بوابة الحركات الاسلامية : الأكراد وحلم الدولة... (الجغرافيا – التاريخ – المحفزات – الموانع) (طباعة)
الأكراد وحلم الدولة... (الجغرافيا – التاريخ – المحفزات – الموانع)
آخر تحديث: الأربعاء 11/03/2020 11:00 ص علي رجب
الأكراد وحلم الدولة...
تصدرت كردستان علي مدار السنوات الماضية اهتمامات الحكومات  الاقليمية والدولية والقادة السياسيون ووسائل الإعلام  المختلفة والمتابعين، مع تحديد قادة إقليم كردستان العراق  يوم الخامس والعشرين من شهر سبتمبر الجاري  موعدا للاستفتاء للانفصال عن العراق..
 تسارع  مواقف الدول الاقليمية والدولية  في مساعي سياسسة لإقناع رئيس اقليم كردستان مسعود البارازاني، بتأجيل الاستفتاء، تفاديا لحرب جديدم توقعه في الاقليم.. وكان قد سبق لبواية الحركات الاسلامية ان تناولات عبر دراسة تفصيلة لها ابعاد الموضوع.
قطع الأكراد خطوة كبيرة نحو تحقيق حلم امتد لعشرات السنين في تأسيس دول للأمة الكردية المتقطعة في 4 دول ، فقد ساهم سيطرة وتوغل الجماعات الجهادية كتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الإرهابي، و"جبهة النصرة" فرع تنظيم القاعدة في سوريا، والمليشيات الشيعية في العراق وسوريا ، الي جانب الفصائل المسلحة الإسلامية الأخرى في ان يصبح الأكراد مركزا أساسيا ومكانة قوية في محاربة تنظيم "داعش"، مما يحي هذا الوضع الجديد الآمال لدى الأكراد بإقامة دولة مستقلة، مدعومة بنجاحات الأكراد في مواجهة التنظيمات المتشددة.
مع وجود الحكم الذاتي للأكراد في العراق، وسعي اكراد سوريا الي السير علي نهج اكراد العراق في تأسيس مجالس حكم ذاتي تتمتع بالشريعة وفقا لتسوية متوقعة لصراع السوري، وغموض وضع الاكراد في ايران، ومع نجاحات ديمقراطية في تركيا، يقترب الاكراد خطوة كبيرة نحو تحقيق حلمك الدولة الكردية.
نستعرض في السطور القادمة تاريخ الأكراد وجغرافية المنطقة التي يعيشون فيها، ومحاولاتهم السابقة لتحقيق حلم الدولة المستقلة.

التاريخ والجغرافيا

التاريخ والجغرافيا
الكرد أو الأكراد هم شعوب تعيش في غرب آسيا شمالَ الشرق الأوسط بمحاذاة جبال زاكروس وجبال طوروس في المنطقة التي يسميها الأكراد كردستان الكبرى، وهي اليوم عبارة عن أجزاء من شمال شرق العراق وشمال غرب إيران وشمال شرق سوريا وجنوب شرق تركيا. يعتبر الكُرد كعرقٍ جزءًا من العرقيات الإيرانية.
يتواجد الأكراد - بالإضافة إلى هذه المناطق - بأعداد قليلة في جنوب غرب أرمينيا وبعض مناطق أذربيجان ولبنان. يعتبر الأكراد إحدى أكبر القوميات التي لا تملك دولة مستقلة أو كياناً سياسياً موحداً معترفاً به عالمياً. وهناك الكثير من الجدل حول الشعب الكردي ابتداءً من منشأهم، وامتداداً إلى تاريخهم، وحتى مستقبلهم السياسي. وقد ازداد هذا الجدل التاريخي حدة في السنوات الأخيرة وخاصة بعد التغيرات التي طرأت على واقع الأكراد في العراق عقب حرب الخليج الثانية، وتشكيل الولايات المتحدة لمنطقة حظر الطيران التي أدت إلى نشأة كيان إقليم كردستان في شمال العراق، بحسب" تاريخ كردي – ويكيبيديا".
الأكراد وحلم الدولة...
عاش الأكراد في الجبال الواقعة بين ارمينيا وبلاد ما بين النهرين وعاشوا بصورة مستقلة منقسمين إلى قبائل لم تكن روح الوحدة الشعبية على جانب كبير من القوة و التماسك بينهم وانتشر الأكراد خلال قرون على جزء كبير من آسيا الغربية، ففي الشمال امتدت أراضيهم إلى أعالي الفرات وحتى أراكس، ويعيشون في الأراضي الروسية في إقليم يريفان وفي قرة باغ، وفي الغرب امتدت أراضيهم حتى انغورا إلى الشمال الشرقي من بحيرة الملح الكبيرة، ووصلت جحافلهم قبل سنوات عديدة إلى القسطنطينية وعددهم غير قليل في ميسويرتايا، بلاد ما بين النهرين وفي سوريا أكثر بالتحديد حول مدينة حلب، وفي الغرب انتشر الأكراد في الأراضي الممتدة من بحيرة أرمينيا وحتى الخليج وأخيراً فهم يعيشون في خراسان ويعيش الأكراد حياة الرحل سوى قلة فهم يصعدون في الأوقات الدافئة من السنة إلى المروج والمراعي الغنية الواقعة في قمم جبالهم وفي المرتفعات يعودون في الشتاء إلى بيوتهم وأحياناً يطردون المسيحيين من دورهم في أرمينيا دافعين لقاء ذلك إتاوة صغيرة لمختار القرية أو المسؤول المحلي، وسمي المكان الذي يقيم الأكراد فيه أيام الشتاء (كيشلياخ) في تركيا وفارس وروسيا أو سرحد أما الترحال فيسمى (بابلياغ) ويبسط الأكراد خيامهم ( قرة مادر) المنسوجة من شعر الماعز الأسود على شكل صفوف طويلة أما قرى الأكراد فهي عبارة عن بيوت بدائية فهي ببساطة مساكن صغيرة محفورة في الأرض تختفي تحت الثلوج وتبدو للناظر من بعيد على شكل تلال صغيرة وفي القرى الكردية، المآذن نادرة جداً شأنها في ذلك شأن المساجد في المدن التي يسكنها الأكراد وهم ماهرون في شق الاقنية لري الأراضي ويعشقون العمل إلا أن الزراعة عندهم تأتي في المرتبة الثانية فهم يقومون بزراعة القمح، الذرة، الشعير، الأرز وتمتاز بأشجار الكرمة ومزارع الزيتون وبساتين الفاكهة وكما ينتجون التبغ إلا أن ثروة الأكراد الرئيسية هي في قطعان الأغنام والماعز والجواميس والأبقار والخيول والجمال وهم يفضلون حليب الضأن على أي حليب ويستهلك الأكراد السمن والجبن بكميات كبيرة وتمد كردستان كلاً من القسطنطينية ودمشق و حلب وبيروت.
ويدين  معظم الشعب الكردي بالإسلام وبالمذهب السني، وهناك الكرد الفيلية يعتنقون الإسلام بالمذهب الشيعي في العراق وايران، والعلويين في تركيا وسوريا، ومنهم من يدين بديانات أخرى مثل المسيحية وبعدد صغير جدا الديانات غير السماوية مثل الزردشتية.
الأكراد وحلم الدولة...
اما اللغة الكردية فلها علاقة مباشرة بعوامل غير اللغوية كالعوامل السياسية والثقافية. في الواقع لم يكن للغة الكردية شكل موحد وحدود وشاكلة موحدة كالذي نراه في اللغة الفارسية.لأنها لاتملك شاكلة لغوية موحدة تقليدية كسائر اللغات بل هي تعني مجموعة من اصناف كلام دارجة بين الأكراد. وهذه اصناف الكلام ليس من الضروري أن تكون مفهومة لكل الناطقين بها.مصطلح اللغة الكردية يطلق اليوم على سلسلة من اللغات الإيرانية الشمال غربية وهذه اللغات من منظر دراسات علم اللغة قريبة من بعضها في أحيان وفي أحيان اخرى بعيدة جدا عن بعضا. نتيجة لعوامل اجتماعية سياسية اطلق على هذه السلسة من اللغات اسم اللغة الكردية. ومنها كرمنجي، كلهري، لهجة كردية سورانية، لهجة كردية غورانية و اوراماني ولغة زازاكية.
و على الرغم من أن اللغة الكردية ليست لغة موحدة وفيها العديد من اللهجات المترابطة في الوقت نفسه يمكن تمييزها من اللغات الإيرانية الغربية الأخرى.المصدر نفسه يصنف مختلف اللهجات الكردية على مجموعتين رئيسيتين، الشمالية والوسطى. في الحقيقة الناطق بمستوى متوسط بالكرمانجية سيواجه صعوبات في التكلم مع سكان سليمانية وحلبجة.
ويقدرعدد الأكراد ما بين 25 إلي 40 مليون نسمة ،موزعين بنسبة 46% في تركيا، و31% في إيران، و18% في العراق، و5% في أرمينيا وسوريا. فالأكراد في تركيا منتشرين في جميع المدن والمحافظات ولا سيما في شرقي الأناضول، وجنوبي شرقي تركيا. ولا يقل عددهم عن ثمانية أو تسعة ملايين نسمة وهي تشكل 10%-11% من مجموع عدد السكان الذي يقترب من 80 مليونا.
وقد اعتادت بعض الأوساط أن تطرح بين الحين والآخر أن عدد الأكراد الذين يعيشون داخل الحدود التركية يبلغ عشرين أو خمسة وعشرين مليون. غير أن الاعتقاد السائد هو أن هذه الأرقام مبالغ فيها، وقد طرحت لأغراض سياسية. ويتنوع توجهم السياسي بين الفكر اليساري، والا سلامي السياسي، والليبرالي ، والعلماني.
الأكراد وحلم الدولة...
برز الأكراد في التاريخ الإسلامي من خلال دولة كبرى كانوا هم مؤسسيها، وقامت هذه الدولة بجهود كبيرة في توحيد مصر والشام بينما كانت الخلافة العباسية في حالة ضعفٍ شديد، وتصدت هذه الدولة للصليبيين في مصر والشام، وتمكنت من الانتصار عليهم في معارك عظيمة في (حطين) و(المنصورة)، واستمرت الدولة ما يقرب من مائة عام من 569هـ إلى 661هـ .هذه الدولة هي الدولة الأيوبية التي أسسها القائد المسلم الكردي الفذُّ صلاح الدين الأيوبي – والذي ربما لايعلم الكثيرون أنه كان كرديًّا – وقد نشأ هذا البطل في تكريت بالعراق، وجاء مصر مع عمه أسد الدين شيركوه، وتمكن من إسقاط الدولة العبيدية الإسماعيلية وإقامة دولة سنية، ثم تمكن من توحيد مصر والشام في دولةٍ قوية انتصرت على الصليبيين، وتولت أسرته الكردية الحكم من بعده حتى نهاية الدولة، وقيام دولة المماليك.
الأكراد وحلم الدولة...
وكان الأكراد في أيران من بين تلك القوميات التي حرمت من حقوقها القومية في عهد الشاه الإيراني رضا شاه.. تشمل المنطقة الكردية في أيران على أربع محافظات في غرب أيران وهي أذربيجان الغربية، مهاباد، كرماشان، عيلام، كانت سياسة طهران هو طمس الثقافة الكردية ومعالم تاريخها وكذلك سياسة التهجير وتجريد الكرد من أسلحتهم.. هذه هي السياسات الشوفينية للأنظمة الرجعية ضد الشعب الكردي ليس في أيران فحسب فنفس الأسلوب اتبعته الحكومات العراقية تجاه الشعب الكردي في العراق"، كما ورد في تقرير بصحيفة "الاتحاد العراقية" بعنوان "بحوث ودراسات: جمهورية مهاباد الكردية .. نجاحها وفشلها".
واول مرة تم فيها استخدام مصطلح كردستان كان فى زمن السلاجقة التركمان فى العصر العباسى عام 1157 ميلادية . وفى عهد السلطان العثمانى سليم الاول 1515 ميلادية تكونت بعض الامارات الكردية بتشجيع من الدولة العثمانية للحد من المد الصفوى ، فمعظم المؤرخين الإسلاميين والأجانب ينظر الى الخلاف الذى نشب بين الدولة الصفوية الشيعية والدولة العثمانية السنية هو بداية تأسيس الكيان الكردي فى العراق والدول المجاورة ، فقد تحول الاكراد من قبائل راحلة تعيش على السلب والنهب والقتل الى امارات متشتتة وفق متطلبات الحروب التى قامت بين الدولة العثمانية والفارسية ، حيث تم تسخيرهم وفق مايريده الطرفان . 

بدأت المشكلة الكردية بصورة واضحة في العصر الحديث عند اصطدام الدولتين الصفوية الشيعية والعثمانية السنية عام (1514م) في معركة جالديران التي كانت كبيرة وغير حاسمة، كان من نتائجها تقسيم كردستان عمليًّا بين الدولتين الصفوية والعثمانية.
الأكراد وحلم الدولة...
فقد كانت كردستان قبل سنة (1514م) تسود فيها إمارات مستقلة مشغولة بتنظيم شئونها الداخلية، لكن سوء معاملة الشاه إسماعيل الصفوي، إضافةً إلى الاختلاف المذهبي جعل سكان إمارات الأكراد وبلاد الجزيرة في انتظار من يخلصهم من الحكم الصفوي، بالإضافة إلى جهود الشيخ إدريس البدليسي الذي ندبه السلطان العثماني لإقناع أمراء الأكراد ورؤساء العشائر وحكام المقاطعات بالانقلاب على حكم الشاه؛ لكل هذا بدأت المدن الكردية تثور على الحكم الصفوي مثل: ديار بكر، وبدليس، وأرزن، وميافارقين، وكركوك، وأردبيل.
