بوابة الحركات الاسلامية : حرب الفتاوى السلفية حول الانتخابات البرلمانية (طباعة)
حرب الفتاوى السلفية حول الانتخابات البرلمانية
آخر تحديث: الأحد 30/08/2015 11:04 م
حرب الفتاوى السلفية
كلما اقترب موعد الانتخابات البرلمانية تشتد حمية الصراع السلفي في محاولة الوصول إلى أكبر عدد من أصحاب الأصوات الانتخابية، خصوصًا بعد تزايد حدة الصراع حول عدم مشروعية حزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية والهجوم الذي تقوم به الحملة الشعبية لحل الأحزاب الدينية من ناحية ومن ناحية أخرى ذلك الهجوم على الدعوة والحزب من جانب السلفية المدخلية، فقد شن أحمد الشحات القيادي بالدعوة السلفية هجومًا على هذا التيار كرد فعل مباشر على الهجوم الذي شنته السلفية المدخلية على الدعوة وحزبها حيث قال الشحات في مقال حمل عنوان "سلفية ولاة الأمور.. مفاسد وشرور":

الداعية السلفي محمود
الداعية السلفي محمود لطفى عامر
أشهر مسألة عُرفوا بها، وهى موقفهم المتزلف من السلطات الحاكمة وأجهزتها المختلفة، وهو موقف يجنح إلى التفريط ومفارقة الإنصاف، مع ما يستتبعه هذا المنهج من هجوم حاد وتجريح مؤلم لكل الدعاة إلى الله بزعم أنهم خوارج، أو طلاب دنيا، فضلاً عن الموقف من العمل السياسي ككل، وأحيانًا يسمى هذا التيار ببعض رموزه المشتهرين، فيقال المداخلة، والجامية، والقوصية، وغير ذلك من الأسماء التي لم نشارك في وضعها ولكنهم اشتهروا بين الناس بها، وأحيانًا ينقلب بعض رموز هذا التيار على بعضهم البعض، فيتهمون إخوانهم بعظائم الأمور، ويستخدمون معهم منهج الجرح والتجريح الذى اتبعوه مع غيرهم، فينكشف أمرهم وتظهر حقيقتهم"، وهاجم الشحات مجموعة من الدعاة المنتسبين لهذا التيار بالاسم، حيث أشار إلى محمد سعيد رسلان واتهمه بأنه يهاجم الدعوة السلفية بأفظع النعوت، كما ذكر محمود لطفى عامر ووصفه بأنه صاحب فكر منحرف، بالإضافة إلى طلعت زهران وأسامة القوصي الذى اتهمهما بأنهما أفتيا بأن العمالة لأمن الدولة واجبة، وقال "الشحات" القيادي بالدعوة السلفية: "ثم كان من أمثلة هذا الفكر المنحرف ظهور محمود لطفي عامر الحاصل على ليسانس في الشريعة ليفتى بقتل كل من قدم نفسه للترشح أمام ولىّ أمر المسلمين الشرعي محمد حسنى مبارك، ورغم أن السلطة هي التي فتحت الباب لكل من أراد أن يقدم نفسه في الانتخابات، إلا أن صاحبنا رأى أن كل من تجاسر على النزول في الانتخابات أمام الرئيس فهو من الخوارج ويستحق القتل، وكان التطبيق العملي لفتواه أن طالب بقتل الدكتور محمد البرادعي"، وأضاف: "ولا يبعد عنه كثيراً ما قام به الدكتور طلعت زهران، وهو أحد رموز هذا الفكر المنحرف، حيث قام في أحد دروسه بتقرير أن العمالة لأمن الدولة واجبة، وتبليغ الأمن والمخابرات والمباحث أمر واجب، ثم أفتى بوجوب أن يقوم النظام بتزوير الانتخابات، وأن هذا أمر يُثاب عليه، حتى لو قام الرئيس بعمل انتخابات فإننا لا يجوز أن نشارك فيها أبداً لأنه إما أن يستمر وإما أن يستقيل هو بنفسه"، مضيفًا: "وأغرب منه ما ذهب إليه أسامة القوصي وهو يمتدح خطاب باراك أوباما في جامعة القاهرة وذكر في مدحه والثناء عليه كلاماً طويلاً". وأشار "الشحات"، إلى ان هذا الفكر – أي سلفية ولاة الأمور - ينادى هذا الفكر بوجوب طاعة ولاة الأمر على كل حال، وباعتبار أن جميع الحكام الموجودين مهما ظلموا أو تجبروا فهم ولاة أمور شرعيون، يجب السمع والطاعة لهم، حتى لو ظهر عداوة بعضهم للإسلام كمعاداة الشريعة وحربهم للإسلام، حتى وصل بهم الشطط إلى اعتبار الحكام المعروف عنهم العمالة للمحتل من جملة من يُسمع لهم ويُطاع باعتبار أنهم متغلبين وممكنين كما هو الحال في العراق وأفغانستان. وقال "الشحات"، إن أصحاب هذا الفكر ينكرون شرعية