بوابة الحركات الاسلامية : كمال زاخر: الأديرة فقدت الهدوء وتحوَلت إلى مصانع (طباعة)
كمال زاخر: الأديرة فقدت الهدوء وتحوَلت إلى مصانع
آخر تحديث: الإثنين 27/07/2015 10:20 م
كمال زاخر: الأديرة
الكنيسة بحاجة إلى مواجهة واقعها بشيء من المصارحة وإلى هيكلة الإدارة المالية وفق القواعد العلمية وتطورات علوم الإدارة

 

ألقى المفكر كمال زاخر بإصداره كتاب (قراءة في واقعنا الكنسي  رؤية وشهادة) حجرًا في الماء الراكد، حيث فجر الكثير من القضايا والمشاكل المتراكمة منذ سنوات طويلة، وإن كانت قد تمحورت حول الأعمدة الرئيسية لحياة الكنيسة والأقباط وهى الرهبنة والتعليم والإدارة  وحول الكتاب وأفكاره كان لنا معه هذا الحوار

هل يشكل هذا الكتاب رؤيتك الخاصة أم رؤية فريق العلمانيين ككل؟

الكتاب هو شهادة ورؤية خاصة بي، تأتي نتاج تراكمات ومشاهدات وقراءات ممتدة لنصف قرن.

ما المحاور الرئيسية للكتاب ؟
الكتاب مكون من 230 صفحة  ويدور حول ثلاثة محاور أساسية هى التعليم والرهبنة والادارة وبالنسبة لأزمة التعليم الكنسى، أري  أنها بدأت مع جيل التأسيس للمدارس اللاهوتية الذى توفرت لديه الروح الحماسية ولكنه كان يعانى من ندرة المراجع الأرثوذكسية – ارثوذكسية كلمة يونانية تعنى الراي المستقيم -  فجاء التأسيس "مغربا" حيث نقلت التجربة الغربية كما هى، وشهدت خمسينيات وستينيات القرن الماضي ترجمة مؤثرة لمراجع أجنبية في معظمها جاءت محملة بالفكر اللاهوتى الغربى، وعلى هذا المنتج الغربى تربت أجيال على أنه منتج أرثوذكسى وعندما قام الأب متى المسكين، والدكتور جورج بباوى، وغيرهما، بتقديم المنتج الأرثوذكسى الأصيل عن اللغات اليونانية والقبطية كمنتج آبائى حدثت الأزمة في التعليم الكنسى المعاصر من حيث المنهج والمصدر.

ويكشف الكتاب عن الخلل في الكليات اللاهوتية، وأساليب التعليم التلقينى بها، وغياب الأكاديمية والتنسيق مع الجامعات المصرية، وإنشاء فروع بالأقاليم انتجت نفس العيوب، وهنا اقول أن الكنيسة تحتاج إلى تطوير الكليات اللاهوتية على أسس علمية، وإعادة نظام البعثات الخارجية، وعقد بروتوكولات علمية مع الجامعات المصرية تمنح طلاب الأكليريكية  (كلية اللاهوت )الانتساب لأقسام العلوم الإنسانية بها، وتأسيس معهد رهبانى علمى في كل منطقة رهبانية.
وماذا عن محور الرهبنة ؟
 
الرهبنة  هي مخزون الكنيسة الاستراتيجي  ولكن للأسف فقد فقدت  الأديرة الهدوء وهى السمة الأساسية لحياة الرهبان، وأرجع ذلك إلى زيادة عدد زائري الأديرة، الأمر الذى أثر بالسلب على سلامة الأديرة، ونمو الحياة الروحية للرهبان، كما أن الإنتاج الزراعي والصناعي سيطر على الأديرة، وتحولت الاديرة إلى مراكز إنتاج وظهرت الازدواجية في حياة الرهبان، وتم تجريف القامات الروحية من الأديرة بعد استنزاف كل الرهبان الكبار في الرسامات للخدمات الكنسية.