وفي 23 أغسطس 1514 في جالديران وقعت المعركة الشهيرة بين قوات الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليم ياوز الأول ضد قوات الدولة الصفوية بقيادة إسماعيل الأول. انتهت بانتصار القوات العثمانية واحتلالها مدينة تبريز عاصمة الدولة الصفوية، وأدت إلى وقف التوسع الصفوي لمدة قرن من الزمان وجعلت العثمانيين سادة الموقف، وأنهت ثورات العلويين داخل الإمبراطورية.
في هذه المعركة  قتل فيها اكثر من 120 الف شخص ، وهرب بسببها اعداد كثيرة من الاكراد من جبال زاكروس الايرانية الى الوديان الواقعة فى شمال شرقى العراق على خط الحدود مع ايران ، وتم اسكانهم فى مدينة السليمانية ، وبقيت الحال هكذا الى ان انسحب العثمانيون من السليمانية اثر الاحتلال الانكليزى للعراق ، وقد سلموها للشيخ محمود . سبق وان ذكرت ان الاكراد فى العراق لم يؤسسوا اية مدن قديمة فى شمال العراق ، وبما ان المناطق التى يسكنه الاكراد الان تحتوى على ارعة مدن رئيسية فأننى سأقدم هنا نبذة سريعة ومختصرة لتاريخ هذه المدن التى تم استكرادها واصبحت كردية بمرور الزمن الحديث .
في عام (1515م) قام العلامة إدريس، بعد تفويضه من قبل السلطان العثماني، بعقد اتفاقية مع الأمراء الأكراد، يتضمن اعتراف الدولة العثمانية بسيادة تلك الإمارات على كردستان، وبقاء الحكم الوراثي فيها، ومساندة الأستانة لها عند تعرضها للغزو أو الاعتداء مقابل أن تدفع الإمارات الكردية رسوم سنوية كرمز لتبعيتها للدولة العثمانية، وأن تشارك إلى جانب الجيش العثماني في أية معارك تخوضها الإمبراطورية، إضافة إلى ذكر اسم السلطان والدعاء له من على المنابر في خطبة الجمعة.
وقد تضمن هذا الاتفاق اعترافًا من الدولة العثمانية بالسلطات الكردية، ولم يكن ذلك شيئًا يسيرًا في مسيرة الأكراد؛ إذ قدَّم لهم اعترافًا بوجود المشكلة الكردية، يقتضي حلها، حتى لو كان الحل وقتيًّا!!
و في عام (1555م) عقدت الدولتان العثمانية والصفوية اتفاقية ثنائية بين السلطان العثماني سليمان القانوني والشاه طهماسب عُرِفت باتفاقية "أماسيا"، وذلك بعد ثلاث حملات عسكرية قام بها السلطان سليمان، واستولى فيها على مدينة تبريز عاصمة الصفويين، وعديد من المدن؛ ولكن في كل مرة كان الصفويون يستغلون عودته لبلاده، وينقضون على هذه المدن مرةً أخرى، وفي آخر حملة وصلته رسل طهماسب وهو في مدينة أماسيا التركية؛ فقبل أن يوقع المعاهدة هناك رغبةً في التفرغ للميادين الأخرى التي كان يواجه فيها صعوبات شتىّ، وتُعدُّ هذه المعاهدة أول معاهدة رسمية بين الدولتين. وتمَّ بموجبها تكريس تقسيم كردستان رسميًّا وفق وثيقة رسمية، نصت على تعيين الحدود بين الدولتين، وخاصة في مناطق شهرزور، وقارص، وبايزيد (وهي مناطق كردية صرفة)؛ مما شكَّل صفعة لآمال الأكراد في الحصول على استقلالهم، بحسب موقع قصة الاسلام- اكتوبر 2007".

تقسيم الحدود:

تقسيم الحدود:
وقد تمَّ توقيع عدة معاهدات تالية لتلك الاتفاقية؛ منها معاهدة "زهاو" أو تنظيم الحدود عام (1639م)، وتم التأكيد على معاهدة أماسيا بالنسبة لتعيين الحدود؛ مما زاد من تعميق المشكلة الكردية، ثم عقدت بعد ذلك معاهدات أخرى مثل "أرضروم الأولى" (1823م)، و"أرضروم الثانية" (1847م)، واتفاقية طهران (1911م)، واتفاقية تخطيط الحدود بين الدولتين: الإيرانية والعثمانية عام (1913م) في الأستانة، وكذلك بروتوكول الأستانة في العام نفسه.
