بوابة الحركات الاسلامية : تصحيح صورة العالم الإسلامي ورفض ظاهرة "الإسلاموفوبيا" (طباعة)
تصحيح صورة العالم الإسلامي ورفض ظاهرة "الإسلاموفوبيا"
آخر تحديث: الثلاثاء 21/02/2017 01:58 م
تصحيح صورة العالم
كثيرة هي الجولات التي قام بها الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر لدول العالم لنشر ما عرف بالإسلام الوسطي وإدانة تنظيم الدولة داعش كذلك كثيرة هي المؤتمرات واللقاءات التي عقدت في العامين الماضيين سواء داخل مصر أو خارجها دفاعا عن الاسلام ومعاداة الارهاب والتنصل من داعش واخواتها، الا ان كل هذه المجهودات ربما لم تصل الى الرئيس الأمريكي الجديد او ادارته ما جعل صحيفة "فورين بوليس" تنشر تقريرا يرصد سياسات البيت الأبيض في عهد الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" فيما يتعلق بالعلاقة مع المسلمين، وانتهاج خطاب يصب في تعزيز ظاهرة الإسلاموفوبيا.
مستشار الشئون الاستراتيجية
مستشار الشئون الاستراتيجية الحالي
ولفتت الفورين بوليس في تقريرها إلى عدم انتباه الرأي العام الأمريكي لمن كان يحيط بالرئيس الأمريكي "ترامب" إبان فترة حملته الرئاسية، على رأس هؤلاء مستشار الشئون الاستراتيجية الحالي في البيت الأبيض "ستيفين بانون"، المعروف بآرائه المعادية للمسلمين، والذى تعتبره الدوائر السياسية ملهم "ترامب" بقراراته الأخيرة التي أثارت الكثير من الجدل، أبرزها قرار حظر دخول مواطني 7 دول إسلامية إلى الولايات المتحدة.
وأشار التقرير إلى شخصية أخرى من مساعدي "ترامب"، وهو المحلل السياسي "سيباستيان جوركا" الذى ادعى وجوده ضمن خبراء محاكمة منفذي تفجيرات "بوسطن" التي جرت عام 2013 بالولايات المتحدة، وتبين لاحقا كذبه فيما يتعلق بهذا الأمر.
وتطرق التقرير أيضا إلى مساعد آخر هو "فرانك جافنى" الذى يترأس مركز أبحاث يصدر بشكل دوري دراسات وبيانات تشوه المسلمين، وتتهم إياهم بالتآمر ضد الغرب، واعتبر التقرير "جافنى" الأكثر تطرفا في مواقفه ضد المسلمين بين مساعدي "ترامب".
ويرى التقرير أن هؤلاء الخبراء والمساعدين وفى مقدمتهم "بانون" توحدهم فكرة واحدة، وهى أن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب بشكل عام يعيشا تحت حصار يفرضه الإسلام ومعتنقيه، غير مفرقين بين المتطرفين مثل مقاتلي التنظيم الإرهابي "داعش"، وعوام المسلمين.
تصحيح صورة العالم
ويقول التقرير إن "بانون" وأتباعه يتبنون نظرية الباحث الأمريكي الراحل "صامويل هنتنجتون" المتمثلة في طرح "ًصراع الحضارات"، وهو الأمر- وفقا للتقرير- الذى يجعل "بانون" مفتون بقيادات يمينية أوروبية مثل الفرنسية "مارين لوبان"، أو الحاكم الروسي القوى "فلاديمير بوتين"، معتقدا أن هذه القيادات سوف يكون لها دور بارز في الصراع المنتظر ضد جحافل العالم الإسلامي.
ويوجد أكثر من مأخذ على هذا الطرح الذى يتبناه "بانون" ورفاقه، وفقا للتقرير الذى يرى أنه في حالة تبنى الخارجية الأمريكية لمثل هذا الطرح فإنها تتجاهل توازن القوى الـ"حقيقي" في الساحة الدولية، متبعة "أساطير"- وفقا لوصف التقرير- دأب منظرو ظاهرة الإسلاموفوبيا على تصديرها خلال العقدين الماضيين.
يقول التقرير أن خوض حرب لا جدوى منها ضد العالم الإسلامي لن يحدث أي تغيير سوى تعزيز لمكانة المتطرفين الحقيقيين في ذلك العالم، وإضعاف لسلطات التنفيذ في الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة، ومن ثم إخفاق الديمقراطية وأفولها في العالم الغربي.