وهنا اقترح إنشاء آلية كنسية مركزية تتولى إدارة الأراضى الزراعية التابعة للأديرة، وما يرتبط بها من مشروعات صناعية وتسويقية بمشاركة الأديرة، ولابد ان تخضع لقواعد محكمة إدارية واقتصادية وفنية في عملها، وتمد مظلتها لتشمل تغطية احتياجات الأديرة المختلفة، وتفتح على جانب آخر الباب لفرص عمل حقيقية للشباب من خارج دائرة الرهبان.
وكيف تري الأزمة في الإدارة ؟
الأزمة في الإدارة ليست مجرد صراع بين الإكليروس والعلمانيين (المقصود هنا بالاكليروس رجال الدين أى الكهنة والعلمانيين، أى باقى الشعب من غير رجال الدين)، كما يذهب البعض من المحللين، وإنما هى منتج طبيعى لتراجع المنهج الأرثوذكسى عند كل الأطراف، هذا الصراع أفسح مكاناً للرؤى الغريبة عن السياق الكنسى، فغابت مفاهيم السلطان الروحى ليتحول إلى سلطة، وغابت الثقة بين الأطراف ليحل محلها التربص والشكوك، وصارت القضية من يخضع لمن؛ ليتوارى مفهوم الجسد الواحد والتكامل الذى يمثل حجر الزاوية في المفهوم الأرثوذكسى، بحسب الآباء، وتتعمق الأزمة مع التجريف الذى أصاب منظومة القيم داخل وخارج الكنيسة، واختلالات التعليم داخل منظومات التنشئة الكنسية.

الكنيسة بحاجة إلى مواجهة واقعها بشىء من المصارحة، وامتلاك الإرادة على تسمية الأمور بأسمائها، وإعادة المنهج الأرثوذكسى بصرامة في ضبط المفاهيم والمصطلحات، والقواعد الآبائية المنظمة لدور كل مكونات الكنيسة البشرية، تأسيساً على قاعدة التكامل بين أعضاء الجسد الواحد" ، الكنيسة بحاجة إلى هيكلة الإدارة المالية وفق القواعد العلمية وتطورات علوم الإدارة، لأسباب عديدة منها إحكام وضبط وترشيد الموارد على اختلافها، تقليل دور العامل البشرى الذاتى في مسارات الإنفاق، تأسيساً على وجود قواعد محددة تحكم وتحدد قنوات الصرف، وتقلل الفاقد الناتج عن غياب الخبرة، وتوفرُ الشفافية وآليات المراجعة المتقدمة، والفصل بين ما هو عام وما هو شخصى، على كل مستويات الهرم الخدمى، تبدأ بالبطريرك قمة الهرم، ثم الأساقفة والكهنة والشمامسة، وتحديد صلاحيات الصرف ومستوياتها، وغيرها من قواعد ومحددات وآليات حاكمة.

- هل تتوقع أن تحدث استجابة للأطروحات الموجودة بالكتاب خاصة أنك لم تكتفِ بعرض المشاكل؟.
الكاتب يطرح رؤيته على أمل أن تجد من يترجمها إلى فعل على الأرض، وقد تجمعت لدى مؤشرات بأن فرص التفاعل مع المطروح متزايدة، وأننا أمام تغيير ليس في الأشخاص المنوط بهم قيادة الكنيسة بل في المناخات الكنسية والمجتمعية المحيطة، بفعل الانتقال إلى ثورة التواصل المعرفية، فضلاً عن ضغوط التغير الجيلى، وأن كنا لا يجب ان نغفل تداعيات مراحل الانتقال والصراع الطبيعى بين القديم والجديد.

 ما فائدة المصطلحات إذا كان القارئ قبطيًا والكتاب موجه له أساساً؟

بداية الكتاب موجه للقارئ بدون تحديد هوية أو انتماء ما، وهو ما حرصت على تأكيده، فهو يطرح إشكاليات قبطية كنسية على ارضية مصرية، وعبر الواقع ستجد ان كثيرين من الأقباط خاصة الأجيال الجديدة ليست لديها تعريفات دقيقة للمصطلحات الواردة بالكتاب، ولذلك وحتى يستقيم الطرح كان لزاماً أن نشير إليها.

- نجد بالكتاب لغة هادئة جدا تجاه البابا شنودة الثالث فهل لأنه حديث عن راحلين، أم مراجعة للذات واكتشاف بعض إيجابيات للرجل مقارنة لخلف له؟

لو عدت إلى الكتاب السابق (العلمانيون والكنيسة) والصادر 2009 في وجود قداسة البابا شنودة لن تجد لغة مختلفة، فالموضوع يتجاوز الأشخاص، وليس بينى وبين قداسته خلاف شخصى أو منازلة، ولا يمكن تصور طرح يسعى لحلول ومخارج ينحى باتجاه المصادمة، ولا محل للمقارنة بين البابا شنودة والبابا تواضروس، فهى ليست مطلوبة، ولا مجدية، وستأخذنا إلى نتائج غير دقيقة، فالبابا شنودة استمر في موقعه نصف قرن (1962 ـ 2012) ما بين مسئولية التعليم اسقفاً ومسئولية البطريركية ، بينما البابا تواضروس مازال في سني المسئولية الأولى فضلاً عن اختلاف الظرف .  
- ثلاثية الرهبنة والتعليم والإدارة ألا تحتاج إلى مراجعة أخرى في الطقوس مثلا وفي اللغة القبطية التي لايفهمها الشعب وتفصله عن الصلاة وغيرها؟

القراءة المتأنية للطرح ستقودك إلى تصور متكامل وتأسيس محدد على قواعد الكتاب المقدس وخبرات الكنيسة المسماة بالتقليد الكنسي الذي هو خبرات آبائية متراكمة، ومنها الطقوس التى تقع مسئولية استيعابها على التعليم، والطرح يعالج الجذور التى حال تصحيحها ستجد الظواهر حلولا بالتبعية.

- ألم تشعر أن هناك تفاصيل تم الاستغراق فيها وهناك جزئيات أخرى تم إهمالها تماماً؟
ليس لدى الكاتب نموذج نمطي للكتابة وإنما تأتي الكتابة وفقاً لتقديره لمدى أهمية ما يطرحه، ولعلك تعود الى سطور المقدمة التى تناولت مفهوم الكتابة والقراءة برؤية الكاتب، واختلاف التقديرات هو الذى يولد حالة الجدل الفكرى والحراك الذهنى.  

- هل مسموح بتوزيع الكتاب في الكنائس؟
لم أسع لطرح الكتاب بمكاتب الكنائس لأنه ليس كتاباً كنسياً وقد أوضحت هذا بجلاء في المقدمة ومكتبات الكنائس تهتم بالأساس بالكتب الدينية .

هل جاءتك تعليقات من أساقفة أو كهنة تعليقا على الكتاب سلبا أو ايجابا مثل ماذا؟
مازال الحديث عن التعليقات وردود الأفعال مبكراً فالكتاب ـ لحظة الحوار ـ لم يمض على طرحه ثلاثة أيام، وإن كنت قد تلقيت طلبات عديدة من آباء اساقفة اجلاء.

لماذا لم  تتحدث عن دور الكنيسة السياسي؟
الطرح تناول الدور الوطنى للكنيسة وتطوره، وانعطافات السياسة بفعل التقلبات السياسية للأنظمة الحاكمة في الدولة، وهذا يأتى اتساقاً مع عنوان الكتاب "قراءة في واقعنا الكنسي".
للمزيد عن كتاب الواقع الكنسي رؤية وشهادة واستنارة ومصطلحات لكمال زاخر۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔ اضغط هنا