بوابة الحركات الاسلامية : المتطرفون الشيشان يهددون ليبرالية المجتمع الألماني (طباعة)
المتطرفون الشيشان يهددون ليبرالية المجتمع الألماني
آخر تحديث: الأحد 09/07/2017 11:14 م
المتطرفون الشيشان
قام معهد "جيت ستون" المتخصص في السياسة الدولية برصد حالة المجتمع الشيشاني داخل ألمانيا، خاصة ما يسمى بـ"جماعة الشريعة الإسلامية" والتي قوامها 100 شيشاني مسلح، ونشر المعهد أمس السبت 8 يوليو 2017، عبر موقعه الإليكتروني، تقريرًا مفصلًا حول تنامي المتشددون الشيشان في برلين، ومناطق أخرى في ألمانيا، ومحاولتهم فرض مجتمع إسلامي متشدد داخل المجتمع الألماني، التقرير الذي ترجمته بوابة الحركات الإسلامية.
يقول التقرير: "في الوقت الحالي يوجد ما يقرب من 100 إسلاميون متشددون يقومون بتطبيق الشريعة بالقوة في شوارع برلين وعلى الملأ، بحسب تقارير شرطية بالعاصمة الألمانية، الجماعة التي عينت نفسها واصيًا أخلاقيًا ورطت معها السلفيين القادمون من الشيشان، والتي تعد منطقة مسلمة تابعة للدولة الروسية، ويقوم الإسلاميون باستخدام التهديد الجبري، لحث مواطني الشيشان بعدم الاندماج في المجتمع الألماني، بل يشجعونهم بإنشاء مجتمع إسلامي يطبق الشريعة موازٍ للمجتمع والقانون الألماني، وهنا تظهر السلطات الألمانية بمظهر العاجز عن وقف تزايد نمو هذا المجتمع الموازي.

