«اختطاف ثورة ٢٥ يناير.. آخر العمليات الفاشلة للتنظيم السري».. هكذا اختار الدكتور السيد عبدالستار المليجى القيادى السابق فى جماعة الإخوان أن يعنون شهادته على الطريقة التى تعامل بها قيادات التنظيم السرى فى الجماعة الإرهابية منذ انطلاق شرارة الثورة حتى استيلاء الجماعة على مقاليد الحكم فى البلاد.
فى تلك الفترة الدقيقة من تاريخ مصر كان القيادى التائب جزءا من الحراك الدائر فى الشارع، وهو يروى فى الكتاب الصادر عن دار ميريت وتنشره مكتبة الأسرة لحظة بلحظة كيف كان رد فعل قيادات الإخوان الغاضب من قيام حركة كفاية باعتبارها تسلب الجماعة قدرتها على الحديث باسم المصريين كونها حركة تضم جميع درجات الطيف السياسى.
كانت الثورة فى صدور الشباب تغلى وتوشك على الانفجار بينما القيادات العجوزة مشغولة بتحديد مواقعها فى الكادرات التليفزيونية.. هكذا يقدم المليجى صورة إجمالية لوقائع ما دار فى ميدان التحرير، ويقول إنه ربما تحين الفرصة فى عمل آخر لسرد كل التفاصيل والمواقف ودور كل شخص فيها بالتحديد. يمضى المؤلف فى سرده متعقبا ما قامت به قيادات التنظيم السرى فى البلاد وصولا إلى الحكم، مستعرضا أدق التفاصيل فيما أقدموا عليه مبينا أن الهدف الأساسى من وراء كل تحركات كهنة المعبد الإخوانى كان الاستيلاء على السلطة من خلال أقصر الطرق حتى لو كان الطريق هو سرقة أحلام الشباب. يروى المليجى فى الكتاب الذى تنشر «البوابة» أحد فصوله كاملا «نرى كيف أن المشهد الخاص بأداء الرئيس لليمين الدستورية انقلب إلى مشهد كوميدى، فالرئيس الذى كان ممتنعا عن أداء القسم أمام قيادات المحكمة الدستورية العليا بدعوى أن أعضاءها تم تعيينهم فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك انتهى به الحال إلى حلف ٣ أيمان إحداها فى المحكمة الدستورية العليا والأخرى أمام الجمهور فى جامعة القاهرة، والثالثة فى ميدان التحرير فى واقعة فتح الجاكيت الشهيرة».
تفاصيل الاجتماع السرى بين «مرسى» و«الكتاتنى» و«سليمان» صباح ١١ فبراير
منذ تأسست حركة كفاية عام ٢٠٠٣ وظهورها الأول فى ١٢/١٢/٢٠٠٤ والتنظيم السرى يرتجف منها ويخشاها.. أجهزة التنظيم تنشر الأكاذيب حولها وتصفها بأنها «قليلة الأدب وتشتم الرئيس»، وفى داخل التنظيم تصدر تعليمات للجميع بمحاصرتها وتشويه سمعتها.
سدنة التنظيم اتفقوا على أنها لو تركت فسوف تسحب البساط من تحت أقدامهم وتحقق شعبية تسبب لهم حرجا وستبدو منقذا مثاليا لمصر من وهدتها وذلك لكونها حركة عابرة للأيديولوجيات. مؤسسو الحركة بينهم اثنان ناصريان د.محمد إدريس والأستاذ أمين إسكندر، واثنان إخوانيان د.السيد عبدالستار والمهندس أبوالعلا ماضى واثنان يساريان الأستاذ جورج إسحاق والمهندس أحمد بهاء الدين فماذا يمكن قوله على مثل هذه التركيبة المصرية؟.
كانت مشكلة التنظيم مع حركة كفاية أنه لا يمكن وصفها بأى صفة عنصرية أو حزبية أو أيديولوجية، فهى حركة مصرية بامتياز ولم يجد التنظيم غير وصف «بيقولوا كلام عيب فى حق الرئيس»، وعندما اتسع نطاق حركة كفاية ونجحت فكرتها والتفت حولها جمع المقاومين للتوريث تحولت كراهية التنظيم إلى أفعال معادية للحركة.
وأعلن مكتبهم عن إنشاء حركة موازية لتمتص تطلعات شباب الإخوان الذى بدى معجبا بما تحققه حركة كفاية، أطلقوا على حركتهم اسما تسويقيا مضحكا «قوم يا مصرى»، وكان مولودا مشوها فلم تكتب له الحياة أكثر من شهور.
انتهى الكيد التنظيمى سريعا ليعودوا لحركة كفاية طالبين مشاركتها بشرط أن يتواجد أفرادهم فى قطاع خاص بالتظاهرات ويحملوا لافتات التنظيم التى تخصهم، وكانت فتنتهم السبب الأول فى مطالبة مجموعات فى كفاية بحرية التعبير عن هوياتهم أثناء التظاهرات كما فعل التنظيم السرى ورفع الناصريون صورة لعبدالناصر فى تظاهرات كفاية ورفع غيرهم صورة جيفارا، وجاء من يرفع علما أسود وآخر أخضر وبدت حركة كفاية غير قادرة على لم شمل المصريين كما بدأت تحت راية مصر وقاضاياها.
ومما لا شك فيه أن التنظيم السرى وآليات عمله على الأرض نجح فى تفتيت حركة كفاية مع بقاء محبتها فى قلوب الآلاف من المصريين كما تحركت جماعات قديمة تحصد هذا النجاح لنفسها وتنسبه إلى فكرها وفى مقدمة هؤلاء مجموعة الاشتراكيين الثوريين.
تمكن هؤلاء من الحركة فى الأوساط الفقيرة وجمعوا شبانا منها وأطلقوا عليهم شباب كفاية، ومن حيث الواقع كان هذا جيبا تنظيميا داخل كفاية يخص الاشتراكيين ولم يكن لمكتب كفاية التنفيذى أى قدرة على توجيه هذه المجموعة وانتشرت هذه المجموعات ممثلة تجمعات صغيرة تنسب نفسها لكفاية دون أى تنسيق مع مكتب كفاية التنفيذى.
كنا نجتمع أسبوعيا لبحث ما يجرى حولنا من انتهاكات لوحدة الحركة وما ننتهى من مشكلة حتى يأتينا خبر مجموعة جديدة تتولد، هؤلاء محامو كفاية وهؤلاء أطباء كفاية وهؤلاء صيادلة كفاية وهؤلاء نساء كفاية، وأطلقوا على حركتهم «الشارع لنا»، ومع أن الأمر بدا مفرحا للناس بقدرة كفاية على الوصول لكل قطاعات الوطن المصرى ومحافظاته ولكنه عند العقلاء كان انتشارا يفتقد الاتزان والانضباط وظهرت مقولة ما فيش حاجة اسمها مؤسسى كفاية. تغير مقرر الحركة جورج إسحاق بعد عام من توليه المنصب لإثبات ديمقراطيتها وانتخب للموقع د.عبدالوهاب المسيرى ثم تلاه بعد وفاته د.عبدالجليل مصطفى فى موقع مقرر الحركة، وأمام المشكلات الطارئة والتنازعات الخائبة لم يكمل مدته وبدت مؤشرات الخطر تتزايد على الحركة برمتها وتولى د.عبدالحليم قنديل بصفة مؤقتة موقع المقرر ولكنه تصرف بطريقة الزعيم الأوحد فكان المقرر والمتحدث الرسمى وكل شيء.
وعلى مشارف عام ٢٠١٠ كانت كفاية رمزا للنضال من أجل الحرية ورمزا للمواجهة مع الرئيس وأسرته وحزبه والوحيدة المؤهلة للقيام بثورة شعبية فى مواجهته، ولكن الفاعلين فى حركة كفاية كانوا يدركون أنها أصيبت بداء الصراع على القيادة وفيروساته التى تعبئ الأجواء العربية.
فى هذه اللحظات التاريخية الفارقة تضعضعت قيادة كفاية على المجتمع الثورى وتلفت الجميع بغير وعى عن قيادة جديدة، وفجأة وبغير مقدمات معروفة لى على الأقل هبط على مصر «البرادعي» والتقط إعلام مبارك الخيط ووجدها فرصة لتعميق الفرقة ورحب بالبرادعى كما رحب بزويل من قبله ليس حبا فيهما ولكن تفتيتا لجبهة الثوار ووقعنا فى الفخ وسارع بعض قيادات كفاية ليلتقى بالبرادعى فى بيته منضما إلى قيادات إخوانية وحزب وسطية، وتنادى الكثيرون إلى جبهة جديدة يتربع على قمتها البرادعي.
كانت الثورة فى صدور الشباب تغلى وتوشك على الانفجار بينما القيادات العجوزة مشغولة بتحديد مواقعها فى الكادرات التليفزيونية فى هذه الحالة التنافسية على القيادة من الكبار الذين لا نشكك فى نواياهم الثورية جميعا تأهب الشباب لمواجهة على الأرض مع النظام القمعى، وكان موت الشاب خالد سعيد على يد المخبرين فى الإسكندرية وموت سيد بلال أيضا وبنفس الطريقة شرارتين متتابعتين أحدثتا الانفجار الثورى الذى واجه قمع مبارك يوم ٢٥ يناير ٢٠١١ ووصفت الثورة بأنها ثورة الشباب، وصدق الشباب أنه وحده يملك الثورة وفقد أعز ما يملك فى هذه اللحظة وهو خبرة الثوريين الأول والمؤسسين لحركة التمرد ضد مبارك ومن على شاكلته من الديكتاتوريين، وهنا تدخلت جهات عدة لحصاد جهد الثوار قديما وحديثا لمصلحتها وسمعنا فى الإعلام أسماء جديدة كانت لها مجرد مواقف خلافية حول مصالحها مع النظام البائد ولكنها استقرت فى حضنه وتحت رعايته ضمن اتفاقات تحت الترابيزة.
ومرة أخرى وقعنا فى الفخ على مشارف سقوط النظام البائد وتشكلت ممن لا نعرف جماعات ومجموعات أطلقت على نفسها أسماء ثورية براقة، وكان الواضح الجلى أنها موضة الوقت التى يجب أن يرتديها كل من يريد نصيبا ثوريا فى القريب العاجل وبرطعت فى ميدان التحرير خيول خشبية يركبها فرسان من الأسفنج وقيل للناس هؤلاء حماة الثورة وصارت الأمور إلى المقرات السرية البعيدة عن الميدان وأصبح الميدان يكتم أنفاسه انتظارا لما يأتى به القدر أو تصنعه مخططات القابعين فى أوكارهم حول خريطة ورقية لتحريك عناصرهم من على بعد، وركبت حول الميدان كاميرات إعلامية ترصد الموقع ومداخله وما يجرى فى المحافظات متظاهرة بمعاونته بينما تنشر من ذلك ما يحقق مصلحة مالكيها وانتهى الأمر إلى خطة جهنمية لتصفية الثورة لمصلحة جهات بعينها.
المخطط کما حدث:
تبدأ عملية اختطاف الثورة بلقاء جمع د.محمد مرسى الذى أصبح رئيسا فيما بعد، ود.محمد سعد الكتاتنى أصبح رئيس مجلس الشعب فيما بعد ود.محمد بديع المحتفظ بتنظيم ومقرات وأموال على خلاف القانون، بالسيد عمر سليمان مدير مخابرات مبارك ونائبه وقت الثورة يوم ١ فبراير ٢٠١١ وتم الاتفاق على أن يسحب الإخوان أفرادهم وما يستطيعون من الميدان مقابل السماح لهم بحزب سياسى وعدم التعرض لتنظيمهم السرى والإفراج عن مديرى محفظة التنظيم المسجونين خيرت وحسن، وبعد موافقتهم على هذه الصفقة حلفوا معا على المصحف أن يبقى السر بينهم وعدم إثارته فى مكتب الإرشاد أو مجلس الشورى لتأكدهم أن أبوالفتوح على الأقل سيعارض هذه الصفقة، ولكن انكشف السر بزلة لسان أحدهم وتسرب الخبر من جهة المخابرات بهدف بلبلة صف الثوار وهزيمتهم نفسيا.
فور انكشاف سر هذا الاتفاق وصفه عضو مكتب الإرشاد عبدالمنعم أبوالفتوح بالخيانة للثورة وترك مكتب الإرشاد مغاضبا ولم يعد.
حاول أعضاء من مكتب الإرشاد التسويق لهذا الاتفاق بين قواعد الإخوان فقبله البعض واستنكره البعض، ولكن المتواجدين فى التحرير وبقية الميادين خجلوا أن ينسحبوا وأعلن بعضهم رفضه لهذا المسلك.
كالعادة تصرف الذين عقدوا الاتفاق مع نظم مبارك والمعتصمين فى الميدان ومنهم شباب من الإخوان بوجهين مختلفين وبسياسة إمساك العصا من المنتصف فكان ممثلوهم فى الميدان يتبنون خطاب الثورة بينما قادتهم فى الخفاء ينسقون مواقف وسياسات مع أعدائها دون إعلان ذلك.
لم يمض وقت طويل حتى بدا للكافة أن النظام انتهى ورحل ولم يعد سوى مراسم الدفن.
فى الليلة الأخيرة حاول الكثيرون إقناع الشباب المعتصم بقبول فكرة تنازل الرئيس عن الحكم لنائبه، وتم ذلك بتشاور بين غرف العمليات المنتشرة حول ميدان التحرير والتى كانت كل غرفة منها تخص توجها من التوجهات المشاركة فى الثورة، وانتهت نقاشات الجميع بأنه سيكون مخرجا مقبولا أن يرحل مبارك ويترك الحكم لنائبه، وفى الغرفة التى كنت أنتمى إليها فى هذه اللحظة التاريخية من يوم الخميس ١٠ فبراير ٢٠١٢ الساعة العاشرة والنصف مساءً تأهبنا للنزول إلى ميدان التحرير لنصعد المنصة ونوجه خطابا للمعتصمين لإقناعهم بالفكرة، غير أن اقتراحا بضرورة التشاور مع الشباب القياديين فى الميدان أجل تحركنا نحو الميدان وفى غضون ١٥ دقيقة جاءنا ممثل الميدان ناصر، وهو من أبناء المحلة الكبرى وشابة فى سنه شرحنا لهما وجهة نظرنا بالتفصيل وجاء رده على خلاف ما أردنا تماما وفى هدوء وتصميم أكيد قال «لن نترك الميدان حتى يرحل مبارك ونظامه»، استدرنا إلى زميلته نسألها عن رأيها فقالت «زى ما قال بالضبط»، بهذه الكلمات تبخرت خطة العواجيز التى كانوا يتصورون أنها مخرج مناسب وماتت فكرة قبول نائب مبارك. استأذن الشاب الثورى وزميلته وتوجه لإخوانه فى الميدان وتحدثنا معا وأجلنا قرارنا حتى نسمع قرار مبارك الذى كان الجميع ينتظره منذ ساعتين على شاشات التلفاز.دقائق وتحدث الرئيس مقررا أنه تنازل عن منصب الرئيس لنائبه عمر سليمان وهو من عقد الصفقة مع أعضاء التنظيم السري.
هذا ما حدث فى الموقع الذى كنت فيه ليلة الخميس وأنا عليه شاهد عيان وقد يأتى اليوم الذى أكتب فيه عن هذه الأيام بالتفصيل وأحدد الأسماء ودور كل منها ووجهة نظره، ولكن المهم هنا أن ندرك أن مسار الثورة من أولها حتى آخرها يوم الجمعة ١١ فبراير كان بيد شباب ميدان التحرير وبقية الميادين ولم يكن التنظيم السرى للإخوان سوى صائد للمغانم وخائن للثورة.
فى هذه اللحظة تحركنا تلقائيا لنكون بالميدان وعلى منصته الرئيسية وقفنا وتحدثنا مستمدين قوتنا من قوتهم وهدير هتافهم، وشعرنا معهم كأننا عدنا لأيام الفتوة وصمم الجميع على التحرك صباح الجمعة نحو قصر الاتحادية بمصر الجديدة لخلع الرئيس من قصر الرئاسة خلعا.. وقد كان.
وبينما شمس نهار يوم الجمعة ١١ فبراير تميل للغروب شاهدت بعينى طائرة هليكوبتر تغادر قصر الاتحادية قال الحاضرون حول القصر إنها تقل الرئيس الهارب وقال آخرون بل تنقل آخر متعلقاته بالقصر . فى هذه الدقائق استدارت مدافع الدبابات التابعة للحرس الجمهورى نحو القصر بدلا من صدور الثوار وبرز منها ضباطها وهم يهنئون الناس على شيء لم ندركه بدقة، ولكننا خلال دقائق معدودات سمعنا بيان عمر سليمان التاريخى الشهير: بسم الله الرحمن الرحيم.. قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وفوض المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى إدارة شئون البلاد.. والله المستعان»، قالها عمر سليمان بصوت حزين ونبرة منكسرة وخلفه حارسه المتجهم الذى كثرت عليه الروايات.. ولكن الشاهد هنا أن الجميع أيقن بنجاح الثورة وشعر أيضا أن مصر تواجه عصرا جديدا ومرحلة مجهولة.
من يومها ومصر تدار بالمجلس العسكرى الذى فكر ودبر فى من يقوم بدور البطانة الشعبية أو الظهير الشعبى كما يقولون، ولم يجد أمامه سوى المتفقين مع رئيس المخابرات من أيام فمضى على نفس النهج الذى خطه الرئيس المخلوع وكان أول معالم الاتفاق بين الطرفين فى المرحلة الانتقالية هو تشكيل لجنة التعديلات الدستورية التى شطرت المصريين شطرًا وراحت البيانات الصادرة تنزل على رؤوس الثوار كأنها حجارة من سجيل وصارت الأحداث تتوالى على النحو التالي:
لجنة التعديلات، استقالة شفيق، الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى ١٩ مارس، وما ترتب عليه من تشقق فى الصف الوطنى، إدخال التيار المسمى بالسلفى بفعل فاعل فى اللعبة السياسية، وغزوة الصناديق كما سماها أحدهم، بدء التحقيق مع مبارك ونجليه فى ١١ مايو، أحداث الهجوم على الثوار وأسر الشهداء أمام مسرح البالون ووقوع جرحى والقبض على أسرى منهم فى ٢٨ يونيو ٢٠١١، أحداث ماسبيرو فى ٤ سبتمبر والتى عرفت بيوم الأحد الدامى وكانت موجهة من المجلس العسكرى ضد المسيحيين المتجمهرين أمام مبنى التليفزيون فى منطقة ماسبيرو للمطالبة بما هو ضرورى لحريتهم فى العبادة وترتب عليها مقتل ٣٤-٣٥ مسيحيا وبعضهم مات دهسا بدبابات المجلس العسكرى، ثم أحداث محمد محمود فى ١٩ نوفمبر ٢٠١١، حرب شوارع واشتباكات دموية ما بين المتظاهرين وقوات الأمن، قامت فيها قوات الشرطة (قوات فض الشغب) باستخدام القوة المفرطة وتصويب الشرطة الأسلحة على المتظاهرين واستهداف المستشفيات الميدانية، كما أثبتت التقارير تورط قوات الشرطة العسكرية فى هذه الأحداث التى أدت إلى مقتل المئات بالإضافة إلى آلاف المصابين وكان الكثير من الإصابات فى العيون والوجه والصدر نتيجة استخدام الخرطوش، بالإضافة إلى حالات الاختناق نتيجة استخدام الغاز المسيل للدموع، إقالة حكومة الدكتور عصام شرف وتعيين كمال الجنزورى رئيسا للوزراء، وأول انتخابات بعد الثورة بدأت بمجلس الشعب فى ٢٨ نوفمبر على ٣ مراحل وترتب عليها تحالف التنظيم السرى مع السلفيين بمباركة المجلس العسكرى وأجهزته الأمنية وغلبة لهذا الصنف فى المجلس وتقاسم الغالبون رئاسة المجلس واللجان عيانا بيانا بينهم دون غيرهم، وجاء مجلسا مضحكًا فى الشكل والمضمون، أحداث مجلس الوزراء فى ١٦ ديسمبر وجرت فيها اشتباكات بين الشرطة العسكرية ممثلة للمجلس العسكرى وبين الثوار الرافضين للجنزورى كرئيس وزراء بوصفه من بقايا الحكم السابق وراح مجلس الشعب الممثل للتنظيم السرى وتابعه الجديد يهاجم الثوار كاشفا عن موقفه المعادى للثورة كأول مرة، وفى المجلس اتهم الثوار بالبلطجة والإدمان وانطلقت من فكوك الملتحين ومن بين أضراسهم كلمات لا يمكن كتابتها أو التلفظ بها فى أى مجلس، ناهيك أنه مجلس الشعب، وترتب على هذه المجزرة الجديدة سقوط العديد من الشهداء وأشهرهم العالم الأزهرى الوقور الشهيد عماد عفت، وفى هذه الأحداث أيضا انتهكت الشرطة العسكرية عرض فتاة مصرية بتعريتها أمام كاميرات الدنيا وسبها بأفذع الألفاظ وهى التى سميت فيما بعد تكريما لها من الثوار ست البنات، ثم الذكرى الأولى للثورة فى ٢٥ يناير ٢٠١٢ وفيها نزل المصريون للميادين منقسمين يتساءلون هل نحتفل بنجاح الثورة أم نعلن أننا فشلنا حتى هذه اللحظة فى تحقيق أهدافها؟!! وكان ميدان التحرير نموذجا واقعيا لكل هذه الخلافات حيث نزل كل فريق ينصر فكرته وتصوره عما حدث لمصر فى عام من الثورة، ثم جاءت انتخابات مجلس الشورى فى ٢٩ يناير ٢٠١٢ ولم يحضرها سوى ٣٪ ممن لهم حق التصويت ومثلت هبوطا حادا فى الروح الثورية وشعورا بالحزن ومظاهر الاكتئاب التى أصابت المصريين بينما فرح لها وبش التنظيم السرى وتابعه وباركها المجلس العسكرى وحسبها من الإنجازات، ثم كانت المصيبة العظمى ونهاية الصبر المصرى مجزرة بورسعيد ووقعت فى ١ فبراير وهو نفس اليوم الذى جرت فيه موقعة الجمل أثناء الثورة وكانت المذبحة الجديدة بمثابة إعلان لاستمرارية حياة السفاح الجانى فى الأرض المصرية، وفى هذه المذبحة التى أدمت قلوبنا قتل من أولادنا وذرارينا أمام أعيننا ٧٣ ذبيحا بالمناجل والسيوف وقطعت أرجلهم وأياديهم ودهس بعضهم تحت أقدام الجزارين ووسط ضحكاتهم الوقحة، ليس هذا فحسب ولكن الجريمة جرت فى سلخانة أحكم غلقها على الفرائس الصغيرة وكتبوا عليها خداعا استاد بورسعيد، يا للهول مما حدث لأبنائنا من فزع ورعب فشابوا وهم فى العشرينيات قبل ذبحهم وأى بشر هؤلاء الذين وقفوا يدافعون عنهم فى المجلس المنحل أو غيره من محافل الشياطين؟!!. وأعجب من ذاك أن فريق التنظيم السرى ظلت