لا تنتهي القراءات النقدية في ممارسات جماعة الاخوان المسلمين، لا سيما بعد سيطرتهم على حكم مصر عقب ثورة 25 يناير 2011، وما تخلل تلك المرحلة من محاولات لتقويض الدولة وحصر السيطرة الاقتصادية في ايدي كبار رجال الاعمال والتجار الذين ينتمون الى الجماعة، ولا سيما مكتب الارشاد.
لا تقتصر ممارسات “الاخوان” على مصر، ففي العديد من الدول العربية كانت لهم ممارسات تصل الى حد التخريب، وموقفهم من غزو صدام حسين للكويت في الثاني من اغسطس العام 1990 لا يزال المحطة التي تبعث على القلق محليا مما يمكن ان تقدم عليه الجماعة.
في هذا الملف، الذي ننشره في عشر حلقات، يقرأ النائب الدكتور عبدالرحمن الجيران في تاريخ الجماعة، وممارساتها في مصر والخليج العربي، وهي قراءة من وجهة نظره السياسية التي لا تلزم “السياسة” بموقفه، لكنها تسليط للضوء على جملة من المتغيرات التي مرت بها الجماعة في العقدين الماضيين، وموقفها من الاحداث التي يشهدها العالم العربي حاليا، وهي لا شك تساعد على رسم صورة استشرافية عن مستقبل مواقف الجماعة… وفي ما يأتي مطالعة الدكتور الجيران:
الحلقة التاسعة
انتقل الإخوان بعد يوم (2 / 7) وتحديدا بعد وضع د. مرسي في الإقامة الجبرية من إدارة الدولة والتعامل مع أزماتها إلى إدارة أزمتهم مع الدولة.
ولكي نتبين معالم إدارة جماعة الإخوان لأزمتهم مع الدولة لا بد أن نقف أولًا مع أمور عدة:
1- إن الفشل الإداري الذريع، وخطاب العنف والتكفير، وما تم رصده من تجاوزات ممن ينتمون إلى التيار الإسلامي كفيل لأن يستخدم كذريعة لاستئصال التيار الإسلامي كله والقضاء على جميع مكتسباته سواء كانت دستورية أو مجتمعية في أرض الواقع، وإن التيار الإسلامي لو أنه تخندق جميعه مع خندق الإخوان خصوصاً مع عنادهم وعدم استجابتهم لنصح الناصحين وجمعهم لأصحاب الانحرافات الفكرية والسلوكية حولهم للاستقواء بهم- فلو اجتمع الجميع في هذا الخندق لخسر الجميع كل شيء؛ لأن هذا سيتخذ ذريعة لإلصاق التهم بجميع الإسلاميين، بل وللتشكيك في المشروع الإسلامي نفسه، وفي الشريعة نفسها؛ لأنه سيقول القائل: «حكمتم سنة فجوعتم الشعب وقسمتموه ثم كفرتموه وقاتلتموه، كل هذا باسم الإسلام والشريعة والمشروع الإسلامي فتبًّا لكم جميعًا ولما تحملون من منهج ومشروع»، ومع ضخامة الآلة الإعلامية المتربصة بكل ما هو إسلامي سيروج الأمر وتصعب كثيرًا مدافعته لأنه يستند إلى دلائل واقعية وأخطاء فادحة وقع فيها الإسلاميون.
2- إن تقسيم المجتمع إلى إسلاميين يتخندقون في خندق خاص بهم وغير إسلاميين في خندق آخر؛ ليحشد كل فريق حشوده ويجمع أتباعه وأشياعه مع وجود المتهورين من الشباب المتحمس في الخندق الإسلامي وفي المقابل ينضم البلطجية إلى الخندق الآخر – هذا التقسيم بهذه الصورة لو أن جميع الإسلاميين وقعوا في فخه وانجرفوا فيه لقاد هذا إلى حرب أهلية لا محالة ليفني الفريقان بعضهم بعضًا بمباركة من القوى الدولية التي تنتظر هذا اليوم منذ سنوات طويلة لتعيد تقسيم الشرق الأوسط بما يضمن الهيمنة الإسرائيلية على الشرق الأوسط بأكمله من جهة الوسط والغرب، والهيمنة الفارسية المؤقتة من جهة الشرق؛ ليعاد تقسيم المنطقة من جديد.