ويعدد التقرير الأسباب التي تزيل أي منطق من نظرية تهديد العالم الإسلامي للغرب، كاشفا من وجهة نظره لحقيقة الوضع الدولي.
ويضع التقرير سيناريو تخيلي لاتحاد العالم الإسلامي الذى يتجاوز عدد مواطنيه 1.6 مليار فرد، للتغلب على الولايات المتحدة الأمريكية وبقية الأمم الغربية، طارحا تساؤل: "هل تنجح الوحدة في التغلب على الغرب؟"، ويجيب التقرير "لا".. للأسباب التالية.. ويقول التقرير إنه في حال توحد العالم الإسلامي المشكل من 47 أمة فإن حصاد اقتصادياته مجتمعة لا يتخطى 5 تريليون دولار، وهو رقم ضخم لكنه يقل كثيرا عن الناتج القومي الإجمالي لدولة مثل الولايات المتحدة التي يقدر ناتجها بـ17 تريليون دولار، ويماثل الناتج الإجمالي للاتحاد الأوروبي نفس رقم الناتج الإجمالي للولايات المتحدة.
ويستمر التقرير في طرحه متناولا قيمة ما تنفقه الـ47 دولة إسلامية على الدفاعات العسكرية، منتهيا برقم هو 270 مليار دولار في العام الماضي، إذا انسحبت منهم دول حليفة للولايات المتحدة مثل السعودية (87 مليار دولار) والإمارات (22 مليار دولار) يقل الرقم عن 200 مليار دولار. في الجانب الآخر أنفقت الولايات المتحدة على دفاعها ما يقدر بـ600 مليار دولار، ويؤكد التقرير أن هذا الرقم يمثل أمريكا وحدها دون التطرق إلى دول مثل بريطانيا أو فرنسا أو إسرائيل.. إلخ.
ويذهب التقرير إلى منطقة أخرى بتطرقه إلى حقيقة أن الدول الإسلامية لا تنتج مقاتلات عسكرية من تصميمها وابتكارها، فدولة مثل تركيا تنتج الطائرات الأمريكية الـ"إف-16" بتصميمها في الولايات المتحدة، أيضا لا توجد دولة إسلامية ناتجة لدبابات مقاتلة تصميمها قادم من بنات أفكار عقول هذه الدول، لافتا إلى أن باكستان تنتج دبابات صينية معدلة. ويقول التقرير أنه لا يوجد دولة في العالم الإسلامي تمتلك قطعة بحرية أكبر من الفرقاطة، أو غواصات نووية، أو حاملة طائرات، أو قاذفات بعيدة المدى. ولفت التقرير إلى أن السبب الوحيد أن دول العالم الإسلامي تمتلك أدوات عسكرية متقدمة هو توفير أمم مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا والصين لنفس هذه القطع لدول العالم الإسلامي لأسباب استراتيجية مختلفة.
نيكولاي ساركوزي
نيكولاي ساركوزي
ويعود التقرير إلى التاريخ، مشيرا إلى أن آخر تهديد ناله الغرب من العالم الإسلامي كان حصار "فيينا" من قبل العثمانيين عام 1529، فمصر لم تشن حملة عسكرية ضد فرنسا في عام 1798، ولم يحشد الرئيس العراقي الراحل "صدام حسين" جيشه لغزو الولايات المتحدة في عام 2003، ولم يأمر الرئيس الليبي الراحل "معمر القذافي" طائراته بتوجيه ضربات لفرنسا للإطاحة بالرئيس الفرنسي السابق "نيكولاي ساركوزي" عام 2011.
ويقول التقرير أن العالم الإسلامي يعيش حاليا فترة تمزق كبرى لم يعيشها منذ عقود، فعلى مستوى الدول هناك اضطراب في العلاقات بين دول مثل السعودية وإيران وسوريا وتركيا، على مستوى المذاهب، فالصراع السنى – الشيعي يحرق المنطقة بأسرها، كما أن هناك العديد من الاختلافات الثقافية والاجتماعية، فدولة مثل "إندونيسيا" تختلف بشكل كبير عن دول مثل السعودية واليمن والمغرب. ويرى التقرير أن إدارات الولايات المتحدة اعتادت في تناولها لأى تهديد خارجي أن تصوره في شكل كتلة، فهناك محور الشر (ألمانيا وحلفائها في الحرب العالمية الثانية)، والكتلة الشيوعية المتمثلة في الاتحاد السوفيتي، لكنه يستبعد فرض نفس الرؤية عند التعاطي مع العالم الإسلامي المختلف والممزق، فعلى مستوى التنظيمات الراديكالية مثل داعش وغيرها، نرى خلافات تصل إلى حد التحارب، داعش وجبهة النصرة على سبيل المثال. ويؤكد التقرير أن "بانون" ورفاقه سيحتاجون إلى التقارب مع دول العالم الإسلامي لتحجيم تهديد التنظيمات الإرهابية التي تعادى أغلبية الدولة الإسلامية أيضا.
