سلطت العملية الإرهابية الأخيرة التي سقط فيها 11 جنديا مصريا، الضوء مجددا على التهديد الخطير القابع في شبه الجزيرة المصرية، وإن كان البعض ربط هذا الهجوم بمحاولات التنظيمات الإرهابية للتغطية على الخسائر التي تكبدتها في الفترة الأخيرة.
القاهرة – بعد فترة من الهدوء الحذر، عاودت التنظيمات الإرهابية في سيناء، هجماتها على عناصر الجيش المصري، حيث استهدف مسلحون كمين “الغاز” في حي العريش بسيناء، شمال غرب القاهرة، في ساعة متأخرة من مساء الخميس بسيارة ملغومة، كان يقودها انتحاري من عناصر بيت المقدس، ما أدى إلى مصرع 12 جنديّا.
وقالت مصادر بالجيش لـ”العرب”، إن القوات المسلحة أرسلت تعزيزات عسكرية من الجيشين الميدانيين الثاني والثالث إلى سيناء، تمهيدًا لشن عملية موسعة للقضاء على المتورطين في الحادث.
وأعلن العميد محمد سمير، المتحدث العسكري في وقت سابق أن “مجموعة مسلحة من العناصر الإرهابية، قامت بمهاجمة إحدى نقاط التأمين في شمال سيناء، مستخدمة عربات الدفع الرباعي المفخخة، والمحملة بكميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار، وعلى الفور تم الاشتباك معهم (مع الإرهابيين) بواسطة أفراد الكمين بكافة وسائل النيران، وتمكنوا (أفراد الكمين) من قتل 3 منهم (من الإرهابيين) وإصابة آخرين”.
وأضاف أن انفجار العربة المفخخة، وأعمال الاشتباكات، وانفجار عبوة ناسفة في إحدى المركبات، أسفرت عن مقتل 8 عسكريين وإصابة آخرين، قبل أن يرتفع عدد القتلى، الجمعة.
وكانت مصادر أمنية ذكرت، أن سيارة مفخخة انفجرت في البداية، ثم تبعها إطلاق نار من أسلحة آلية ومدافع “جرينوف” على أفراد الكمين، في قرية السبيل، بمدخل مدينة العريش، فيما عجزت سيارات الإسعاف عن الوصول إلى الموقع، نظرا لوجود عبوات ناسفة، زرعتها العناصر الإرهابية بمدخل الطريق المؤدي إلى الكمين.
وبعد الحادث وقعت معارك عنيفة بين قوات الجيش وعناصر مسلحة، امتدت من مساء الخميس حتى صباح الجمعة، ونجحت التعزيزات العسكرية في إعاقة تقدم العناصر المسلحة إلى الكمائن الجديدة، وعددها ثمانية، والتي أقامتها قوات الأمن المشتركة (الجيش والشرطة) في الشيخ زويد، ما أسفر عن مقتل 24 تكفيريّا.
وجاء استهداف الكمين بعد سلسلة نجاحات، حققها الجيش المصري خلال الأيام الأخيرة، تمثلت في القضاء على العشرات من المسلحين، والقبض على مجموعات كبيرة منهم جنوب غرب رفح، وقطع الإمدادات العسكرية عليهم من خلال السيطرة على “تبة” الصوالحة.
وترتفع “التبة” عن سطح الأرض قرابة 500 متر، وتعد أعلى موقع بوسط سيناء، وتكشف مدينتي رفح والشيخ زويد بالكامل، وجزءًا من قطاع غزة، واعتلت عناصر بيت المقدس التبة واستهدفت القوات.
ورأى عسكريون أن الحادث الأخير أتى كرد من التنظيمات المسلحة على عودة سكان أحياء حي الشيخ زويد إلى منازلهم مؤخرًا، رافعين علامات النصر والأعلام المصرية، والهتاف للجيش والشرطة، إثر نزوحهم عن هذه الأحياء منذ ما يقارب 6 أشهر، بسبب العمليات العسكرية هناك.
وقال اللواء محمود زاهر، الخبير الإستراتيجي والعسكري، إن العناصر الإرهابية في سيناء لا تريد أن تظهر في مظهر المنكسر أو الخاسر، في عملية تحرير أحياء الشيخ زويد ووسط سيناء من قبضة الإرهابيين، وأرادت هذه العناصر الإرهابية أن تقول “ها نحن ما زلنا موجودين لمحاربتكم”.
وأشار إلى أن تلك العناصر تسعى إلى زيادة التوتر في سيناء بشكل عام، وبالتالي ردت على نجاح الجيش باستهداف هذا الكمين، كعملية نوعية أرادت منها التغطية على هذا التقدم العسكري للجيش في شبه الجزيرة.
وتوقع، في تصريحات لـ”العرب”، أن تقوم قوات الجيش برد قاسٍ خلال الساعات المقبلة، على هذا الحراك الإرهابي.
ورأى اللواء محمد علي بلال، نائب رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، أن هناك شيئًا من القصور الأمني تسبب في وقوع الحادث، لأن ذلك كان متوقعًا بعد فترة من الهدوء، لافتا إلى أنه كان لا بد من زيادة تمركز القوات في محيط الكمائن العسكرية، تزامنًا مع عملة تحرير تلك المناطق من الإرهابيين، وإعادة سكانها مرة أخرى.
ولم يستبعد بلال لـ”العرب”، أن يكون الهجوم الإرهابي مرتبطا كذلك بالمناورات العسكرية الضخمة التي قام بها الجيش المصري خلال الأيام الأخيرة في الصحراء الغربية، وأظهر فيها قوة فائقة.
(العرب اللندنية)