كثافة التواجد السلفي
تظهر الخارطة السابقة مدى كثافة التواجد السلفي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا:
- مرتفع (اللون الأحمر): ليبيا، مصر، سوريا، العراق، السعودية، اليمن.
- متوسط (اللون البرتقالي): الجزائر، تونس، غزة، الأردن، الكويت،.
- منخفض (اللون الأصفر): المغرب، لبنان، البحرين، قطر.
على الرغم من أن السلفية انتشرت إلى أجزاء مختلفة من العالم الإسلامي، فإن أصولها متجذرة في العالم العربي حيث ولدت، وهي المنطقة التي تعاني أيضا من أكبر الاضطرابات التي يخلقها السلفيون الجهاديون.
منافسة أيديولوجية
هذه التجمعات الثلاثة تتنافس للدفاع عن العباءة الأيديولوجية للسلفية: منذ السبعينات، انخرط أتباع السلفية الانعزالية مع السلفيين الجهاديين في هذا الصراع بشكل متزايد. وفي السنوات الأخيرة، خاصة في أعقاب الربيع العربي، ظهر المسار الثالث الذي يسعى إلى نشر السلفية عبر العمليات الديمقراطية.
لكن لا يزال الجناح الانعزاليّ هو المهيمن الأكبر على السلفية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن معظم السلفيين يسعون إلى التخلص من أهوال الحرب المستمرة في سوريا واليمن وليبيا.
والأهم من ذلك أن السلفية الهادئة تعتقد أن الحس الإسلامي يجب أن يُزرَع أولا على المستويين الفردي والمجتمعي قبل إقامة دولة إسلامية- وهو اعتقاد لا يتقاسمه السلفيون الجهاديون.
حتى الآن، لم تكن هناك أي حالات اعتنق فيها السلفيون الجهاديون السلفية الانتخابية- يهيمن على هذا الفضاء حاليا أولئك الذين كانوا في السابق من السلفية الهادئة.
ومع ذلك، عندما يتمخض الإنهاك من الحرب تسويات سياسية في المستقبل البعيد، يمكن للسلفية الانتخابية أن تلعب دورا كجسر محتمل لبعض المنخرطين في صفوف السلفية الجهادية اليوم كي ينضموا إلى التيار السياسي الرئيسي.
في حين أن معظم الجهاديين السلفيين، فإن العكس ليس صحيحا. في الواقع، تعد السلفية ظاهرة أوسع بكثير من الجهادية. تسحب هذه الكيانات الثلاثة السلفية في اتجاهات متباينة.
ويلفت جيوبوليتيكال فيوتشرز إلى أنه في أوساط الانعزاليين والجهاديين، لا تزال الأغلبية الساحقة من السلفيين ترفض الديمقراطية. حتى السلفية الانتخابية لا تزال تلتزم الحذر من المشاركة الانتخابية، وتستمر في التخوف من النطاق الأوسع لنزاعات الديمقراطية مع المثل الدينية.
على الرغم من أن هذه التفسيرات الإسلامية التي يراها التحليل متشددة لعبت دورا حاسما في إنتاج التطرف العنيف في العقود الأخيرة، فإنها تحتوي أيضا على ترياق محتمل للجهاديين.
وفي حين لم تتمكن السلفية الانعزالية من مواجهة السلفية الجهادية لأنها لا تقدم برنامجا سياسيا، فإن السلفية الانتخابية تفعل ذلك. وبالتالي يمكن أن تكتسب أرضا في ظل النظم السياسية الديمقراطية، ويمكن أن تكون بمثابة حائط صد فعال ضد السلفية الجهادية.
هذه النتيجة التي خلُصَ إليها جيوبوليتيكال فيوتشرز تتوافق مع ما توصلت إليه مراكز أبحاث غربية أخرى استخدمت وصف السلفية المهادنة باعتبارها التيار الذي يمكن أن يقف في مواجهة التيار الجهادي انطلاقًا من الأسس الأيديولوجية ذاتها.
لكن التحليل يختم بالإشارة إلى أن السلفية لا يمكن أن تتحرك في هذا الاتجاه بينما يهيمن الحكم الاستبدادي على العالم العربي، لأن فشل السلفية الانتخابية سيزيد من تمكين الجهاديين.