بوابة الحركات الاسلامية : تعيينات الإدارة الأمريكية.. خيبة أمل لصقور البنتاجون (طباعة)
تعيينات الإدارة الأمريكية.. خيبة أمل لصقور البنتاجون
آخر تحديث: الخميس 06/04/2017 01:59 م
تعيينات الإدارة الأمريكية..
قام معهد "جيت ستنون" بعمل تقرير مطول عن التعيينات الجديدة التي قام بها الرئيس دونالد ترامب، لتحديد حكومته ووزراءه، ويرى التقرير الذي نشر على موقع المعهد  الإليكتروني أن اختيارات الرئيس كانت مخيبة للأمال والتوقعات، حيث اختار الرئيس الامريكى دونالد ترامب قيادة فريق السياسة الخارجية بنفسه وذلك لتكثيف جهوده من أجل الوفاء بتعهده الخاص بالقضاء على "الإرهاب الراديكالي الإسلامي من على وجه الأرض"، التعهد الذي قطعه في حملته الانتخابات الرئاسية، التعهد الذي يصعب تحقيقه حتى فى ظل أفضل الظروف.
ويعكس تحليل التعيينات السياسية في مختلف الوكالات داخل جهاز الأمن القومي الأمريكي أن الأعضاء الرئيسيين في فريق السياسة الخارجية للرئيس يحملون آراء وتوجهات متباينة على نطاق واسع وذلك بشأن رؤيتهم لـ"التهديد الذي يشكله الإسلام الراديكالي" وأيضا رؤيتهم لـ"طبيعة الإسلام نفسه"؛ كما تختلف رؤاهم لبعض القضايا والملفات مثل إيران والصراع العربي الإسرائيلي والاتحاد الأوروبي وروسيا والعولمة وقضايا الأمن القومي الأخرى.
ما يزيد من تفاقم هذه السياسة أن عشرات المناصب الرئيسية في البنتاغون ووزارة الخارجية والوكالات الأخرى لا تزال شاغرة. والنتيجة هي أن الإدارة تعتمد على بعض الموجودين من إدارة أوباما لصياغة وتنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية.
ويمكن تقسيم مستشاري السياسة الخارجية الحاليين إلى عدد من الأحزاب المتنافسة والمنقسمة فيما بينها أيدلوجيا، فهناك الموظفون الوظيفيون مقابل المعينين السياسيين، والخبراء الاستراتيجيين المدنيين مقابل التكتيكيين العسكريين، ومؤيدي ترامب مقابل الموالين لأوباما، المعتدلين في نيويورك مقابل المتشددين الشعبويين، المتعاطفون مع القضية الفلسطينية مقابل مؤيدين إسرائيل، مؤيدي صفقة إيران مقابل مؤيدي التحالف المناهض لإيران، وأولئك الذين يعتقدون أن الإسلام الإسلامي والإرهاب الإسلامي الراديكالي ينبعان من الإسلام نفسه مقابل أولئك الذين يصرون على أن الإسلام دين سلام.
الفائزون فقط في هذه الصراعات المختلفة هم وحدهم من سيحددون فى نهاية المطاف الاتجاه الأيديولوجى للسياسة الامريكية حول مجموعة متنوعة من قضايا الأمن القومي، بما فيها الحرب على الإرهاب الإسلامى.
وكان ترامب قد وعد خلال حملته للانتخابات الرئاسية، بتحول جذري فى السياسة الخارجية الأمريكية، كما وجه اللوم مرارا إلى إدارة أوباما تجاه سياستها الخارجية، وعلى الرغم من أن الكثير يمكن أن يتغير في المستقبل ، ولكن وبنظرة سريعة على فريق الأمن القومي الذي تم تشكيله يشير إلى أن السياسة الخارجية للإدارة، وخاصة تجاه الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الأوسع، قد تكون في نهاية المطاف أكثر تشابها لإدارة أوباما، الأمر الذي قد يصيب أولئك الذين يأملون في إحداث تغيير جذري في الوضع الراهن بخيبة أمل كبيرة.

نقيض فلين مستشارا للأمن القومي

قارن التقرير بين توجه ورؤية كل من مستشاري الأمن الوطني السابق مايكل فلين، والحالي هربرت ريموند ماكماستر ، والذي جاء اختياره ليشغل منصب مستشار الأمن القومي، ضمن مجموعة من القرارات الصادمة التي اتخذها الرئيس ترامب، بالنسبة للمحيطيين به، التغيير صاحبه مجموعة من القرارات الأخرى المتعلقة بتعيين بقية الموظفين في إدارة الأمن الوطني.
بينما يعد فلين واحدا من أكثر الجنرالات المعادية للإسلام، حيث يرى الإسلام بأنه دين دموي فاشي، ومؤمنا لفكرة صراع الحضارات فالعكس تماما هو ماكماستر الجديد، حيث يرى أن أعمال داعش لا تعبر عن الإسلام كعقيدة وفكر.
وكان الجنرال السابق فلين قد قدم استقالته في 13 فبراير الماضي، وذلك بعد تسريب تقارير استخباراتية لمحادثاته مع دبلوماسي روسي، قال فيها أن الغرب يخوض صراع حضاري ضد الإسلام، وأن الحرب على الارهاب يجب توسيعها وتكثيفها لتعكس هذا الواقع.
على الجانب الآخر يرفض ماكماستر فكرة صراع الحضارات رفضا قاطعا، حتى إن تصريحاته عن الإسلام دقيقة للغاية، ولا تختلف اختلافا جوهريا عن تصريحات الرئيسين السابقين باراك أوباما وجورج دبليو بوش.
