بوابة الحركات الاسلامية : صراع القوى السياسية الليبية و حكومة الوفاق الوطني (طباعة)
صراع القوى السياسية الليبية و حكومة الوفاق الوطني
آخر تحديث: الخميس 26/05/2016 08:42 م
احمد يوسف احمد يوسف
في 17 فبراير من العام 2011 انطلقت الثورة الليبية و التي تحولت بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي إلي نزاع مسلح بين أطراف عدة لا يزال قائماً حتي الآن، و مع بدء التدخل الدولي حينها في 19 مارس من العام ذاته، خرجَ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من مؤتمر حولَ الوضع الليبي كان قد عُقد في باريس ليُعلن إقرار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 وبدء الحظر الجوي على ليبيا بعدة ضربات استهدفت الكتائب المُتمركزة حول مدينة بنغازي، وبعدَ ساعات من الغارات الجوية التي نفذتها مقاتلات الرافال الفرنسية دمَّرت ما لا يَقل عن 15 دبابة و20 عربة مدرعة كنتائج أولي، هنا أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية نجاحها وحلفاءها في إيقاف الهُجوم على المدينة. و منذ ذلك التاريخ و ما تلاه من تطورات ميدانية و قصف غربي متواصل استهدف جميع قوات القذافي المتمركزة حول المدن و التي تشهد معارك علي عدة جبهات، كُتِبت النهاية لنظام العقيد القذافي و معه آخر أشكال الدولة المركزية التي حكمت طوال 42 عاما لتدخل بعدها ليبيا في طاحون حرب أهلية جعلت منها أكبر منصة للإرهاب في شمال إفريقيا، و بقعة جغرافية تشهد فراغاً أمنياً و سياسياً هدد إلي حدِ كبير ليس فقط دول الجوار الليبي، بل حوض المتوسط و الغرب معا.
من يحكم ليبيا الآن؟
اتسمت الفترة التي أعقبت الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011 بعدم استقرار تميز بالانتشار المستمر للأسلحة وتوسع نفوذ المليشيات الإسلامية التي ساهمت في إسقاط النظام وصولاً إلى تمدد تنظيم “داعش” الإرهابي في الأراضي الليبية مستفيداً من انعدام الاستقرار في دول الجوار، فيما انقسمت البلاد سياسياً و عسكرياً على وقع حكومتين في طبرق وطرابلس حكومة طبرق، من جهة هنالك مجلس النواب الليبي (انتخب عام 2014 ويرأسه عقيلة صالح عيسى العبيدي) الذي خلف المؤتمر الوطني العام (انتخب عام 2012) الذي خلف بدوره المجلس الوطني الانتقالي. يسمى أحياناً “الحكومة الليبية المعترف بها دولياً” أو “حكومة طبرق” بسبب مكان انعقاد جلساته بدلاً عن مدينة بنغازي المضطربة. يسيطر المجلس على حوالي ثلثي البلاد رغم تنازعه النفوذ في بعض المدن كبنغازي ودرنة وغيرها مع المليشيات الإسلامية وتنظيم “داعش .حكومة طرابلس، هي تحالف من القوى السياسية التي خسرت انتخابات 2014 وكونت إثر ذلك “المؤتمر الوطني العام الجديد” برئاسة نوري أبو سهمين (الرئيس السابق للمؤتمر الوطني العام) أو ما يسمى أيضاً بـ”فجر ليبيا” المكونة من القوى الإسلامية (الإخوان المسلمون وحزب العدالة والبناء وقوى أصغر) والمليشيات المسلحة التي ساهمت في إسقاط نظام القذافي (“غرفة عمليات ثوار ليبيا” و”درع ليبيا”) التي سيطرت على العاصمة. و جميعهم لا يُعترف بهم دوليا ,كما تنشط أيضاً ميليشيات قبائل التابو و الطوارق الليبية في الجنوب و الامازيغ في اقصي الغرب، و لكنها حتي الان لا تبدوا مؤثره بقوة في الصراع الدائر تجدر الإشارة أن الصراع الدائر في ليبيا لا يشمل الحكومتين فحسب ” طبرق و طرابلس”، بل شمل ايضاً كل حكومة من الداخل، حيث إحتدمت الخلافات داخل حكومة طبرق المعترف بها دولياً بسبب اللواء ” خليفة حفتر” الذي يشغل منصب القائد العام للجيش الوطني الليبي في الحكومة، و قائد عملية “الكرامة” الجارية الان و التي تهدف إلي قتال الجماعات المسلحة الليبية علي اختلافها و التي لا تقع ضمن قوات الحكومة المعترف بها دولياً. طفت العديد من الخلافات من داخل حكومة طبرق بسبب وضع اللواء خليفه حفتر و مستقبله العسكري، بالإضافة الي طريقة توزيع الحقائب علي الأقاليم الإدارية و السياسية الثلاث في ليبيا، الجنوب و الغرب و الشرق أما في حكومة طرابلس وبحسب مراقبين، فإن الخلافات التي اندلعت داخل المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته حيال مجريات عمليات الحوار السياسي ألقت بظلالها على علاقة قادة المليشيات ببعضهم،فقد عارضت كتلة برلمانية داخل المؤتمر يترأسها بلقاسم قزيط والمكوَّن جلها من مدينة مصراتة سياسية رئاسة المؤتمر التي يسيطر عليها زعماء الجماعة الإسلامية المقاتلة والساعية لتعطيل مساعي مفاوضات السلام بالصخيرات بالمغرب وفي غرب العاصمة طرابلس، أعلنت ميليشيات مصراتة سحب قواتها التي تسيطر على الطريق الساحلي الرابط بين العاصمة ومدينة الزاوية ووضعها في حالة استنفار كبير في أكثر من معسكر بمنطقة وادي الربيع وطريق المطار.
كما شهدت طرابلس حملة مداهمات من الطرفين، طالت عددا من المقار والتمركزات التابعة للطرفين في مناطق الهضبة وعين زارة، شرقي العاصمة، فيما أقامت سيارات عسكرية تابعة للجماعة الإسلامية المقاتلة ومسلحين حواجز تفتيش في معظم أحياء وسط العاصمة، استوقفت عددا من المواطنين وقامت بتفتيش سياراتهم وسؤالهم عن انتماءاتهم المناطقية .بعد استعراض الوضع السياسي الحالي لـ ليبيا و المعقد إلي حدِ كبير، يبقي السؤال حاضراً، ما الأهمية التي تشكلها تلك البقعة الجغرافية و التي تشهد فراغاً امنياً و سياسياً جسيماً؟..تتلخص الإجابة في نقطتين رئيسيتين اولا :الموقع الجغرافي، تشارك ليبيا حدودها مع ستة دول منهم ثلاث دول عربية مؤثرين إلي حدِ كبير في خريطة الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، و هما مصر و السودان و تونس و الجزائر. كما أن ليبيا تبعد عن السواحل الإيطالية بأقل من 200 ميل بحري فقط. 
وسنستعرض في المقالات القادمة تحليلا لموقف المليشيات العسكرية ومدى علاقتها بحكمومة الوفاق الوطنى اضافة الى علاقتها بمحيط القوى الاقليمية بالمنطقة وتأثيرها على نجاح مشروع الامم المتحدة الخاص بالحل السياسى في ليبيا