روّعت المملكة المتحدة ليل الاثنين باعتداء دموي خلّف عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال، عندما استهدف انتحاري من تنظيم «داعش» حفلاً موسيقياً في مسرح مدينة مانشستر في أسوأ اعتداء تشهده بريطانيا منذ أن قتل أربعة متطرفين 52 شخصاً في تفجيرات انتحارية استهدفت شبكات النقل في لندن في يوليو/ تموز 2005.
وذكرت المصادر أن الهجوم خلّف 22 قتيلاً بينهم أطفال، و59 جريحاً بعضهم في حال الخطر. ووقع الانفجار العنيف عند الساعة 22،30 (21,30) تقريباً مساء الاثنين على أحد مداخل قاعة مانشستر أرينا التي تتسع لحوالى 21 ألف شخص في نهاية حفل لمغنية البوب الأمريكية، وأثار الهلع بين الجمهور الذي شمل عدداً كبيراً من الشباب والأطفال. أثار الانفجار الذعر داخل قاعة الحفلات وخارجها حيث كان الأهالي ينتظرون خروج أولادهم بعد ختام الحفل. وصرحت ستيفاني هيل التي حضرت الحفل برفقة ابنتها كينيدي «كان هناك الكثير من الأطفال والمراهقين. إنها مأساة مريعة».
وأعلنت الشرطة القبض على شاب يعتقد أنه على ارتباط بالهجوم، وقالت في بيان إنه «في إطار التحقيق المستمر بشأن هجوم الليلة الماضية (الاثنين) المروع على قاعة (مانشستر أرينا)، يمكننا التأكيد بأننا ألقينا القبض على رجل يبلغ من العمر 23 عاماً في جنوب مانشستر».
كما أعلن قائد شرطة مانشستر ايان هوبكنز أنّ منفّذ الاعتداء قُتل بينما كان يحاول تفجير «عبوة ناسفة يدوية»، مشيراً إلى أن الشرطة تسعى إلى معرفة ما إذا كان قام بالاعتداء «بمفرده أو إذا كان مدعوماً من شبكة» معينة.
وأعلنت الشرطة البريطانية التأهب خشية وقوع المزيد من الهجمات. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن الشرطة أغلقت محطة فيكتوريا كوتش والشوارع المحيطة بها اليوم بعد العثور على عبوة مريبة. لكن أعيد فتح المحطة والطرق حولها بعدما تبين سلامة العبوة.
وقال متحدث باسم شرطة لندن «تبين الآن سلامة العبوة المريبة التي جرى الإبلاغ عنها في محطة فيكتوريا كوتش. ليست مريبة. نشكركم على صبركم».
وأعلن تنظيم «داعش» تبني الهجوم الدموي في بيان تناقلته حسابات متطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي، متوعداً بمزيد من الاعتداءات.
لكن مدير المخابرات الوطنية الأمريكية دان كوتس قال إن الولايات المتحدة لم تتحقق بعد من صلة التنظيم رغم إعلان التنظيم المسؤولية. وقال في جلسة أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ «أعلنت داعش مسؤوليتها عن هجوم مانشستر رغم أنها تعلن المسؤولية عن كل هجوم تقريباً. لم نتحقق بعد من صلتها» بالهجوم.
وأبدى أنصار التنظيم المتطرف سعادتهم على مواقع التواصل الاجتماعي كما شجع آخرون على تنفيذ هجمات مشابهة في أماكن أخرى.
وقال مسؤولون في القطاع الطبي إن إصابات بعض الجرحى ما زالت حرجة وإن أكثر من عشرة أطفال يعالجون بالمستشفى بعد التفجير الانتحاري الذي أودى بحياة 22 شخصاً وأصاب العشرات. وقال جون راوز مدير قطاع الصحة والرعاية الاجتماعية في مانشستر الكبرى «هناك عدد من الأفراد جروحهم خطيرة جداً جداً وتستلزم الرعاية المركزة وهناك مصابون سيبقون في المستشفى لفترة طويلة».
وقال ديفيد راتكليف المدير الطبي لخدمة إسعاف نورث وست «نُقل 12 طفلاً إلى مستشفى رويال مانشستر للأطفال... واستقبل المستشفى الآخر بالغين في الأساس، كما توجه آخرون سيراً على الأقدام إلى مراكز مختلفة بعضهم أطفال».
دانت ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية الاعتداء ووصفته بأنه «عمل همجي»، معبرة عن تضامنها مع الضحايا ورجال الاسعاف. وقالت في بيان إن «الأمة بأسرها صدمت من جراء سقوط قتلى وإصابات في مانشستر»، مضيفة «أود أن أعبر عن إعجابي بالطريقة التي تصرف فيها سكان مانشستر بإنسانية وتعاطف، في مواجهة هذا العمل الهمجي».
كما نددت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ب«اعتداء إرهابي مروع»، معتبرة أن منفّذه «جبان» لأنه «تعمد استهداف أطفال أبرياء ضعفاء». وقالت إن الاعتداء كان يهدف إلى التسبب بسقوط «أكبر عدد من الضحايا». وتابعت ماي إن المهاجم تصرّف «بدم بارد» عندما استهدف أطفالاً.
وأضافت ماي: إن الإرهابيين لن ينتصروا أبداً وقيمنا ستسود دائماً. كما اعلنت تعليق الحملة الانتخابية التي تقوم بها استعداداً للانتخابات العامة في 8 يونيو/ حزيران، وكذلك فعل زعيم المعارضة جيريمي كوربن.
وندد وزير الداخلية البريطاني»باعتداء همجي يستهدف أشخاصاً شباباً وأطفالاً خرجوا لحضور حفل بوب». فيما قطع وزير المالية فيليب هاموند زيارة إلى بروكسل وعاد إلى لندن.
وما زالت حصيلة القتلى مرشحة للارتفاع نظراً إلى العدد الكبير للجرحى بإصابات خطيرة. وبين ضحايا الاعتداء طفلة في الثامنة من العمر. وانخرط الكثير من الأهالي في عمليات البحث عن أولادهم الذين انقطعت أخبارهم إثر الاعتداء وسعوا إلى التعاون عبر مواقع التواصل، فيما أنشأت السلطات مركز استقبال في ملعب نادي مانشستر سيتي لكرة القدم لدعم الضحايا والاقارب.
وفي مانشستر ذاتها، أطلق السكان حملة لتقديم مأوى للذين كانوا في الحفلة فيما أشارت تقارير إلى أن سيارات الأجرة كانت تنقل الركاب مجاناً.
وعلقت حركة القطارات من وإلى محطة فيكتوريا في مانشستر الواقعة تحت القاعة. وقالت مصلحة السكك الحديدية الوطنية في بيان إن هذا القرار سيستمر حتى مساء الثلاثاء.(وكالات)
منفذ الاعتداء «داعشي» من أصل ليبي
أعلنت السلطات البريطانية أمس الثلاثاء، أن منفذ هجوم مانشستر هو سلمان العبيدي، ويبلغ من العمر 22 عاماً، وهو مواطن بريطاني من أصل ليبي. وقال مفوض الشرطة، إيان هوبكينز، في تصريح للصحفيين: «أؤكد أن الشخص الذي يشتبه بأنه ارتكب العمل الفظيع تم التعرف إليه واسمه سلمان العبيدي». وأضاف: «أولويتنا تبقى معرفة ما إذا تصرف منفرداً أو ضمن شبكة».
وأكدت مصادر إعلامية بريطانية أنه «داعشي» من أصل ليبي، من مواليد عام 1994. وهو من سكان لندن، وسافر من العاصمة البريطانية، وتحديداً محطة فيكتوريا، إلى مانشستر بالقطار لتنفيذ هجومه الانتحاري.
ووالدة الانتحاري تدعى سامية وتبلغ من العمر 50 عاماً، ووالده يسمّى رمضان عبيدي، ضابط أمن سابق في ليبيا، وولدا في ليبيا، وهما ينحدران من قبيلة العبيدات الواقعة غربي ليبيا، وهاجرا في البداية إلى لندن هرباً من نظام معمر القذافي، قبل أن ينتقلا إلى منطقة فالوفيلد في جنوب مانشستر حيث عاشا لمدة 10 سنوات على الأقل أنجبا خلالها سلمان العبيدي وأخوين آخرين وأختاً واحدة.
وبحسب صحيفة «الجارديان»، قامت الشرطة، الثلاثاء، بمداهمة منزل في هذا الحي وأجرت عملية «تفجير مضبوطة» لدخوله. وفتش المحققون أيضاً منزل شقيق المشتبه به في جنوب مانشستر. وأضافت الصحيفة أن الشقيقين كانا يرتادان مسجد ديدزبوري المحلي.
(الخليج الإماراتية)