- الكنيسة تعمل في السياسة وهذا حقها!!
- الدعوة لمقاطعة الانتخابات دعوة خبيثة
- مشروع قناة السويس عظيم ولكن أين مشروعات الصعيد؟
- نجهز لقافلة جديدة للنازحين في العراق وداعش بنت أفكار الإخوان
- أؤمن أن الإخوان وراء مذابح ماسبيرو وبورسعيد وتعرية فتاة التحرير
- الإخوان فقدوا مصداقيتهم في سَنة وهذا أخطر من سجنهم
- لا أدري لماذا تصمت لجنة شئون الأحزاب على مخالفات الأحزاب الدينية
الأب رفيق جريش المتحدث الرسمي للكنيسة الكاثوليكية بمصر مثقف بكل ما تحمله الكلمة، قارئ جيد للأحداث والكتب، يجيد القراءة والكتابة بخمس لغات، ويتفاعل مع الكثير من الأحداث؛ لذلك الحوار معه يمثل متعة وخاصة لأنه يتحدث بصراحة ودون مواربة..
- كيف ترى خروج المسيحيين بأعداد غفيرة في ثورة 30 يونيو؟
* المسيحيون جزء من الشعب المصري الذي اكتشف أن حكم الإخوان لمصر سوف يغير من طبيعة الشعب المصري وطبيعة مصر، وأن الدولة العريقة في أقل من سنة آيلة للسقوط، والمسيحيون مثل المسلمين قد يلعنون الحكومة؛ نظرا لمعاناتهم من الفقر والبطالة والروتين طوال النهار، ولكن عندما يستشعروا الخطر على مصر يهبوا للدفاع عن الدولة؛ لذلك أسرع كل الشعب واستغاث بالجيش طالبين منه إنقاذ الدولة قبل تذويبها.
- بصراحتك المعهودة أريد إجابة واضحة: هل تمارس الكنيسة السياسة؟
* نعم الكنيسة تمارس السياسة بمعناها الوطني وليس بمعناها الحزبي، أي لا تدعم حزبا ضد آخر، ولكن الكنيسة من حقها مثل كل شخص أن تدافع عن مصالحها، وهي في ذلك مثل أي جماعة لها مصالح، فنقابة الصحفيين تدافع عن أعضائها، وهكذا كل المؤسسات، والكنيسة من أقدم المؤسسات في مصر، وهي لا تدخل في صراع سياسي ولكن تبرز مواقفها وفقا لاحتياجات رعاياها، وسوف أعطي مثالا عندما تطالب الكنيسة بقانون دور العبادة أو الأحوال الشخصية، هذه المطالب تجعلها تمارس السياسية لإبراز احتياجات رعاياها.
- هل من هذا المنطلق تقوم الكنيسة بالتوجيه الانتخابي لتحقيق مصالحها؟
* الكنيسة في الانتخابات لا توجه، ولكنها تنصح، فإذا كان المرشح في دائرة ما يعمل ضد الكنيسة في الإطار الوطني فالكنيسة هنا تنصح أن لا يتم اختيار هذا المرشح، وأريد أن أقول: إن هذا يحدث في العالم كله وليس في مصر، فالكنيسة تعمل لمصلحة رعاياها، فعندما أرادت الحكومة الاشتراكية اليسارية الفرنسية الإلحادية- حيث أعلن رئيس فرنسا أنه ملحد- إصدار قوانين تعطي حقوقا للمثليين وحق الإجهاض، قامت الكنيسة في فرنسا، واستخدمت كل إمكاناتها لمنع مناقشة هذه القوانين في البرلمان، لدرجة أن الكرادالة تظاهروا في الشوارع واضطرت الحكومة بالفعل لتأجيل مناقشة هذه القوانين لأجل غير مسمى، فالكنيسة الفرنسية هنا تدخلت في السياسة من منطلق وطني.
- دعت بعض الأصوات على الفيس بوك لمقاطعة الأقباط للانتخابات إذا لم يحل حزب النور والأحزاب الدينية؟
* هذه دعوات خبيثة فالمقاطعة فعل سلبي غير مُجْدٍ على الإطلاق، لقد ظهرت قوة الأقباط الصوتية ككتلة مؤثرة ومهمة، ولا يجب أن يتم تشتيتها، أما بالنسبة للأحزاب الدينية فيجب أن تخرج لجنة شئون الأحزاب ببيان واضح للناس تعلن فيه موقف هذه الأحزاب من المادة 74 من الدستور التي تمنع قيام الأحزاب على أسس دينية، أو أن تقوم هذه الأحزاب بتوفيق أوضاعها.
- كيف تنصح الشعب بالاختيار حيث إن كل القوائم الآن لن تخلو من مسيحيين؟
* سوف ننصح أو نقترح اختيار الأصلح لمصر؟ فهناك كثير من النواب المسيحيين لم يفعلوا أي شيء لا للمسيحيين ولا لمصر، الجدوى هنا بالمصلحة الحقيقية، لا بخانة الديانة.
- لماذا طلبت بعودة جلسات النصح والإرشاد مجددا؟ وهل لا ترى في هذه الجلسات تأثيرا على حرية اختيار العقيدة؟
* إلغاء تلك اللجان أحدث فتنة طائفية لإلغاء الإفادة التي كانت تأتي من مديرية الأمن إلى الكنيسة التابع لها طالب التحول، وآن أن تأخذ الحكومة خطوة جريئة، لعودة جلسات النصح والإرشاد، لمن يريد أن يُحول من دين إلى آخر، وألا يكون في مديرية الأمن مثلما كان يحدث، حتى لا تكون هناك شبهة ضغط على المتحول، بل أن تكون أمام المحكمة أو النيابة، أو جهة محايدة، وأن يكون عملها يتسم بالجدية، وليس كما كان في السابق.
