بوابة الحركات الاسلامية : السلفية بين الأصيل والدخيل (طباعة)
السلفية بين الأصيل والدخيل
آخر تحديث: السبت 24/08/2019 01:15 م حسام الحداد
السلفية بين الأصيل
اسم الكتاب: السلفية بين الأصيل والدخيل
المؤلف: د. أحمد كريمة
الناشر: الهيئة العامة للكتاب 
إن كانت السلفية كما يعرفها الجميع هي منهج إسلامي يدعو إلى فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وهم الصحابة والتابعون وتابعو التابعين، باعتباره يمثل نهج الإسلام الأصيل والتمسك بأخذ الأحكام من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، ويبتعد عن كل المدخلات الغريبة عن روح الإسلام وتعاليمه، والتمسك بما نقل عن السلف، وبغض النظر عن وجهة نظرنا في هذا المنهج الذي يؤكد الكثير من أهل العلم عدم موافقته لتعاليم الإسلام الصحيح؛ حيث تطور المجتمعات وتطور حاجاتها، وبالتالي تطور المفاهيم التي تحكم هذه المجتمعات، كما حدث مع أئمة الإسلام الأوائل، فكل منهم أنتج مذهبًا دينيًّا يتفق مع متطلبات عصره وحاجات مجتمعه.
فإن تلك الجماعات التي تدعي الالتزام بالمنهج السلفي قد انحرفت كثيرًا أو قليلًا عن هذا المنهج، ويقدم لنا الدكتور أحمد كريمة في هذا الكتاب دراسة نقدية علمية عن مَنْ أسماهم خوارج هذا الزمان ومنتحلي السلف، وكذلك "إماطة اللِّثَام"- على حد تعبير الكاتب- عن فكر التشدد والمغالاة والتنطع.
مما يؤدي في النهاية إلى تحذير المخدوعين بهذا الفكر وتنبيه المفتونين به، مذكرًا بالتفكير الممنهج، مصححًا تلك المفاهيم المغلوطة، ومصوبًا تلك الأفكار الخاطئة، مميزًا في النهاية بين الأصيل والدخيل والصواب والخطأ.
التربية الإسلامية لسلطنة عمان
ينقسم الكتاب إلى جزءين يتناول الجزء الأول والمعنون به الكتاب "السلفية بين الأصيل والدخيل"، أما الجزء الثاني فجاء عنوانه "مفاهيم دينية مغلوطة" في محاولة من الكاتب لتصحيح هذه المفاهيم حسبما يتفق ورؤيته العلمية.
وفي الجزء الأول من الكتاب يقوم الدكتور أحمد كريمة بتعريف الوهابية المتسلِّفة، حيث إنها بحسب الكاتب من الحركات الإسلامية التي ظهرت إبان عهود التخلف في العالم الإسلامي، تقول إنها تدعو إلى العودة بالعقيدة الإسلامية إلى أصولها الصافية وتنقية مفهوم التوحيد مما علق به من أنواع الشرك.
وهي حسب الكاتب تناحر حكمًا سياسيًّا في بلد المنشأ بشبه الجزيرة العربية وأسسها محمد بن عبد الوهاب النجدي. وبعد أن قَدَّم الدكتور كريمة مبادي ومعتقدات السلفية الوهابية يقوم بالتعليق عليها بقوله: ".. هي الجمودية التي تشير إلى رفض التكيف والمعارضة لكل نمو وتطور، ومعاداة الحضارة خيرها وشرها، والعودة إلى الماضي من انتساب إلى التراث، والمحافظة عليه وتقديسه، ورفض الحاضر وكراهيته، وعدم التسامح، والانغلاق، والتحجر المذهبي، وما يستتبعه من تصلب وعناد وتعصب".
ويستمر الدكتور كريمة في فضح هذه الدعوة الوهابية؛ حيث تمارس السلفية الجهادية المتفرعة من هذا المذهب استحلال الدماء والأموال والأعراض بشراسة الخوارج، وعمل المتسلفة ما أسموه "مراجعات"، بل في واقع أمره "تلفيقات". فكونت السلفية الحركية أحزابًا سياسية، وتناقضوا فيما بينهم، فاعترضت السلفية الدعوية ورفضت السلفية الجهادية. وكذلك موقفهم من ثورات الإصلاح متعارض متناقض.
ثم يقوم كريمة في المبحث الرابع من الجزء الأول بفضح أغاليط السلفية، بداية من الاستدلال الخاطئ في الأمور الاعتقادية وغيرها وحصر الفكر الإسلامي في عقيدة الوهابية وفقه الحنابلة، وتحريمهم التصوير والغناء وغيره، وكذلك رفضهم الواقع، وبعد قيامه بسرد تلك الأخطاء يقوم في المبحث الخامس بتصحيح المفاهيم المغلوطة، سواء كانت إيمانية أو عقيدية، أو في مجال علم الكلام.
وفي المبحث السادس يقوم الدكتور كريمة بعمل حصر لبعض أدبيات السلفية المعاصرة؛ حيث جمع بعضًا من آراء وفتاوى ومواقف هذا الفريق التي هي خارجة عن الرواية المقبولة، والدراية المعقولة، فمن مرجعياتهم: الأرض ثابتة لا تدور، التوسل بجاه النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- من وسائل الشرك، الذبح عند الأضرحة شرك، القول بعدم تكفير اليهود والنصارى كفر، تعظيم السلام الوطني أو العلم الوطني ذريعة إلى الشرك، لا تجوز الإقامة في بلاد الكفار.. إلخ من هذه الفتاوى التي تحرم على العباد الحياة.
ونوه الدكتور كريمة أنه للاستزادة من هذا الأدبيات السلفية يرجع إلى كتاب (فتاوى علماء البلد الحرام، إعداد خالد عبد الرحمن الجريس، وكذلك مجالات التوحيد، الهدي النبوي، الفرقان.. إلخ) من القنوات الفضائية التي يصرحون فيها ليل نهار.
ينتقل الدكتور أحمد كريمة إلى الجزء الثاني من الكتاب، والذي يتحدث فيه عن المفاهيم الدينية المغلوطة، ويستهل هذا الجزء بفتنة التكفير؛ حيث يقول: ".. إن أمر التكفير لأهل الإيمان وأتباع الإسلام، خطر عظيم، وشر جسيم، يثير الفتن، ويغتال الأمن والأمان، والسلم والسلام، وكما عانت الأمة المسلمة منه منذ ظهور غلاة "الخوارج"، والتعصب والتمذهب والتحزب، وها هي في عالم متغير تعافى كثيرًا، فاتهامات تكفيرية بين "السُّنة والشيعة"، وبين "السُّنة والسُّنة".. إلخ، ومن مضار وكارثة التكفير ظهور جماعات العنف المسلح كنتيجة للعنف الفكري.
وبعد هذه المقدمة يقوم الدكتور كريمة بتوضيح حقيقة التكفير وحكمه والألفاظ ذات الصلة به وكيفية التحرز من تكفير المسلم كذلك التحذير من الاعتداء على الدين، وإذا يقدم لنا في المبحث الرابع من هذا الجزء الثاني من الكتاب صورًا لتكفير المسلمين، والتي بدأها بتكفير أهل الكبائر وتكفير الشيعة لأهل السُّنة، وتكفير الشيعة للأشاعرة والصوفية، وكذلك تكفير بعض المذاهب الاعتقادية، إلى أن وصل للمبحث الخامس وهو الحكم بغير ما أنزل الله- تعالى- هل هو من الكفر؟ ونطوي تحت هذا العنوان أسئلة كثيرة، من بينها: هل الإسلام سلام أم حرب؟ ووضح حقيقة آية السيف وموقف الإسلام من الإرهاب.
وخلاصة ما قدمه الدكتور أحمد كريمة في كتابه كما هو في متنه:
الإرهاب من حيث معناه السياسي أو الدولي أو إرهاب الدولة، وملامحه جريمة تحرمها نصوص الشريعة الإسلامية وقواعدها.
- الإنسان المسلم لا يجوز إرهابه؛ فهو معصوم الدم والعرض والمال، فلا يجوز الاعتداء عليه، سواء كان حاكمًا أو محكومًا.
- الإنسان غير المسلم لا يجوز إرهابه إذا كان مسالمًا للمسلمين وموادعًا لهم، غير طاعن في الإسلام، وكذلك إذا كان معاهدًا أو مستأمنًا.
ألفاظ الإرهاب في القرآن الكريم لا علاقة لها بما ذكر، بل إنها إما للخوف من الله بفعل أمره واجتناب نهيه طلبًا للسلامة من عقابه، أو لتخويف أعداء الدين الحق، ومنهم من له السبق بالاعتداء على المسلمين أو التمادي فيه.
ونخلص من الكتاب إلى مجموعة من التوصيات التي يقدمها بوجوب إعلاء الوسطية الإسلامية بوسائل، منها:
1- تغليظ عقوبة تعزيرية.
2- مراقبة وسائل دعوية من مساجد وجمعيات.
3- الحد من قنوات فضائية دينية.
4- وضع آلية سليمة للعمل الدعوي والإعلامي.
5- السعي إلى إسلام بلا فِرق.
6- عمل حوارات دعوية مع الشباب خاصة من علماء راسخين.
7- نشر الثقافة الإسلامية الصحيحة كمقرر تعليمي ومكون دعوي.