وجود الجماعات الإسلامية، ويعتقدون بأنها بدعة وأنها من باب الخروج على ولاة الأمر، ولا يكفون عن تشويهها والطعن فيها ورميها بعظائم التهم، فتارة يتهمونها بالحزبية وزرع العصبية، وأخرى بالبيعة السرية، مع توهمات بالعمالة مع المخططات العالمية إلى ما لا يحصى من قائمة طويلة من السب والطعن والتشويه، مشيرًا إلى أنهم شوهوا المنهج السلفي، مضيفًا: "حيث يتم إلصاق التهمة بالمنهج السلفي أنه منهج قائم على الجبن بل والتمكين للظلم، وتخدير الشعوب، وشرعنه الأوضاع الباطلة والفاسدة، وقد تفوق هؤلاء على المنهج الصوفي الذى يربى أتباعه ومريديه على الاستسلام للسلاطين، بل غالباً ما يستخدمهم الحكام في التصفيق لهم ومدح باطلهم وخداع العوام والبسطاء لكى يؤيدونهم ويقفون خلفهم"، وأضاف "الشحات"، "قد يتميز أحد رموز هذا التيار في باب أو أكثر من أبواب العلم، فيقبل عليه طلبة العلم رغبة في علمه وانخداعاً بظاهره، فيتربى هؤلاء على تبديع وتفسيق العلماء وطلبة العلم بل وتكفيرهم أحياناً، وعلى التساهل في مسألة الغيبة والنميمة والغلظة على المسلمين والسلبية والزهد في الأنشطة الدعوية، وعلى الجدال والمراء، وعلى الجرأة وانعدام الحياء، وغيرها من الأخلاق الذميمة، مع الظن بأنفسهم أنهم يحيون سنة السلف ويقيمون منهج الآثر، متابعاً: "خطورة هذا المنهج في أنهم يقرون الواقع بكل ما فيه من فساد وضلال وانحراف، وبدلاً من أن يكون قربهم من الحكام من أجل نصيحتهم وتذكيرهم بالله ورفع المظالم إليهم، يكون القرب منهم من أجل التزلف لهم وإقرارهم على باطلهم وإضفاء الشرعية على فسادهم وانحرافهم، فيتخذهم الحكام ذريعة لتبرير ظلمهم"، مضيفًا: "علم هؤلاء أم لم يعلموا، فهم أحد أهم معاول الهدم للحركة الإسلامية، بل هم يسعون لهدمها حقيقة، وأحياناً يجرئون السلطات على اعتقال العلماء وحبسهم". 

محمد سعيد رسلان
محمد سعيد رسلان
وردا على هذا المقال شن الداعية السلفي محمود لطفى عامر هجومًا عنيفًا ضد الدعوة السلفية، واتهم عامر الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب النور بالكذب ومخالفة الشريعة الإسلامية، بسبب ممارستهم للعمل السياسي، ونفى أن يكون أصدر فتوى بإهدار دم من يترشح في مواجهة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وقال: "كنت أتحدث عن الدعوة للعصيان المدني وليس من يترشح لرئاسة الجمهورية، وبينت الحكم الشرعي في كل من القرضاوي والبرادعي باعتبار أنهم يدعون للعصيان المدني"، وأضاف موجهًا حديثه للدعوة السلفية: "هؤلاء وغيرهم لا يدققون وليس لديهم ملكة البحث أو أخلاق الحوار والتدقيق والتواصل وأنا الآن مشغول بالكتابة بعد منعى من الخطابة". وأضاف، في تصريحات صحفية: "اتهامي بأنى من سلفية ولاة الأمور شرف، والذى يقول غير ذلك جاهل لا يعرف العقيدة السلفية لأهل السنة والجماعة"، وتابع: "كم من دماء سفكت بسبب الصراع على السلطة والشريعة، أمرنا بأن نصبر على الحاكم إذا كان فيه تقصير لأن مفاسد الخروج على الحاكم أكبر من بقائه في السلطة". ورفض عامر مشاركة الدعوة السلفية وحزب النور في العملية السياسية، وقال: "كل من نازع السلطان المتمكن المتغلب الذى له قدرة على إدارة شئون البلاد فهو يحمل عقيدة الخوارج". وفي إطار التناقض الشديد الذي تشهده فتاوى شيوخ الدعوة السلفية، التي تحرم وتحلل كل شيء، وكأنهم نصبوا أنفسهم رسل الله على الأرض وأحكامهم واجبة التنفيذ، وتتغير أحكامهم وفق مصالحهم الخاصة، أطلق "ياسر برهامي" أحد أقطاب الدعوة السلفية وحزب النور، الذي لم يهدأ يومًا بإصدار فتاوى شاذة تبعًا لأغراضه ومصالح حزبه، فتوى أخرى حرم خلالها الانتخابات البرلمانية بشكل عام، ومشاركة المرأة فيها بشكل خاص، تحت زعم أنها مفسدة للنفس وتضييع للوقت.

