بوابة الحركات الاسلامية : تقارير: الغرب هو من أوجد "داعش".. وسمح لها بالتمدد في المنطقة العربية (طباعة)
تقارير: الغرب هو من أوجد "داعش".. وسمح لها بالتمدد في المنطقة العربية
آخر تحديث: السبت 05/12/2015 02:21 م
رئيس الوزراء ديفيد
رئيس الوزراء ديفيد كاميرون
على مدار اليومين الماضيين اخذت الولايات المتحدة على عاتقها الدعوة الى ضرب تنظيم الدولة "داعش" ضربات على الارض بقوة عسكرية عربية مشتركة، فيما يؤكد خبراء غربيون على ان قوة "داعش" العسكرية على الارض اقوى من القوة الامريكية منفردة ومن اجل هذا تبنت الولايات المتحدة هذه الدعوة بإنشاء قوة عسكرية للتدخل البري، وفي هذا السياق قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن قتل أعداد من تنظيم الدولة "داعش" لن يجدي نفعا، لأن التنظيم يعتمد أيديولوجيا معينة, وينبغي مواجهة هذه الأيديولوجيا ضمن الأشياء الأخرى. وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها أمس 4 ديسمبر 2015، أنه حتى قبل حدوث هجمات باريس،  كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها صعدوا أيضا من الضربات الجوية على المنشآت النفطية التابعة للتنظيم في شرق سوريا. وتابعت " لكن القوة الحقيقية للتنظيم لا تكمن في استيلائه على مساحات شاسعة من الأرض ولا في الإيرادات النفطية أو مرافق التدريب أو القرب من الغرب أو السيطرة على عدة ملايين من الناس، ولكن قوته تكمن في مدى تأثيره على الجهاديين حول العالم". وأشارت إلى أن هناك حاجة إلى استراتيجية غربية شاملة للتعامل مع الخطر, الذي يشكله التنظيم, وعدم الاقتصار على شن الضربات الجوية, لأنها لن تستطيع أن تقضي على الأيديولوجيا, التي يتبناها. وكان النائب البريطاني عن حزب المحافظين آدام هولواي انتقد خطة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بشأن التدخل العسكري لمحاربة تنظيم الدولة "داعش" في سوريا, مرجحا فشل هذه الخطة. ونقلت "الجزيرة" عن هولواي قوله إن بريطانيا تريد أن تكرر في سوريا الأخطاء نفسها, التي ارتكبتها في أماكن أخرى. وأضاف أن معاصرته للحروب في البوسنة وأفغانستان والعراق وليبيا، والسنوات التي قضاها كجندي ومراسل وبرلماني، علمته ما كان واضحا وضوح الشمس، وهو أن مشاكل هذه الدول لا يمكن حلها, إلا إذا تم إصلاح السياسات المعوجة. وتابع " التحالفات الغربية التي تم تشكيلها على مدى الـ 15 عاما الماضية، والتي شاركت فيها بريطانيا, استخدمت القوة العسكرية دون فهم ماهية محرك كل صراع على الأرض". واستطرد " هذا الجهل كان له آثاره الكارثية على عشرات الملايين من الناس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا", محذرا من أن التدخلات العسكرية الغربية الجديدة في الشرق الأوسط مصيرها الفشل, وأن حل الأزمة السورية بحاجة إلى اتفاق سريع بين أمريكا وروسيا وتركيا وإيران والسعودية. وكان مجلس العموم البريطاني صوت في 3 ديسمبر لصالح خطة كاميرون حول توجيه ضربات لتنظيم الدولة في سوريا. وحصلت خطة كاميرون على تأييد 397 نائبا, مقابل رفض 223، وذلك بعد التصويت على مذكرة مضادة وقع عليها نحو 110 برلمانيين من مختلف الأحزاب، وتم رفضها بتصويت 93 لصالحها مقابل 211 صوتا.
الزعيم الليبي معمر
الزعيم الليبي معمر القذافي
ومن ناحية اخرى نشر موقع "ار تي" الروسي تقريرا عن سماح الغرب وخاصة الولايات المتحدة في ايجاد "داعش" وتمددها  حيث جاء في التقرير انه من الصعب بمكان فهم موقف الغرب مما يحدث في منطقة الشرق الأوسط، فهو من ساعد بقوة في تمهيد الأرض أمام "داعش" في العراق وفعل كل ما يستطيع لفتح حدود دول المنطقة لهم وخاصة في سوريا، بل إن "داعش" وصل إلى سرت عمليا تحت غطاء ضربات الناتو في عام 2011. فلماذا يتفاجأ الغرب في ليبيا وفي سوريا كما تفاجأ قبلا في العراق وهو صاحب اليد الطولي بالدفع بالأحداث في هذه الاتجاه؟.
ومن سخريات القدر، أن تنظيم "داعش" جعل من مدينة سرت، مسقط رأس الزعيم الليبي معمر القذافي، ملجأ استقطعه لأنصاره من مختلف أصقاع الأرض. وجعل منه مركز تدريب ونقطة انطلاق نحو منطقة الهلال النفطي الليبي شرقا، وربما إلى ما هو أبعد من ذلك. هذه المفارقة تدل على أن الغرب تخلص من القذافي لحساب "داعش" في نهاية الأمر.
فبدت أوروبا مؤخرا كما لو أنها استيقظت فجأة لتجد أن تنظيم "داعش" لا يقف على مبعدة منها، بل هو يطل من مدينة سرت، من الساحل الجنوبي للبحر المتوسط ويحدق فيها هازئا ومتوعدا.
