزبور، وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة "الأشعرية" من سلف الأمة الصالح ومن تبعهم بإحسان.
4- الإيمان هو التصديق بالقلب فقط، وأضاف بعضهم الإقرار باللسان، ومنعوا زيادته ونقصانه، وقالوا بتحريم الاستثناء فيه، وأن الإسلام والإيمان مترادفان، لا فرق بينهما، فوافقوا المرجئة في ذلك، وخالفوا أهل السنة والجماعة "الأشعرية"، حيث إن الإيمان عندهم: اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان. يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية. ويجوز الاستثناء فيه والمقصود عدم تزكية النفس، والإيمان والإسلام متلازمان، إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا.
5- وافقت الماتريدية أهل السنة والجماعة في الإيمان بالسمعيات مثل: أحوال البرزخ، وأمور الآخرة من: الحشر- النشر- الميزان- الصراط- الشفاعة- الجنة، والنار؛ لأنهم جعلوا مصدر التلقي فيها السمع؛ لأنها من الأمور الممكنة التي أخبر بها الصادق صلى الله عليه وسلم، وأيدتها نصوص الكتاب والسنة، وبالتالي فإنهم أثبتوا رؤية الله تعالى في الآخرة؛ ولكن مع نفي الجهة والمقابلة، وهذا قول متناقض؛ حيث أثبتوا ما لا يمكن رؤيته، ولا يخفى مخالفته لما عليه أهل السنة والجماعة "الأشعرية".
6- كما وافقت الماتريدية أهل السنة والجماعة "الأشعرية" في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم، وأن ما وقع بينهم كان خطأ عن اجتهاد منهم؛ ولذا يجب الكف عن الطعن فيهم؛ لأن الطعن فيهم إما كفر، أو بدعة، أو فسق وأن الخلافة في قريش، وتجوز الصلاة خلف كل برٍّ وفاجرٍ، ولا يجوز الخروج على الإمام الجائر.
7- وافقوا أهل السنة والجماعة "الأشعرية" في القول: بالقدر، والقدرة، والاستطاعة، على أن كل ما يقع في الكون بمشيئة الله تعالى وإرادته، وأن أفعال العباد من خير وشر من خلق الله تعالى، وأن للعباد أفعالاً اختيارية، يثابون عليها، ويعاقبون عليها، وأن العبد مختار في الأفعال التكليفية غير مجبور على فعلها.
8- عدم جواز التكليف بما لا يُطاق، موافقة المعتزلة في ذلك، والذي عليه أهل السنة والجماعة هو: التفضيل، وعدم إطلاق القول بالجواز أو بالمنع.
9- قال الماتريدي: التكوين صفة أزلية قائمة بذات الله تعالى كجميع صفاته، وهو غير المكوّن، ويتعلق بالمكوّن من العالم، وكل جزء منه بوقت وجوده، كما أن إرادة الله تعالى أزلية تتعلق بالمرادات بوقت وجودها، وكذا قدرته تعالى الأزلية مع مقدوراتها. وقال الأشعريّ: إنها صفة حادثة غير قائمة بذات الله تعالى، وهي من الصفات الفعلية عنده لا من الصفات الأزلية، والصفات الفعلية كلها حادثة كالتكوين والإيجاد، ويتعلق وجود العالم بخطاب.
10- قال الماتريدي: كلام الله تعالى ليس بمسموع، وإنما المسموع الدال عليه. وقال الأشعريّ: مسموع كما هو المشهور من حكاية موسى عليه السلام.
11- قال الماتريدي: صانع العالم موصوف بالحكمة سواء كانت بمعنى العلم أو بمعنى الإحكام. وقال الأشعري: إن كانت بمعنى العلم فهي صفة أزلية قائمة بذات الله تعالي، وإن كانت بمعنى الإحكام فهي صفة حادثة من قبيل التكوين، لا يوصف ذات الباري بها.
12- قال الماتريدي: إن الله يريد بجميع الكائنات جوهرا أو عرضا طاعة أو معصية، إلا أن الطاعة تقع بمشيئة الله وإرادته وقضائه وقدرته ورضائه ومحبته وأمره، وإن المعصية تقع بمشيئة الله تعالى وإرادته وقضائه لا برضائه ومحبته وأمره. وقال الأشعريّ: إن رضاء الله تعالى ومحبته شامل بجميع الكائنات كإرادته.
13- تكليف ما لا يطاق ليس بجائز عند الماتريدي، وتحميل ما لا يطاق عنده جائز، وكلاهما جائزان عند الأشعريّ.
14- قال الماتريدي: بعض الأحكام المتعلقة بالتكليف معلوم بالعقل؛ لأن العقل آلة يدرك بها حسن بعض الأشياء وقبحها، وبها يدرك وجوب الإيمان وشكر المنعم، وإن المعرف والموجب هو الله تعالى، لكن بواسطة العقل، كما أن الرسول معروف الوجوب والموجب الحقيقي هو الله تعالى لكن بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى قال: لا عذر لأحد في الجهل بخالقه، ألا يرى خلق السموات والأرض؟! ولو لم يبعث رسولا، لوجب على الخلق معرفته بعقولهم. وقال الأشعري: لا يجب شيء ولا يحرم إلا بالشرع لا بالعقل، وإن كان للعقل أن يدرك حس بعض الأشياء، وعند الأشعريّ جميع الأحكام المتعلقة بالتكليف تلقاه بالسمع.
15- قال الماتريدي: قد يسعد الشقيّ وقد يشقى السعيد وقال الأشعريّ: لا اعتبار بالسعادة والشقاوة إلا عند الخاتمة والعاقبة.
16- قال الماتريدي: العفو عن الكفر ليس بجائز. وقال الأشعريّ: يجوز عقلا لا سمعا.
17- قال الماتريدي: تخليد المؤمنين في النار، وتخليد الكافر في الجنة لا يجوز عقلا، ولا سمعا. وعند الأشعري: يجوز.
18- قال بعض الماتريدية: الاسم والمسمى واحد. وقال الأشعريّ: بالتغاير بينهما وبين التسمية، ومنهم من قسم الاسم إلى ثلاثة أقسام: قسم عينه، وقسم غيره، وقسم ليس بعينه ولا بغيره، والاتفاق على أن التسمية وغيرها وهي ما قامت بالمسمى، كذا بداية الكلام.
19- قال الماتريدي: الذكورة شرط في النبوة، حتى لا يجوز أن يكون الأنثى نبيا. وقال الأشعريّ: ليست الذكورة شرطا فيها، والأنوثة لا تنافيها، كذا في بداية الكلام.
20- قال الماتريدي: فعل العبد يسمى كسباً لا خلقاً، وفعل الحق يسمى خلقاً لا كسباً، والفعل يتناولهما. وقال الأشعري: الفعل عبارة عن الإيجاد حقيقة، وكسب العبد يسمى فعلاً بالمجاز، وقد تفرد القادر خلقاً وما لا يجوز تفرد القادر به كسباً.

