بوابة الحركات الاسلامية : اشتعال الحرب بين جماعة المثقفين والسلفيين (طباعة)
اشتعال الحرب بين جماعة المثقفين والسلفيين
آخر تحديث: الأحد 04/10/2015 05:32 م
اشتعال الحرب بين
لم تكن العلاقة أبدًا سوية بين وزارة الثقافة والتيار الإسلامي، ونتذكر جميعًا اعتصام المثقفين في قلب الوزارة ضد الوزير الإخواني "علاء عبد العزيز" حتى 30 يونيو 2015 وما كان لهذا الاعتصام من دور مؤثر في إشعال الثورة ضد هذا التيار وفي القلب منه جماعة الإخوان والدعوة السلفية، وبعد سقوط الإخوان لم تهدأ الحرب بين جماعة المثقفين والتيار الإسلامي، حتى في ظل وجود الوزير السابق عبد الواحد النبوي المقرب من الأزهر، إلا أن خفت وقت توليه الوزارة حرب السلفيين على وزارة الثقافة لخوفهم من تدخل مؤسسة الأزهر لحماية النبوي، إلا أن العديد من المثقفين هم من قاموا بشن حرب على وزير الثقافة لأخطاء مهنية تارة وتارة أخرى؛ بسبب موقفه غير المعلن من جماعة الإخوان والدعوة السلفية وبعد هذا الهدوء الظاهري، عادت العلاقة بين وزارة الثقافة المصرية والتيار الإسلامي لتشهد مزيداً من الشدّ والجذب هذه الأيام. 
الكاتب الصحفي حلمي
الكاتب الصحفي حلمي النمنم
عادت نذر المواجهة بين الطرفين مع تولّي الكاتب الصحفي المعروف بعدائه للإسلاميين، حلمي النمنم، مسئولية قيادة الثقافة في مصر. وزاد من حدة الصدام، إصرار النمنم على موقفه من أن مصر «دولة علمانية»، موجّهاً انتقادات لاذعة إلى الإسلاميين، وحزب النور السلفي الذي يستعدّ لخوض منافسة عنيفة على مقاعد البرلمان في الانتخابات المقرّر أن تبدأ هذا الشهر.
إذ خرج النمنم في أول حوار تلفزيوني معه عقب تعيينه، ليشنّ هجوماً عنيفاً على تيار الإسلام السياسي، محمّلاً إياه مسئولية «الإرهاب والتطرف في مصر»، معتبراً أن مصر «لم تر أي خير من الإسلام السياسي، وأينما ظهر هذا الإسلام السياسي ظهر معه الخراب». وأبدى النمنم إصراراً على التأكيد أن مصر «دولة علمانية بالفطرة، وطوال تاريخها لم تقم فيها دولة دينية إلا في حالتين فقط وفشلتا»، لافتاً إلى أن «العلمانية ليست نقيضاً للإسلام كما يدّعي البعض.. كل مسلم وسطي معتدل هو علماني بالضرورة، لكن ليس كل علماني مسلماً». ورأى أن مصدر الإرهاب في العالم بأكمله هو حسن البنا وسيد قطب (جماعة الإخوان المسلمين)، كما شنّ هجوماً على حزب النور السلفي لاستخدامه «الدين من أجل الدعاية الانتخابية». وسارع حزب النور إلى الرد على الوزير، معتبراً أن آراءه «تصطدم مع الدستور».
وتأتي المواجهة المتجددة قبل أيام من انطلاق المرحلة الأولى من الانتخابات التشريعية التي ينافس فيها حزب النور على أكثر من 200 مقعد مخصص للنظام الفردي، وعلى قائمتين من إجمالي أربع قوائم انتخابية مخصصة للمنافسة بنظام القوائم المغلقة.