يده ممدودة للمجلس العسكرى الذى وقعت تحت إدارته كل تلك المآسى وانشغلوا بترتيبات انتخابات الرئاسة أو التعاسة. أحداث العباسية فى ٢ مايو ٢٠١٢ ووقع فيها أكثر من ١١ قتيلا مصريا جديدا ودخل الجنود بأحذيتهم إلى ساحة مسجد النور بالعباسية للقبض على المختبئين فيه وكان من بينهم شيخ كبير وصحفيون شبان وضرب الجميع على قفاه وزج به فى سيارات الشرطة العسكرية مصحوبين بكلمات التوبيخ والشتم. بدأت الانتخابات الرئاسية فى ٢٣ مايو ٢٠١٢ وتنافس فى الجولة الأولى من الانتخابات ١٣ مرشحا هم: أبوالعز الحريرى وأحمد شفيق وحسام خير الله وحمدين صباحى وخالد على وعبدالله الأشعل وعبدالمنعم أبوالفتوح وعمرو موسى ومحمد سليم العوا ومحمد فوزى عيسى ومحمد مرسى ومحمود حسام وهشام البسطويسى. السبت ٢ يونيو ٢٠١٢ أسدل الستار على محاكمة القرن للرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى و٦ من مساعدى وزير الداخلية ونجلى حسنى مبارك فى تهم قتل المتظاهرين حيث أصدر المستشار أحمد رفعت حكمه بالسجن المؤبد لكل من الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى وقضت المحكمة ببراءة كل من مساعدى وزير الداخلى الستة ونجلى الرئيس المخلوع جمال وعلاء مبارك، وقد أثارت هذه الأحكام موجة من الاحتجاجات التى رأى المشاركون فيها أن الأحكام لم تكن عادلة وأن المحكمة مسيسة. ٢٤ يونيو ٢٠١٢ أعلنت نتيجة انتخابات الإعادة لمنصب رئيس الجمهورية بين محمد مرسى مرشح التنظيم الرسمى وأحمد شفيق مرشح الحزب الوطنى وأولاد مبارك، ورست على مرسى بنسبة نحاح ٥١.٧٪ بينما حصل منافسه على ٤٨.٣٪.
أول القصيدة
«لن أحلف اليمين أمام محكمة دستورية من زمان مبارك قامت بحل البرلمان الإخوانى» أو هكذا قال الرئيس الجديد، الناس يتعجبون كثيرا من مقولة الرئيس الذى يجب أن يكون نموذجا للالتزام بالقانون والمشروعية والكل يتوقع مشكلة قانونية ودستورية المحكمة الدستورية ألغت مجلس الشعب، والجيش تولى تنفيذ القرار وسلم للنواب متعلقاتهم كاملة على الباب ولم يسمح لأحد بالدخول، أرباب التنظيم السرى غضبوا كثيرا من الدستورية كعادتهم والحمد لله أنهم لم يمارسوا عملهم القديم بإطلاق الرصاص على القاضى الذى حكم ضدهم ولكن الأعجب أن المشهد انقلب إلى إسهال حلفانات، الرئيس الذى كان ممتنعا أن يحلف مرة حلف ٣ حلفانات مغلظة الأول فى المحكمة الدستورية والثانى أمام جمهور فى جامعة القاهرة والثالث فى ميدان التحرير وكأن ذلك طلاق بالتلاتة كما يقسم القرويون، لكل الوعود السابقة كما أثبتت الأحداث تأكد للناس مرارا أن رئيسهم يغير رأيه بسهولة.
٥ أغسطس مقتل الجنود المصريين فى رفح حيث قتل ١٩ جنديا مصريا وأصيب العشرات أثناء تناولهم طعام الإفطار وأعلن الحداد فى جميع أنحاء الجمهورية وبدأت قوات الجيش بحملات تمشيط واسعة فى سيناء للقبض على الجناة وقام الرئيس بزيارة الموقع وأعلنت على السيناوية حربا ضروسا، وحتى يومنا هذا لم نعرف الجناة كما وعدنا مرسى، تعيين نائب للرئيس استقال خلال ٤ شهور من توليه.
نشر القرار الرئاسى المحدد لصالحيات نائب رئيس الجمهورية: حدد الرئيس محمد مرسى اختصاصات وصلاحيات نائبه المستشار محمود مكى وكان من أبرز المهام الموكله إليه:
إصدار القرارات واتخاذ الإجراءات التى تقتضيها الضرورة حال قيام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته ولا يشمل ذلك طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو إقالة الوزارة.
كما منحه صلاحية إصدار القرارات واتخاذ الإجراءات التى يفوضه فيها رئيس الجمهورية فى حالة وجوده خارج البلاد وأيضا الاطلاع على مشروعات القوانين والقرارات التى تقترحها الجهات المختصة ودراستها وإبداء الرأى بشأنها لرئيس الجمهورية.
وأسند رئيس الجمهورية إلى نائبه قيادة مشروع الإصلاح التشريعى بما يكفل استقلال القضاء وترسيخ مبدأ الفصل بين السطات بما يحقق أهداف ثورة ٢٥ يناير ويؤسس لبناء الدولة الحديثة.
وكفله أيضا بالإشراف على الحوار الديمقراطى بين أطياف الأمة والقوى السياسية والإشراف على رعاية الحقوق والحريات الدستورية ومراقبة احترامها من كافة أجهزة الدولة.
هذا فضلا عن معاونة رئيس الجمهورية فى إدارة وتوجيه ومتابعة أعمال مساعدى ومستشارى رئيس الجمهورية وتمثيل رئيس الجمهورية فى المهام التى ينيبه فيها.
كما منحه الحق فى تكليف أجهزة الدولة المركزية والمحلية والرقابية بإفادته بأى بيانات أو معلومات أو إحصاءات يطلبها منها وله الحق أيضا فى أن يكلف تلك الجهات أو غيرها بإبداء الرأى شفاهة أو كتابة فيما يعرض على سيادته.
