بوابة الحركات الاسلامية : في سوريا.. هل تنهي العشائر أسطورة "داعش"؟! (طباعة)
في سوريا.. هل تنهي العشائر أسطورة "داعش"؟!
آخر تحديث: الجمعة 01/08/2014 09:59 م
في سوريا.. هل تنهي
أصبح العشائر الكلمة الأبرز في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، مع إخفاقات لقوات الجيش العربي السوري، والفصائل المعادية لـ(داعش) كجبهة النصرة وأحرار الشام  وغيرها.
العشائر من المبايعة
العشائر من المبايعة للمواجهة
شهد ريف دير الزور الشرقي ، خلال الأيام الماضية، اشتباكات عنيفة بين «الدولة الإسلامية» ومسلحي عشيرة الشعيطات. التنظيم الذي مُني بهزائم في عدد من القرى.. بدأ الاستعداد لجولة جديدة، وسط مؤشرات توحي بتفجر المشهد الميداني في معظم مناطق الريف الشرقي.
عادت محافظة دير الزور إلى الواجهة من جديد.. تنظيم «الدولة الإسلامية» لم ينعم طويلاً باستقرار «ولاية الخير» تحت سيطرته شبه المطلقة. اشتباكات عنيفة اندلعت في عدد من قرى الريف الشرقي، يقطنها أبناء عشيرة الشعيطات، وسط مؤشرات توحي بتصاعد وتيرة المعارك، واتساع رقعتها. الشرارة اندلعت في بلدة الكشكية، في ظل روايات متضاربة حول مسبباتها. رواية أنصار التنظيم أكدت أن أبناء الشعيطات كانوا «البادئين بالغدر»، حيث «هاجموا مجموعة من مجاهدي الدولة بغية إثارة الفتنة».
الرواية التي تداولتها صفحات «جهادية» على موقع «تويتر»، أكدت أن «بعض أفراد العشيرة المتنفذين كانوا يستفيدون من بيع النفط قبل سيطرة داعش». في المقابل أكّدت رواية الشعيطات أن «مسلحي داعش كانوا البادئين بالعدوان، فقاموا باعتقال ثلاثة من أبناء العشيرة، واستفزاز آخرين، بغية إذلال العشيرة فحسب». التوتر بين الطرفين وصل إلى ذروته في الساعات الأولى من فجر الخميس. مسلحو الشعيطات هاجموا مقراً للتنظيم في بلدة الكشكية، و«دورية» في بلدة أبو حمام؛ ما أدى إلى مقتل عدد من أفرادها، والقبض على أحد «الأمراء الشرعيين» ويُعرف باسم أبو جلبيب الديري.
وفي هذا الإطار، فر «تنظيم الدولة الإسلامية» حظراً للتجوال وأغلقت جميع المحال التجارية في الشارع العام، في مدينة الشحيل، المعقل السابق لجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) في سوريا، وذلك تمهيداً لمرور رتل لمقاتلي «داعش» باتجاه بلدات أبو حمام والكشكية وغراني.

هدنة لم تدم طويلا

هدنة لم تدم طويلا
هدنة لم تدم طويلا
الصراع الذي وقع بين (داعش) وعشيرة "الشعيطات".. جاء عقب اتفاق هدنة عقد بين تنظيم (داعش) و«عشيرة الشعيطات» بدير الزور، لم يدوم  أكثر من 20 يوما واندلعت مواجهات عنيفة بين الطرفين في شرق سوريا إثر خرق التنظيم للاتفاق باعتقال ثلاثة شبان من العشيرة، قبل يومين، ومن ثم استعداد «داعش» عسكريا لاقتحام منطقة «الشعيطات»، الأمر الذي ينذر بمجازر.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن اشتباكات عنيفة اندلعت بين التنظيم ومسلحين عشائريين من الطائفة السنية، تسببت بمقتل خمسة مقاتلين من «داعش» على الأقل، فيما لفت أبو ليلى إلى أن الأهالي تمكّنوا من اعتقال عدد من عناصر التنظيم معظمهم من المهاجرين.
وكانت «عشيرة الشعيطات» آخر العشائر المبايعة لـ«داعش» في دير الزور، وعقدت اتفاق هدنة معه تعهدت بموجبه عدم القتال ضد التنظيم وتسليم أسلحتها شرط عدم التعرض لأبنائها الذين يتوزعون في ثلاث بلدات هي، أبو حمام والكشكية وغرانيج.
وأهالي عشيرة «الشعيطات» التي تعتبر من أكبر فروع «عشيرة العقيدات» التي تمتدّ إلى خارج سوريا ويبلغ عدد أفرادها المليون و200 ألف نسمة، عمدوا إلى نصب كمين لعناصر «داعش» في منطقة تعرف بـ«أبو حماه»، حيث وقعت الاشتباكات.
وكان تنظيم «داعش» تمكن في النصف الثاني من يونيو الماضي، تدريجيا من السيطرة على مجمل محافظة دير الزور، مع آبارها النفطية، بعد انسحاب مقاتلي المعارضة ومبايعة عدد كبير منهم لـ«التنظيم».

