بوابة الحركات الاسلامية : جدل تونسي حول احتواء العائدين من الجهاد مع الجماعات الإرهابية (طباعة)
جدل تونسي حول احتواء العائدين من الجهاد مع الجماعات الإرهابية
آخر تحديث: الخميس 15/12/2016 11:28 م
تونس ضد الإرهاب
تونس ضد الإرهاب
تتزايد التساؤلات في تونس حول جدية إقرار قانون التوبة واحتواء العائدين من الجهاد مع الجماعات الإرهابية بالخارج، في ظل القبض على عدد من المتهمين بالانضمام لتنظيم داعش، في الوقت الذي أشاد فيه الرئيس التونسي بتعاون بلاده مع الجزائر لمكافحة الإرهاب، وملاحقة العناصر المتطرفة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى صدرت فيه مذكرة التوقيف ضد المدعو "ش. ت."، والمشتبه بأنه كان مسؤولا عن تنفيذ "اتفاق في ألمانيا لحساب تنظيم الدولة الإسلامية" داعش، لم تعرف طبيعته حتى الآن، كما قالت نيابة كارلسروهى جنوب غرب، المسؤولة عن قضايا الارهاب
كان المشتبه به يحمل جواز سفر سوريا مزورا عندما تم إلقاء القبض عليه في العاصمة برلين في بداية شهر نوفمبر، وأودع السجن بسبب تزوير وثائق رسمية.
يذكر أن عددا من المهاجرين، الذين وصلوا إلى ألمانيا في سياق أزمة الهجرة في 2015، تم وضعهم في السجن بسبب صلاتهم بتنظيم "داعش". وقد شهدت ألمانيا في يوليو اعتداءين، الأول بالسلاح الأبيض، والثاني بالمتفجرات، نفذهما لاجئون وأعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" مسؤوليته عنهما، ولم يسفر هذان الاعتداءان عن سقوط قتلى.
ويري محللون أن الهزائم العسكرية التي يتعرض لها تنظيم "داعش" في كل الأماكن التي يحتلها واستمرار الضغط والتضييق عليه، خاصة في سرت بليبيا، جددت النقاش في تونس حول مصير الأعداد الكبيرة من التونسيين التي انضمت لصفوف هذا التنظيم ويرفع منسوب الخوف من إمكانية عودتها للبلاد، فماذا ستفعل الدولة التونسية مع العائدين؟ و كيف يجب أن تتعامل معهم حتى تتفادى امتداد تجاربهم الجهادية والقتالية إلى أراضيها؟
ويري مراقبون انه لا توجد أرقام ثابتة وإحصائيات رسمية حول العدد الحقيقي للتونسيين الذين يقاتلون مع تنظيم "داعش" في الخارج ، فتقرير البعثة التابع لمفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، المكلفة بمتابعة ملف المقاتلين الأجانب في بؤر التوتر قدّر عدد التونسيين الملتحقين بمنظمات إرهابية منذ 2011 إلى غاية 2015 بين 5300 و 5800 موزعين على سوريا وليبيا و العراق ومالى واليمن، وهذا الرقم الكبير بات مصدر توجس للتونسيين، فاحتمال عودتهم إلى البلاد قد يعصف بجهود الدولة في استعادة الأمن والاستقرار واسترداد ثقة المستثمرين والسياح، ثم إن ماضيهم الإجرامي وسجلهم الدموي وفكرهم المتطرف سيدفعهم لمزيد ارتكاب الجرائم والقيام بعمليات إرهابية، وعلى هذا الأساس سيخرج التونسيون في مظاهرة يوم 24 ديسمبر للتعبير عن رفضهم لعودة الإرهابيين إلى تونس ولفت انتباه الحكومة للخطر القادم الذي يمثله هؤلاء العائدين ودعوتها للتفكير في آلية مثالية لمحاسبتهم وتجنيب البلاد لجرائمهم المتوقعة.