كما يرصد التقرير الخطاب الذى يصدره "بانون" ورفاقه والإدارات الأمنية، والذى يضخم من خطورة الإرهاب كظاهرة مهددة لحياة المواطنين، وينتقد التقرير هذا الخطاب معتمدا على الإحصائيات التي تضع أشياء مثل حوادث الطرق وإطلاق النار العشوائي والتسمم من الأغذية في مقدمة الأشياء التي قد تنال من حياتك، في حين أن العمليات الإرهابية ليست عرضة للتكرار مثل حوادث الطرق إلخ.. ويسخر التقرير من مزاعم التيار اليميني الأمريكي الذى يدعى أن المسلمين حتى إذا لم يخوضوا حربا ضد الغرب، فهم يشنون هجوم من نوع آخر، وهو تسلل أفرادهم داخل المجتمعات الغربية، ودس أفكارهم وقيمهم المهددة للحياة الغربية ببطء. ويرد التقرير على هذه المزاعم بذكر تعداد المسلمين في الولايات المتحدة، وهو 3.3 مليون نسمة، أي ما يشكل أقل من1% فقط من إجمالي سكان أمريكا.
تصحيح صورة العالم
وقد أشاد مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية بالتقرير المفصل الذي نشرته صحيفة "فورين بوليسي" والذي يرصد سياسات الغرب والولايات المتحدة فيما يتعلق بالعلاقة مع المسلمين، وانتهاج خطاب يصب في تعزيز ظاهرة الإسلاموفوبيا.
ويرى التقرير أنه في حالة تبني الخارجية الأمريكية لأفكار تصادميه مع العالم الإسلامي مثل أفكار "صامويل هنتنجتون" المتمثلة في طرح "صراع الحضارات"، فإنها تتجاهل بذلك توازن القوى الـ"حقيقي" في الساحة الدولية، متبعة "أساطير" - وفقًا لوصف التقرير- دأب منظرو ظاهرة الإسلاموفوبيا على تصديرها خلال العقدين الماضيين.
وأكد التقرير أن خوض حرب لا جدوى منها ضد العالم الإسلامي لن يحدث أي تغيير سوى تعزيز لمكانة المتطرفين الحقيقيين في ذلك العالم، وإضعاف لسلطات التنفيذ في الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة، ومن ثم إخفاق الديمقراطية وأفولها في العالم الغربي، ويعدد التقرير الأسباب التي تزيل أي منطق من نظرية تهديد العالم الإسلامي للغرب، كاشفًا من وجهة نظره لحقيقة الوضع الدولي.
وشدد مرصد الإسلاموفوبيا على أن مواجهة التطرف والإرهاب والقضاء عليه لا بد أن تكون بالتوازي مع مواجهة موجات العنصرية والإسلاموفوبيا المنتشرة في الغرب .
وأكد مرصد الإسلاموفوبيا أن جرائم الكراهية تستهدف الأفراد والمؤسسات والمجموعات بناءً على انتمائهم الديني دون النظر إلى الاعتبارات الأخرى، وأن الجرائم التي تعادي المسلمين في الغرب تمثل خطورة بالغة على المجتمع الغربي وتجانسه الاجتماعي وتماسك طوائفه المختلفة، كما أنها تعطي مبررًا مجانيًّا للجماعات والتنظيمات الإرهابية في التحريض ضد الغرب، وهي دعاية مدعمة بالكثير من حوادث العنف والاضطهاد ضد المسلمين في الخارج.
وجدد مرصد الإسلاموفوبيا دعوته إلى ضرورة تفعيل القانون بشكل حازم إزاء الاعتداءات التي يتعرض لها المسلمون في مناطق مختلفة من العالم والتي تندرج ضمن جرائم الكراهية، وكذلك القوانين والأعراف الدولية، نظرًا لما تحمله تلك الجرائم من خطورة بالغة على النسيج الاجتماعي لكافة الدول.
كما دعا المرصد إلى ضرورة العمل الجاد على إدماج المسلمين في مجتمعاتهم التي يعيشون بها في الغرب والعمل الجاد على مواجهة انتشار ظاهرة "الإسلاموفوبيا" وما ينتج عنها من نتائج تصب في مصلحة جماعات التطرف والإرهاب.