وقال العلاّمة الحطّاب المالكي في "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (2/523، ط. دار الفكر): [قَيّد ذلك الباجي بالعدد القليل، ونصه: "هذا عندي في الانفراد والعدد اليسير، فأما في القوافل العظيمة فهي عندي كالبلاد، يصح فيها سفرها دون نساء وذوي محارم" انتهى، ونقله عنه في الإكمال وقَبِلَه ولم يذكر خلافه، وذكره الزناتي في شرح الرسالة على أنه المذهب، فيقيد به كلام المصنف وغيره.
ونص كلام الزناتي: إذا كانت في رفقة مأمونة ذات عَدَد وعِدَد أو جيش مأمون من الغلبة والمحلة العظيمة فلا خلاف في جواز سفرها من غير ذي محرم في جميع الأسفار: الواجب منها والمندوب والمباح، من قول مالك وغيره إذ لا فرق بين ما تقدم ذكره وبين البلد. هكذا ذكره القابسي. انتهى] اهـ.
والذي عليه الفتوى أن سفر المرأة وحدها عبر وسائل السفر المأمونة وطرقه المأهولة ومنافذه العامرة؛ من موانئ ومطارات ووسائل مواصلات عامة، جائز شرعًا ولا حرج عليها فيه؛ سواء أكان سفرًا واجبًا أم مندوبًا أم مباحًا، وأنّ الأحاديث التي تنهى المرأة عن السفر من غير محرم محمولة على حالة انعدام الأمن، فإذا تَوَفَّرَ الأمن لم يشملها النهي عن السفر أصلًا.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز للمرأة أن تسافر لأداء العمرة مع صحبة آمنة من غير أن يكون معها محرم.
والله سبحانه وتعالى أعلم"
بينما كان للملكة الوهابية رأي آخر حيث جاءت الفتوى السعودية بتحريم سفر المرأة دون محرم برقم " 122630: السفر بدون محرم للضرورة"
وتم نشرها على موقع الإسلام سؤال وجواب بتاريخ 17 أكتوبر 2008، جاء فيها " الحمد لله
الأصل الذي قررناه في فتاوى عدة أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم، سواء كان السفر سفرَ قربة كالحج وزيارة الوالدين وبرهما، أو سفراً مباحا لغير ذلك من الأغراض.
وقد دل على ذلك النص والاعتبار، فمن ذلك:
1- قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ أخرج مَعَهَا". رواه البخاري ( 1862 ).
وروى مسلم ( 1339 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ". وقد رويت أحاديث كثيرة في النهي عن سفر المرأة بلا محرم وهي عامة في جميع أنواع السفر.
2- ولأن السفر مظنة التعب والمشقة، والمرأة لضعفها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها، وقد ينزل بها ما يفقدها صوابها، ويخرجها عن طبيعتها، في حال غياب محرمها، وهذا مشاهد معلوم اليوم لكثرة حوادث السيارات وغيرها من وسائل النقل.
وأيضا: سفرها بمفردها يعرضها للإغراء والمراودة على الشر، لا سيما مع كثرة الفساد، فقد يجلس إلى جوارها من لا يخاف الله، ولا يتقيه، فيزين لها الحرام. فمن تمام الحكمة أن تصاحب محرما في سفرها ؛ لأن الهدف من وجود محرمها حفظُها وصيانتها والقيام بأمرها، والسفر عرضة لوقوع الأشياء الطارئة بغض النظر عن المدة.
قال النووي رحمه الله: "فَالْحَاصِل أَنَّ كُلّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا تُنْهَى عَنْهُ الْمَرْأَة بِغَيْرِ زَوْج أَوْ مَحْرَم" انتهى.
وقد حكى غير واحد من العلماء اتفاق الفقهاء على منع سفر المرأة بلا محرم، إلا في مسائل مستثناة.