3- لا بد أن نقر أيضًا أن الإخوان بعنادهم المتواصل أضاعوا فرصًا ذهبية كان من شأنها أن تجنبهم هذه النهاية المروعة.
4- كما ينبغي ألا يتجاهل الإخوان الواقع الجديد وهو أنهم تحولوا من موقع إدارة الدولة وإدارة أزماتها إلى موقع إدارة أزماتهم كجماعة مع الدولة بعد يوم 2/7 ، وهو اليوم الذي وُضع فيه د. مرسي تحت الإقامة الجبرية؛ لأنه لا يمكن أن يتخيل عاقل عنده أدنى دراية بطبيعة مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش والشرطة في مثل هذه الظروف وبعد اتخاذها قرارًا كهذا وبدعم شعبي ثم تتراجع؛ وذلك لأن ثمن تراجعها باهظ جدًّا بالنسبة للمجتمع ككل، وبالنسبة لتلك المؤسسات نفسها بل وللدولة بكاملها.
ولذلك فإن مواجهتها لكي تتراجع عنه ستقود حتمًا إلى أحد احتمالات ثلاثة:
أ – إما هدم مؤسسات الدولة لإجبارها على التراجع، وهذا لا يمكن حدوثه إلا بالاستعانة بأعداء الأمة المتربصين بها ليحقق لأعداء مصر ما يريدون من هدمها دون تعب أو عناء.
ب – وإما أن يكون الأمر سجالا بينهما حتى تنهار الدولة في النهاية.
جـ – وإما أن يفشل هذا الطرف ويتم استئصاله.
ولذلك نقول إنه ما كان ينبغي لجماعة الإخوان أن تستمر في عنادها بعد 3/7 ، بل كان ينبغي أن تبحث عن مخرج بأقل الخسائر، وقد كان هذا ممكنا في مراحل متعددة، لكنها (جماعة الفرص الضائعة) التي تعتمد على (المعادلة الصفرية) التي تصر على أخذ كل شيء؛ وهذا يستحيل حدوثه في الواقع، فتكون النتيجة أن تخسر كل شيء.
العجيب أنها هي الطرف الأضعف في المعادلة والذي لا يمر يوم إلا ويخسر فيه شيئًا من عوامل قوته، ومع ذلك فهي مصممة ألا تتزحزح عن معادلتها الصفرية، والذي يتدبر عناصر معادلة الإخوان الصفرية التي تنص على (عودة د. مرسي -سيحكم من؟! وبأي أدوات سيحكم؟!،وعودة الدستور، وعودة مجلس الشورى، ومحاكمة قادة الجيش والشرطة)، الذي يتدبر بنود هذه المعادلة يتبين له أمور في غاية الوضوح:
ا- استحالة تحققها؛ ما يجعل كل التضحيات التي تبذل في سبيلها دماء وأموالا ومشقة على الناس، وصناعة مناخ للعنف والتكفير، وصداما مع المجتمع وإضعافا للبلاد، كل هذه خسائر ومفاسد بلا أي مصلحة يغلب على الظن تحقيقها، فكيف يجوز الإقدام عليها أصلًا؟! وكيف يتهم من رفض الانضمام إليها بأنه باع الدين والدم وتخلى عن إخوانه؟!
2- هذه البنود تدفع الطرف الآخر (الدولة) إلى معادلة صراع البقاء (إما الإخوان وإما الدولة)، فماذا يُنتظر من طرف معه القوة (مؤسسات الدولة والغطاء الشعبي)؟! هل ينتظر منه أن يصبر كثيرًا ولا يستخدم كل ما يملك من قوة في صراع بقاء فرضته عليه المعادلة الصفرية التي لا تعترف بالحلول الوسط؟!