ويأتى هذا القرار الرئاسى بتحديد هذه الصلاحيات والاختصاصات فى إطار القرار الجمهورى رقم ١٠٣ لسنة ٢٠١٢ والمؤرخ فى ١٢ أغسطس الماضى بشأن تعيين المستشار محمود أحمد مكى نائبا للرئيس محمد مرسى ولكن النائب مل من البقاء بغير عمل فاستقال.
١٠ أكتوبر ٢٠١٢ انتهت محاكمة المتهمين فى موقعة الجمل حيث قضت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار مصطفى حسن بعدالله ببراءة ٢٤ متهما فى قضية قتل المتظاهرين يومى ٢ و٣ فبراير ٢٠١١ والمعروفة إعلاميا باسم موقعة الجمل كما قضت بانقضاء الدعوى عن المتهم عبدالناصر الجبرى متوفى، يذكر أن المتهمين فى القضية هم كل من: الدكتور أحمد فتحى سرورى رئيس مجلس الشعب المنحل وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى المنحل ورجب هلال حميدة البرلمانى السابق ورجال أعمال وقيادات البارزة فى الحزب الوطنى المنحل وهكذا ضاعت دماء الشهداء ولم نحصل عليها كما وعدنا مرسي.
التقييم الأول لأداء الرئيس
قامت جهات متعددة بتقييم أداء مرسى فور الـ١٠٠ يوم التى وعد أنه قبل نهايتها سوف يحقق حلولا نهائية لمشكلات رغيف الخبز والأمن والوقود والنظافة والبطالة، غير أن الأيام المائة مرت دونما أى حل لهذه المشكلات وراحت مجموعة التنظيم السرى تقدم مبررات لهذا الإخفاق يكشف ضعف الرئيس وهشاشة مشروعه الانتخابى وعينة من الفشل الذى يمكن أن يطول بالوطن لأربع سنين قادمة.
ولم يكتف مرسى بهذا الإخفاق ولم يقدم اعتذارا للمصريين ولكنه جمع توابعه وحشدهم فى استاد القاهرة من التاسعة صباحا ليتحدث فيهم وفيهم وحدهم دونما أحد من المصريين، يومها ذكرنى مرسى بما كنت أفعله مع أحفادى على شاطئ البحر كنت أناديهم قائلا هيا بنا نقيم مزرعة ثم أقطف فريعات صغيرة من الأشحار المجاورة وأقيم على مساحة نصف متر مربع مصطبة من الرمل ثم أغرس الفريعات حول المصطبة وأنثر داخل السور وريقات خضراء صغيرة وأحضر زجاجات وأملؤها من ماء البحر وأروى الأرض المزروعة ثم أنادى كل الأطفال ليلتقطوا صورا لهم حول هذه المزرعة اللعبة، هذا ما فعله مرسى بالضبط باجتماع الاستاد البائس لكن مع الفارق أن الحضور المحتفل لم يكونوا أطفالا من حيث السن، ومع هذه الأكاذيب فى الشكل والموضوع كان طبيعيا أن تبقى مشكلات الوطن الكبرى دونما أى عناية من مرسى ومناصريه.
وعموما يمكننا تلخص ما وجهته القوى الوطنية لمرسى على النحو التالى:
١- الرئيس يحل مشاكل الداخل بالمزيد من الزيارات للخارج والمعارضين يأملون بقيام الرئيس مرسى بزيارة مفاجئة لأرض الوطن.
٢- الرئيس شكل حكومة نظام قديم واستخدم آليات النظام القديم ويستحيل تجريب القديم لإنتاج إبداعات ثورية.
٣- حزب الرئيس يستغفل الشعب مدعيا أن الرئيس خلصنا من المجلس العسكري، بينما الحقيقة أن الفضل فى ذلك يرجع لقوى غير إخوانية هتفت بسقوط العسكر منذ أحداث ماسبيرو، وأحداث محمد محمود، والضباط المعترضين على تلويث سمعة الجيش فى مستنقع السياسة. كما أن الضغط الأمريكى هو الذى أنهى دور طنطاوى ومجلسه لتسليم البلاد إلى من تدرك أمريكا أنهم أضعف.
٤- وعود توصيل الغاز للأفران ومزارع الدواجن قال عنها الوزير المختص نحن فقط أجرينا مسحا بالجهات المطلوب أن نوصل لها الغاز.
٥- ملف الخبز لم يحدث فيه أى تقدم. المطلوب هو تحرير سعر الدقيق. ويتطلب ذلك تحرير سعر القمح. لجنة الحكومة انتهت من دراسة الدقيق والقمح، وباق تحديد سعر الرغيف، الدقيق الآن يصل الفرن بـ١٦ جنيها للطن المدعوم، ويبيعه الفرن ٢٦٠ جنيها ويكسب الفرق.
٦- الرئيس يعتمد على الجماعة وليس المجتمع، ويعتمد على أهل الثقة وليس أهل الخبرة، المنظومة القانونية مستعصية على الرئيس والعلاقات بينهم فى توتر دائم.
٧- الفساد كما هو فى المحليات ومؤسسات الدولة، ويكفى الإشارة إلى أن الصناديق الخاصة بالمؤسسات لم تمس حتى اليوم بأى تشريع إصلاحى.
٨- العلاقة مع الصحافة والمرئيات سيئة للغاية، و«المحامين» فى الجماعة يرفعون دعاوى متلاحقة تطالب بإغلاق قنوات وحبس صحفيين متهمين إياهم بازدراء الرئيس.
