بوابة الحركات الاسلامية : تعيين ممثل لـ«خامنئي» في العراق.. إيران تبدأ معركة السيطرة على "النجف الأشرف" (طباعة)
تعيين ممثل لـ«خامنئي» في العراق.. إيران تبدأ معركة السيطرة على "النجف الأشرف"
آخر تحديث: الخميس 30/07/2015 08:27 م
تعيين ممثل لـ«خامنئي»
جاء قرار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، «علي خامنئي»، تعيين ممثلٍ له في العراق، خلفا للمثل السابق رجل الدين محمد مهدي الآصفي، ليلقي الضوء حول معركة طهران للسيطرة علي النجف الاشرف ومن ثم السيطرة على شيعة العالم.

تعين ممثل خامنئي:

تعين ممثل خامنئي:
وأعلنت وكالة أنباء «إرنا» الإيرانية، أنّ «خامنئي عين مجتبى حسيني، ممثلاً له في النجف»، مؤكّدة وصول وفد إيراني، ضم مستشاري المرشد الأعلى للشؤون الإسلامية والاتصالات الدولية، إلى النجف لتقديم «حسيني»، ولقاء عدد من المسؤولين في الحكومة العراقية والقيادات الدينية والمراجع الفقهية.

صراع علي النجف:

صراع علي النجف:
وهناك صراع قوي بين التيار العربي في مرجعية النجف الأشرف، والتيار الإيراني، فالإيرانيون يريدون السيطرة  علي مرجعية النجف لما تمثله من النفوذ الروحي علي شيعة العراق وشيعة العالم بشكل عام وشيعة العرب بشكل خاصة، وهو ما يعني مزيدا من التمدد والنفوذ للإيرانيين في المنطقة والعالم.
والصراع الذي بدا منذ الخمسينات، وكان يشهد مدًا وجزرًا، ولكن مع نجاح الثورة الإسلامية بقيادة آية الله الموسوي الخميني، بدأ الصراع يتصاعد من أجل فرض الايرانيين على رأس مرجعية النجف.
واتسم الصراع بين طهران وبغداد بالشدة لحد التنافس بين المؤسسات الرسمية في البلدين قبيل سقوط صدام حسين، فمثلما كان خامنئي حريصاً على تولي منصب المرجع الأعلى للشيعة كدرجة دينية بغرض التأثير في الشأن العراقي ومن ثم في باقي ساحات الدول العربية، كان الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين أشد حرصاً على دعم العراقي آية الله محمد الصدر، لتولي هذه الزعامة المرجعية، وحشد أكبر عدد من المقلدين العراقيين لتعريب مرجعية النجف الأشرف.
وعقب الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003، اشتعل الصراع  ومخططات المؤسسات والأجهزة الأمنية الإيرانية لسيطرة على مرجعية النجف.

مرجعية النجف الأشرف:

مرجعية النجف الأشرف:
تعدُّد المرجعيات في التاريخ الإسلامي الشيعي يمثِّل تقليداً من تقاليد المرجعية الشيعية باعتبارها مرجعية فقهية في الأصل ترتكز على أساس الكفاءة العالية في الاجتهاد والكفاءة والاستقامة العالية في الدين.
وتمثل مرجعية النجف الأشرف التي تمتد إلى أكثر من ألف سنة، بالإضافة إلى أنها مدفن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، تمثل ثقلًا دينيًا وسياسيًا كبيرًا ليس في العراق والمنطقة العربية فقط بل في العالم أجمع وهو ما يفسر سعي حكام إيران في السيطرة على المرجعية.
ويتولى المرجع الديني المسئولية المباشرة في قيادة الشيعة إذ أنه يبين لهم معالم الحلال والحرام في العبادات والمعاملات وتصبح شؤون حياتهم شرعية لو قلدوا واحداً من المراجع الذين تتوافر فيهم شروط التقليد.
ومارست المرجعية الدينية خلال التاريخ المنصرم دوراً مهماً في حياة الشيعة في العراق وإيران خصوصاً، ولا يمكن تجاهل النفوذ السياسي للمراجع وتأثيرهم في مجريات الاحداث والوقائع الخطيرة في ثورة العشرين في العراق أو في الثورة الدستورية للعلماء في إيران عام 1906 المشروطة وما تلاها من حوادث أوصلت الشيعة إلى تسلم الحكم في طهران على قاعدة ولاية الفقيه التي يعتقد بها الخميني وأتباعه.
وبدأت قصة المرجعية عند الشيعة بعد غيبة إمامهم الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري الذي يقول الشيعة انه دخل في الغيبة الكبرى عام 329 هـ بعدما غاب الغيبة الصغرى واستمرت حتى بلوغه 74 عاماً، ومارس خلالها سلطته الدينية والسياسية عليهم بواسطة أربعة سفراء كانوا صلة الوصل بينه وبينهم وينقلون اليه أموال الخُمس، ويحملون منه الرسائل والتوقيعات التي كان يضمنها رأيه في المسائل المختلفة.