وفي هذا السياق يبدو إعلان باريس تنفيذ مقاتلاتها طلعات استطلاعية فوق سرت ومناطق أخرى في ليبيا، بمثابة اكتشاف متأخر لخطر استفحل في هذه البلاد منذ عام 2011. وهو لا يزال يشتد ويتقوى بفضل الظروف التي هيأتها آنذاك مقاتلات الناتو وخصوصا الفرنسية.
قاعدة القرضابية
قاعدة القرضابية
لم تساعد معركة التخلص من القذافي "داعش" في أن يجعل من مدينة سرت والمناطق المحيطة ملجأ لأنصاره فحسب، بل وأتاحت له الظروف المواتية ليقيم ما يشبه الدولة هناك بمؤسساتها وتشريعاتها وجيشها ومدارسها وجامعتها ومناهجها التعليمية الخاصة، وأن يجعلها قاعدة لتأهيل مقاتليه وانتحارييه وتدريب أنصاره بما في ذلك الأطفال والفتيان على مختلف أنواع الأسلحة، مستعينا في ذلك بأكثر من 12 معسكرا، كانت تابعة للجيش الليبي وانتقلت ملكيتها إليه في الأشهر الماضية تحت سمع وبصر العالم.
واللافت أن تنظيم "داعش" في سرت" لم يتخف تحت أي ستار. ولم يكن مضطرا لذلك، بل أعلن في مناسبات عديدة تحديه للغرب، أبرزها حين أعدم أوائل العام الجاري 22 قبطيا مصريا على ساحل المتوسط. ورفع حينها أحد جلاديه سكينه أمام أوروبا مهددا روما! ومع كل ذلك ظل "داعش" هانئا في المدينة ولم يعكر صفوه أي شيء، فما الذي تغير بعد هجمات باريس؟
 لم يتغير أي شيء ويا للعجب! لقد استشرى التنظيم في المنطقة، وكرس نفسه قوة على الأرض على مدى أكثر من 4 سنوات. بل وجد التنظيم متسعا للابتهاج والاحتفال بهجمات باريس بتوزيع الحلوى في شوارع المدينة، وبتجديد تهديداته للغرب ووعيده بالمزيد.
22 قبطيا مصريا على
22 قبطيا مصريا على ساحل المتوسط
الأنباء الواردة من ليبيا تؤكد أن مدينة سرت أصبحت قلعة حصينة منعزلة عما حولها، وأن "داعش" يستغل كل ما يقع تحت يديه للاستعداد لمعركة طويلة وبمختلف الأسلحة، مشيرة إلى أنه يقوم بتدريب طيارين في قاعدة القرضابية جنوب المدينة بواسطة جهاز "Flight simulator" الشبيه بقمرة قيادة الطائرة والذي يتيح محاكاة عملية الطيران، والإقلاع والهبوط، وتعليم تحديد المواقع في الأجواء، والتواصل مع المحطات الأرضية.
بالمقابل، يواصل الغرب الذي عبّر مؤخرا عن قلقه وهلعه من تنامي خطر "داعش" في ليبيا، حشد طائراته وسفنه الحربية حول سوريا. وفيما يفعل ذلك، تتحدث وسائله الإعلامية عن إمكانية أن ينتقل التنظيم من العراق وسوريا إلى سرت إذا هُزم، مشيرة إلى وجود معلومات عن توافد المزيد من المقاتلين الأجانب إلى سرت وانتقال قادة للتنظيم من سوريا والعراق إلى هناك.
المحير حقا هو ما الذي يريد أن يفعله الغرب بليبيا وبالبلدان الأخرى في منطقة الشرق الأوسط التي قُطعت أوصالها واستبيحت أراضيها وأجواءها وثرواتها؟ هل تعني هذه التطورات أن الغرب يستعد لحرب ضد "داعش" في ليبيا؟ أم أنه سيواصل دور المتفرج على ما يحدث في شمال إفريقيا إلى أن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا طال مخاضها؟
كل الاحتمالات مفتوحة في منطقة الشرق الأوسط، بخاصة بعد أن أفسدت روسيا مخططات الغرب في سوريا بعمليتها الجوية ضد "داعش" التي غيرت قواعد اللعبة في المنطقة.
تقارير: الغرب هو
من جهة أخرى، يظن الغرب أن مواجهة "داعش" في ليبيا أسهل من مواجهتها في سوريا والعراق، نظرا لقرب البلاد من أراضيه ولكونها في متناول قواعده الجوية الأرضية والبحرية.
يبدو هذا التشخيص للوهلة الأولى صائبا، إلا أن الأمر ليس بالسهولة التي يتصورها الكثيرون في الغرب . لقد استشرى "داعش" في ليبيا وأقام مراكز لأنصاره ومقاتليه في مختلف أرجائها بما في ذلك في الجنوب، حيث الصحاري الشاسعة التي تعد متاهة كبرى لا حدود لها. وهو بالتالي سيكون قادرا عند الضرورة على الحركة والانتقال من مركز إلى آخر ضمن رقعة واسعة، وسيكون من الصعب استهدافه من الجو.
  من الأرجح أن تتواصل فصول هذه المسرحية الدموية والعنيفة مدة طويلة لأن بقاء وتمدد هذه الظاهرة يدل ضمنيا على أن أطرافا ما تزال في حاجة إلى المزيد من الخراب في هذه المنطقة، وهي لن تتسرع في إسدال الستارة حتى إشعار آخر.