وكان فلين قد ألقى خطابا في أغسطس 2016، لأحد التجمعات اليهودية في ستوغتون بولاية ماساتشوستس  حذر فيه من أن الهدف النهائي للإسلام الراديكالي هو الهيمنة العالمية، قائلا: "نحن نواجه إسلاما آخر، تماما كما واجهنا النازية والفاشية والإمبريالية والشيوعية، وهؤلاء المتأسلمون، هم سرطان شرس داخل جسم 1.7 مليار شخص على هذا الكوكب يجب استئصاله"، مضيفا: "أنا لا أرى الإسلام كدين، بل أراه أيديولوجية سياسية تخفي نفسها كدين على الصعيد العالمي، وخاصة في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة، لأنه من الممكن أن يختبئ وراء الحرية الدينية التي يعيشها الغرب أن تختبئ وراءها وتحمي نفسها بما نحن حرية الدعوة الدينية ".
وفي كتابه "حقل القتال..  كيف يمكننا كسب الحرب العالمية ضد الإسلام الراديكالي وحلفائه"، قال فيه:"نحن في حرب عالمية ضد حركة جماعية مسيئة من الناس الشريرة، ومعظم أفكارهم مستوحاة من أيديولوجية الإسلام الراديكالي الشمولي وعلينا أن نتوقف عن الشعور بالذنب قليلا وتحديدهم كقتلة متعصبين يتصرفون نيابة عن حضارة فاشلة".
كما عبر عن نفس الفكرة في مقال رأي نشرته له صحيفة نيويورك بوست في يوليو من نفس العام، كتب فيه أن حرب أميركا ضد الإسلام الراديكالي يديرها زعماء سياسيون يرفضون رؤية الصورة الكبيرة قائلا: "إذا كان قادتنا مهتمين بالفوز في حربهم ضد الإسلام الراديكالي، فسيتعين عليهم تصميم استراتيجية لتدمير هذا العدو العالمي، لكنهم لا يرون الحرب العالمية، بل أنهم يشتبكون فقط وبشكل خفيف مع أطراف القتال من أفريقيا إلى الشرق الأوسط، كما لو أن كل قتال، سواء في سوريا أو العراق أو نيجيريا أو ليبيا أو أفغانستان، يمكن حله سلميا بالجهود الدبلوماسية .. لن نتحدث عن طريق للخروج من هذه الحرب، ولا يمكننا أن نهرب من فظائعها".
واضاف "يجب شن هذه الحرب عسكريا وسياسيا على السواء، وعلينا ان ندمر جيوش العدو ونحارب عقائده، وكلاهما قابل للتنفيذ، وفي ساحات المعارك العسكرية هزمنا القوى الاسلامية المتطرفة في كل مرة من العراق إلى أفغانستان، وقوتهم الحالية ليست انعكاسا لقدرتهم على التغلب على قواتنا المسلحة، وإنما نتيجة انسحابنا الخاطئ، علينا أن ننتصر".
بينما يرفض ماكماستر أفكار كلا من فليين وترامب ووجهات نظرهما حول الإسلام، فهو يرفض أن توجد صلة بين الإرهاب والإسلام، وهذا ما وضح خلال اجتماعه الأول للموظفين بعد استلامه منصبه مستشارا للأمن القومي، والذي عقد في 23 فبراير، حيث حث موظفي مجلس الأمن الوطني على تجنب استخدام مصطلح "الإرهاب الإسلامي المتطرف" لأنه وفقا لماكماستر، فإن جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية تمثل "انحرافا عن الإسلام "وبالتالي" غير إسلامية ". مطالبا بعدم استخدام هذا المصطلح لأنه يعادي "دينا كاملا" وقد ينفر الحلفاء المسلمين لنا في الشرق الأوسط.
كما قام ماكماستر بعد أقل من أسبوع من تعيينه، بمطالبة الرئيس ترامب على إزالة مصطلح "الإرهاب الإسلامي الراديكالي" من الخطاب الذي كان الرئيس يقليها في الكونغرس يوم 28 فبراير، الأمر الذي دفع ترامب حينها بالرد عليه قائلا: "نحن أيضا نتخذ إجراءات قوية لحماية أمتنا من الإرهاب الإسلامى المتطرف".
ويمتلك ماكماستر تاريخا طويلا في الخدمة في العراق وأفغانستان، وكان يطالب باستمرار إدارة أوباما فك الارتباط بين الإرهاب الإسلامي والعقيدة الإسلامية، وذلك قبل أن يتولى ماكماستر منصبه كمستشار للأمن الوطني؛ ويرى ماكماستر أن تنظيم داعش الإرهابي لا يعبر عن حقيقة الإسلام فقال في كلمة له ألقاها أمام معهد فرجينيا العسكري في نوفمبر 2016، قال فيها ماكماستر: "إن الدولة الإسلامية تستخدم بشكل متعمق تفسير الدين المنحرف للتحريض على الكراهية وتبرير القسوة المروعة ضد الأبرياء".
كما عبر عن نفس الفكرة في مايو 2016، خلال مؤتمر في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، قائلا: "إن مجموعات مثل تنظيم الدولة الاسلامية تستخدم أيديولوجية غير دينية وتفسيرات منحرفة للدين لتبرير العنف، وهي تعتمد على الجهل والقدرة على تجنيد الفئات الضعيفة من السكان لتثبيط الكراهية ومن ثم استخدام هذه الكراهية لتبرير العنف ضد الابرياء".