حكام إيران ومرجعية النجف:

حكام إيران ومرجعية
ومنذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران، وحتي الآن لم تستطع أن تقيم علاقة مستقرة وطيبة مع الحوزة العلمية الشيعية في النجف الأشرف، فمن جهة حوزة النجف، هناك قلق إيراني يظهر بين حين وآخر على السطح بسبب امتناع حوزة النجف عن تغيير رأيها التقليدي في موضوع ولاية الفقيه الذي يعتبر رأيًا جديدًا في الفقه الشيعي، طرحه مؤسس الثورة الإيرانية روح الله الخميني ليُهيئ قاعدة لحكمه المطلق على البلاد. 
فمرجعية النجف الاشرف ومنذ آيه الله السيد ابو القاسم الخوئي، لا تحبذ خلط الدين بالسياسية، لذلك اتخذ النظام الايراني منذ بدء تأسيسه موقفاً نافياً لمركزية النجف الاشرف وعمل علي اضعاف نفوذها بين الشيعة في العالم، معتبرة اياها الممثل للإسلام المتخلف، غير الثوري والمتهاون، وهو يوضح الصراع بين المنهج الثوري للخميني والمنهج النجفي القائل بفصل الدين عن السياسة.
فقد ظهرت الفروق في التوجهات بين مرجعية النجف، وحكام طهران،  وخاصة الموقف من الميليشيات الشيعية في العراق، حيث كانت ايران ومازالت تقوم بدعمها وأما مرجعية النجف وبشكل خاص انتقدت تلك الظاهرة واعتبرتها عملًا غير مشروع إطلاقاً، ومع توسيع نطاق الأزمة الطائفية في المنطقة وبروز الصراع الطائفي في سوريا، كان يتوقع النظام الايراني من حوزة النجف أن تقوم بدعم الموقف الشيعي في الصراع الذي يمثله ايران وحليفها حزب الله لبنان او تتخذ موقف الصمت على الاقل. ولكن الموقف الصريح المتخذ من قبل مراجع النجف بخصوص تحريم الذهاب للجهاد الى سوريا وعدم شرعية الفتاوى الصادرة بجواز المشاركة في القتال الطائفي في سوريا جعلت ايران في موقف حرج جدا.
ويري رجال الدين في الحوز العلمية بالنجف الأشرف، ان المرشد الأعلى في ايران ومنظومة الولي الفقيه ممتعضة جدا من السيستاني ومرجعية النجف، لكنها لا تستطيع الإفصاح عن ذلك لأن غالبية الشيع في إيران والعراق والعالم يتبعون في التقليد أية الله علي السيستاني، وذلك لوقف مرجعية النجف بشكل أو باخر ضد الخط الايراني.
ويرى المراقبون أن “حوزة النجف هي الوحيدة القادرة على كبح جماح التطرف الشيعي الذي تمثله ولاية الفقيه ومنظومتها العسكرية المنتشرة في المنطقة، لاسيما أن غالبية الشيعة مازالوا يؤيدون المرجعية التقليدية”.