جماعة الشريعة الإسلامية في برلين:
قامت صحفية تدعى "ميدوزا" وهي صحفية روسية تعمل لإحدى الصحف المستقلة بمدينة لاتيفيا بإجراء تحقيق شامل عن تنامي الأصولية بين أبناء الجالية الشيشانية في المجتمع الألماني، ووفقا لـ"ميدوزا" فإن الجماعة الأصولية السلفية الشيشانية قد أعلنت عن نفسها في تطبيق الشريعة في مايو العام الجاري 2017، عندما قامت بنشر فيديو – صادر باللغة الروسية – تحذر فيه أبناء الجالية الشيشانية من الانخراط أو الاندماج داخل المجتمع الألماني، وعدم الامتثال لقوانين الشريعة الإسلامية، وإلا سيكون القتل هو جزاؤهم، الفيديو الذي تم نشره عبر خدمة "الواتس آب"، لأبناء الجالية الشيشانية، قامت إحدى المنظمات الروسية بالإبلاغ عنه، وظهر في الفيديو رجل مقنع مشهرًا المسدس في وجه الكاميرا، قائلا:
"الأخوة والأخوات المسلمين، هنا في أوروبا يقوم بعض الرجال والنساء الشيشانيون بفعل أشياء يندى الجبين لها، وأنتم تعلمون ذلك جيدًا، وأنا أعلمها جيدًا وهي لا تخفى على أحد، ولهذا نحن هنا لنعلن لكم نحن الآن قوامنا 80 رجلًا وهناك المزيد الذين سينضمون لنا قريبًا، نقول لهؤلاء الذين فقدوا هوياتهم والذين يغازلون ويتشبهون بالعرقيات الأخرى، وللنساء اللاتي اخترن الطريق الخاطئ، ولمن يدعون على أنفسهم بـ"الرجال الشيشانيون"، لقد جئناكم لننذركم ونعطيكم فرصة للرجوع عن أفعالكم، و لا تقولوا إننا لم ننذركم، ولا تقولوا إنكم لا تعلمون، اللهم اهدنا إلى طريق السلام وثبت أقدامنا على طريق الحق والعدل".
وفقا لتقارير الشرطية فإن الرجل الذي ظهر في الفيديو هو عضو لأحد الجماعة الإسلامية المتشددة والتي تتخذ من برلين مقرًا لها، وكل الشيشانيون الذين تجنّسوا بالجنسية الألمانية على علم بهذه الجماعة.
الفيديو ظهر في أعقاب نشر صورة لامرأة شيشانية، وهي عارية تمامًا تم إرسالها عبر "الواتس آب" لكل جهات الاتصال الموجودة على هاتفها المسروق، فيما اعتبرها أهل الفتاة بأنها فضيحة بعدما شاهدوا ابنتهم وهي عارية وكانوا في طريقهم إلى منزلها لقتلها، الأمر الذي لحقته الشرطة الألمانية في اللحظات الأخيرة وتدخلت وقامت بإرسال الفتاة على مروحية إلى روسيا بعيدا عن أهلها.
وكانت الشرطة الألمانية قد احتجزت المرأة عندها تخوفًا من أن يقوم أي من أبناء الجالية الشيشانية بقتلها، لأنه كان قد صدرت فتوى بإهدار دم الفتاة على يد أي شيشاني بغض النظر عن علاقته بأسرتها، وتقول الفتاة : "إنه عُرف متبع أقوى من حكم القانون".
ويجبر الفتيات الشيشانيات في ألمانيا بإعطاء معلومات هواتفهم حتى يتم ملاحقتهن في حال قاموا بالخروج لأي قاعدة أو عرف إسلامي ومنها: "شرب الخمر، التعرف على رجال من عرقيات أخرى، الجلوس في المقاهي التي تقدم النرجيلة، الذهاب إلى الملاهي الليلية، حمامات السباحة .. إلخ".
وتقول الشيشانيات الذين قابلتهم "ميدوزا" إن الشيشانيون يطالبون الفتيات بالالتزام بقواعد السلوك بشكل أكثر صرامة وجمودا بين المهاجرين الشيشان في ألمانيا أكثر من التزامنا بها في الشيشان نفسها.
ووصفت الفتيات الوضع بأنه "منافسة في البر" بين الشيشانيين المقيمين بالخارج وبين الشيشان الموالين للرئيس الشيشاني رمضان قاديروف، فكل طرف يسعى إلى إثبات أنهم أفضل في البر، حتى لو وصل الأمر بتهديد "الشيطان" وهو المرأة فالمرأة في نظرهم هي "الشيطان" نفسه. 
وتقول إحدى الفتيات في شهادتها: "في يوم رآني بعض أبناء وطني أتحدث مع مواطن ألماني في الشارع، في نفس اليوم وجدت عشرات من الرجال الشيشانيون متجمهرين أمام منزلي وقد قاموا بضرب الشاب بعنف حتى قاموا بتكسير طاقم أسنانه، وبالكاد استطعت الاختباء".
في 4 يوليو الجاري 2017، قالت صحيفة "تاغشبيجل" أن عددا من الرجال والنساء الشيشانيين تم الاعتداء عليهم من قبل جماعة الشريعة الإسلامية، وأن الشرطة الألمانية عندما بدأت في إجراء التحقيقات كان من أكثر المعوقات التي وقفت في سير التحقيق هو أن أغلب ممن تم الاعتداء عليهم يعرفون من قام بذلك ولكنهم لم يجرؤوا على الاعتراف خوفًا من العواقب التي قد تحل عليهم.
ووفقا للصحيفة الألمانية فإن أعضاء جماعة الشريعة الإسلامية يصل عددهم إلى مائة شخص، وهم جماعة مسلحة، لديهم خبرة قتالية اكتسبوها من الحرب الشيشانية – الروسية، وهي مرتبطة ومنتشرة في المساجد السلفية الموجودة ببرلين، بما فيها مسجد مقاطعة "فوسيلت 33" والتي كان يطلق عليها "خلافة برلين"، المسجد الذي أغلقته السلطات الألمانية في فبراير 2017، وذلك بعدما أفادت تحقيقات الشرطة بأن المسجد استضاف الجهادي التونسي أنيس أمري، والذي قام بتنفيذ هجمات أعياد الميلاد في برلين.