الأزهر والعقيدة الماتريدية

الأزهر والعقيدة الماتريدية
يعتبر الأزهر عقيدة الأشعري والماتريدي هي التي تقوم عليها عقيدة الأزهر الشريف وفقه الأئمة الأربعة وتصوف الإمام الجنيد.
وحسم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب هذا الأمر بالتأكيد على أن "عقيدة الأزهر الشريف هي عقيدة الأشعري والماتريدي وفقه الأئمة الأربعة وتصوف الإمام الجنيد".
وحذر من وجود مخطط لاختطاف الفكر والمنهج الأزهري الوسطي المعتدل، الذي حافظ الأزهر عليه لأكثر من ألف عام، وأن الأزهر الشريف سيبقى أشعري المذهب ماتريدي العقيدة، ومحافظا على الفكر الصوفي الصحيح الذي ينتمي إليه عشرات من شيوخ الأزهر على مدى تاريخه.
واعتبر الأزهر على مدار تاريخه ملاذا حصينا للتفكير، ومجالا حيا للتعبير، واحتضن سائر الاتجاهـات واحترم كل المذاهب، من الشافعية والحنفيـة والحنابلة إلى جانب المالكية. 

أهم الشخصيات: 
معظم علماء الماتريدية على المذهب الفقهي الحنفي بخلاف الأشاعرة المنتشرين في مذهبي الإمامين الشافعي والمالكي.

أبو منصور الماتريدي

أبو منصور الماتريدي
هو أبو منصور محمد بن محمد بن محمود الماتُريدي السمرقندي، المولود في بلدة "ماتريد"، وهي أحد بلدات مدينة سمرقند التي كانت تقع فيما وراء بلاد النهرين "سيحون وجيحون" سابقا "سايردريا واموداريا" حاليا، ولم يعرف عام مولده تحديدا، وأغلب الظن أنه ولد في عهد الخليفة العباسي المتوكل.
درس العلوم الدينية، منذ صغره، والخاصة بتأويل القرءان الكريم وأصول الفقه وعلم الكلام وما يتعلق به، بالإضافة إلى العلوم العقلية، على يد عدد من مشايخ عصره منهم أبو نصر أحمد بن العباسي بن الحسين العياضي، وعلي أبو بكر أحمد الجوزجاني، ونصير بن يحيى البلخي، ومحمد بن مقاتل الرازي ثم اتجه إلى التدريس. 
المتأثر بهم 
الجذور الفكرية والعقائدية:
لم تُشِر المصادر إلى كيفية تلقي أبي منصور الماتريدي العلم أو من تأثر بهم من العلماء، ويرجح بعض العلماء تأثره بما يلي: 
1- تأثره مباشرة أو بواسطة شيوخه بعقائد الجهمية من الإرجاء والتعطيل؛ وكذلك المعتزلة والفلاسفة في نفي بعض الصفات وتحريف نصوصها، ونفي العلو والصفات الخبرية ظناً منه أنها عقيدة أهل السنة.
2- تأثره بابن كلاب (240هـ ) أول من ابتدع القول بالكلام النفسي لله عز وجل في بدعته هذه، وأن لم يثبت لهما لقاء، حيث توفي ابن كلاب قبل مولده، بل صرح شيخ الإسلام ابن تيمية أن أبا منصور الماتريدي تابع ابن كلاب في عدة مسائل: الصفات، وما يتعلق بها، كمسألة القرآن هل سبحانه يتكلم بمشيئته وقدرته؟ ومسألة الاستثناء في الإيمان.