مرسى يصدر الإعلان الدستورى ويقيل النائب العام فى ١١ نوفمبر ٢٠١٢، وفى هذا اليوم أصدر الرئيس محمد مرسى إعلانا دستوريا على إثره قامت مظاهرات حاشدة رافضة فى ميدان التحرير بدعوة من كافة القوى الثورية مطالبين بإلغاء الإعلان الدستوري. ومن بين القرارات التى أصدرها محمد مرسى إقالة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود وبدأت معركة حامية بين مرسى ونادى القضاة -محاصرة المحكمة الدستورية فى مقابل منع النائب العام الجديد من دخول مكتبه- فى ١ ديسمبر كانت مظاهرة الشرعية والشريعة فى ميدان أمام جامعة القاهرة وفيها أعلنت الحرب على كل معارضى الرئيس وهدد الجميع بأعمال عنف حال تفكيرهم فى الانقلاب على الرئيس مرسى، موقعة الاتحادية وجرت وقائعها فى ٥ ديسمبر حول قصر الاتحادية بعد مظاهرات حاشدة دعت إليها القوى الثورية فى ٤ ديسمبر بقيادة جبهة الإنقاذ الوطنى للاحتجاج على الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيسن محمد مرسي، وقعت مصادمات بين المتعصمين أمام قصر الاتحادية ومؤيدين من جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي. أدت الأحداث إلى مقتل ٨ أشخاص منهم الصحفى الحسينى أبوضيف وإصابة العشرات ومنهم السفير يحيى نجم سفير مصر السابق فى فنزويلا وظلت خيام لمعتصمين معارضين لمرسى وسياساته ووزارته حتى يوم ٢٥ يناير موعد الذكرى الثانية للثورة المجيدة، والشعور العام المسيطر على معظم المصريين أننا وقعنا فى الفخ وأصبحت مصر فى قبضة التنظيم السرى ودخلت متاهته السوداء، وخلال أيام الجمعة والسبت والأحد «٢٥- ٢٦- ٢٧ يناير ٢٠١٣» اشتعلت مصر وتقاتل أبناؤها وسقط فى الذكرى الثانية للثورة حتى مساء الأحد ٢٧ يناير ٢٠١٣- ٣٥ قتيلا فى بورسعيد و٨ قتلى فى السويس وآلاف الجرحى فى كل المدن المصرية، وفى تمام العاشرة والنصف مساء كعادته وبعد كل هذه الأحداث ظهر على الشاشة، محمد مرسى يعلن بكل تهديد ووعيد إعلان حالة الطوارئ فى مدن القناة الثلاث وأنه باق فى السلطة ولو على جثة مصر كلها. ماذا سيحدث بعد ذلك؟ الإجابة ستكون من الشعب ومدى وعيه وقدرته على المقاومة.
بيان جبهة الإنقاذ الوطنى
بعد مرور عامين على ثورة ٢٥ يناير المجيدة، أثبتت جماهير الشعب المصرى حرصها على أهداف ثورتها العادلة، العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
تحركت الجماهير وتظاهرات فى مختلف ربوع وميادين الجمهورية، مطالبة بدستور لكل المصريين، ورفضا لأخونة الدولة، وأملا فى عدالة اجتماعية ما زالت غائبة إلى اليوم مع حكومة ضعيفة ومتخاذلة، تحرك الشعب فى موجة ثورية جديدة بعد أن تسببت إراقة دماء المصريين، وسياسات وممارسات الحكم الانفرادية وغير الديمقراطية التى بدأت من الإعلان الدستورى الاستبدادى فى ٢١ نوفمبر ٢٩١٢، وإصراره على أن يكون رئيسا لجماعة الإخوان المسلمين فقط وليس لكل المصريين، تسبب كل ذلك فى المزيد من انهيار شرعية رئيس الجمهورية وفقدان مقوماتها.
جبهة الإنقاذ الوطني، وهى تحيى جماهير الشعب المصرى الواعية على انتفاضتها السلمية وتؤكد على انحيازها الكامل لهذه الجماهير، تطالب بالتالي:
١- بينما ننعى شهداء الموجة الجديدة من الثورة المصرية فى ٢٥ يناير ٢٠١٣ فى السويس وبورسعيد والإسماعيلية وكافة المدن المصرية، فإننا نحمل رئيس الجمهورية المسئولية الكاملة عن العنف المفرط الذى استخدمته الأجهزة الأمنية ضد المتظاهرين، ونطالب بلجنة تحقيق محايدة عاجلة لمحاسبة كافة المتورطين فى إراقة دماء المصريين.
كما تؤكد الجبهة على دعوتها للمصريين بمواصلة التزام السلمية فى مظاهراتهم واحتجاجاتهم المشروعة وإدانتها الكاملة لأعمال العنف، وخاصة العنف المفرط الذى أدى إلى سقوط الشهداء.
٢- تشكيل لجنة قانونية محايدة لتعديل الدستور المشوه فورا، والاتفاق على المواد التى يجب تغييرها بشكل عاجل.
٣- تشكيل حكومة إنقاذ وطنى تتمتع بالكفاءة والمصداقية للاضطلاع بتحقيق مطالب الثورة، وعلى رأسها العدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى الملفين الأمنى والاقتصادى بشكل أساسي، بعد أن أدت سياسات الرئيس وحكومته على مدى الشهور الماضية إلى رفع معاناة المصريين وتدهور ظروفهم المعيشية.
٤- إزالة آثار الإعلان الدستورى الاستبدادى الباطل فى ما يتصل بالعدوان على السلطة القضائية وانتهاك استقلالها، وإقالة النائب العام الحالي.
٥- إخضاع جماعة الإخوان المسلمين للقانون بعد أن أصبحت طرفا أصيلا فى إدارة أمور البلاد بغير سند من القانون أو الشرعية.
فى حالة عدم الاستجابة لهذه المطالب المشروعة خلال الأيام القليلة القادمة، فإن الجبهة ستدعو جماهير الشعب المصرى للاحتشاد والتظاهر السلمى يوم الجمعة القادم لإسقاط الدستور الباطل، والعمل مؤقتا بدستور ١٩٧١ المعدل، وللشروع الفورى فى تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة. كما قررت الجبهة عدم خوض الانتخابات البرلمانية القادمة إلا فى إطار هذا الحل الوطنى الشامل.
ويعتبر قادة جبهة الإنقاذ الوطنى أنهم فى حال انعقاد دائم فى إطار الأزمة الحالية.