3- كان ينبغي على الإخوان يوم 3/7 وبعد أن تبين لهم خطأ جميع نظرياتهم (قدرتهم على إدارة الدولة منفردين، لن يخرج الناس في 30/6، والجيش معهم، ود. مرسي باق ثماني سنوات)، وكذلك بعد أن أصبحت الدولة بجيشها وشرطتها وقضائها ومخابراتها (كما صرح بذلك عصام العريان على منصة النهضة)، بل والإعلام وأطياف شعبية كبيرة في جانب، والإخوان والمتعاطفون معهم – وهم عزل- في جانب آخر، كان ينبغي عليهم أن يتسع (أفقهم) لقبول خسارة هذه الجولة (إذا كانوا هم عقلاء وتنزلنا نحن معهم واعتبرناها حربا)؛ للحفاظ على رأس مالهم لدخول جولات أخرى بدلا من الدخول به في معارك خاسرة بدأت بالقبض على الرموز شيئا فشيئًا وتجميد الأموال و… و… و… وهلم جرا)، كان ينبغي عليهم أن يوقفوا هذا النزيف بقبول حل وسط يخرجهم من الأزمة بأقل خسائر بدلًا من الإصرار على المعادلة الصفرية التي تفقدهم كل شيء، بل تجعل الطرف الآخر يضرب ويبطش بلا هوادة؛ لأن معنى المعادلة الصفرية المطروحة من الإخوان معناها صراع بقاء بالنسبة له (أي بالنسبة للدولة كدولة)، وهل يقبل عاقل هذه المعادلة أصلًا (الإخوان أو الدولة)؟! لن يتردد عاقل في الإجابة: الدولة قطعًا أبقى من الإخوان ومن غيرهم؛ لأنه بدون الدولة لن يكون هناك إخوان ولا شيء فلسنا وحدنا في هذا العالم، والمتربصون بمصر يحيطون بها من كل جانب وينتظرون مثل هذا اليوم الذي يرونها فيه تهدم بأيدي أبنائها.
4- في يوم 4/7 وهو اليوم التالي لإعلان خريطة (الطريق) كانت لحظة تعقل من الإخوان – ويا ليتها اكتملت- فقد اتصل شقيق أحد قادة رابعة بالمهندس جلال مرة وأخبره أنهم يريدون فض الاعتصام، وطلب منه أن يتوسط عند الجيش لضمان الخروج الآمن وعدم الملاحقة فكان الرد من الجيش بالقبول.
ثم كان يوم الجمعة 5/7 وكثر العدد مع الإخوان فغرتهم كثرة العدد فقالوا: إن الذي يمكن أن نسمح به هو الخروج الآمن للجيش؛ وهنا بدأت (المعادلة الصفرية) التي تبلورت بعد ذلك وهي تتكون من ثلاثة شروط لا تنازل عنها، وشرط قالوا: إنه يمكن الحوار حوله:
ا- عودة د. مرسي لرئاسة البلاد.
2- عودة الدستور.
3- عودة مجلس الشورى.
4- الشرط الرابع الذي قالوا في بعض المرات: (إنه يمكن التفاوض حوله) هو محاكمة قادة الجيش والشرطة!
هذه الشروط تدفع من يتبناها إلى فاعليات تتناسب مع ضخامتها كما تدفع الطرف الآخر إلى فاعليات صراع البقاء الذي لا يبالي فيها بخطوط حمراء (وليس هذا تصحيحا للفعل وإنما هو وصف لواقع يحدث على الأرض).
فاعليات من جهة الإخوان:
لما كانت شروط الإخوان في معادلة الخروج من الأزمة شروطا شبه مستحيلة؛ كانت الفاعليات التي يتبنونها تتناسب مع هذا؛ فقاموا بفاعليات عديدة تفتح الباب على مصراعيه أمام كل صور الأعمال التخريبية للعمل على إجهاد مؤسسات الدولة لإسقاطها، وإن كان الإخوان كإخوان يتنصلون من هذا في خطابهم الرسمي، إلا أن خطاب الكثير من شبابهم والمتعاطفين معهم وبعض من يقولون عليه ليس إخوانيا (وهو إخواني) كان خطابا عنيفا جدا؛ في محاولة لجعل الشباب يكفر بالمنهج الإصلاحي المتدرج ويتبنى المنهج الصدامي ليكون وقودا لمعركة الإخوان مع مؤسسات الدولة!
فكان من هذه الفاعليات:
ا- استمرار اعتصام رابعة والنهضة، والخطاب العنيف على المنصات، والجزم بعودة د. مرسي، وأن الذي يشك في هذا يشك في قدر الله، من تخلف عن رابعة والنهضة فقد خان الله ورسوله، وتجهيز الشباب للاستشهاد في سبيل الله بلبس الأكفان والتحريض على الشهادة، والتهديد بالزحف على الحرس الجمهوري وتحرير د. مرسي.
2- عمل فاعليات مختلفة لإفشال الدولة وإسقاطها:
أولًا: فاعليات لإفشال الاقتصاد، حملة (اسحب رصيدك)، وحملة (لا تدفع فاتورة الكهرباء والمياه)، وحملة (اجمع العملة الصعبة)، بالإضافة إلى إرباك الدولة بالمظاهرات وغيرها لشل حركة الاقتصاد.
ثانيًا: فاعليات لإرهاق الشعب في حياته اليومية، حملة (عطل عربيتك وسط الطريق لتعطيله)، وحملة (اركب المترو طول اليوم بتذكرة واحدة) (اتفسح بجنيه طول النهار في المترو) لتضاعف الزحام فيه، وحملة (بلاش أضحية هذا العام).
ثالثًا: فاعليات لمحاولة إحداث انقسام في الجيش، حملات شائعات إعلامية وفبركة تصريحات، (الحمد لله انفصل الجيش الثاني، وحركة قوية داخل الجيش ترفض الانقلاب وسوف تتحرك لإسقاطه، وتصدع كبير داخل قيادات الجيش ووضع اللواء العصار في الإقامة الجبرية، واستعداد السيسي وأسرته للفرار من البلاد، ومقتل السيسي وكبار معاونيه واستعانة قيادات الجيش بدوبلير للسيسي حتى يتدبروا أمرهم)، وتزامن مع كل هذا قيام الجماعات الجهادية بتوريط الجيش في قتالهم في سيناء لإحراج الجيش وإظهاره بمظهر العاجز عن السيطرة على سيناء وإدخاله في خصومه مع أهل سناء أنفسهم.
رابعًا: فاعليات لإسقاط الشرطة، وحصار أقسام الشرطة وحرق بعضها، وحملة (حرق سيارات الشرطة)، وإرهاق الشرطة بفاعليات سريعة في أماكن متفرقة في وقت واحد، وتزامن مع هذا قيام الجماعات الجهادية بحملات لتصفية قيادات الشرطة من أول وزير الداخلية إلى من دونه، وكذلك تفجير مديريات الأمن وتصفية الجنود في الكمائن.
خامسًا: فاعليات تدويل القضية المصرية لوضع مصر تحت وصاية المجتمع الدولي.
كانت الفلسفة التي تقوم عليها هذه الفاعليات هي إسقاط تلك المؤسسات التي تقف في وجه عودة د. مرسي مهما كلف الأمر؛ وهذا له عواقب وخيمة ليس على مصر وحدها، بل على العالم العربي والإسلامي كله.
بيان حزب النور لإنشاء لجنة الحكماء:
«في محاولة من حزب النور لمنع إراقة الدماء المصرية والحفاظ على هوية الدولة قبل الحزب التعامل مع خريطة الطريق التي صاغتها القوات المسلحة (بعد سيطرتها الفعلية على مقاليد البلاد، ووضع الرئيس المنتخب تحت الإقامة الجبرية)، وتم بناء عليها تنصيب رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد، وفي خلال أيام معدودة لم تنجح تلك الخطوات في منع سفك الدماء، بل زادت وزاد عليها الكثير من الإجراءات القمعية والتصرفات الاستثنائية مثل غلق القنوات الإسلامية بدون سند قانوني، وانتهاك المحرمات والقيام بمداهمات للبيوت وتصوير للرموز أثناء القبض عليهم، والحملات الإعلامية التي انطلقت على كل من يطالب بمرجعية الشريعة الإسلامية.
ملاحظات خطيرة على تعامل الإخوان مع المظاهرات والمفاوضات وإرهاصات وقوع كارثة
إن المتابع للواقع على الأرض يدرك الخلل الهائل في طريقة تعامل الإخوان مع التظاهرات والحراك في الشارع فقد بدا كأن التظاهرات أصبحت غاية مقصودة لذاتها وأصبح هناك لا مبالاة بالمناخ العنيف الذي تتسبب فيه تلك التظاهرات ولا بالخسائر التي تعود على الدولة والمجتمع بل على الإخوان أنفسهم مع فلسفة التظاهرات ليست كذلك.
يقول د. صلاح الصاوي إن التظاهرات ليست مقصوده لذاتها وإنما هي وسيلة ضغط للوصول إلى تفاوض يترك فيه كل من الطرفين بعض مطالبه للوصول إلى صلح يتم على أساسه حقن الدماء والخروج من الأزمة بأقل خسائر خاصة للطرف الأضعف في المعادلة والذي لا يملك من أسباب القوة إلا تلك التظاهرات السلمية في مواجهة خصم يملك كل أسباب القوة المادية .