ألقابه

ألقابه
لقب بالعديد من الألقاب، منها: 
1- إمام الهدى.
2- إمام المتكلمين.
مؤلفاته
للإمام أبي منصور الماتريدي العديد من المؤلفات، منها: 
1- علم الكلام والعقيدة
التوحيد- المقالات- الرد على القرامطة- بيان وهم المعتزلة- رد الأصول الخمسة لأبي محمد الباهلي- أوائل الأدلة للكعبي- رد كتاب وعيد الفساق للكعبي- رد تهذيب الجدل للكعبي.
2-  أصول الفقه
الطبقات- كشف الظنون- الجدل- مأخذ الشرائع في أصول الفقه- بدائع الصنائع- شرح الفقه الأكبر وتناول كتاب "الفقه الأكبر" لأبي حنيفة بالشرح والإيضاح والتفسير.
3- تأويل القرءان
تأويلات أهل السنة.
تأويلات الماتريدي: 
له العديد من التأويلات منها: 
أوقات الصلوات الخمس
"في أثناء استنباط أوقات الصلوات الخمس من قوله تعالى: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيًا وحين تُظهرون} قال "إنهم فهموا من هذه الآية فرضية الصلوات الخمس، ولو كانت أفهامهم مثل أفهام أهل زماننا لما فهموا منها سوى التسبيح المذكور.
رؤية الله 
وقال في تفسير قوله تعالى: {قال ربّ أرني أنظر إليك قال لن تراني} [الأعراف:143] القول بها [يعني رؤية الرب] لازم عندنا في الآخرة، وحق من غير إدراك ولا تفسير، أي من غير تشبيه ولا كيفية.
وفاته
توفي في عام 333 هـ ودفن بمدينة سمرقند.

أبو المعين النسفي

أبو المعين النسفي
وهو ميمون بن محمد بن معتمد النسفي المكحولي المولود في عام 438هـ، والنسفي نسبة إلى نسف، والمكحولي نسبة إلى جده الأكبر، ولكن نسبته إلى بلده غلبت نسبته إلى جده، وله ألقاب عدة أشهرها: سيف الحق والدين، ويعد من أشهر علماء الماتريدية، إلا أن من ترجم له لم يذكر أحداً من شيوخه، أو كيفية تلقيه العلم، يقول الدكتور فتح الله خليف: "ويعتبر الإمام! أبو المعين النسفي من أكبر من قام بنصرة مذهب الماتريدي، وهو بين الماتريدية كالباقلاني والغزالي بين الأشاعرة.
مؤلفاته 
"تبصرة الأدلة"
ويعد من أهم المراجع في معرفة عقيدة الماتريدية بعد كتاب التوحيد للماتريدي، بل هو أوسع مرجع في عقيدة الماتريدية على الإطلاق، وقد اختصره في كتابه التمهيد، وله أيضاً كتاب بحر الكلام، وهو من الكتب المختصرة التي تناول فيها أهم القضايا الكلامية.
الوفاة 
توفي في 25 ذي الحجة عام 508 هـ عن عمر يناهز 70 عاما.
نجم الدين عمر النسفي
 أبو حفص نجم الدين عمر بن محمد ابن أحمد بن إسماعيل بن لقمان الحنفي النسفي السمرقندي، المولود في عام 462هـ في نسف وله ألقاب عدة أشهرها: نجم الدين.
كان من المكثرين من الشيوخ، فقد بلغ عدد شيوخه خمسمائة رجلاً ومن أشهرهم: أبو اليسر البزدوي، وعبد الله بن علي بن عيسى النسفي. 
مؤلفاته 
له العديد من المؤلفات، منها: 
1- مجمع العلوم.
2- التيسير في تفسير القرآن.
3- النجاح في شرح كتاب أخبار الصحاح في شرح البخاري. 
4- العقائد النسفية، ويعد من أهم المتون في العقيدة الماتريدية وهو عبارة عن مختصر لتبصرة الأدلة لأبي المعين النسفي قال فيه السمعاني في ترجمة له: "كان إماماً فاضلاً متقناً، صنَّف في كل نوع من التفسير والحديث.. فلما وافيت سمرقند استعرت عدة كتب من تصانيفه، فرأيت فيها أوهاماً كثيرة خارجة عن الحد، فعرفت أنه كان ممن أحب الحديث، ولم يرزق فهمه".
الوفاة 
ـ توفي بسمرقند ليلة الخميس 12جمادى الأولى 537 هـ.

