بث «المرصد الإسلامي» بلندن؛ وهو هيئة حقوقية تهتم بأخبار الأصوليين حول العالم، شهادات مرافقين ومعتقلين مع الرهينة البريطاني هينينغ أكدت براءته من تهم التجسس، وأنه دخل بأمان مع بعثة إغاثة إسلامية. وأعلن «داعش» على شريط فيديو السبت الماضي، أنه أعدم الرهينة البريطاني آلن هينينغ، كرد على قرار بريطانيا المشاركة في الحرب على «داعش». ورئيس الوزراء كاميرون يؤكد «الإعدام الوحشي» لهينينغ بيد «داعش»، متعهدا بمحاسبة القتلة.
وقال ياسر السري الإسلامي المصري، مدير «المرصد الإسلامي» بلندن، لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «لم يثبت على الرهينة البريطاني هينينغ أنه كان جاسوسا على (داعش) أو حمل السلاح ضدهم، بل الثابت أنه كان يقدم المساعدة الإنسانية لأبناء الشعب السوري».
وأضاف الإسلامي المصري: «إحقاقا للحق، وللتوضيح لمن ينكر علي أي تدخل من أجل إنقاذ حياة آلن هينينغ رغم قناعتي بأنه كان يشارك في أعمال إغاثة وأنه دخل بأمان، ولم تثبت عليه تهمة التجسس، فضلا عن تثبتي بشهادات شهود كانوا ممن رافقوا آلن واعتقلوا معه، وجرى إخلاء سبيلهم، أترك للمنصفين والذين يريدون التعاطي مع الموضوع بتجرد، الاطلاع على هذه الشهادات، التي تؤكد أن الرهينة البريطاني ليس جاسوسا، وأنه لم يأت إلى سوريا لأي أسباب سياسية، وكذلك هو رجل إغاثة قدم إلى سوريا لمساعدة الناس ولم يرتكب أي جريمة».
ويقول صاحب الشهادة الأولى أبو حسام البريطاني: «أنا عامل إغاثة مسلم بريطاني من إنجلترا. عملت مع 3 قوافل إغاثة إلى سوريا في 2013؛ حيث جلبنا سيارات إسعاف مليئة بالدواء والغذاء والملابس، وصاحبت الرهينة آلن هينينغ في رحلتين. يسافر أعضاء القافلة دوما مع بعضهم البعض، سافر هينينغ بالقافلة تحت حمايتنا ومسؤوليتنا في تلك الرحلة إلى سوريا»، وأضاف: «أذكر أنه عندما أسر آلن من قبل (داعش) ظننت أنه التبس الأمر، وأنه عندما يتكلمون معه فإنهم وبلا شك سيعرفون أنه عامل إغاثة بريء وأنهم سيطلقون سراحه في التو».
وأوضح أبو حسام: «في الأيام التي تلت إلقاء القبض على هينينغ تدخل الكثير من الناس وعمال الإغاثة، ووجهاء وعلماء البلاد ذهبوا إلى المحاكم الشرعية وسعوا لإطلاق سراحه، لأن الجميع يعرفون أنه بريء. من ضمن الذين ذهبوا شيخ ضرير كبير السن، وأنه يحظى على احترام شديد بالمنطقة ومن أعضاء (داعش). وفي بدء الأمر تلقى الجميع الجواب نفسه بأنه سيطلق سراح آلن قريبا جدا. واستمر هذا الحال بضعة أيام. في أثنائها زارنا تقريبا كل يوم أخوان في العشرينات من العمر من (داعش) أحدهما اسمه أبو عبد الله اليمني، وصاحبه التونسي، وأكّدا لنا أنه سيتم إطلاق سراح هينينغ، وأنهم يبذلون جهدهم».
ويقول أبو حسام: «بعد بضعة أيام قدم إلينا محمد سيجة المتزوج من امرأة إندونيسية، الذي كان على صلة بـ(داعش) ليزودنا بالأخبار، أخبرنا أنه وصله خبر من حلب بأن الدولة الآن ترى أن هينينغ جاسوس لوجود شريحة إلكترونية في جواز سفره البريطاني. شرحت له الحال بأن هذه الشرائح موجودة في كل جواز بريطاني جديد، حتى جواز سفري، وأن محاكم (داعش) تستطيع التأكد من هذا بالنظر إلى جوازات سفر مقاتليهم البريطانيين؛ حيث سيجدون هذه الشرائح في جوازاتهم أيضا، والذي يبرهن على أنه لا علاقة بوجود هذه الشرائح، وأخبرته أن هذه الشرائح توجد في جواز كل مسلم بريطاني. ثم طلب مني أن يأخذ جواز سفري البريطاني حتى يريه للأمير في حلب ويشرح له الأمر. وافقت على هذا بالحال وقال لي إنه متى استطاع أن يبرهن للأخوة أن هناك سوء تفاهم فسيرجع مع هينينغ، ومن ثم فإنه ذهب مع الآخرين إلى حلب ورجع بعد عدة أيام، وأخبرني أن الأمراء بحلب فحصوا جواز السفر واقتنعوا بالتالي».
