بوابة الحركات الاسلامية : تركيا وتاريخ الانقلابات العسكرية (1) (طباعة)
تركيا وتاريخ الانقلابات العسكرية (1)
آخر تحديث: الخميس 04/08/2016 08:48 م
احمد يوسف احمد يوسف
جاءت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا يومي 15 و16 يوليو الماضيين كطوق نجاة للنظام التركي تحت قيادة السيد رجب أردوغان لقد شهد العام الحالي سلسلة من الازمات التي صاحبت نظام أردوغان بداية من العلاقة المتوترة مع روسيا بعد حادث الطائرة الروسية وفرض الروس قيودا على نظام أتاتورك خاصة العقوبات الاقتصادية اضافة الى استنكار الغرب لموقف تركيا من دعم سوريا والعراق فذلك تصاعد الازمة السياسية مع الاكراد خاصة حزب العمال و حزب الشعوب واخيرا محاولات تركيا في استثمار وابتزاز دول الاتحاد الأوروبي على خلفية ملف اللاجئين ثم جاءت الهجمات الارهابية المتكررة عبر الأراضي التركية سواء من تنظيم داعش أو من حزب العمال مما فرضت حالة عدم استقرار في الامن الداخلي ووضع حكومة أردوغان في مأزق خاصة بعد تخلى الادارة الامريكية عن دعم المشروع التركي في سوريا وعدم الاستجابة للطلب التركي المتكرر بأهمية انشاء المنطقة العازلة على الأراضي السورية حتى تتمكن تركيا من مجابهة الحركات الكردية وبينما فضلت الادارة الامريكية التعاون مع الجانب الروسي في ادارة الملف السوري الذى يقضى بالحفاظ على نظام بشار في المرحلة الاولى من الحل السياسي والتفرغ لمحاربة الارهاب خاصة تنظيمات الاسلامية الجهادية وقد اضطرت تركيا للموافقة على هذا المسار مؤخرا ونقلت تعهداتها مع السعودية ودول الخليج التي ترى من وجهة نظرها أنه لا مكان لبشار الاسد في أي مرحلة من مراحل الحل السلمى تأتى محاولة الانقلاب الداخلي الفاشلة كواحدة من سلسلة الانقلابات العسكرية التي اتسمت بها مراحل التاريخ الحديث لتركيا خاصة أعوام (1997-1993-1971-1960 واخيرا 2016)

الانقلاب العسكري التركي 1960:-

كان انقلاب 27 مايو هو أول انقلاب عسكري في تركيا، قام به مجموعة من ضباط القوات المسلحة التركية خارجين عن قيادة رؤساء الأركان، ضد الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا لحزب الديمقراطية يوم 27 مايو 1960. ووقع الحادث في وقت من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية والمصاعب الاقتصادية، حيث كانت المساعدات الأمريكية حسب مبدأ ترومان ومشروع مارشال نفدت ، ومن ثم كان رئيس الوزراء، عدنان مندريس، يخطط لزيارة إلى موسكو أملاً في وضع خطوط بديلة للائتمان. كان العقيد ألبارسلان ترك، الذي أعلن الانقلاب في الإذاعة والذي كان أيضًا عضوًا في الخونتا ، من بين أول ستة عشر ضابطًا تم تدريبهم عام 1948 من قبل الولايات المتحدة لتشكيل المنظمة المقاومة المعادية للشيوعية، مكافحة التمرد. وهكذا، ذكر صراحة الإخلاص والولاء لمنظمة حلف شمال الأطلسي وحلف بغداد في خطابه القصير إلى الأمة، وحتى الآن لا تزال أسباب الانقلاب غامضة. قامت الخونتا بإجبار 235 قائدًا وأكثر من 3000 ضابط مكلف على التقاعد؛ وقمع أكثر من 500 قاض ونائب عام، و1400 من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات؛ واعتقال رئيس هيئة الأركان العامة التركية والرئيس ورئيس الوزراء وغيرهم من أعضاء الإدارة، وتبع ذلك تعيين رئيس أركان الجيش، القائد جمال جورسيل، كرئيس للدولة ورئيس للوزراء ووزير للدفاع. وقد انتحر وزير الداخلية، نامق جيديك، أثناء احتجازه في الأكاديمية العسكرية التركية. وتم عرض الرئيس، محمود جلال بايار، ورئيس الوزراء، عدنان مندريس، وعدد من أعضاء الإدارة الآخرين للمحاكمة أمام محكمة كانجاروو التي عينتها الخونتا في جزيرة ياسيادا في بحر مرمرة. واتهم السياسيون بالخيانة العظمى وإساءة استخدام الأموال العامة وإلغاء الدستور. انتهت المحاكم بإعدام عدنان مندريس، ووزير الشؤون الخارجية، فاتن روستو زورلو، ووزير المالية، حسن بولاتكان، على جزيرة إمرالي في 16 سبتمبر 1961. وبعد شهر، عادت السلطة الإدارية للمدنيين.

انقلاب عام 1971:-

نتيجة الركود الاقتصادي طوال فترة الستينات وتراجع البرنامج الأمريكي في دعم الاقتصاد التركي شهدت تركيا العديد من الاحتجاجات الجماهيرية حتى وصلت الى مرحلة أعمال العنف والسرقة والاغتيالات من قبل منظمات يسارية وشهدت هذه الفترة تشكيل جماعات مسلحة عمالية وطلابية في مواجهة الجماعات اليمينية والقومية والاسلامية المسلحة كما حدث انشقاقات في حكومة سليمان ديمريل وعلى اثرها دخلت البلاد في حالة من الفوضى العارمة وأصبحت سرقة البنوك واختطاف الجنود الامريكيين مقابل دفع الفدية من أهم مظاهر العنف في البلاد حتى وصلنا الى 1 يناير 1971 توقف العمل في المصانع حتى 12 مارس وأصبحت الحركة الاسلامية أكثر أو أشد عدائية لخصومه السياسيين وقام حزب النظام الوطني الإسلامي بمهاجمة أتاتورك والفكر الكمالي علنا مما أثار غضب القوات المسلحة التي تعتبر نفسها حامية لدولة أتاتورك المنية وأنها منوطة بفرض حالة الاستقرار والانتصار لصالح العملية العلمانية وبناء على ذلك فقد قدم رئيس هيئة الاركان التركي ممدوح ناجماك في 12 مارس 1971 بمذكرة سلمها لرئيس الوزراء تحمل انذارا اخيرا من القوات المسلحة وتؤكد على طلب تشكيل حكومة قوية مصداقية في اطار المدى الديمقراطي على أن تضع حدا للفوضى الحالية وتعمل على تفعيل نصوص الدستور المنصوص عليها وعندما وقع الانقلاب العسكري لم يكن هناك أي مفاجأة لأى فصيل سياسي ازاء العجز في حكومة سليمان في حل الازمات والمشاكل وانهاء حالة الفوضى التي كانت تعم البلاد وعلى غير المتوقع وقد جاءت حركة الانقلاب لمحاربة شبح

الشيوعية و لإعادة نظام الدولة والقانون وقد نجح قادة الانقلاب في دعم نظام حقق أهدافه السياسية وذلك بدعم وتقوية الدولة وأجهزتها ضد المجتمع المدني وفرض القيود على وسائل الاعلام والمحاكمات السريعة وانهاء حالة استقلال الجامعات في محاولة السيطرة على الحركة الطلابية ومع كل هذه الاجراءات لم يحدث تغيير حقيقي في الوضع الداخلي لتركيا.

ونستكمل في الحلقة القادمة...........