توجه عمار الحكيم لترك الارث السياسي لعمه ووالده التاريخي المتمثل في المجلس الأعلى الاسلامي الذي ارتبط اسمه بالحكيم جاء بعد تنامي الاعتراضات والانشقاقات الداخلية لعدد من القيادات المخضرمة فيه أمثال: جلال الدين الصغير وباقر الزبيدي، وعادل عبد المهدي ووصل الأمر الى ايصال شكواهم الى ايران وشخص مرشد الثورة الإيرانية اية الله علي خامنئي، بخصوص اختلافهم مع رؤية الحكيم لادارة المجلس الأعلى اضافة الى كيفية التعاطي مع الملفات الداخلية العراقية.
القادة الذين زاروا إيران هم كل من جلال الدين الصغير وباقر الزبيدي وحامد الخضيري وهم من المتبنين لنظرية ولاية الفقيه والارتباط العقائدي بالخط السياسي الديني لإيران وطالبوا بدور أكبر في صناعة القرار المجلسي رافضين الصعود الكبير لوجوه شبابية لم يكن لديها حضور في مشهد ما قبل سقوط النظام في 2003.
وتتركز الخلافات بين الحكيم ومخضرمي المجلس الأعلى، حول تفرده بالقرار السياسي وتركه الهيئة القيادية التي تتشكل من قيادات المجلس وأبرزهم عادل عبد المهدي وزير النفط السابق، وباقر الزبيدي الذي شغل عدة وزارات في حكومات الجعفري والمالكي، وجلال الدين الصغير، وغيرهم.
وقد كشف الشيخ جلال الدين الصغير، "سر الاختلاف" مع قيادة المجلس الإسلامي الأعلى في العراق، الذي قاد إلى انشقاقه عنه في النهاية، نافيا أن يكون الأمر متعلقا بالامتيازات والمكاسب.
وقال الصغير، في بيان نشره موقعه الالكتروني، إن "سر الاختلاف الحاصل"، يعود "في جوهره الى قضية اساسية علّمنا عليها شهيد المحراب والتزم هو بها حرفياً، وكانت هي سر اختلافنا الرئيسي مع حزب الدعوة ايام المعارضة، وهذه القضية تتعلق بالفقاهة التي تحكم العمل السياسي"، موضحا أن "شهيد المحراب محمد باقر الحكيم"، اشترط ان يكون "رئيس المجلس الاعلى فقيهاً وامره نافذ على كل مفاصله".
واضاف الصغير، انه إستشار المرجعيات الدينية بشأن قراره الذي عزاه إلى خروج المجلس عن نهج محمد باقر الحكيم وأخيه عبد العزيز على حد قوله، وتنبأ بخروج شخصيات مهمة أخرى، من دون ذكر الأسماء، ليتحول الأمر الى خروج زعيم المجلس نفسه عمار الحكيم بعد عدم تكلل محاولاته بالنجاح في رأب الصدع في مفارقة لافتة تتزامن مع السباق المحموم الجاري حاليا لتشكيل كتل واحزاب جديدة لدخول المعترك الانتخابي، وسط نقاش دائر حول تشكيل مفوضيّة الإنتخابات الجديدة وتشريع قانون إنتخابيّ للاستحقاق المقبل.
ووفقا للبيان، يقول الصغير إن نقاشات مستفيضة جرت "في عهد عزيز العراق وبمعيته انتجت ايجاد مركز القرار والذي تحول لاحقاً الى الهيئة القيادية، اذ امضى الفقيه المتصدي ثقته في الهيئة طالما انها متفقة، وقد اوكل للهيئة القيادية هذه مهمة انتخاب رئيس المجلس على ان يكون الرئيس واحداً منها وليس أعلى منها وهي تتولى كل شؤون المجلس وبما يتناسب مع تعهداتها الفقهية لتحمل دور القيادة".
ويشير الصغير إلى أنه "كان بالامكان حل هذه المشكلة بالرجوع الى الفقيه المتصدي لان شرط الشرعية انذاك كان مبنيا على هذه القاعدة التي بينها قوله مد ظله الوارف: ان اتفقتم على رأي فهو رأيي، وان اختلفتم فارجعوا لي، وهو الرجوع الذي لم يحصل للأسف طوال كل هذه الفترة، ولو كان قد حصل لما اوجد كل هذه التداعيات، لذلك اؤكد ان المشكلة في جوهرها خلاف على الشرعية من عدمها".
لكن الصغير يستدرك بالقول، إن "مشكلة الشرعية هذه لو حلت، وارجعت الامور الى الفقيه، فان الامور ستكون في الاطار السليم للحل، مع اقراري بوجود مشاكل وملاحظات كثيرة اخرى ولكنها من النوع القابل للحل"، معتبرا أن |الرجوع الى الفقيه او العمل بما يقتضي نظارته وفصله في الاختلاف ينهيها، او يحولها الى النوع الذي يقبل التحمل والصبر عليه، ولا يخلو اي عمل اجتماعي او سياسي من هذا النوع من المشاكل، والقيادة في واحدة من غاياتها انما وجدت فمن اجل التعامل مع هذا النمط من المشاكل بغية تجنيب العمل اضرارها".
وانتقد الصغير، تأطير أنباء انشقاقه عن المجلس الأعلى بـ "باطر لا علاقة لها باصل المشكلة ولا بطبيعة ما اضمرته من حديث"، مشيرا إلى أن "العديد من الاحبة انطلق بتعليقات غاضبة تضمنت اساءات وبطرق مختلفة كانت طفولية في الغالب او عابثة، لانها كانت اقرب الى حديث بمن يجهل مع من يعلم".
ونفى الصغير، أن يكون لـ"الاختلاف" اي علاقة بـ "بالشباب ودوره، ولم تشهد الهيئة القيادية في اثناء حضوري وكنت في العادة قليل التغيب اي حديث عن ذلك لا من قريب ولا من بعيد، وكل ما طرح في هذا المجال اما انه كان بهدف تزييف حقيقة الاختلاف، واما كلام من لا يعلم بحقيقة ما يجري"، مضيفا أنه "لم يجر في شأن هذا الاختلاف ولا في غيره اي مطالبة لي باي مكسب او موقع او امتياز على الاطلاق، وكل حديثي كان عن رؤى ومناهج اختلفنا عليها وحذرت من ان هذا الاختلاف سيؤسس لانشقاقات ولامور لا يحمد عقباها على الجميع، وأؤكد ان كل عمري الذي قضيته مع شهيد المحراب وعزيز العراق وضمن الهيئة القيادية لم يحصل ان سعيت او تقدمت بأي مطلب شخصي على الاطلاق، بل يعلم جميع اخوتي واولهم السيد عمار اني كنت الازهد في ما يتاح لي من مواقع او امتيازات، واي حديث غير ذلك يمثل كذبة رخيصة وافتراء كبير وانا مطمئن من ان العدالة الالهية لن تتهاون ازاءه".
ويواصل الصغير تعليقه على الحملة التي وجهت ذده بعد أنباء انشقاقه، بالقول إن "من حق اي انسان ان يحب وان يدافع عن حبه، ولكن متى كانت التربية الاسرية الصالحة فضلا عن الاسلامية تستدعي الاساءة وسوء الخلق في قضية غالبيتها مجاهيل؟ اما كان الاجدر الاعتراض باسلوب حضاري تتجلى فيه التربية الصالحة؟ اما كان الانسب ان يتم الدفاع عمن تحبون بطريقة تحفظ شأنية من تدافعون عنه، فمن تعتدون عليه يمكن ان يقدم ذلك دليلا على طبيعة الابتعاد عن نهج الصالحين؟".