مخاوف من العائدين
مخاوف من العائدين من داعش
مؤخرا كشف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عن الخطة التي سيتم التعامل بها مع العائدين من ساحات القتال، موضحا، "إنه لا يمكن منعهم من العودة إلى البلاد لأنه حق يمنحه الدستور وسيتم اتخاذ الإجراءات الضرورية لتحييدهم"، مضيفا "أنه لن يتم الزج بجميعهم في السجون لأنها لا تكفي لإيوائهم".
وتم رصد خطة أثارت جدلا شعبيا في البلاد وهو ما دفع بالرئيس السبسي إلى توضيح موقفه عبر بيان من رئاسة الجمهورية أكدت فيه "أن رئيس الجممهورية هو الساهر على احترام الدستور وأن تصريحاته جاء فيها أنّه تمّ اتّخاذ كامل الإجراءات الأمنيّة والسياسيّة لتحييد خطر عودة التونسيين من بؤر التوتّر، وفق ما نصّ عليه الفصل 33 من القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال".
ينص الفصل 25 من الدستور على أنه "يحجّر سحب الجنسية التونسية من أي مواطن أو تغريبه أو تسليمه أو منعه من العودة إلى الوطن"، لكن المقاتلين التونسيين وعند عودتهم إلى بلادهم يجب أن يتم التعامل معهم طبقا للقانون ، وذلك من خلال المرور عبر السلطة القضائية ومحاكمتهم انطلاقا من القوانين الموجودة.
من جانبه اكد الدبلوماسي السابق عبدالله العبيدي أن الإشكالية الحقيقية تكمن في جهل السلطات التونسية بالعدد الحقيقي للتونسيين الذين يقاتلون في تنظيم الدولة وكذلك في عجزها عن إثبات الجرم على هؤلاء العائدين نظرا لغياب الأدلة والبراهين التي تؤكد تورطهم في عمليات إرهابية من عدمها.
أرجع العبيدي ذلك إلى غياب التعاون الأمني ألاستخباراتي بين تونس والدول المعني، داعيا إلى ضرورة أن تعيد تونس علاقاتها خاصة مع سوريا حتى تساعدها في معرفة كافة التفاصيل والإلمام بكل ما يحيط بهذا الملف، كي تكون جاهزة للتعامل معهم عندما يعودون.
فى حين أوضح العميد السابق ورئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، العميد مختار بن نصر، أنه لا يمكن التعامل مع ملف الإرهابيين العائدين من سوريا إلا وفقا لقانون الإرهاب وأنه يجب أن تتم معاقبة كل ساهم في إراقة الدماء واقترف جرائم، مشيرا  إلى أن السؤال المطروح الآن هو هل يمكن لتونس أن تتفطن لكافة العائدين خاصة أن بعضهم سيختار مسالك غير شرعية للدخول إلى البلاد، مشيرا إلى أن إمكانية تسللهم تشكل خطرا كبيرا على أمن الدولة مع وجود احتمال تشكلهم في خلايا إرهابية نائمة.
استنفار امنى لمكافحة
استنفار امنى لمكافحة اررهاب
يذكر أن القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال والمؤرخ في أوت 2015 ينص على أنه " يعدّ مرتكبا لجريمة إرهابية ويعاقب بالسجن، كل من يتعمّد استعمال تراب الجمهورية أو تراب دولة أجنبية لانتداب أو تدريب شخص، بقصد إرتكاب إحدى الجرائم الإرهابية داخل تراب الجمهورية أو خارجه، أو السفر خارج تراب الجمهورية بغاية ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية".
أما الناشط الحقوقي مسعود الرمضاني نوه إن لديه تحفظات على قانون الإرهاب، مشيرا إلى أن محاكمة العائدين يجب أن تتم عن طريق القانون ويجب أن تكون عادلة، مضيفا أن الزج بهم في السجن ليس الحل الوحيد وإنما ينبغي إعادة تأهيلهم اجتماعيا وثقافيا ودينيا لضمان عدم ارتكابهم جرائم أخرى عند خروجهم، موضحا خطورة إقرار العفو العام في حق هؤلاء، لأن تونس تمتلك تجربة سيئة في هذا المجال عندما قامت بإقرار العفو العام للمساجين السياسيين وعدد من القيادات السلفية سنة 2011 ليتوجه حوالي 80 بالمائة منهم عقب خروجهم للانخراط في أعمال عنف وممارسة نشاطات مشبوهة دفعت البلاد لاحقا ثمنها غاليا.
