بوابة الحركات الاسلامية : تفجير الهرم وفشل تجديد الخطاب الديني (طباعة)
تفجير الهرم وفشل تجديد الخطاب الديني
آخر تحديث: السبت 10/12/2016 01:06 م حسام الحداد
تفجير الهرم وفشل
تبنَّت حركة "حسم" الإخوانية استهداف تمركزين أمنيين بمحيط مسجد السلام في شارع الهرم، أمس الجمعة، الذي أسفر عن استشهاد 6 من رجال الشرطة، بينهم ضابطان.
ونشرت الحركة صورة توضيحية لرصد وتصوير لحظة التفجير. 
وأعلن مسئول مركز الإعلام الأمني بوزارة الداخلية، استشهاد 6 من قوات الأمن إثر انفجار عبوة ناسفة بالقرب من تمركزين أمنيين بشارع الهرم بمحافظة الجيزة.
وقال في بيان رسمي: إنه تم نقل 3 مجندين آخرين أصيبوا في الحادث إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم، وسيتم تشييع جثامين شهداء الشرطة الستة في جنازة عسكرية.
تفجير الهرم وفشل
وأوضح البيان أن قوات الأمن انتقلت لمحل الواقعة فور وقوع الحادث، حيث تبيَّن انفجار عبوة ناسفة بالقرب من الخدمة الأمنية، ما أسفر عن استشهاد 6 من قوات الأمن (ضابطين– أمين شرطة– 3 مجندين)، وإصابة 3 مجندين آخرين.
وأضاف: تم نقل الجثامين والمصابين للمستشفى، وفرض كردون أمني بمحل الواقعة، وتكثِّف الأجهزة الأمنية جهودها؛ للوقوف على ملابساتها والقبض على المتورطين فى الحادث، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
كانت غرفة عمليات الإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة قد تلقّت بلاغًا بسماع دوي انفجار بالقرب من مسجد السلام بشارع الهرم بحي الطالبية بالجيزة.
كثيرة هي العمليات الارهابية التي تقوم بها جماعات متطرفة داخل مصر سواء كانت مرتبطة ارتباط مباشر بجماعة الاخوان مثل حركة حسم التي تبنت تفجير الهرم امس ان يكون ارتباطها غير مباشر بجماعة الاخوان كتنظيم "انصار بيت المقدس (سابقا) ولاية سيناء (حاليا)" ذلك التنظيم الذي يرتبط ارتباطا عضويا بتنظيم الدولة "داعش" ويتلقى تمويلات وتدريبات عالية المستوى، كذلك تنظيم "حسم" الاخواني الذي رفع من كفاءته القتالية وبدأ بالفعل القيام بعمليات ارهابية نوعية عالية المستوى مما يؤكد على تلقي عناصره تدريبات عالية المستوى في الفترات الأخيرة.
تفجير الهرم وفشل
ما يهمنا هنا هو توضيح بعض الحقائق التي يجب ان يتم ايضاحها للعمل بها في الفترة المقبلة، واولى هذه الحقائق ان الحل الأمني وحده لا يستطيع مواجهة الارهاب بل يجب ان يكون هناك حلول ومواجهات اخرى كالمواجهات الفكرية والتفاعلية خارج اطر الغرف المغلقة والمؤتمرات المكيفة التي تعقدها المؤسسة الدينية سواء كان الازهر أو الأوقاف ودار الافتاء المصرية، فكل تلك المؤتمرات على مستوى النخب الدينية لا تؤتي ثمارها على مدار عامين كاملين حيث عقد أكثر من 25 مؤتمر في الداخل غير تلك المؤتمرات التي عقدت خارج البلاد وشاركت فيها المؤسسات الدينية، وكل هذه المؤتمرات خرجت بتوصيات لمواجهة الارهاب والفكر المتطرف دون جدوى، فهي اما بعيدة كل البعد عن الواقع، واما لم تتناول الظاهرة الارهابية حقيقة بل تناولتها من حيث الشكل والاطار الخارجي دون تحديد الاسباب الحقيقية لها، واما استحالة تنفيذ التوصيات بسبب التكاليف المادية التي تتطلبها اصلاحات عديدة منها تغيير او تحديث المناهج التعليمية سواء كانت تلك المناهج دينية او عامة، وفي النهاية تصبح تلك المؤتمرات دون جدوى لسبب اخير هو انها بعيدة عن المجتمع ولغة اليومية وكذلك ليس لها ظهير ثقافي لتفعيلها داخل المجتمع مما يؤكد في النهاية على عدم قدرة المؤسسات الدينية على التفاعل المجتمعي رغم ما تمتلكه من وسائل وادوات وتسهيلات حكومية لهذا التفاعل.