حقائق حول الجالية الشيشانية في ألمانيا:
وفقا للإحصاءات الرسمية الألمانية هناك 60 ألف شخص شيشاني يعيشون في ألمانيا، على الرغم من أن البعض يرى أن العدد أكثر بكثير، لأن ألمانيا تلقت خلال السنوات الخمس الماضية طلبات لجوء وصل عددها إلى 40ألف طلب، إلى جانب ممن عبروا الحدود بشكل غير قانوني من ناحية بولندا.
وفي تقرير داخلي أصدره المكتب الفيدرالي كشف فيه أن أغلب من عبروا الحدود بشكل غير قانوني، هم مواطنون روس من أصل شيشاني، وبعضهم تربوا في بيئات إرهابية.
ويتمركز أغلب أعضاء المجتمع الشيشاني في ألمانيا في مدينتي براندنبورغ وبرلين، حيث أنها المجتمع الموازي الذي أسسوه راسخ وبقوة، ويرى الأخصائيون الاجتماعيون إن العقبة الرئيسية أمام الاندماج الشيشاني هي قانونهم الأخلاقي المحافظ جدا، هم قدموا إلى ألمانيا للتمتع بمزايا المجتمع الألماني ولكنهم يريدونه بطريقة العصور الوسطى الذين يعيشون فيه، بقية المسلمون قدموا من القرن العشرين إلى ألمانيا واندمجوا، ماعدا المجتمع الشيشاني.

من جانبه يرى الباحث البولندي ماسيج فالكوفسكي، وهو عالم سياسي متخصص في منطقة القوقاز، أن الشعب الشيشاني هو أمة متجانسة ومتماسكة ذاتيا جدا، فهي تحل جميع المشاكل فيما بينها، ويلعب الدين دورا هاما أيضا في جيل الشباب، وعلاوة على ذلك هناك نزاعًا متزايدًا بين الأجيال الشيشانية، حيث يعتقد الجيل الحالي أن السلفية تقدم إجابات فيما يتعلق بهويتهم، وهنا يصطدمون مع قادة المجتمع، ومع ذلك فالسلفية هي التيار السائد الآن".

من جانبه أقرت مصادر بوزارة الداخلية الألمانية في مدينة براندنبورغ، أن معظم المتطرفين الإسلاميين المعروفين هناك من الشيشان:
فيقول أحد المصادر: "إن مشكلتنا في براندنبورغ هي أن الإمارة القوقازية (وهي منظمة جهادية ناشطة جدا في جنوب غرب روسيا)، والتي يشعر العديد من الشيشانيين تجاهها بالالتزام، قدمت نفسها على إنها دولة إسلامية، لذلك شئنا أم أبينا، فنحن أمام دولة إسلامية بحكم الأمر الواقع هنا في براندنبورغ ".

ويقدر مسؤولو الأمن الألماني عدد المقاتلين المنضمين لتنظيم داعش بين 1500 الى 2000 شيشاني، يقاتلون حاليا في العراق وسوريا، ومع اقتراب نهاية الدولة الإسلامية، يخشى الأوروبيون عودة هؤلاء المقاتلين إلى أوروبا، عن طريق أوكرانيا وبولندا بمساعدة العلاقات بين عشائر أوروبا والشيشان.
ففي فرانكفورت، وهي مدينة ألمانية تقع على الحدود مع بولندا، تحذر الشرطة من أن الهجرة الشيشانية هي قنبلة موقوتة قائلة: "لدينا مشكلة خطيرة ومتزايدة باستمرار مع الشيشان الراديكاليين الذين يسافرون باستمرار ذهابا وإيابا عبر الحدود الألمانية البولندية، وتقوم عائلاتهم ببناء هياكل على نطاق أوروبا تستخدمها لتمويل الدولة الإسلامية بعائدات الجريمة المنظمة إن اهتمام الجميع ثابت على السوريين، لكن الشيشان هم أخطر المجموعات، ونحن لا نولي اهتماما كافيا لذلك ".