لعب الشيخ صبحي الطفيلي و عباس الموسوي وناشطين ورجال الدين شيعية مع اختفاء مؤسس حركة امل موسى الصدر، سعو الي تأسيس تنظيم جديد.
وكان الطفيلي والموسوي علي علاقة بحزب الدعوة الاسلامية العراقي، الذي نشأ برعاية إيران مالوا مع المد الإيراني ورأوا ضرورة انشاء مشروع حزبي ديني سياسي وحتى مسلح.
ويقول فحص موضحا: «لقد بدا بعد الثورة وحتى الاجتياح الإسرائيلي والاحتلال عام 1982، وكأن حركة أمل هي مشروع إيران الشيعي في لبنان. ولكنه مشروع معقد ويحتاج إلى صبر وجدل طويل بفعل التكوين القريب من النهج الليبرالي الذي رعاه الإمام الصدر، وأكد عليه في حركة أمل، من دون أن يمنع من نمو تيار ديني من دون مشروع سياسي ديني في حركة أمل بسبب انتباه الإمام الصدر.
ولكن هذا التيار مع الثورة الإيرانية وغياب الإمام الصدر، أصبح أكثر قناعة بالمشروع السياسي الديني، وعندما لم يجد في حركة أمل مجالًا لتنفيذ رؤيته، شرع في توثيق علاقته بإيران والتفاهم العميق معها على علاقة عفوية، وقد تجلى ذلك في حركة سفر إلى طهران وبيروت، وفي سعي إيران إلى احتضان الحوزات الدينية التي نشأت في لبنان بعد زعزعة النجف، وبدعم من المرجع الإيراني السيد الكلبياكاني والسيد الخوئي، وقد تم لإيران ذلك بعد جهد كبير وتحول السيد عباس الموسوي والشيخ صبحي الطفيلي ورفاقهما من المشايخ في حركة أمل والمستقلين، خاصة من كان منهم على علاقة بحزب الدعوة إلى السياق الإيراني، وإن بقي عدد منهم فاعلين في تنظيم حركة أمل كالشيخ نعيم قاسم.
وكما ان علاقات إيران مع أمل تأثرت بسبب اختلاف الضرورات السياسية لدى كل منهما، وهو ما فتح الباب لإنشاء حزب الله، فإن نفس سوء التفاهم حدث بين إيران الثورة وحركة فتح، إذ ظهرت تدريجيا تباينات بين الثورة الفلسطينية ودولة الثورة في إيران التي كانت ترى الثورة الفلسطينية وفتح ورقة في مشروعها النضالي ضد الغرب، بينما كانت حركة فتح تنظر لعلاقاتها مع إيران كطريقة لتعزيز قوتها في نضالها القومي من أجل استعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكما أدت التباينات بين طهران وأمل إلى ولادة حزب الله، أدت التباينات بين طهران وفتح إلى ولادة حماس والجهاد الإسلامي لاحقا.
وعلى هامش 'المؤتمر الأول للمستضعفين' اجتمع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الخميني بعدد من علماء ودعاة الشيعة الذين شاركوا في هذا المؤتمر، وكان من بينهم: محمد حسين فضل الله، صبحي الطفيلي، وممثل حركة أمل في طهران إبراهيم أمين، وتدارس معهم الخطوات الأولى اللازمة من أجل إنشاء هذا الحزب الجديد.
تولي الطفيلي منصب الأمين العام الأول لحزب الله في الفترة من عام 1989 حتى عام 1991، ثم أجبر على الاستقالة بعد إعلانه من جانب واحد العصيان المدني على الحكومة اللبنانية الأمر الذي رفضه الحزب، وتولى منصب الأمين العام الشيخ عباس الموسوي خلفاً له، لكنه لم يستمر أكثر من تسعة أشهر، فقد اغتالته إسرائيل في عام 1992 ليقود الحزب من بعده الشيخ حسن نصر الله الذي لايزال يشغل هذا المنصب حتى الآن.
في العام 1991م، جرت انتخابات ثانية في حزب الله وتم انتخاب السيد عباس الموسوي خلفا له، حيث عاد الشيخ صبحي الطفيلي كواحد من أعضاء مجلس شورى حزب الله.
وبعد اغتيال السيد عباس الموسوي 1992 بدأ التباين بين القيادة الجديدة لحزب الله والشيخ صبحي الطفيلي، الذي كان له العديد من الملاحظات خاصة على العمل السياسي لحزب الله،
فقد اعترض الشيخ صبحي الطفيلي على دخول حزب الله في الانتخابات النيابية اللبنانية العام 1992م. مع أن مقرّبين منه (مثل الشيخ خضر طليس) كانوا قد دخلوا الانتخابات البرلمانية عن حزب الله.
كما اعترض الطفيلي علي اتفاقية التفاهم بعد حرب نيسان/ ابريل (عناقيد الغضب) 1996م. كما كان له اعتراض على "شخصنة" الحزب وربط الامور كلها بشخص واحد والابتعاد عن منطق الشورى.
وعقب توقع اتفاقية التفاهم، انصرف الشيخ الطفيلي لممارسة الدعوة والتبليغ الديني وسط أبناء الطائفة الشيعية وبخاصة الفقراء منهم في منطقتي بعلبك الهرمل. فأنشا حوزة عين بورضاي في منطقة البقاع اللبنانية.
كما عارض الطفيلي، اتفاق التحالف الذي جمع حزب الله وحركة أملن الانتخابات النيابية اللبنانية التي جرت في العام 1996م.
وبعدها رفع الطفيلي بالتدريج لواء المعارضة لسياسات الحزب ومن بينها المشاركة في الانتخابات النيابية، متهماً قادة الحزب بالمساومة، ومنتقداً تعاونهم مع النظام السياسي اللبناني “الفاسد”.
ومع بداية 1997، واحتجاجا على تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للشيعة في لبنان أعلن الشيخ الطفيلي العصيان المدني على الدولة اللبنانية، كما أعلن قيام ثورة الجياع. وقد عارض حزب الله رسميا هذه التحركات ودعا إلى مقاطعتها.
وكانت العصيان المدني أحد أكبر التحديات الداخلية، فالشيخ صبحي الطفيلي أول أمين عام له، بدأ الطفيلي تحركه في 4 مايو 1997، وأعلن قيام حركته التي أطلق عليها اسم “ثورة الجياع”، وهدفها إسقاط النظام السياسي اللبناني عبر ثورة شعبية شكلت من خلال مواقفها ونزولها للشارع تحدياً واقعياً لـ”حزب الله”، وتداعى إلى الأذهان احتمال حدوث انقسام داخل الحزب.
وفي يوم القدس العالمي في رمضان 1998 الذي اعتاد حزب الله على إحيائه في مدينة بعلبك ـ ساحة رأس العين بمراسم خاصة، أعلن الطفيلي عن إقامة المراسيم نفسها في المكان ذاته. فكان الإعلان كافياً للتعبير عن خروجه من الحزب، ما دفع قيادة الحزب إلى اتخاذ قرار بفصله بتاريخ 24 يناير 1998، وإلى إصدار بيان حول مواقفه وممارساته التي تكشف حسبما جاء في البيان “أن ما يقوم به ليس حركة مطلبية، بل سعيا إلى تقسيم الساحة وفرزها وفرض نفسه عليها بكل الوسائل المتوفرة لديه أياً تكن الخسائر والأضرار...”.
كانت حركة الطفيلي في الواقع موجهة ضد قادة “حزب الله” قبل أن تكون موجهة ضد الحكومة اللبنانية، ورغم تأييد حزب الله لمطالب الطفيلي الاجتماعية، فإن قادة الحزب، لم يؤيدوا حركته، كما تفادوا الصدام معه. وسعوا إضافة إلى ذلك، عن طريق شخصيات شيعية مدنية ودينية إلى إزالة التوتر بينهم وبين الطفيلي، لكن هذا الأخير أصر على شعاراته، وكانت هذه الحركة بالنسبة إلىه أهم مناسبة لاستعادة سلطته التي كان قد خسرها.
ويوم عيد الفطر في 1999، أعلن الطفيلي إقامة مهرجان في حوزة “الإمام المنتظر” العلمية في مدينة بعلبك، وخلال المهرجان قامت عناصر من حزب بمحاصرة الحوزة، فحدثت اشتباكات مسلحة بين أنصاره وبعض أفراد حزب الله في حوزة عين بورضاي يوم 30 يناير 1998. وقتل أثناء تبادل إطلاق النار الذي شارك فيه الجيش اللبناني الشيخ خضر طليس (نائب سابق) وأحد الضباط اللبنانيين.
مما ادي بالجيش اللبناني لمحاصرة الحوزة وجرت بين الفريقين صدامات عنيفة أدت إلى مقتل أحد ضباط الجيش اللبناني والشيخ خضر طليس، وغادر الطفيلي وأنصاره الحوزة بعد وقوع عدد من القتلى بين الفريقين، وهكذا فشلت حركة الطفيلي بعد أقل من عشرة أشهر من ولادتها.
كما انتقد بشدة اجتياح قوات حزب الله لبيروت في السابع من مايو/أيار 2008 ورأى فيه تورطا في صراع مذهبي.
كما عارض تدخل حزب الله في الحرب السورية إلى جانب قوات بشار الأسد، ورأى فيه تهديدا للشيعة وخطأ سيدمر الأمة، وهو ما جعل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية يبادر إلى تثمين هذا الموقف.
رأى أن ثورة الشعب السوري لم تكن يوماً موجهة ضد أي مذهب أو طائفة أو أي مكون من مكونات الشعب السوري، وأنها كانت -ولا تزال- تهدف لإيجاد المجتمع الذي يكفل العدل والحرية والكرامة لجميع أبنائه على أساس المواطنة دون استثناء أو تمييز.
بعد خروجه من حزب الله وجّه انتقادات قاسية لقيادة الحزب وفي مقدمتهم الامين العام الحالي حسن نصرالله واتهمها بالعمل على حماية المستعمرات الإسرائيلية في شمال إسرائيل.