وكانت إيطاليا أعلنت يناير الماضي عن فتح سفارتها في العاصمة الليبية "طرابلس"، الأمر الذي فسره محللون بأن إيطاليا تريد عودة فرض نفوذها في البلاد، وبالأخص مع تفاقهم الأزمة الليبية التي فشل الجميع في حلها، وكانت إيطاليا المحتلّ السابق لليبيا،هي من حثت باقي الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية على الإسراع في التحرّك العسكري في ليبيا.
وأعلن وزير الداخلية الايطالي ماركو مينيتي، إعادة فتح سفارة إيطاليا في العاصمة الليبية طرابلس يوم 10 يناير 2017.
ووفق التصريحات التي أدلي بها رئيس برلمان الشرق عقيلة صالح بعد لقائه السفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي بيرونين، فإن هناك محاولات للتقرب من حكومة الشرق والتي تحظي بدعم روسي كبير، بينما حكومة الوفاق بدأت تفقد الدعم مع فشلها الذريع في حل الأزمة الليبية، لكنها تحظي بدعم إيطالي كبير.
وقال صالح عقب اللقاء إن السفير الإيطالي أكد استعداد بلاده لبحث موضوع فتح قنصلية في شرق ليبيا لتقديم الخدمة للمواطنين الليبيين في المنطقة، وهو الأمر الذي فسره البعض بأن هناك محاولات ايطالية للحصول علي "موطئ قدم" لها في ليبيا مجددًا.
صالح قال إن السفير بيروني أبدى استعداد بلاده لعلاج جرحى الجيش الليبي، مضيفا أن إيطاليا تدعم إرادة الشعب الليبي لتعديل الاتفاق السياسي، لكنها لا تريد حدوث فراغ سياسي.
يأتي ذلك، فيما اتهم المشير خليفة حفتر إيطاليا في وقت سابق، بأنها تنحاز لمدينة مصراتة المناوئة له، قائلا: من السيء أن بعض الإيطاليين اختاروا البقاء بجانب المعسكر الآخر. فلقد أرسلوا 250 جنديًا وطواقم طبية إلى مصراتة، دون إرسال أي مساعدات لنا، مشيرًا إلى وعود إيطالية بإرسال طائرتين لنقل مصابي الجيش للعلاج في إيطاليا وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
في حين رد وزير الخارجية الإيطالي أنجلينو ألفانو، قائلا: إن إيطاليا كانت أول من اقترح إعطاء دور للمشير خليفة حفتر، وإقراره بأن الشعب الليبي واحد، مشيرا إلى أن رسالة بلاده هي الإيمان بوحدة ليبيا، مضيفًا أن بلاده ستقوم بإرسال مساعدات إنسانية للمرة الأولى إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش الليبي قبل أن يعلن حفتر رفضه لهذه المساعدات التي أكد أنه لن يقبلها قبل انسحاب القوات الإيطالية من مصراتة وسحب بوارجها المتمركزة قبالة العاصمة طرابلس.
وفي هذا السياق، قال عضو مجلس النواب الليبي صالح افحيمة، في تصريحات صحافية، إن السفير الإيطالي اجتمع عقب وصوله بأعضاء من البرلمان، مشيرا إلى أن الإطار العام للزيارة يهدف إلى "رأب الصدع" بين مجلس النواب والمجلس الرئاسي المنبثق عن اتفاقية الصخيرات، مضيفًا أنه وعدد من أعضاء البرلمان قاموا بمقاطعة الاجتماع احتجاجا على سياسة إيطاليا في ليبيا وتحديدا على تواجدها العسكري في منطقة مصراتة والاتفاقية الأخيرة التي وقعتها مع رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج بخصوص الهجرة غير الشرعية والتي يرى الكثيرون أنها أبرمت مع جهة لا تحظى بأي شرعية داخلية.
ويقضي الاتفاق الموقع بتمويل إيطاليّ لعملية إيواء المهاجرين من أفريقيا في مراكز ليبية قبل إعادتهم لبلدانهم ومنح ليبيا ستة زوارق بحرية لمساعدتها في مراقبة شواطئها، وذلك بناء على الاتفاق الليبي الإيطالي الموقع في عام 2008.
وأعلن رئيس الوزارء الإيطالي باولو جينتيلوني، دعم مجلس رئاسة حكومة الوفاق الليبية مذكرة التفاهم للسيطرة الإيطالية على حركة المهاجرين غير الشرعيين من ليبيا باتجاه السواحل الأوروبية.
وجاء ذلك في مذكرة تفاهم وقعها عن الجانب الليبي، رئيس مجلس رئاسة الحكومة الليبية فائز السراج، ورئيس الوزراء باولو جينتيلوني، في العاصمة الإيطالية روما.
من جانبه رفض الناطق باسم "عملية الكرامة" في شرق ليبيا أحمد المسماري الاعتراف بمذكرة التفاهم التي وقعها رئيس الحكومة فائز السراج مع إيطاليا بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية، مؤكدا أن السراج لا يمثل الدولة الليبية.
وقال المسماري على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "إن ليبيا لن تكون ملزمة بأية تعهدات وقعها فائز السراج، وإنه كان على إيطاليا توقيع هذا التفاهم مع مجلس النواب، الممثل الشرعي لليبيا"، على حد قوله.
ويرى مراقبون أن مذكرة التفاهم هي المرحلة الأولى من ترسيخ الوجود الإيطالي في جنوب ليبيا، والذي من الممكن أن يتحول إلى عسكري، إذا ما أقدمت روما على إنشاء قاعدة عسكرية لها.