يونس مخيون رئيس حزب
يونس مخيون رئيس حزب النور
وظهر أن تصريحات النمنم قد تعطّل تصويت كتلة حزب «النور» النيابية على تمرير حكومة شريف إسماعيل حين يعرضها الرئيس عبدالفتاح السيسي على البرلمان للتصويت، مع بداية انعقاده. فقد اعتبر رئيس حزب النور يونس مخيون، في بيان تعقيباً على تصريحات النمنم، أن الحكومة «خرجت على الحياد عندما خرج وزير فيها ليلقي باﻻتهامات المرسلة الباطلة والترويج ﻷكاذيب ضد حزب يخوض تلك الانتخابات»، وطالب مخيون «من عيّن هذا الوزير، بأن يُلزمه باحترام الدستور الذي استفتي عليه الشعب، وألا يخلط بين معتقداته وأفكاره الشخصية وبين كونه وزيراً يعبّر عن توجّه دولة، وكذلك الالتزام بالحيادية وبخاصة أنه وزير في حكومة تشرف على انتخابات برلمانية ... وإلا اﻹقالة».
كما رأى مخيون أن تصريحات وزير الثقافة «تصطدم مع الدستور الذي أقسم على احترامه، والذي (الدستور) تحددت فيه هوية الدولة ومرجعيتها التشريعية في جميع المجالات، ألا وهي الشريعة الإسلامية»، وردّ مخيون على إصرار النمنم على كون الشعب المصري علمانياً بفطرته، بالتأكيد في بيانه أن الشعب المصري «متديّن بفطرته وﻻ يعرف هذه العلمانية المستوردة الدخيلة على ثقافتنا والمتعششة في رءوس بعض النخب»، ورأى مخيون أن النمنم «وقع في خلط متعمّد بين حزب النور الذي انتهج الطريق الدستوري القانوني السلمي للتعبير عن رأيه، بل كان سبباً رئيساً في تجنيب مصر حرباً دينية، والذي شارك في كل استحقاقات خارطة الطريق، خلط بينه وبين الجماعات التي انتهجت نهج العنف وسلكت طريق الصدام، وتبنّت أفكاراً منحرفة تصدى لها حزب النور بقوة». وأضاف: «كما وقع في خلط بين مفهوم الدولة الدينية الثيوقراطية بالمفهوم الغربي- الذي يدّعي فيه الحاكم أن معه تفويضاً إلهياً وأنه ظِل الله في أرضه- وبين نظام الحكم في اﻹسلام الذي يُحاسب فيه الحاكم ويُعزل بل هو وغيره أمام القانون سواء، وﻻ عصمة له وهو مكلّف أن يلتزم بعقد بينه وبين شعبه، فالإسلام ﻻ يعرف الدولة الدينية بمفهومها عند وزير الثقافة».
الشاعر أحمد عبد المعطي
الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي
وبعد هذا الهجوم الذي شنه عدد من السلفيين من بينهم الشيخ ياسر برهامي، ويونس مخيون، وسكرتير حزب النور، على الكاتب الصحفي حلمي النمنم، وزير الثقافة؛ بسبب التصريح الذي قال فيه: إن مصر علمانية بالفطرة، ووصفهم لتصريحاته بأنها أكاذيب، وأن فصل الدين عن الدولة مخالف للشريعة- قام عدد من المثقفين بالرد عليهم، مؤكدين أنهم جماعة من البشر ما زالت تعيش في العصور الوسطى، وأن مصر يجب أن تكون علمانية.- وقال الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي: من الطبيعي أن يشن السلفيون هجومًا على وزير الثقافة حلمي النمنم؛ لأنهم مجموعة من الأشخاص قادمين من العصور الوسطى، في حين أن مصر يجب أن تكون علمانية؛ لأنها دولة ديمقراطية، ولا يوجد دولة ديمقراطية دون فصل الدين عن الدولة؛ لأنه إذا سمحنا للمتاجرين بالدين أن يعملوا في السياسة، فسوف يضللون الجماهير ويخدعونهم. وأكد الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي على ضرورة حسم هذه المسألة، قائلا: إن وجود أحزاب دينية يتناقض مع الدستور، وطالما أن هذه الأجزاء تجد من يفرضها علينا، فسوف تظل تشن الهجوم، إلا أنها في النهاية سوف تذهب إلى مزابل التاريخ. وحول تصريحات الكاتب الصحفي حلمي النمنم عن الهوية المصرية، وتحرير مصر من السلفيين المتشددين قال: أتفق معه تمامًا؛ لأن الهوية المصرية قائمة على التراث المصري، والتاريخ المصري والحضارة المصرية، فحضارة مصر ممتدة منذ الفراعنة، حتى يومنا هذا، وكذلك أيضًا التراث القبطي يشكل عنصرًا أساسيًّا من الهوية المصرية، مشيرًا إلى ضرورة تحرير الإسلام من السلفيين المتشددين، ولا بد من فصل الدين عن السياسة؛ لأن عقائد الدين ثابتة، والسياسة متغيرة. 