ياسر برهامي
ياسر برهامي
وجاءت فتواه متناقضة مع ما فعله حزب النور السلفي، والمحسوب عليه "برهامي"، إبان انتخابات برلمان 2012، فكانت المرأة متواجدة على قوائمهم الانتخابية وممثلة لعدة مناطق، ولم تخلُ قائمة للحزب من وجود امرأة واحدة على الأقل.
وأكد فقهاء إسلاميون أنه لا صحة لفتوى "برهامي" ، فالمرأة لها حق العمل والمشاركة السياسية، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم- يأخذ بمشورة السيدة عائشة رضي الله عنها، واصفين فتاوى حزب النور السلفي بأنها "متنطعة".
وقال أشرف سعد، العالم الأزهري، إنه لا صحة لما يروج له "برهامي" في أصل الدين، فوجود المرأة في البرلمان يشبه كل الأعمال في المجتمع التي تشارك فيها، مشيرًا إلى أنه ما يُحرم على المرأة فقط هو الخلافة ولا وجود للخلافة الآن، وأضاف أن حزب النور السلفي متأثر بالدعوة السلفية، لأنه خرج من رحمها وفتواها تؤثر بشكل كبير على الحزب، إلا أن الدخول في العملية السياسية يحتم عليه التخلي عن بعض المبادئ والمعتقدات.
وأشار إلى أن المرأة كانت موجودة على قوائمهم الانتخابية، وإن كانوا يخفون في قرارة أنفسهم فكرة إقصاء النساء، مؤكدا أن خطورة السلفيين باتت أشد من خطورة الإخوان وهم أكثر "غباءً" منهم.
وأكد أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أنه لا صحة لما يروج له أصحاب الدعوة السلفية، فالمرأة في الإسلام لها حق المشاركة المجتمعية والسياسية، كما أنه لا يوجد نص قرآني أو سني يحرم وجود المرأة في الانتخابات، بما يدل على إجازته، فضلا على أن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في كل شيء.
وأعطى مثالا على ذلك بالسيدة "أم سلمه" رضي الله عنها، حين أشارت على النبي "محمد" صلى الله عليه وسلم، أثناء "صلح الحديبية" بأن يخرج إلي الناس ويحلق رأسه كي يتحلل من الإحرام، ويذبح أضحية أمام الناس الذين يريدون أداء فريضة الحج شوقًا للبيت الحرام، وأخذ النبي بمشورتها. 
وأضاف أن السيدة عائشة رضي الله عنها، كانت لها آراء عديدة فيما يخص السياسية، وكانت من الصحابة الذين يُؤخذ برأيهم في كل الأمور أثناء خلافة الإمام علي بن أبي طالب.
وأكد أن المرأة لها دور سياسي ومجتمعي كبير، مشيرًا إلى قول النبي – صلى الله عليه وسلم- "لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة" الذي يستدل به المتنطعون من السلفية خاص بابنة الملك "كسرى" حاكم الروم، فهو مقيد على تلك الحالة وليس مطلقا في كل الحالات.
وأوضح أنه إذا كان هناك في الماضي إقصاء للمرأة، فإن حقوق المواطنة تتفق مع الشريعة الإسلامية، ولا تنكر على المرأة حقها في المشاركة السياسية، مصداقًا لحديث "ابن القيم" الذي قال فيه: "حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله".