بوابة الحركات الاسلامية : تفجيرات جاكرتا.. "داعش" يدشن حضوره في إندونيسيا على إرث القاعدة (طباعة)
تفجيرات جاكرتا.. "داعش" يدشن حضوره في إندونيسيا على إرث القاعدة
آخر تحديث: الخميس 14/01/2016 08:32 م
تفجيرات جاكرتا..
لا تمثل تفجيرات وهجمات جاكرتا الأولى في إندونسيا، فقد وقعت عدة عمليات من قبل الجماعات الإرهابية ابرزها هجمات "بالي" في 2002،وسط تنبي تنظيم "داعش" الهجمات، ومخاوف من تمدد التنظيم في جنوب شرق اسيا.

هجمات جاكرتا:

هجمات جاكرتا:
تبنى تنظيم داعش المسؤولية عن 7 انفجارات قوية، 6 منها متزامنة، هزت وسط العاصمة الإندونيسية جاكرتا، أحدها قرب مكتب الأمم المتحدة، صباح الخميس.
ونقلت وكالة "أعماق" المقربة من داعش " والتي دأبت على نشر بياناته وتحركاته العسكرية، عن من وصفه بأنه "مصدر" قوله إن مقاتلين من التنظيم نفذوا الهجوم المسلح الذي استهدف العاصمة الإندونيسية جاكرتا صباح الخميس.
ونقلت الوكالة عن المصدر قوله: "مقاتلون من الدولة الإسلامية نفذوا صباح اليوم هجوما مسلحا استهدف رعايا أجانب والقوات الأمنية المكلفة بحمايتهم في العاصمة الإندونيسية جاكرتا."
ولقي 8 أشخاص على الأقل وأصيب آخرون بجروح في سلسلة انفجارات وقعت في العاصمة الإندونيسية جاكرتا الخميس 14 يناير ، بحسب الشرطة.
وأعلن وزير الأمن الأندونيسي لوهوت بانجايتان بعيد الظهر "مقتل خمسة إرهابيين". وأضاف أن مدنيين هما هولندي وإندونيسي قتلا أيضا.
وأوضحت الشرطة الاندونيسية أن هذه الحصيلة تشمل خمسة من منفذي الهجمات بينهم أجنبي، مشيرة إلى أن 6 انفجارات على الأقل وقعت في العاصمة قرب مكتب الأمم المتحدة ومناطق أخرى.
وأفادت تقارير إعلامية بأن موظفا في الأمم المتحدة أصيب بجروح في هذه الانفجارات.
وقال متحدث باسم الشرطة الإندونيسية: إن ما بين 10 و14 مسلحًا شاركوا في هجمات جاكرتا، فيما ذكرت وسائل إعلام، أن ست قنابل انفجرت، كما وقع تبادل لإطلاق النار.
وظهرت قافلة من المدرعات التابعة للجيش الإندونيسي في شوارع جاكرتا بعد سلسلة الهجمات في العاصمة. ونشر صحفيون في موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي صورة تظهر أربع مدرعات عسكرية مزودة برشاشات ثقيلة.
وحسب تقارير إعلامية، وقع انفجار أمام مركز تسوق في منطقة بها فنادق ومبان حكومية وسفارات ومكاتب تابعة للأمم المتحدة.
ويقول شهود عيان إنهم رأوا العديد من الضحايا في الشارع عقب تبادل لإطلاق النار بين الشرطة والمهاجمين أمام مقهى في وسط المدينة.
وأشارت وسائل إعلام محلية في وقت سابق أن منفذي الهجمات هربوا باتجاه قاعة سينما للاختباء بين جموع الموجودين.
هذا، ونقلت وكالة "تاس" الروسية أن انفجارات جديدة جرت قرب سفارتي تركيا وباكستان في العاصمة الإندونيسية جاكرتا.
ووصف الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو الهجمات بأنها أعمال إرهابية، بينما أعلنت الشرطة الإندونيسية أن ثلاثة انتحاريين على الأقل كانوا متورطين في تنفيذ الهجمات.
من جهتها أشارت السفارة الروسية في إندونيسيا إلى عدم توفر أي معلومات حول سقوط ضحايا بين المواطنين الروس الموجودين في هذا البلد.

لماذا إندونيسيا؟

لماذا إندونيسيا؟
لدى تنظيم داعش حضور في إندونيسيا حيث حاول لفترة إقامة "خلافة نائية" بعيدا عن مركز الأحداث في الشرق الأوسط، وفقا لما أكده مكتب المدعي العام الاسترالي، جورج برانديس، في تقرير سابق له، إذ نقلت عنه صحيفة استرالية في ديسمبر الماضي قوله إن داعش "حدد إندونيسيا كأرض ممكنة لتحقيق طموحاته."
وتعتقد الحكومة الإندونيسية أن قرابة 700 من مواطنيها سافروا إلى سوريا خلال السنوات الماضية للقتال بمواجهة نظام الرئيس بشار الأسد، وقد انضم العدد الأكبر منهم إلى داعش بما يفوق بكثير من انضموا إلى حركات مسلحة أخرى.
كما ظهر مقاتلون إندونيسيون في مشاهد ترويجية مصورة بثها تنظيم داعش، وقد أعلنت الشرطة الإندونيسية العام الماضي أنها أفشلت خطة لإحداث تفجيرات بتخطيط من تنظيم داعش.
وفي نهاية ديسمبر 2015، ألقت الشرطة الإندونيسية القبض على ثلاثة أشخاص يُشتبه في ارتباطهم بتنظيم "داعش" خلال عملية شنتها في مقاطعة سولاوسي الوسطى ضد الداعية المتشدد" سانتوسو"، والذي اعلن وثلاثين من أنصاره ولائه لـ"داعش".
وصرح قائد شرطة المقاطعة، أدهم عزيز: "أعلن فريقي صباح اليوم القبض على ثلاثة أشخاص"، مضيفًا أن سبعة مجاهدين مزعومين وضابطي شرطة وجندي قُتلوا في هذه العملية.
كمما تشير تقارير إعلامية إلى ان أبو التطرف في إندونيسيا المسجون حاليا، "أبو بكر باعشير" قد بايع زعيم تنظيم "داعش" أبوبكر البغدادي بينما أكد وزير تنسيق الشؤون السياسية والأمنية والقانونية في الحكومة الإندونيسية، جوكو سويانتا، عدم صحة التقارير التي أشارت إلى قيام “أبوبكر بعشير” بمبايعته لداعش.
وباعشير يعد الزعيم السابق للجماعة الإسلامية التي قامت بذبح أكثر من 200 فرد في تفجيرات بالي عام 2002.
ومن بين دعاة إندونيسيا من المؤيدين لتنظيم "داعش"، أمان عبد الرحمن، والذي جرى اعتقاله مرتين، الأولى بسبب تقديمه مجموعة من الدروس التعليمية في كيفية تصنيع القنابل في 2004 والثانية لتورطه في معسكر لتدريب المتشددين في منطقة Aceh  في إندونيسيا عام 2010، ومن أقرب أتباع الرجل سالم مبروك، وهو ممن يقومون بالتجنيد لصالح تنظيم "داعش" وذلك وفقا لما ذكره تقرير مفصل من قبل معهد تحليل سياسات النزاع.

تاريخ من الإرهاب:

تاريخ من الإرهاب:
وخلال السنوات القليلة الماضية، اصبح وجود الجماعات الإسلامية المسلحة ملموسا في اندونسيا، ويتعرض بعضها لاتهامات بأنها على علاقة بالقاعدة، بما فيها الجماعة المسؤولة عن تفجيرات جزيرة "بالي" الدموي عام 2002، التي أسفرت عن مقتل 202 شخص. وتواجه إندونيسيا مطالب بالاستقلال في العديد من الأقاليم.
وخاضت إندونيسيا مواجهة طويلة مع الإرهاب المحلي المنشأ، وخاصة تنظيم "الجماعة الإسلامية"، الذي أعلن مسؤوليته عن تنفيذ 11 هجوما خلال الفترة ما بين عامين 2000 و2010، بالإضافة الي تفجير "بالي" 2002، وقع هجوم في 5أغسطس 2003 علي فندق الماريوت بجاكرتا، حيث قام انتحاري بتفجير سيارة ملغومة خارج بهو فندق جي دبليو ماريوت، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا وجرح 150 واتهمت السلطات الإندونيسية «الجماعة الإسلامية» بانها وراء الهجوم.
وفي 9 سبتمبر 2004 وقع تفجير السفارة الأسترالية  في جاكرتا، حيث انفجرت سيارة ملغومة بطن من المتفجرات، خارج السفارة الأسترالية في منطقة كونينجان، جنوب العاصمة الإندونيسية، مما أسفر عن مقتل 9 أشخاص من بينهم الانتحاري نفسه، وإصابة أكثر من 100 آخرين، وأعلنت "الجماعة الإسلامية في إندونيسيا" التابعة لتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن التفجير.
وفي 1 أكتوبر 2005،شهدت جزيرة بالي، ثاني هجوم ارهابي، حيث تم استخدام عدد من القنابل الانتحارية وسلسلة من السيارات المفخخة والهجمات، وأسفر الهجوم الإرهابي عن مقتل 20 شخصا وجرح أكثر من 100 آخرين ومقتل ثلاثة من الانتحاريين في الهجمات، التي تبنتها "الجماعة الإسلامية في إندونيسيا" التابعة لتنظيم القاعدة.
كما قتل أكثر من 50 شخصا في تفجيرات نفذتها الجماعة الإسلامية، في 17 يوليو 2009، داخل فندق ريتز كارلتون بالعاصمة جاكرتا، حيث تم التفجير بواسطة انتحاري يحمل حقيبة متفجرات داخل الفندق. 
كما وجهت سلطات جاكرتا الاتهامات إلى الجماعة الإسلامية بالتورط في مؤامرة لاغتيال الرئيس سوسليو يوديونو ومسؤولين حكوميين آخرين في العاصمة جاكرتا في يوم ذكرى الاستقلال 17 أغسطس 2010. 
وفي 15 إبريل 2011، فجّر انتحاري عبوة ناسفة في مسجد بمجمع للشرطة في مدينة سيريبون أثناء خطبة صلاة الجمعة. وأسفر التفجير عن مقتل 28 من المصلين داخل المسجد، وتبنته "الجماعة الإسلامية في إندونيسيا" وبررته باعتقال الشرطة لأفرادها.
ويقول خبراء مكافحة الإرهاب إن الجماعة الإسلامية تعطلت فقط لكن لم يقض عليها. ويشيرون إلى أن الجماعة الإسلامية في جنوب شرقي آسيا قد أعدت جيلا جديدا من المتشددين لتنفيذ مزيد من التفجيرات على شاكلة تفجير بالي، حيث تدرب قادة في مدارس دينية في إندونيسيا وباكستان.
وسبق لتنظيمات أصغر حجما أن أعلنت مسؤوليتها عن عمليات أخرى، بما فيها عام 2005 قيام مجموعة مسلحة بقطع رؤوس ثلاثة من المراهقين المسيحيين.

أبرز الجماعات الإرهابية:

أبرز الجماعات الإرهابية:
ووجود تنظيم "داعش" في إندونسيا وجنوب شرق آسيا يأتي ليس صعبا، فهناك أرضية خصبة من الجماعات المتشددة والمتطرفة والتي تتشابه او تتماثل مع فكر ونهج تنظيم "داعش" الأيدلوجي.
وتعد الجماعة الإسلامية منن ابرز الجماعات في إندونيسيا التي تتبني الفكر المتطرف وهناك العديد من العمليات ارهابية التي قامت بها خلال العقدين الماضيين ضد اهداف حكومية واجنبية.
تأسست الجماعة الإسلامية في جنوب شرق آسيا عام 1993 على يد كل من الشيخ أبو بكر باعشير ورفيقه عبد الله سنغكر، وهي تهدف منذ نشأتها إلى إقامة دولة (نوسانتارا) الإسلامية التي تضم (ماليزيا وإندونيسيا وسلطنة بروناي وجنوب الفلبين وجنوب تايلاند). لذلك ترى الدولة الإندونيسية المتحالفة مع الولايات المتحدة في حربها على ما يسمى (الإرهاب) في الجماعة تحدي أمني وسياسي ينبغي استئصاله.
وفي العام 1988 التقى مصدوقي وسونغكار وباعشير خلال رحلة إلى باكستان بأسامة بن لادن وعبد الله عزام وبالعديد من المتدربين من جنوبي شرقي آسيا في معسكرات تدريب المجاهدين.  ولكن الجماعة الإسلامية تلقت ضربة قوية بعد اتهامها بالوقوف وراء تفجيرات بالي عام 2002 واعتقال وتنفيذ حكم الإعدام بعدد من أعضاء الجماعة عام 2008.
كما تعد وتعد منظمة "مجاهدي كومبولان" التي تنتشر في العديد من المناطق في ماليزيا وإندونيسيا والفلبين، احدي اقرب الجماعات الراديكالية في شرق اسيا قربا الي فكر القاعدة،  فهي تستفيد من تنظيم "القاعدة "تدريبا واتصالا ودعما دون أن تتقيد بالتنفيذ والتخطيط والرؤية للصراع داخل مناطقها بالتخطيط الموجه من قيادات القاعدة، ويقتصر عملها على تحقيق أهدافها الخاصة.
و تعود نشأة منظمة "مجاهدي كومبولان" الماليزية إلى التسعينيات من القرن الماضي وبالتحديد في عام 1995 على يد نيك عدلي عبد العزيز، والمعتقل حاليا في إطار قانون الأمن الداخلي في ماليزيا، وتولى القيادة في عام 1999 بعد أن تلقى مع  مجموعة من المقاتلين المجاهدين تدريبات في أفغانستان ليعودوا إلى ماليزيا في محاولة لإقامة دولة إسلامية ويبلغ عدد أعضائها على حسب الشرطة الماليزية ما بين 70إلى 80 عضوا تنظيميا، وقام الحكومة الماليزية بتنفيذ 12عملية اعتقال لهم وتحتجز حاليا 48 عضوا في إطار الأنشطة التي تعتبر تهديد للأمن القومي.
للمزيد عن منظمة "مجاهدي كومبولان" اضغط هنا 
ومع بروز خطر "الجماعة الإسلامية" التي لها ارتباطات مع تنظيم القاعدة، كانت إندونيسيا تواجه تنظيما خطيرا يحمل اسم "دار الإسلام" والتي تأسست في بداية الخمسينيات مع استقلال إندونسيا وشهدت صراعا مع الدولة، وخرج من رحمها العديد من الجماعات المسلحة ابرزها "الجماعة الإسلامية "، وحركة " كوماندو الجهاد" التي نشطت بشكل ملحوظ عام 1976 بسلسلة من الهجمات المسلحة التي استهدفت بعض المساجد والكنائس.
 ويقوم المشروع السياسي لـ"دار الاسلام" على تأسيس "خلافة إسلامية" في منطقة جنوب شرق آسيا تربط المسلمين في إندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايلاند.
ونفذ تنظيم" دار الإسلام" الدولة الإندونيسية، سلسلة من الهجمات في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ضد الدولة الاندونيسية، واصفاً إياها بدولة كفر، قبل أن يتجه إلى العمل السري.
وهناك جماعة أنصار التوحيد، التي يتزعمها أبو بكر بشير، وجماعة انصار التوحيد هي جماعة منشقة من تنظيم " الجماعة الإسلامية"، وتشير تقارير صحفية  إن البشير، الذي يقضي حكما بالسجن لمدة 15 عاما لإقامته معسكر تدريب في أتشيه، إندونيسيا، باسم تنظيم القاعدة، قام بحث الإندونيسيين على القتال مع "أبناء الإخوة" في "داعش".

"داعش" في إندونسيا.. المشهد الآن:

داعش في إندونسيا..
تمثل تفجيرات جاكرتا اليوم الخميس 14 يناير، مشهدا مهما في تاريخ الارهابي الاسود بإندونيسيا، حيث تعد هذه التفجيرات تدشين رسمي وقوي لتنظيم "داعش " الارهابي في البلاد، علي حساب الإرث التاريخي لتنظيم "القاعدة".
تفجيرات "جاكرتا" تمثل ضربة قوية للدولة الإندونيسية والتي نجحت في السنوات الماضية في كبح الجماعات الإرهابية والمتطرفة ولكن في ظهور "داعش" يمثل دعمًا قويا لعودة بعض هذه الجماعات للعمليات الإرهابية، مما يمثل عبأ أمنيًا واقتصاديًا وسياسيًا على الدولة الإندونيسية، فهل ستنجح جاكرتا في هزيمة "داعش"؟