ويري محللون أن بعض الأطراف السياسية ساعدت قبل عامين إلى إقرار قانون "التوبة" لصالح الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر والذي يمّكنهم من العفو وعدم العقاب شرط إعلان توبتهم وإثبات عدم تورطهم في الإرهاب والقتل الدموي، إلا أن هذا القانون لم يمرر بسبب الرفض الذي واجهه.
وتوافق حركة النهضة على إقرار قانون "التوبة"، حيث سبق وأن أعلنت أن باب التوبة يبقى مفتوحا أمام الجهاديين التائبين الذين يريدون العودة إلى تونس، متحدثًا عن أن المصالحة التونسية  يجب ألّا تستثني الجهاديين وكل فئات التونسيين، إلا أن الاتحاد التونسي للشغل، أهم منظمة نقابية في البلاد، عارض بشدة هذه المواقف، موضحا أن إصرار بعض الأطراف على "التطبيع مع الإرهابيين ممن مارسوا أبشع أنواع القتل والتنكيل المشهدي بالجثث وتحويل تونس لملجأ للارهابيين لن يحدث"، لأن التجارب في الجزائر مثلا أثبتت أن التوبة "كانت وهما بالنسبة لغالبية ممن مارسوا التقتيل والخروج على القانون".
شدد الاتحاد على أن قانون الإرهاب هو الإطار الوحيد الأمثل لمعالجة ظاهرة المسفّرين، بعيدا عن كلّ أنواع التبرير الإيديولوجي والمقايضات السياسية،  إذ على أساس هذا القانون يمكن الحديث عن " التوبة " وفق قاعدة" المكاشفة فالمحاسبة فالعقاب فالمتابعة".
النهضة مع اقرار التوبة
النهضة مع اقرار التوبة
وفى سياق آخر أكد الرئيس التونسى باجى قايد السبسى أنه يوجد بين بلاده و الجزائر "تعاون ناجح فى محاربة الإرهاب"، معتبرا أن الجزائر "اتخذت كل التدابير الضرورية لحماية الحدود " .، وقال السبسى - عقب محادثاته مع الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة بالجزائر العاصمة - أنه "يوجد بين الجزائر وتونس تعاون ناجح لمقاومة الإرهاب" ، مشيرا إلى أن "الجزائر أتخذت التدابير الضرورية لحماية الحدود وأن الأمور تسير كما ينبغى ".
أضاف الرئيس التونسى أن بلاده تسير "بخطى إيجابية" فى محاربة الارهاب ، واصفا العلاقات بين بلاده والجزائر بـ"التاريخية".، وجدد التأكيد على أن زيارته للجزائر مناسبة "مميزة كالعادة وفرصة للتشاور وتبادل الآراء ولاستعراض الأوضاع الثنائية" ، مضيفا أنه تم خلال اللقاء أيضا استعراض "الوضع الإقليمى والدولى الذى يشهد تغيرات كبيرة وسريعة".
كان الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة بحث فى وقت سابق اليوم بالجزائر العاصمة مع نظيره التونسى باجى قايد السبسى ، الذى يقوم بزيارة أخوة الى الجزائر ، القضايا ذات الاهتمام المشترك.
تونسيون ضد الارهاب
تونسيون ضد الارهاب
جرت هذه المباحثات بحضور رئيس مجلس الامة الجزائرى عبد القادر بن صالح و رئيس الحكومة عبد المالك سلال و وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد اويحيى ووزير الشئون الخارجية و التعاون الدولى رمطان لعمامرة و وزير الشئون المغاربية و الاتحاد الافريقى و جامعة الدول العربية عبد القادر مساهل.
ويرتقب أن تعطى المحادثات بين رئيسى الدولتين مزيدا من الدفع للتعاون و التبادلات بين الجزائر و تونس ، كما ستسمح أيضا بالتشاور حول العديد من القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك لاسيما تلك المتعلقة بمنطقة المغرب العربى و الساحل والعالم العربى وإفريقيا.