وفي 1920م نجح ممثل الأكراد شريف باشا، الذي قدم خريطتان عن ال في إدخال ثلاثة بنود تتعلق بالقضية الكردية في معاهدة سيفر التي أبرمها دول الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الاولة بباريس في أغسطس 1920م، وقد كرس ذلك عملية تدويل القضية الكردية بصورة رسمية، رغم أن الدولة العثمانية حاولت مرارًا أن تصف القضية الكردية بأنها قضية داخلية تستطيع الدولة حلها.
وفي (24 من يوليو 1924م) وقعت نصت معاهدة لوزان-  قادت المعاهدة إلى اعتراف دولي بجمهورية تركيا بقيادة مصطفى كمال أتاتورك التي ورثت محل الإمبراطورية العثمانية- على أن تتعهد أنقرة بمنح سكان تركيا الحماية التامة والكاملة، ومنح الحريات دون تمييز، من غير أن ترد أية إشارة للأكراد فيها، كما لم تجرِ الإشارة إلى معاهدة سيفر، وعدَّ الأكراد هذه المعاهدة ضربةً قاسية ضد مستقبلهم ومحطمة لآمالهم.
وعملت بريطانيا بعد المعاهدة على إلحاق جنوب إقليم كردستان - والمعروف بولاية الموصل – بالعراق، بينما اعتبر الأتراك أن بقاء أكراد الموصل خارج نطاق سيطرتهم يمهد السبيل أمامهم لإثارة أكراد تركيا؛ لذا طالبوا بضم ولاية الموصل إلى أراضي تركيا.
الأكراد وحلم الدولة...
ولكن الاكراد لم ييأسوا فقد اسسوا وأول جمهورية لهم كانت "مهاباد" في إيران، وكان الملا مصطفى البرزاني وزير الدفاع فيها. وهم إلى اليوم يرفعون علمها، ففي الثاني والعشرين من كانون الثاني عام 1946، وفي احتفال كبير وأمام حشد من الأكراد والعديد من رؤساء العشائر ورجال الدين أعلن القاضي محمد في ساحة (جوار جرا- المشاعل الأربعة-) في "مهاباد" عن تأسيس جمهورية مهاباد الكردية رفع العلم الكردي لأول مرة، وانتخب ممثلو جميع الطوائف والعشائر القاضي محمد ليصبح رئيس جمهورية مهاباد.
ولكن شاه ايرن لم يوافق علي هذه الجمورية التي جاءت بدعم من التحاد لسوفيتي في ذلك صراع النفوذ بين بريطانيا والاتحاد السوفييتي وتقسيم ايران، فوقعت حوادث سياسية وأمنية استفزت الجماهير الكردية لتنتقص برمتها على القوات الإيرانية، وتستطيع السيطرة على مجمل المناطق كاملة في يوم 17 ديسمبر عام 1945 ، مع وتوسعت القاعدة الشعبية لأعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني في المدينة لتحتوي أغلب شباباها وشيوخها وحتى نسائها.
ولكن القوات الايرانية في السابع من ديسمبر 1946 عادت وسيطرت علي مهاباد واعتقلت القاضي محمد مع عدد كبير من قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في مهاباد.. وشكلت محكمة عسكرية ميدانية لمحاكمة قاضي محمد وأخويه ن واحكم عليه بالاعدام نفذ في مارس من نفس العام .
وبعض سقوط اول تأسيس لدوتهم في العصر الحديث، اضطر الاكراد للتكيف مع الدول التي ظلوا جزءا منها، في العراق وسورية وإيران وتركيا. وحينا تقدمت مغريات الاتصال، وأحيانا تقدمت أشواق الانفصال بناء على ظروف كل بلد.
الأكراد وحلم الدولة...
توزع كردستان بصورة رئيسية في ثلاث دول هي العراق وإيران وتركيا مع قسم صغير يقع في سوريا، فيما يوجد عدد من الأكراد في بعض الدول التي نشأت على أنقاض الاتحاد السوفياتي السابق. وتشكل كردستان في مجموعها ما يقارب مساحة العراق الحديث. وتضم كردستان الكبرى إداريًّا 46 إمارة مستقلة أهم مدنها: ديار بكر، وديندر، وشاريزور، ولور، وأرديال، وفقا لتقرير بصحيفة "حرية بوست" بعنوان " إقليم كردستان الكبرى دولة بين الحدود".
ويشغل الأكراد 19 ولاية من الولايات التركية البالغ عددها 90، تقع في شرقي تركيا وجنوبيها الشرقي، ويعيش الأكراد بشكل متفرق في دول أخرى أهمها أرمينيا وكذلك في أذربيجان وباكستان وبلوشستان وأفغانستان.