العشائر من المبايعة للمواجهة

العشائر من المبايعة
العشائر من المبايعة للمواجهة
توقع مراقبون أن تكون المواجهات بين «داعش» و«الشعيطات» عنيفة جدا، وعدم قدرة  تنظيم الدولة الاسلامية علي اقتحام المنطقة نظرا إلى صعوبة تضاريسها، فالدخول إلى هذه المنطقة ليس كالخروج منها، فقد فشل  قوات الجيش العربي السوري في بداية الأزمة السورية في السيطرة علي المنطقة، عندما اقتحم محافظة دير الزور، لم يتمكّن من السيطرة على «الشعيطات» وبقي على خلاف المناطق الأخرى في المحافظة خارج سيطرته.
ففي الثالث عشر من شهر تشرين الأول 2013 أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، عن مبايعة ثلاث عشائر من ريف حلب الشرقي، لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي. شكَّلت الحادثة، بحسب مراقبين، "بداية تطبيق إستراتيجية داعش للسيطرة على مناطق شرق وشمال شرق سوريا، ذات الصبغة العشائرية".
توالت المبايعات بعد ذلك التاريخ حتى بلغت، في 4 يونيو 2014 عتبة العشرات (أكثر من أربعين عشيرة)، تزامناً مع سقوط مدن الشحيل والبوكمال والميادين بيد داعش، لتكتمل بذلك سيطرته على كامل ريف دير الزور، وجاء الصدام مع عشيرة «الشعيطات» لينهي شهر العسل بين التنظيم والعشائر.

هل تنهي العشائر أسطورة "داعش "؟

هل تنهي العشائر أسطورة
بداية العام 2014 وبعد أيام من سيطرة داعش على الرقة بالكامل، أصدر أربع بيانات (يتندَّر نشطاء المدينة بوصفها فرمانات داعش) تضمَّنتْ: فرض النقاب واللباس الشرعي على النساء وعدم الخروج إلا بمحرم.
كما منعتْ التدخين وبيعه، بالإضافة إلى منع تداول التسجيلات أو الاستماع إلى الموسيقى. وتضمنت البيانات المذكورة، قرارات بإلزام الرجال بالصلاة في المساجد وإقفال المحلات التجارية قبل الأذان بعشر دقائق، تحت طائلة العقوبات "المباشرة".
هذا الشكل المتشدِّد والمغلق من السلوك الاجتماعي الذي فرضه "داعش" على البيئات الاجتماعية الخاضعة لسيطرته، تقابلها أشكال محددة ونمطيَّة مغلقة بدورها، في شكل المبايعات التي تقدمها العشائر والأفراد، وتكون المبايعة على الشكل التالي: (أبايع أمير المؤمنين، أبي بكر البغدادي، الحسيني القرشي، على السمع والطاعة، في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وعلى إقامة دين الله، وتحكيم شرع الله، وجهاد عدو الله، وعلى إقامة الدولة الإسلامية، والذَّود عنها، ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، والله على ما أقول شهيد).
أحد أبناء المنطقة أكد لـ«الأخبار اللبنانية» أنّ «دير الزور بأكملها على أبواب ثورة شعبية ضد مجرمي داعش، هلّت بشائرها من أبو حمام والكشكيه والغرانيج، وامتدت إلى أبو حردوب والجرذي والشويط». الأخيرة كانت قد شهدت ليل الجمعة معارك عنيفة، انتهت بانسحاب مسلحي «داعش»، إثر مهاجمة مخفر البلدة الذي كان من أبرز مقارهم. ومن المتوقع أن تشهد المنطقة خلال الأيام المقبلة معارك طاحنة؛ فالتنظيم اعتاد الردّ على الحوادث المماثلة بعنف كبير؛ الأمر الذي ضمن له سابقاً استعادة التوازن في ريف حلب، وفي الرقة، بعد أن شنت «جبهة النصرة» وحلفاؤها حملة كبيرة ضده. وفي الوقت نفسه، يُتوقع أن تسعى أطراف عدّة لاستغلال الوضع المستجد في ريف دير الزور، بغية تقويض نفوذ التنظيم هناك. اللافت أن أوساط «النصرة» وحلفاءها قد امتنعت عن التعليق على الأحداث، كذلك بدا لافتاً في الوقت نفسه أن الطائرات السورية قد استهدفت رتلاً للتنظيم قرب قرية الشنان، على الطريق الواصل بين حقل العمر وحقل التنك النفطي. وأكدت مصادر عدة أن الرتل كان متجهاً نحو منطقة الشعيطات.
ويرى المراقبون أن العشائر قد تستطيع أن تدحر داعش في ظل الترابط القبلي الكبير الذي لهذه العشائر بالمدن السورية والعراقية؛ مما يؤكد على أن "داعش" في طريقها لصدام مع أصحاب الأرض الحقيقيين ولن تنفعها رفع أي شعارات دينية أو اجتماعية.