مخطط خامنئي:

مخطط خامنئي:
وذكر رجال دين في الحوزة العلمية بالنجف الأشرف، أن هناك محاولات من قبل المرشد الإيراني علي خامنئي، لشراء طلبة البحث الخارجة في حوزات النجف الدينية للشهادة لرئيس السلطة القضائية الإيرانية السابق آية الله محمود الشاهرودي، الذي تدعمه طهران لخلاف المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني والذي يأتي علي رأس الحوزة العلمية في النجف، التي هي مدرسة العلوم الدينية الرئيسية لدى الشيعة الإثنا عشرية.
وتقضي تقاليد النجف أن يحدد ذوو الخبرة وهم طلبة البحث الخارج (توازي طلاب الدكتوراة في الجامعات الأكاديمية)، والعلماء والمجتهدون، المرجع الأعلى من خلال معرفة الأعلم من مجموعة الفقهاء والمتصدين للمرجعية .
ويشترط  مراجع الشيعة، العدالة إضافة إلى العلم في ذوي الخبرة، و”العدالة” هي ألا يكون معروفاً بعمل أي شيء من المحرمات الإسلامية خلال حياته، وإذا ثبت على أحد من طلبة الحوزة أنه قام بأي عمل فيتم تفسيقه وطرده فورا من الحوزة مهما كانت درجته العلمية.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن طهران منحَت العشرات من أعضاء الميليشيات والأحزاب الشيعية شهادات من حوزة قم" المدينة الايرانية المقدسة"، ليصبحوا من ذوي الخبرة وبالتالي ليكون من حقهم أن يشاركوا في اختيار وتحديد المرجع الأعلى  لحوز النجف الاشرف
ويعتقد رجال دين بارزون أن تقاليد الحوزات الدينية في النجف باتت مهددة لأنها لا تروق لنظام ولاية الفقيه الذي يحكم ايران والذي تسعي من خلال مرجعية النجف الاشرف الي اعتباره النظرية الأهم في الحكم، ليكون جميع ولاء الشيعة الاثني عشرية في العالم تحت عباءة المرشد الأعلى الإيراني.

الشاهرودي:

الشاهرودي:
ويعتبر ايه الله محمود الشاهرودي، هو حصان الرهان لخامنئي وحكام ايران للسيطرة علي مرجعية النجف
فخامنئي يريد تنصيب المرجع الأعلى لمرجعية النجف الأشرف بنفسه، ليقوم هذا المرجع بعد ذلك بالشهادة له (لخامنئي) بالأعلمية وبضرورة أن يرجع له جميع الشيعة في العالم بالتقليد وطاعة الأمر”.
فالشاهرودي، يتمتع بعلاقات قوية مع المرشد الأعلى وكان رئيس السلطة القضائية في ايران، وهو ما يعني سيطرة ايران وخامنئي علي شيعة العراق.
والشاهرودي من أصول عراقية وهو يعد مرجع حزب الدعوة الإسلامي الحاكم حاليا فيا لعراق، وتتلمذ على يد مؤسس الحزب أية الله محمد باقر الصدر الذي أعدم في 1981.

مستقبل الصراع:

مستقبل الصراع:
سيطرة الإيرانيين على مرجعية النجف الأشرف، تكتب نهاية مدرسة النجف، وهو ما يعني انتصار فكرة ولاية الفقيه الإيرانية وبالتالي فإنها ستتمكن من تجنيد الآلاف وربما مئات الألوف من الشيعة في معركتها لمد نفوذها وتوسيع سيطرتها في المنطقة والعالم.
وتعين ممثل لخامنئي في ايران يعني بدا مخطط طهران، لتنصيب مرجع أعلى تضمن ولائه التام، ويمهد ليكون آية الله علي خامنئي المرجع الأول للشيعة في العالم مما يعني مزيدا من النفوذ الإيراني.
لكن هذا المخطط، سيواكبه صراع بين معسكر طهران والمعسكر المؤيد لمرجعية النجف والذي يضم التيار الصدري، فهل سينجح خامنئي في الوصول إلى هدفه وتعيين مرجع موالٍ له في النجف؟