ويضيف أبو حسام: «ونحن في الطريق إلى سوريا تحدثت مع هينينغ وأخبرني كيف سمع في نشرة الأخبار أن أطفال سوريا الرضع ماتوا لعدم توفر الكهرباء في المشفى، وأنه عندما علم تأثر كثيرا، وبدأ بجمع التبرعات لشراء مولد كهرباء حتى يستطيع المشفى أن ينقذ حياة بعض مرضاه. على الرغم من أن آلن كان يعرف أنه لا يستطيع تغيير كل ما يجري، فإنه حاول فعل ما بحوزته لمساعدة أكبر عدد من الناس. نعم هينينغ رجل شجاع وغير أناني ذو قلب كبير ترك أهله وبلده لمساعدة المظلومين في سوريا في حين تخلى عنهم المجتمع الدولي»، واختتم أبو حسام شهادته بالقسم: «أقسم بالله العظيم، أن كل ما في هذه الشهادة صدق بحكم علمي وما شهدته».
ويقول شاهد آخر اسمه أبو مجيد البريطاني: «لقد عملت بمجال الإغاثة في سوريا ما يقارب السنتين، في هذه الأثناء تعاونت وعملت مع الكثير من مختلف الجماعات الإسلامية ومن ضمنها (داعش)، وأنا على معرفة بالكثير من الإخوة في صفوفكم الذين يشهدوا لي أيضا».
ويضيف: «الإخوة في القافلة إخوة صادقون وأمناء في عمل دائم لمساعدة إخواننا بالشام، الذين في أمس الحاجة إليها، عندما وصلت القافلة، وخرجت لمقابلتهم في أضنة، وكان أعضاء (داعش) قد ألقوا القبض على المتطوع هينينغ، حاولت أن أهدئ من روعهم وأطمئنهم لما أصابهم من الذعر لما حصل؛ حيث إنهم مسلمون والرجل الذي ألقي القبض عليه ليس مسلما، وخاف الإخوة مما يمكن أن يحصل لهم ولعائلاتهم حين رجوعهم إلى بريطانيا بعد وصول الخبر، ولذلك هرب جميع المتطوعين المسلمين إلى بريطانيا، ولم يوزعوا أيا من المواد الإغاثية التي أحضروها».
تكلمت مع منظمي القافلة؛ قاسم وماجد، اللذين كانا أيضا قلقين لما حدث، ولكن قررا أن يمكثا ويوزعا المواد الإغاثية، ويتأكدا من سلامة هينينغ وإطلاق سراحه، أخبرتهما بأنني على صداقة مع بعض أعضاء (داعش) وأنني سأحاول أن استعلم عن بعض الأخبار، واتصلت بصديقي أبو سعد السوري الذي كان بمباحث المحكمة في أطمة والذي وافق على مساعدتي».
في اليوم التالي ذهبت مع أبو سعد إلى المحكمة والسجن وتكلمت مع الكثير من الإخوة وشرحت لهم الموضوع وأن المسلمين سيتعرضون لمضايقات كثيرة وحتى السجن إذا لم يطلق سراح هينينغ؛ إذ إن القافلة نظمها المسلمون، وأكدوا لنا بأنه لن يصيبه أي مكروه، حتى أن البعض اعترفوا بأنهم يعلمون أنه ليس جاسوسا، وللأسف خاب ظني عندما طال انتظارنا، وامتدت الأسابيع ونحن ننتظر الرد من (داعش)، وهم يماطلوننا وينقلوننا من محكمة إلى أخرى. حزنت كثيرا لهذه المعاملة وشعرت للأسف وكأننا نتعامل مع غير المسلمين، ولم نعلم أين نذهب أو مع من نتكلم. وبعد هذا قابلنا أبو عبد الله اليمني وأميره التونسي في دار الدكتور ياسر جيين عدة مرات. أنا حضرت الاجتماع على مدى 3 أيام متتالية. وفي كل اجتماع كانوا يؤكدون لنا أنه لن يصيب هينينغ أي ضرر وأنهم سيطلقون سراحه. وبعد ذلك اشتعل القتال بين الجماعات الإسلامية المختلفة ولم أعد أسمع منهم أي شيء».
أما الشهادة الثالثة من عامل إغاثة اسمه شمس رئيس، وهو بريطاني الجنسية، ويقول: «أكتب هذه الرسالة من أجل رجل اسمه آلن هينينغ، محتجز من قبل (داعش)، في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2013 التحق هينينغ بقافلة إغاثة قطعت نحو 3 آلاف ميل برا، وهي تحمل موادا طبية وغذائية من قبل الجالية المسلمة في بريطانيا لإخوانهم في سوريا. كانت هذه رابع قافلة إلى بلاد الشام؛ حيث رافقت هينينغ بالسفر في 3 من هذه الرحلات».
ويضيف: «اعتقل هينينغ من قبل (داعش) مع آخرين من أعضاء القافلة في إدلب في يوم 27 ديسمبر 2013، وصلني الخبر بعد عدة ساعات من الحدث، ولم أكن في إدلب، وبحكم سكني في المنطقة ما يقارب السنتين وعملي في مناطق عدة في شمال سوريا، ومنها مناطق تحت سيطرة (داعش)، كنت على معرفة وعلاقة طيبة مع الكثير من الإخوة، خصوصا على نقاط التفتيش. سافرت من اللاذقية إلى إدلب حال علمي خبر اعتقال هينينغ آملا أن أتحدث مع أمير المنطقة».
وأوضح عامل الإغاثة شمس رئيس في شهادته «ذهبت مع 8 آخرين من أعضاء القافلة، ووسطنا أئمة وشيوخ من المنطقة وأمراء الكتائب الأخرى للحديث إلى مسؤولي (داعش) الذين تحدثوا مع الأمير أبو أسامة التونسي مرات عدة، شرحنا له طبيعة عملنا وأسباب وجودنا في سوريا ودور هينينغ في القافلة، وأكد لنا ما يزيد عن 4 مرات بأنه سيجري إطلاق سراح المحتجزين بعد التأكد من عدم وجود أي أعمال خاطئة من قبلهم، وفعلا أطلق سراح المحتجزين بعد عدة ساعات إلا هينينغ، وأخبرت بأنه نقل إلى مكان آخر، ولكن طمأنوني بأنه بخير، وأنه لن يعتريه أي ضرر؛ حيث إنه مسيحي من أهل الكتاب وقد سافر إلى سوريا، تحت حمايتنا فهو أمانة عندنا. أراحني هذا الكلام؛ إذ إن الأخ عبد الله اليمني الذي يعرفنا جيدا هو الذي أخبرنا بهذا».
ويوضح رئيس: «لم يسبق لنا أن تعرضنا لأي مشكلة قبل هذه الحادثة ولم يكن لدينا خوف من الدخول إلى سوريا»، ويضيف: «بعد يومين رجعت إلى المقر، وأخبرت بأن التحريات عن هينينغ، لم تظهر ما يريب، ولكن يوجد شك بأنه جاسوس بما أن جواز سفره البريطاني يحتوي على شريحة إلكترونية، التي من خلالها يمكن تحديد مكانه، أخبرتهم في التو أن كل جواز سفر بريطاني يحتوي على شريحة إلكترونية بما ضمنهم أيضا جواز سفري، وأخبرني الأمير أسامة التونسي بأنه يجب علي أن أتكلم مع أمراء حلب؛ إذ إن هينينغ نقل هناك».
ويضيف: «سافرت مع محمد سيجة في اليوم التالي إلى حلب، هو وزوجته الإندونيسية الأصل، كانا على معرفة بالهيئات الإغاثية الكثيرة التي عملا معها بالإضافة إلى أنهما كانا على معرفة بالأمراء هناك، وكانا على استعداد أن يصحباني لمقابلتهم وإيجاد الحل للأزمة التي نحن فيها، وبعد وصولنا لحلب قابلنا أميرين من (داعش)، وقدمت جواز سفري البريطاني إلى شخص اسمه أبو بكر الذي أيضا قام بفحصه وفحص جهازي الكومبيوتر، ووافقني بأن جوازات السفر البريطانية تحوي شرائح إلكترونية، وأن هينينغ عامل إغاثة مع الهيئة الإغاثية القادمة من بريطانيا. وقدمنا أيضا أدلة أخرى ومقاطع فيديو على (يوتيوب) توضح العمل الإغاثي الذي كان هينينغ يقوم به معنا، وبعد هذا أخبرني عناصر من (داعش) أن مخاوفهم عن وجود هينينغ بسوريا قد تلاشت، وأن قيادي التنظيم عمر الشيشاني سيكتب رسالة تتضمن إخلاء سراحه، وأعطيت الميثاق لسلامته، ولكن طلبوا مني أن أبقى في حلب ليومين آخرين؛ إذ إن القتال بين (داعش) والفرق الإسلامية الأخرى، كان قد حمي وأصبح على أشده. وبما أن عمر الشيشاني كان بالاشتباكات فمكان وجوده لم يكن معروفا».
يشير رئيس: «بعد رجوعي إلى إدلب مرت الأيام ثم الأسابيع ولم يصلني أي رد. وبعد أن تحول مركز قوة (داعش) إلى الرقة أصبح من المستحيل أن تستمر الاتصالات بيننا. ولم يصلني أي رد من (داعش) الذين وعدوني بسلامة آلن وإطلاق سراحه، رغم الكثير والكثير من المحاولات للاتصال بهم».
(الشرق الأوسط)