أهم مؤلفات المدرسة الماتريدية:

أهم مؤلفات المدرسة
1- متن العقيدة المشهور بمتن العقيدة الطحاوية للإمام الطحاوي الحنفي.
2- عقيدة الشيباني وشروحها كثيرة، ومنها نونية خضر بك ولها عدة شروح.
3- العقائد النسفية بشرح السعد التفتازاني. 
4- المسايرة لابن الهمام.
5- المسامرة لابن أبي شريف. 
6-  المعتقد المنتقد لفضل الرسول القادري البركاتي البدايوني. 
7- تبصرة الأدلة أبي المعين النسفي. 
8- مجمع العلوم.
9- التيسير في تفسير القرآن.
10- النجاح في شرح كتاب أخبار الصحاح في شرح البخاري.
11- الطبقات. 
12- كشف الظنون.
13- الجدل.
14- مأخذ الشرائع في أصول الفقه.
15- بدائع الصنائع.
16- شرح الفقه الأكبر وتناول كتاب "الفقه الأكبر" لأبي حنيفة بالشرح والإيضاح والتفسير.

الانتقادات الموجهة إلى المدرسة الماتريدية:

الانتقادات الموجهة
وجهت العديد من الانتقادات إلى المدرسة الماتريدية، منها: 
1- اعتبروا أن القرآن والسنة وإجماع الصحابة هم مصادر التلقي: 
2- تقسيم أصول الدين إلى: عقليات وسمعيات، والتي قامت على فكرة باطلة أصّلها الفلاسفة من: أن نصوص الدين متعارضة مع العقل، فعملوا على التوسط بين العقل والنقل، مما اضطرهم إلى إقحام العقل في غير مجالات بحثه؛ فخرجوا بأحكام باطلة تصطدم مع الشرع ألجأتهم إلى التأويل والتفويض، بينما لا منافاة عند أهل السنة والجماعة بين العقل والسليم الصريح والنقل الصحيح.
3- القول بالتأويل الذي لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحاب القرون المفضلة، وإنما هي بدعة دخلت على الجهمية والمعتزلة من اليهود والنصارى.
4- التأويل الذي استندوا إليه اعتبره السلفيون من البدع التي فرَّقت شمل الأمة.
5- يصفهم الأشاعرة بأنهم مضطربون، وليست عندهم قاعدة مستقيمة في التأويل والتفويض؛ فمنهم من رجّح التأويل على التفويض، ومنهم من رجّح التفويض، ومنهم من أجاز الأمرين، وبعضهم رأى أن التأويل لأهل النظر والاستدلال، والتفويض أليق للعوام.
6- القول بالتفويض ويعتبره أشر أقوال أهل البدع لمناقضته ومعارضته نصوص التدبر للقرآن.
7- الأحاديث حجة عليهم وهو مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يبعث الرسل إلى الملوك والرؤساء فُرادَى يدعونهم إلى الإسلام. وكذلك فإن تقسيم ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى متواتر وآحاد  لم يكن معروفاً في عصر الصحابة والتابعين.
8- إنهم يوافقون المعتزلة في أن معرفة الله تعالى يوجبها العقل، ويذم من يتركها، لكن العقاب على الترك لا يكون إلا بعد ورود الشرع، يقول الله تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً}، وأن أول واجب على المكلف، وبه يكون مسلماً: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والبراءة من كل دين يخالف دين الإسلام على الإجمال؛ ولهذا لما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن لم يأمره بغير ذلك، وكذلك الأنبياء لم يدعوا أقوامهم إلا بقول {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}. 
9- قولهم التجسيم والتشبيه مبتدع، ومحدث ولا أصل له في اللغة ولا في الشرع، ولم يتكلم فيه أئمة اللغة: كالخليل بن أحمد، وسيبويه، فضلاً عن أئمة الفقهاء والأصوليين المتقدمين.
10- تسويتهم بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، فالإله عند أهل السنة "المألوه المعبود" الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له وما أرسلت الرسل إلا لتقرير ذلك الأمر، ودعوة البشرية إلى توحيد الله تعالى في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته.