بوابة الحركات الاسلامية : مكافحة الإرهاب و الاستقرار السياسي .. عراقيل أمام الدولة المصرية (طباعة)
مكافحة الإرهاب و الاستقرار السياسي .. عراقيل أمام الدولة المصرية
آخر تحديث: الأحد 21/05/2017 02:10 م
مكافحة الإرهاب و
حذر مركز "جلوبال ريسك إينسايت"، والمعني برصد المخاطر المحتملة الحدوث، من احتما انفجار الأوضاع في مصر نتيجة العمل بقانون الطوارئ في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية للمواطنين المصريين، ونشرت عبر موقعها أمس الأول، تقريرا بعنوان "قصور مكافحة الإرهاب يعرقل الاستقرار السياسي"، مؤكدة إن إعادة العمل بقانون الطوارئ إلى جانب المشكلات الاقتصادية المزمنة التي يعاني منها المواطنون ممكن أن تخلق حالة من الكبت المعرض للانفجار في أي لحظة.
ورصد التقرير تزايد الهجمات الإرهابية في مصر، لا سيما تفجيرات "أحد السعف" في كنيستين قبطيتين أدت إلى اعتماد إجراءات أمنية أكثر صرامة، مما أثار المخاوف بشأن الاستقرار السياسي للبلاد.
على الرغم من أعلان حكومة عبد الفتاح السيسي حالة طوارئ لمدة ثلاثة أشهر في أعقاب الهجمات الأخيرة، في محاولة منه لمحاربة ومكافحة الإرهاب؛ ومع ذلك، فإن زيادة الهجمات منذ نهاية عام 2016 وشراستها كشف عن أوجه القصور في سياسات الدولة المصرية في مكافحة الإرهاب، إلى جانب انعدام ثقة السكان في الجهاز الأمني، في الوقت الذي تتزايد فيه حالة من السخط العام نتيجة زيادة الأسعار وصرامة الإجراءات الأمنية مع المواطنين، مما تثير المخاوف بشأن تأثير هذه الأوضاع على الاستقرار السياسي في مصر خلال الأشهر المقبلة.
وكانت مصر قد شهدت قبل اسبوع من احتفالات عيد الفصح في التاسع من إبريل، انفجارات في كنيستين قبطيتين في مدينتي طنطا والاسكندرية، أسفرت عن مصرع 49 شخصا وإصابة أكثر من 100 آخرين بجروح، في أعنف هجوم شهدته مصر منذ حادثة تفجير الكنيسة البطرسية في ديسمبر من العام الماضي 2016، ليأتي التفجيرين الانتحاريين الأخيرين ضمن سلسلة من الهجمات التي استهدفت الأقلية القبطية في مصر منذ أواخر عام 2016؛ وفي وقت سابق كانت العمليات الإرهابية تستهدف الشخصيات العسكرية والسياسية منذ عزل السيسي للرئيس الأسبق محمد مرسي من السلطة عام 2013، لتتخذ الهجمات وتيرة أكثر حدة، حيث عززت الجماعات الجهادية التابعة المتطرفة من أنشطتها خارج شبه جزيرة سيناء، لتنقل معاركها مع قوات الأمن المصرية إلى المدن.

الأزمة الأمنية العميقة في مصر
على الرغم من أن تنظيم داعش استهدف في أغلب العمليات الإرهابية – والتي وقعت بشكل شبه يومي منذ عزل الرئيس عبد الفتاح السيسي للرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي من السلطة عام 2013 – فإن داعش استهدف وبشكل رئيسي المواقع العسكرية وقوات الأمن في سيناء، ولكن في الآونة الآخيرة فإن استهداف التنظيم للأقباط المصريين مؤخرا يشير إلى تحول في العمليات النوعية للتنظيم في مصر؛ لتشهد مصر سلسلة من التفجيرات الإرهابية خلال الأشهر الماضية بدأت بانفجار قنبلة داخل الكنيسة البطرسية الملاصقة لمقر الكاتدرائية الأرثوذكسية في قلب القاهرة فى ديسمبر الماضى 2016، إلى جانب التفجيرات المزدوجة في طنطا والأسكندرية التي وقعت في 9 أبريل 2017، والتي أعلن تنظيم "داعش" عن مسؤوليته، التفجيرات التي جاءت بعد شهر واحد من إصدار داعش تحذيرا بالفيديو من هجمات أخرى في مصر، استهداف داعش للأقباط والذين يمثلون حوالي 10٪ من سكان مصر البالغ عددهم 90 مليون نسمة يعكس أن فكر التنظيم يحاول تفتيت النسيج المجتمعي لمصر.
هذا إلى جانب أن كثافة الهجمات الإرهابية أدت إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني المصري، وذلك بعد الإضرار بسمعة مصر كمكان آمن للسياحة؛ حيث تشكل السياحة مصدرا رئيسيا للدخل لملايين المصريين، وقد أدى تراجع عائدات السياحة إلى ضرب البلاد، خاصة منذ سقوط طائرة روسية فوق سيناء في عام 2015. وفي عام 2016 وحده، شهدت مصر انخفاضا في عائدات السياحة بنسبة 40٪ .
الموقف السياسي للدولة المصرية تجاه الجماعات الإسلامية كان موقفا صارما حيث أعلن السيسي موقفه المتشدد من هذه الجماعات لينعكس ذلك في خطابه الافتتاحي عام 2014؛ عندما أعلن أنه لن يكون هناك أي تساهل أوهدنة أو موائمة أو مصالحة مع أي جماعة أو أولئك الذين يلجأون إلى العنف، وفي أغسطس 2015، أثارت موافقة الحكومة المصرية على قوانين صارمة جديدة لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك إنشاء محاكم خاصة، انتقادات من أعضاء المجتمع المدني والمجتمع الدولي للحد من الحقوق. وقد أدى فشل الدولة المصرية في وقف تلك الهجمات التي يشنها المتطرفين الإسلاميين في شبه الجزيرة إلى جانب تزايد وتيرة أعمال العنف الإرهابية إلى توجيه ضربة قاسية لاستراتيجية الحكومة لمكافحة الإرهاب.

حالة الطوارئ
حالة من الترقب المصحوبة بتزايد المخاوف التي تنتاب المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية منذ إعلان حالة طوارئ لمدة ثلاثة أشهر، ليؤكد الإعلان الغموض الذي يكتنف خطة الدولة المصرية لمحاربة الإرهاب، والذي يمثل أولوية رئيسية للحكومة، في ظل أن قانون الطوارئ الجديد يمنح قوات الامن المزيد من سلطات المراقبة، وتزيد من صلاحيات رئيس الجكهورية على السلطة ولكنها في المقابل لن تفعل شيئا يذكر لمواجهة التهديد الارهابى.
وكانت التفجيرات الإرهابية الأخيرة قد وجهت صفعة قوية لسلطة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مؤكدة عجز أجهزة المخابرات المصرية في التنبؤ بالتفجيرات، مما يثير التساؤل حول مدى قدرة الدولة على حماية سكانها!!
وحذر المقال من انعدام ثقة المصريين في قدرة القيادة السياسية من تحقيق الاستقرار والأمن في ظل تزايد الهجمات الإرهابية، حيث أشارت إلى أنه في أكتوبر 2011، أعلن المشير محمد حسين طنطاوي أنه قد قضى على المنظمات الإرهابية في سيناء، ووصف الوضع في سيناء بأنه "آمن بنسبة 100%". وبعد ست سنوات، وصلت ثقة المصريين في قواتهم الأمنية إلى أدنى مستوياتها وسط التحديات الأمنية المتزايدة. ومع استمرار الهجمات الارهابية، سيتعمق انعدام الثقة العام فى الحكومة.
وانتهى التقرير إلى أنه من الناحية السياسية، يمكن أن تؤدي الهجمات إلى إضعاف شعبية الرئيس المصري، لا سيما وأن المسيحيون من بين أنصار السيسي الأكثر ولاءً، ولكن سلسلة الهجمات الأخيرة التي تستهدف المسيحيين من المرجح أن تضعف قاعدة دعم الرئيس، المشهد الحالي في إعلان الطوارئ يستدعي نفس المشهد عندما تزايد السخط الشعبي لإعلان حالة الطوارئ خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الذي استمر 30 عاما عاملا أساسيا في انتفاضات ثورة 25 يناير.
ومن المرجح أنه في حالة إعادة العمل بقانون الطوارئ لفترة الثلاثة أشهر أخرى ستثير جدلا واسعا في الأشهر المقبلة، مما يدعم موقف المعارضة، في ظل الصعوبات الاقتصادية الحالية والتي أضعفت بدورها دور الحكومة. وباختصار، فإن إعادة العمل بقانون الطوارئ إلى جانب المشكلات الاقتصادية المزمنة التي يعاني منها المواطنون ممكن أن تخلق حالة من الكبت المعرض للانفجار في أي لحظة.