القاص الكبير سعيد
القاص الكبير سعيد الكفراوي
وفي نفس السياق قال القاص الكبير سعيد الكفراوي: إن تاريخ السلفيين يشهد بأنهم دائمًا يشنون الهجوم على من يعارضهم، أو يخالفهم في الرأي، كما أنهم معروفون باعتدائهم الدائم على الكاتب الصحفي حلمي النمنم، قبل أن يصبح وزيرًا للثقافة، مشيرًا إلى أنهم الآن يشنون حملتهم هذه ضد الثقافة باعتبارها هي المعرفة، والمنوط بها تغيير الناس للأفضل، في حين هم يريدون أن تظل أفكار الناس ثابتة مثل أفكارهم، في حين أن العالم والثقافة متغيرة. وأضاف القاص سعيد الكفراوي أن ما ادعاه الشيخ أسامة القوصي، بأنه سلفي تنويري غير صحيح، ولا أطمأن لأي سلفي يدعي أنه تنويري؛ لأنها قد تكون دسيسة، يتحايلون بها على التنوير، موضحًا أن هناك تناقضًا أساسيًّا بين السلفية والأفكار التنويرية؛ لأن السلفيين من كل فصائل الإسلام السياسي، يستبدلون الوطن بالدين، والانتماء الديني، وما يقال من خلال مفكريهم نوع من التقية وذر الرماد في العيون، وفي الحقيقة هم سلفيون يؤمنون بسطوة الماضي، وحلمهم عودة قيم السلف الصالح، وحركتهم في التاريخ. وحول تصريحات وزير الثقافة عن ضرورة تحرير الإسلام الوسطى من السلفيين المتشددين، قال الكفراوي إنه وزير ممتلئ بالرغبة في التغيير، ولديه أحلام كثيرة بالنسبة للثقافة، وأنا أتفق معه تمامًا في هذه النقطة. 
الشاعر محمود قرني
الشاعر محمود قرني
بينما قال الشاعر محمود قرني: إن الموقف السلفي في جملته ليس مدهشًا، في قضية علمانية الدولة، فهم يصدرون عن موقف عقائدي مختلف أشد الاختلاف عن العلمانية، وغيرها من الأفكار التي أسهمت في بناء الدولة الحديثة، وسيفعلون ذلك سواء كان قائل هذا الكلام وزيرًا للثقافة أو أي شخص آخر. وأضاف الشاعر محمود قرني، أن الدولة يجب أن تنتبه إلى أن نظامها السياسي يحتاج إلى درجة من الضبط النظري عبر الدستور والقوانين العملية، وتعزيز مفاهيم إدارة دولة القانون والمؤسسات، بعيدًا عن أي تأثيرات عقائدية أو أي أيديولوجية يتخفى وراءها خطر حقيقي على العقل المصري، اسمه الإسلام السياسي.