تفجير الهرم وفشل
اما الحقيقة الثانية التي لابد لنا من تناولها الا وهي اشكالية مصطلح تجديد الخطاب الديني والذي يدخلنا الى الحالة الظلامية التي تعاني منها المؤسسات الدينية سواء كانت رسمية (الازهر والاوقاف) او غير رسمية (حركات واحزاب الاسلام السياسي)، فهذه المؤسسات حتى الان على اختلافها لم تعترف بحاجتنا لتجديد الخطاب الديني ولم تضع حتى الان تعريف لماهية الخطاب وبالتالي ماهية الخطاب الديني  فبينما تقوم المؤسسات  الدينية الرسمية بمحاولات لنشر خطاب التسامح وقبول الاخر تقوم في المقابل المؤسسات الدينية غير الرسمية بنشر خطاب الكراهية والعنف تحت سمع وبصر الدولة، حتى وصل الامر لمهاجمة البرلمان المصري لأدب نجيب محفوظ والمطالبة بحبسه لو كان موجودا بحجة ان هذا الادب خادش للحياء العام وتناسى البرلمان المصري الكم الهائل من فتاوى الفصيل السلفي التي تتحدث عن المعاشرة الجنسية في الدنيا والاخرة وان فم المرأة كفرجها وغيرها من الفتاوى الشاذة التي يصدرها الحويني وبرهامي ومحمد حسان وغيرهم ناهيك عن فتاوى تحريم الاحتفالات ورفض الاخر المسيحي وعدم تهنئته بمناسباته الدينية او الخاصة ونشر خطاب كراهية الاخر سواء كان هذا الاخر ديني (شيعي، مسيحي، بهائي ....الخ) او الأخر النوعي (المرأة) كل هذا يخلق بيئة خصبة وجيدة لتنامي الإرهاب وتطوره باسم الدين والفضيلة طبقا للمفاهيم المغلوطة التي تبثها تلك الجماعات والكيانات السلفية تحت سمع وبصر الدولة بل بالتنسيق بعض الاحيان معها حين الحاجة حيث شاهدنا التقارب السلفي مع المؤسسات الدينية الرسمية بعد 30 يونيو 2013 وحتى الان تحت دعوى مواجهة الاخوان.
الحقيقة الثالثة هي فشل المنظومة التعليمية في تطوير نفسها وبالتالي احتلت مصر المرتبة 139 من 140 دولة في كفاءة التعليم هذا يؤدى في النهاية الى تخريج عقول خاوية من أي فكر وابداع مما يؤهلها ان تكون هدف سهل الاصطياد من قبل تلك الجماعات، فالعقلية التلقينية الحافظة التي تنتجها لنا المؤسسات التعليمية من جهة عقلية غير قابلة للابتكار ولا تمتلك قدرات نقدية وتحليلية على ما يعرض عليها من افكار واطروحات وبالتالي تكون سهلة الانقياد لأنها تربت على السمع والطاعة سواء كانت التربية في المنزل ام في صفوف الدرس في مدارسنا. 
تفجير الهرم وفشل
الحقيقة الرابعة ان مؤسسات الدولة تعمل في جزر منعزلة فليس هناك رابط بين الثقافة والتعليم والشباب والاعلام والمؤسسات الدينية وهذه الهيئات جميعا منوط بها الاهتمام بالمواطن المصري والحفاظ عليه من خطر تلك الافكار سواء بتقديم برامج تأهيلية او تدريبية مختلفة وغرس قيم العلم والمنهج العلمي وسيادة العقلية التحليلية الناقدة، هذا بجانب باقي مؤسسات الدولة التي تهتم بصحة المواطن واقتصادياته وامنه وما الى ذلك، فطالما كانت هذه الهيئات بعيدة عن بعضها البعض في التخطيط لمواجهة هذا الفكر وهذه العمليات الارهابية فسوف تستمر الظاهرة الارهابية ولا نستطيع ايقافها، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى طالما لم نواجه حتى الان هذا التيار السلفي الماضوي بحركاته وأحزابه سوف تظل البيئة المصرية خصبة لانتاج مزيد من الارهاب.