عرکة مكتب الإرشاد
لم أجد وصفا معبرا عن بدائية وتخلف الفكر الإدارى الذى يمارس اليوم غير كلمة «عركة» لأنها اللفظ المستخدم بين القرويين وهم يتشاجرون على توزيع حصص الماء أيام السواقى والشادوف، كانت الصورة مزرية تماما عندما توجهت مجموعة من الشبان المصريين المعروفين لدى الكافة ليرسموا أشكالا كاريكاتورية على أرض شارع مكتب الإرشاد وحاولوا الكتابة على سور المكتب وجاءت العبارات مهينة وجارحة للمقدسات الإخوانية.. كل هذا حدث ولكن كيف كان رد فعل الكبار الذين يفترض أنهم أعقل وأحكم!! لم ينزل أحد منهم للشباب ليقف فى مكان المربى الحنون بأبناء وطنه أو المعاتب لهم على ما فعلوا، ولم يقم أحد فنانى مكتب الإرشاد برسم شعارات مضادة لما فعلوا!!. وفى اعتقادى أن هذا هو التصرف الذى يليق بأصحاب الدعوات، ولكنهم أثبتوا أنهم غير ما يعتقد الناس، فأرسلوا حراسهم وفى أيادى بعضهم النبابيت وانخرطوا فى مقتلة عظيمة للشباب ثم أخطأ أحد الحراس ولطم فتاة على وجهها فأوقعها أرضا، ثم اكتشفوا أن الصحافة تنقل بالصوت والصورة فانقلبوا على الصحفيين وحطموهم تحطيما وعاد الشباب ودماؤهم تسيل ومن الطبيعى أن يكروا انتقاما لأنفسهم ممن هدد حياتهم، وكان ذلك عصر الجمعة ٢٢/٣/٢٠١٣، وهناك على جبل المقطم جرت عركة متخلفة جدا بين حاملى النبابيت وقاذفى الحجارة من الطرفين وبدت الصورة أننا عدنا لحياة الغابة تحت راية التنظيم السرى الذى يحكم البلاد، ومهما كانت المبررات فستبقى المسئولية معلقة برقبة التنظيم السرى إلى يوم القيامة.
والعجيب أن كل هذا يجرى تحت ادعاء إقامة الدولة الإسلامية وبما لا يخالف شرع الله؟!
وفى مساء السبت ٢٣/٣/٢٠١٣ كانت كلمة الرئيس مرسى فى احتفال ينادى بحرية القوارير، ولكن كلماته جاءت مخيفة للقوارير ومن حضر من الرجال، وبدا على وجوه الجميع الهلع من شدة الوعيد والتهديد بالحبس والسجن وبطريقة لا تليق بالمكان ولا الزمان ولا المناسبة.
ونهض بعض الحاضرين يذكر الرئيس بحالة الكآبة التى أحاطت بالمصريين ويحثه على بذل القليل من الابتسام والرأفة بالناس ولكن دون جدوي، وصدرت بالفعل قرارات بالتحقيق مع أول دفعة من المتهمين والحبل على الغارب.
وحتى مثول هذا الكتاب للطباعة فإن الأحداث تنفجر عقب موت الجرحى ليتحولوا إلى شهداء فيحملهم زملاؤهم إلى مثواهم الأخير ثم يعودوا لمهاجمة مراكز النظام والمنادة بسقوطه، ولم تفلح كثرة المبادرات لوقف العنف فى إعادة الشارع لهدوئه، أعضاء التنظيم السرى يستعرضون أنفسهم على الشاشات بملابس فخمة ويتحدثون عن مشروعات تنموية ومساعدات عينية مراهنين أنها تسعد الحزانى وتضمن أصواتهم فى الانتخابات القادمة ولكن تبقى صفتهم الملازمة هى البرود السياسى والجفاف العاطفى تجاه المقتولين وأسرهم الثكلى مستهترين تماما بعنفوان الدم المتفجر من قلوب المواطنين وما يحمله من نار الانتقام التى لا يقف فى وجهها شيء، جبهة الإنقاذ تفقد تماما سيطرتها على الشارع والشارع من جانبه أيضا أعلن عدم التزامه بكل عواجيز السياسة من الطرفين، إلى أين تذهب بنا حكومة التنظيم السري؟.. السيناريوهات المطروحة واحد من ثلاثة إلى ما هو أسوأ، وهذا يعنى حربا طائفية، أو يستمر الحال كما هو عليه وهذا يعنى أن الدولة إلى إفلاس وتعطل، والثالث هو احتمال التعقل من السريين وإبعاد روح الاستحواذ والزهو بنتائج الانتخابات التى لا تعبر سوى عن استغلال حالة فقر الناخبين وقلة ثقافتهم السياسية والضحك عليهم باسم الدين، والتعامل مع المعارضة بقوة الثقافة والخبرة السياسية وليس بالعدد والكثرة والقلة، ومن ثم تقديم نصيب وافر من الفرص الإدارية لكافة قطاعات الوطنيين بناء على خبرتهم وقدراتهم، وعقيدتى أن السريين لا يفقهون حديثا وسيأخذون الوطن إلى الاحتمال الأول فتخسر مصر ثورتها وتخسر الإخوان مرة واحدة، وصدق من قال «لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها»، التاريخ يشهد أن مجموعة التنظيم السرى كانت دائما تمارس الحماقة وتعتنق خيار شمشون «علىّ وعلى أعدائي».
وأول دليل على ما أعتقد أنهم يطبخون مع وزير الحقانية الضخم الجثة قانون منع المظاهرات وأنهم لم يأخذوا عبرة من تمرد الشعب على الطوارئ التى أعلنوها فردها الناس إليهم نكات مستهزئة، وأعلنوا عن دورى رياضى فى أوقات الحظر سموه «دورى الحظر»، ألم أقل لكم إنهم لا يكادون يفقهون حديثا، اللهم لا تمكنهم من رقاب المصريين وردهم إلى رشدهم قبل فوات الأوان واجعل مصر وسائر البلدان رغم أنفهم فى أمان.
(البوابة نيوز)