وفي  العراق، منذ حرب الخليج الثانية، وبعد الهجرة المليونية للأكراد الذين طاردتهم حملات الأنفال التي قادها عزت الدوري، فُرضت دولة أمر واقع -من خلال قرارات مجلس الأمن ومناطق حظر الطيران- لا يستطيع نظام صدام دخولها. وبعد ربع قرن، أثبت الأكراد أنهم أقدر على إدراة شؤونهم من العرب، شيعة وسنة. ومن زار إقليم كردستان الذي ظل تاريخيا محافظة عراقية وزار بغداد، يدرك الفارق. وبعد الاحتلال الأميركي، تحول الإقليم إلى جاذب لكل النخب العراقية من كل الطوائف، في ظل نظام طائفي يقوده نوري المالكي.

حلم الدولة الكردية:

حلم الدولة الكردية:
على ضوء المستجدات التي ترشح العراق للتقسيم الطائفي، نقلت وكالة "رويترز" عن المسئول، الذي لم تسمه بناء على طلبه، أن تركيا «هي مع وحدة الأراضي العراقية». وتابع قائلا «لا نؤيد أي استقلال يضر بهذه الوحدة، لا يمكن مناقشة أي شيء من هذا القبيل». وأوضح المسئول أن أنقرة تدعم الدعوات إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل مصالح جميع العراقيين.
على مدى تاريخه الطويل لم يعرف الشعب الكردي، الذي يزيد تعداده حالياً على 40 مليون نسمة، دولة مستقلة. وظل هذا الشعب منذ حوالي 3000 عام جزءًا من أمم أخرى، أو نجح في إقامة إمارات متناثرة في أحسن الأحوال في إطار دول أكبر سادت المنطقة مثل الدولة الإسلامية أو الدولة العثمانية، كإمارة البابانيين قرب السليمانية وإمارة أردلان وإمارة بوتان في كردستان (تركيا الحالية)، ثم إقامة ولايات مثل ولاية شهرزور وعاصمتها كركوك الحالية وولاية الموصل وغيرهما.
 لكن فكرة تشكيل دولة كردية مستقلة لم يكن يشغل الوعي الكردي أو هاجسه بل لم يكن مطروحاً بالأساس كضرورة أو حتى رغبة ثانوية، ذلك أن مفهوم الدولة الحديثة لم يكن قد ظهر أو وصلت أفكاره إلى المنطقة حتى نهايات القرن التاسع عشر، حيث بدأ الكثير من الدول في الظهور بالمنطقة وفق نظام حديث.
الأكراد وحلم الدولة...
لكن الزعامات الكردية وقتذاك، رغم إمكاناتها، ظلت منشغلة بقضايا ثانوية صرفت اهتمامها عن هدف تحقيق حلم إقامة الدولة الكردية المستقلة، التي ظلت الإمبراطوريتان الفارسية والعثمانية ومن بعدهما إيران وتركيا الحديثتان تحاربان بشدة أي جهد أو مسعى في ذلك الاتجاه. 
ورغم أن بعض الفرص المواتية تهيأت للكرد بعد الحرب العالمية الأولى لرسم ملامح دولتهم المستقلة، في إطار المعاهدات والتحالفات الدولية والإقليمية التي سادت وقتذاك، إلا أن الزعماء الكرد، وفي مقدمتهم الشيخ محمود الحفيد، اكتفى بإقامة مملكته الصغيرة في السليمانية، والتي لم تدم طويلا، وانهارت سريعاً بعد حرب دامية مع قوات الاحتلال البريطاني التي قضت على الإمبراطورية العثمانية في المنطقة وكل الكيانات المتحالفة معها، ومن ضمنها مملكة الحفيد الذي أخفق في اغتنام واستغلال الأجواء والمشاعر التي سادت وقتها لانتزاع الاعتراف بحق الكرد في امتلاك دولتهم.
وهكذا انهارت أول دويلة كردية مستقلة إثر اصطدامها بواقع التقسيمات السياسية التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، في ظل عدم انتباه الملك الكردي الأول محمود الحفيد إلى أن العصر الجديد يتطلب رؤى وسلوكيات جديدة، فحدث أن حصل الأتراك على دولتهم، فيما ظل الكرد بلا كيان سياسي مستقل، بل وتوزعوا على أربعة من بلدان المنطقة وهي تركيا وإيران والعراق وسورية.
ويعترض حلم قيام دولة كردية بحسب دكتور لقاء مكي المتخصص في الشئون العراقية جملة مصاعب حقيقية بعضها يرتبط بالطبيعة والجغرافيا، والبعض الآخر يتعلق بالظروف الإقليمية والدولية والحقائق الجيوسياسية التي لا يمكن تخطيها.
الأكراد وحلم الدولة...
هناك أولا: مشكلة التضاريس الصعبة، فأرض الكرد أو كردستان هي عبارة عن سلاسل مستمرة من الجبال والمرتفعات التي تبلغ أحيانا حدا شديدا من التعقيد، هذه التضاريس كانت هيأت الظرف لحماية واستمرار العمل الكردي المسلح عقودا طويلة، وحفظت لمئات السنين تراث الكرد وثقافتهم، لكنها في الوقت نفسه وعلى امتداد الأزمان مثلت عنصر إعاقة جوهريا أمام بناء دولة كردية موحدة، بل وحتى توحيد الكرد ومنع تشرذمهم إلى تجمعات متباعدة ومنعزلة من الصعب أن تتفق فكريا وثقافيا وسياسيا.
ثانيا: الخلافات الكردية- الكردية أو صعوبة التنسيق في أحسن الأحوال، إذ ما زال كرد كل دولة في المنطقة متميزين عن الآخرين من بني جنسهم في رؤاهم السياسية، وأساليب عملهم بين عسكرية وسياسية وكذلك في تحالفاتهم الخارجية لا سيما الإقليمية أو مع الولايات المتحدة.
إن كرد تركيا مثلا ينشطون من خلال حزب العمال الكردستاني يساري التوجه، الذي عاد للعمل المسلح بعد سنين من اعتقال قائده عبد الله أوجلان، وهذا الأخير كان يعتبر قيادات كرد العراق مجرد زعامات إقطاعية؛ ولذلك لم يجد كرد تركيا ملاذا لدى أشقائهم في العراق، فظلوا في منطقة الشريط الحدودي المعقدة والعصية على كل خصومهم.
الأكراد وحلم الدولة...
ثالثا: الموانع الإقليمية الرافضة لأي توجه كردي نحو الاستقلال حتى لو كان جزئيا، وتقف تركيا في مقدمة هذا المنهج، ورغم أن معظم الكرد يتمركزون في هذه الدولة (حوالي 16 مليونا)، فإن الدستور التركي يرفض الاعتراف حتى بوجود الكرد ويسميهم (أتراك الجبل)، والسلطات التركية لم تسمح إلا مؤخرا باستخدام اللغة الكردية بشكل علني إلى جانب السماح ببعض الأنشطة الخاصة بالكرد، التي تقتصر على نيل جزء من حقوقهم الثقافية والقومية، ويقترب الأمر من ذلك في سوريا، وبشكل ما في إيران؛ ولذلك فإن هذه الدول ترفض بإصرار أن تتشكل دولة كردية في العراق مثلا وهي يمكن أن تمارس عليها حصارا خانقا، بل إن أيا منها- لا سيما تركيا- يمكن أن تقوم بعمل عسكري ضد كرد العراق، إذا ما حصل ذلك، علما بأن كردستان العراقية هي وحدها المؤهلة اليوم للحصول على مكاسب تتعلق بالحكم الذاتي والفدرالية، أو بحق تقرير المصير.
رابعا: ضعف الاقتصاد، ذلك أن دولة كردية في جزء من كردستان الكبرى ولتكن في العراق مثلا لن تكون قادرة على الحياة حتى لو لم تواجه موانع إقليمية أو دولية، فاقتصاد مثل هذه الدولة سيكون ضعيفا بسبب قلة الموارد الطبيعية والجو الإقليمي المعادي، الذي يمكن أن يقبل بنشوئها، لكنه لن يسمح لها على الأرجح بالتنفس؛ خوفا من انتشار عدواها إلى الكرد في الدول المجاورة، وحتى مع النفط الذي يمكن أن يكون موجودا في شمال العراق، بل حتى إذا ما سيطر الكرد على كركوك فإن دولة كردية مستقلة لا منفذ لها على البحر لن تتمكن من بيعه أو تصديره إذا ما رفضت دول الجوار التعاون معها للتواصل مع العالم، ناهيك طبعا عن توافر أساليب أخرى للحصار تجعل من هذه الدولة معتمدة بالكامل على المعونات الدولية في حال وجودها أصلا.
خامسا: المعوق الدولي الذي ما زال يصر على رفض أي إعادة لرسم خريطة المنطقة، والسماح بتأسيس دولة كردية تنسف الواقع الجغرافي لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى.. إن الأمر هنا يتعلق بالقانون الدولي بقدر ما يتعلق بالمصالح الدولية لا سيما مصالح الدول الكبرى، إذ إنه فضلا عن أن المنطقة حساسة أكثر مما يجب لإثارة اضطرابات شديدة تصاحب تأسيس دولة كردية، فإن إرادات مختلفة ينبغي أن تتفق قبل الشروع بذلك، حتى لو سلمنا بأن الإرادة الأمريكية ستكون حاسمة هنا.
لكن يبدو أن هذا المعوق الدولي إلى جانب التغيرات الإقليمية تنبئ بوضع وتحرك جديدين في مسألة الدولة الكردية، خاصةً مع عرض لتقرير أثير في الكونجرس الأمريكي عام 2005، يقول التقرير الذي أعده مركز للدراسات في واشنطن: إن أمريكا يمكن أن "تشجع قيام دولة مستقلة للكرد في العراق تمهيدا لقيام كردستان الكبرى"، ويمضي التقرير في سرد "التحولات الإستراتيجية التي ستتحقق في المنطقة في حال تشجيع واشنطن قيام دولة كردستان في العراق، ومنها ضمان وجود دولة صديقة وحليفة للولايات المتحدة والغرب وإسرائيل، وتطوير واستثمار مشاعر الملايين من الكرد، المتعاطفة مع الولايات المتحدة في منطقة إستراتيجية، لا سيما أن الولايات المتحدة تواجه خزينا من الكراهية المتنامية عند الشعوب العربية".
ويمضي التقرير إلى أن تشكيل الدولة الكردية المقترحة التي ستتوسع مستقبلا لتضم مناطق الكرد في إيران وتركيا وسوريا- يهدف أيضا إلى "إيجاد حليف إستراتيجي لدولة إسرائيل يمكن أن يشكل لها عمقا سياسيا وعسكريا واقتصاديا وسوقا رائجا لبضائعها، فالكرد- حسب التقرير- لا يتحسسون من أي انفتاح مع إسرائيل، بفعل تاريخ قديم من العلاقات ومن الدعم السياسي والعسكري للكرد منذ عهد الزعيم الكردي الملا مصطفى البارزاني، إلى جانب تشكيل قوة إستراتيجية عسكرية واقتصادية لها القدرة على إيجاد توازن إقليمي حقيقي مع إيران والدول العربية، وأيضا مع العراق أو ما يتبقى منه في حال أفرزت الديمقراطية فيه تيارا سياسيا متطرفا".
ويسهب التقرير في سرد الضرورات الإستراتيجية لقيام دولة مستقلة للكرد في العراق، ويورد خاصة دورها في ما يسمى بمكافحة الإرهاب، لا سيما بعد أن تتوسع لتصبح كردستان الكبرى ذات الـ40 مليون نسمة وعلى رقعة كبيرة من الأرض قد تصل إلى نصف مليون كيلو متر مربع.

المسألة الكردية.. المشهد الآن:

المسألة الكردية..
والآن مع موجود تسريبات حول مشاركة اقليم كردستان في التحالف الاسلامي العسكري لمواجهة الجماعات الارهابية بقيادة المملكة العربية السعودية، وفي ظل التطورات المتسارعة في الشرق الاوسط وخاصة في العراق وسوريا، واعتماد الدول الغربية وبعض دول المنطقة علي الاكراد في محاربة "داعش" تقترب الأمة الكردية من تحقيق مكاسب قوية علي الساحة السياسية والميدانية في الاقتراب خطوة نحو حلم تحقيق الدولة الكردية، فاذا لم يتم استقلال الأكراد في الوقت الراهن في صبر الاكراد والسير بمبدأ" خطوة خطوة تصل الي الهدف"  فاذا لم يعلن الأكراد في الوقت الحالي الاستقلال فانهم سيحظون بمكاسب تؤهلهم في تأسس دولتهم في المستقبل القريب وهو ما بدا واضحا من خلال تجربة "أكراد العراق" والتي يسير علي نهجها أكراد سوريا وتركيا وقد يلحق بهم قريبا أكراد ايران.

المشهد الأن:

وحتي الأن مازال قيادة إقليم كردستان يسعون إلي اجراء الاستفتاء وتحقيق الحلم التاريخي للملايين الاكراد بتأسيس دولتهم.
ولكن مع مساعي المجتمع الدولي للتوصل إلى اتفاق مؤثر وسخي للأكراد قد يثني قادجة اقليم كردستان عن السير قدما في الاستفتاء والحصول علي مزيا عديدة قد يكونفي مقدمتها خريطة علي الاستقلال مستقبلا ، وفي حالة فشل التوصل الي اتفاق فإن اقليم الشرق الاوسط مهدد بحرب جديدة.