يقول: ومن ناحية أخرى فإن التظاهر ليس مقصودا لذاته، بل الهدف هو تبليغ رسالة ونصرة قضية، فهو وسيلة من وسائل الضغط وتكوين الرأي العام، لكي ينجح فريق آخر في عرض قضيته وإثارة حوار حولها، فالتظاهر ينبغي أن تصحبه قنوات مفتوحة للحوار، والتواصل مع المخالف، وينبغي أن يكون سقف مطالبنا واقعيًا، بحيث يمكن أن يقبل في ضوء ما احتف به من ظروف وملابسات خاصة أما الإصرار على المعادلات الصفرية فإنها تجهض كل محاولة للحوار، والسياسة هي أن تحصل على أقصى ما يمكن الحصول عليه من الممكن، ثم تطالب بعد ذلك ببقية حقوقك، والتنازل عن بعض الحقوق من أجل إنقاذ بقيتها والقبول بمشترك من الخير، وعصمة الدماء مقصود شرعي صحيح، وهل الصلح إلا تنازل كل طرف عن بعض ما يعتقده حقوقا له! لا سيما إذا كان خصمك يملك كل أسباب القوة المادية، أ.هـ
لكنه لوحظ إصرار من الإخوان على المعادلة الصفرية بطرح شرط وحيد للتفاوض والإصرار عليه وهو شرط قريب من المستحيل وهو عودة الدكتور محمد مرسي للرئاسة أولا ولا مفاوضات قبل تحقق هذا الشرط.
نقول للعقلاء: هل ترك الإخوان طريقا لخروجهم وخروج البلاد من هذه الأزمة؟! لم يدع الإخوان فرصة لأحد للتدخل لإنقاذهم من أنفسهم وإنقاذ البلاد من تهورهم وغيابهم عن فهم الواقع كما هو لا كما يحلمون هم، فأين قواعد السياسة الشرعية في كل ما سبق؟! أين حرمة الدماء في الإسلام؟! أين؟ أين؟
وهذه شهادات لشخصيات شاركت في محاولات للوصول إلى حلول سلمية قبل فض رابعة إضافة إلى محاولات الدعوة السلفية التي تم ذكرها من قبل:
د. خالد الزعفراني في حوار له مع موقع الوطن .
*ما شهادتك على فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة؟
- كنت وسيطا بين قيادات الجيش والإخوان لحل أزمة اعتصامي رابعة والنهضة. وقبل فض رابعة حاولت قيادات الجيش إيجاد حل سلمى للاعتصام، خاصة أن الإخوان حشدوا أطفالا وسيدات وعجائز، وأي تدخل في الاعتصام حتى لو كان الفض بالمياه والغاز ستكون عواقبه وخيمة مع تدافع الآلاف.
وبعد اتصال بين أحد قيادات الجيش ومجموعة من الشخصيات التي أجمعت على أن خالد الزعفراني هو القادر على الوساطة مع الإخوان، طلبت منى تلك القيادة الوساطة، وكان ذلك الأمر قبل القبض على عدد كبير من قيادات مكتب الإرشاد ومجلس شورى الجماعة، فاتصلت بعدد كبير منهم، وأبلغتهم بمدى خطورة فض رابعة لما سينتج عنه من مصائب، خاصة مع تدافع الناس، فهناك أطفال ونساء ومواطنون من خارج القاهرة، وحدث تفاهم تام مع هؤلاء القادة الإخوان على ضرورة إنهاء الاعتصام، لما يمثله من خطورة شديدة، لكن العجيب ما حدث بعد ذلك، فبعد فترة حضرت كل الشخصيات التي تحدثنا معها، وتبنوا رأيا واحدا ردا على المفاوضات، هو رفض مبادرة الجيش، وقالوا: لا تفاهم إلا مع المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام، وكان في السجن حينذاك، وأكدوا أن رد الإخوان سيكون من الشاطر.
*وماذا حدث بعد ذلك؟
- طلبت منهم التواصل مع خيرت الشاطر من داخل محبسه بطريقة معينة، ونقلنا له الكلام كله حول خطورة استمرار الاعتصام وفضه بالقوة من جانب الدولة، وجاء رده صادما وقاطعا، حيث قال إن الإخوان لن ينهوا اعتصامهم إلا بعودة الدكتور محمد مرسي، الرئيس المعزول، إلى القصر الجمهوري.
(السياسة الكويتية)