والهدف ليس مكسبًا لهذا الدين أو ذاك، ولكن الهدف أن يتأكد المجتمع وأقارب المتحول أن إيمانه الجديد نابع عن اقتناع وإرادة حرة.
وأقترح أن تضم لجنة النصح والإرشاد إلى عضويتها شخصا قانونيا، وآخر نفسيا، أو ما تراه اللجنة مناسبًا، بجانب عضوية القس والشيخ، لحل المشاكل المزمع حدوثها عند التحول للدين الجديد، ولا أجد في ذلك منعا لحرية العقيدة، بالعكس أنا أريد أن يكون اختيار العقيدة الجديدة مبنيا على كامل حرية الإرادة لا عن لحظة ضيق أو أزمة اقتصادية أو مشكلة زوجية عابرة؛ لذلك طلبت أن تكون موجودة عند التحول إلى أي دين.
- كيف ترى مشروع قناة السويس الجديد؟
* هذا مشروع من المشروعات الكبرى التي تم الآن بقيادة الرئيس السيسي وحكومته بعد تعثر مشروعات التنمية الكبرى لأكثر من 30 عاما، وهذا مشروع رائع والأكثر روعة فكرة التمويل عن طريق الشعب؛ لأن هذه الطريقة أسلوب مهم لعودة الانتماء المفقود؛ لذلك ننتظر مزيدا من المشروعات الكبرى وخاصة في الصعيد لأنه يستحق التنمية، والتنمية سوف تكون طريقا عمليا لمواجهة فكر الظلام الذي يستغل الفقر والبطالة لكى يعشعش هناك.
- كان للكنيسة الكاثوليكية دور رئيسي في تنظيم قافلة لمعونة النازحين في العراق ماذا عن القافلة الجديدة؟
* ما ترتكبه داعش من جرائم باسم الدين يمثل مأساة إنسانية مكتملة الأركان فهناك أكثر من 100 ألف نازح ولاجئ يعيشون الآن تحت قسوة برد الشتاء والأمطار من بينهم مرضى وعجزة وأطفال ومسنون، وقد نظمنا قافلة توجهت إلى أربيل نقلت معها 7 آلاف و200 طن من المواد الغذائية والبطاطين، بالتعاون مع وزارة الصحة ونقابتي الأطباء والصيادلة، ونحن الآن في مرحلة إعداد القافلة الجديدة لأن الشتاء يحتاج إلى مزيد من المعونات، وخاصة من البطاطين، وعندما ننتهي من تجهيزها سوف نعلن عن موعد سفرها في أقرب وقت.
- هل ترى أن فكر داعش بالفعل منبثق من فكر الإخوان؟
* نعم بالطبع ولذلك لم أتعجب من إعلان الشيخ القرضاوي على أن خليفة داعش من الإخوان.
- هذا يقودني لكي أسالك: إن الإخوان قد تعرضوا للسجن كثيرا ولكن ظل فكرهم موجودا فهل ترى أن سجنهم هذه المرة يؤدي إلى نفس النتيجة؟
* لا لأن هذه المرة أخذوا فرصة عمرهم واكتشف الشعب كذبهم وكذب أفكارهم التي ظلوا يروجون لها طوال 80 عاما، فلم نر من الإخوان طوال عاما على كرسي الحكم إلا عكس كتبهم وخطبهم، بل لم يهتموا بالدين ولم يفتتح مرسي مسجدا واحدا، وكانوا أكثر فسادا في المصاريف والمحسوبية، لقد فقدوا مصداقيتهم بالكامل وهذا اهم من سجنهم.
- كيف بدأت علاقتك بالإخوان؟
* ولدت في أسرة تهتم بالسياسية، وكان والدي يتحدث كثيرا عن الإخوان، مثل كل المصريين، وخاصة بعد محاولاتهم الآثمة لاغتيال الزعيم جمال عبد الناصر، بالمنشية، ومن مرحلة السمع انتقلت إلى القراءة عنهم في الكتب والصحف، وفي مرحلتي الدراسة الثانوية والجامعية تعرفت عن قرب بالفصائل المختلفة للطيف السياسي المصري، الاشتركيون والشيوعيون والإخوان.
- وكيف تحولت إلى علاقات شخصية؟
في فترة التسعينيات، كانت هناك مجموعة العدالة والمساواة الكاثوليكية، وكانت تدعو الإخوان كفصيل لتقديم أفكارهم سواء أكان ذلك في مدارس الجزويت أو الراهبات المصريات، إلى جانب حفلات الإفطار في شهر رمضان، وكان في مقدمة الحضور عصام العريان وأبو العلا ماضي وعصام سلطان، من الإخوان وحمدين صباحي من الناصريين، كما تعرفت على جورج إسحق، وحدث الاحتكاك من خلال هذه الندوات، وككاهن فالعلاقة الإنسانية تفوق أي خلاف سياسي حيث الجميع إخوة في البشرية، مهما كانت الاختلافات السياسية، وهم في هذه الفترة كانوا يقدمون أنفسهم كفصيل مظلوم وبريء، ونحن نتعامل بالحب نقدم الأفكار وأسس الحوار وقبول الآخر، والطابع المصري الأصيل بلقمة العيش والملح.