بوابة الحركات الاسلامية : أردوغان يحاول امتصاص الغضب الألمانى... وبرلين تراقب (طباعة)
أردوغان يحاول امتصاص الغضب الألمانى... وبرلين تراقب
آخر تحديث: الأحد 23/07/2017 07:51 م
تجميد ملف تركيا مؤقت
تجميد ملف تركيا مؤقت
تصاعد الخلافات التركية الألمانية دعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لتخفيف اللغة المستخدمة، خشية مزيد من العقوبات الاقتصادية، بعد أن لوحت برلين بمزيد من الخطوات ردا على القمع التركى والاستبداد السياسي، وحملة الاعتقالات الممنهجة ضد النشطاء والمعارضين، إلى جانب الحبس على ناشط ألمانى مؤخرا.
من جانبه رفض أردوغان أي تدخل في الشؤون الداخلية لبلاده في ظل الخلاف القائم حاليا مع ألمانيا، إن تركيا تعد "دولة قانون ديمقراطية اجتماعية، ليس لأحد الحق في التدخل في الشؤون الداخلية لتركيا".
غير أنه شدد في الوقت ذاته على أهمية "الشراكة الاستراتيجية" بين ألمانيا وتركيا، لابد ألا يتم اتخاذ خطوات تلقي بظلالها على هذه الشراكة".
كانت برلين أعلنت الخميس الماضي عقب توقيف ناشطين حقوقيين في إسطنبول بينهم ألماني، عن "إعادة توجيه" سياستها إزاء تركيا واتخاذ إجراءات لفرض عقوبات اقتصادية على شريكتها التاريخية،وقال الرئيس الالماني فرانك فالتر شتاينماير بحسب مقتطفات من مقابلة مع شبكة "زي دي اف" "لا يمكننا السكوت عما يحصل في تركيا".
وتدهورت العلاقات بين ألمانيا وتركيا في الأشهر الأخيرة بشكل غير مسبوق، بلغت ذروتها حين قررت برلين اللجوء إلى عقوبات اقتصادية للضغط على أنقرة.
القنع التركى يوتر
القنع التركى يوتر العلاقات مع المانيا
ومن أبرز ما تشمله هذه الإجراءات، إعادة النظر في الضمانات والقروض أو المساعدات التي تقدم الحكومة الألمانية أو الاتحاد الأوروبي للصادرات أو الاستثمارات في تركيا. وهو الأمر الذي أثار قلق المسؤولين الأتراك الذين سارعوا إلى نفي ما أوردته تقارير إعلامية حول وجود لائحة من 68 مجموعة ألمانية او مسؤولين في مؤسسات تتهمهم أنقرة بدعم "الارهاب".
وشدد أردوغان على أنه "لن يجري تحقيق أو مراجعة للشركات الألمانية في تركيا وأنها معلومات كاذبة وخاطئة وملفقة. ليس هناك أي شيء من هذا القبيل".، وأشار أردوغان مجددا إلى استقلال القضاء التركي، كما جدد اتهامه لألمانيا بتقديم ملاذ لإرهابيين منحدرين من تركيا بدلا من تسليمهم.
يذكر أن الحكومة الألمانية أعلنت عن "إعادة توجيه" سياستها الخارجية اتجاه تركيا، كما شددت الخارجية الألمانية من تحذيرات السفر إلى تركيا وذلك كرد فعل على القبض على الحقوقي الألماني بيتر شتويتنر وألمان آخرين، ونصحت الخارجية الألمانية مواطنيها الراغبين في السفر إلى تركيا بتوخي "الحذر البالغ".
ويري محللون أن الحكومة الألمانية لا تستبعد في المرحلة المقبلة اللجوء لإجراءات إضافية ضد أنقرة تشمل بالأساس الجانب الإقتصادي، وذلك على ضوء التأزم غير المسبوق للعلاقات بين البلدين على أكثر من مستوى أبرزها ما يتعلق بحقوق الإنسان.
وكانت الخارجية الألمانية سلسلة إجراءات ضد أنقرة ردا على احتجاز ناشط حقوقي ألماني، في مؤشر على تصعيد بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي، وأكدت برلين أنه لم يعد يمكنها ضمان استثمارات الشركات الألمانية في تركيا.
ميركل واردوغان وتوتر
ميركل واردوغان وتوتر مستمر
وتخلت ألمانيا عن سياسة ضبط النفس تجاه تركيا وتوعدتها بسلسلة تدابير اقتصادية تطال السياحة والاستثمار، مؤكدة أنها ستعيد النظر في مجمل سياساتها حيال أنقرة بسبب اعتقال ناشطين حقوقيين، والتدبير الأول الملموس هو تشديد تحذيرات وزارة الخارجية المتعلقة بالسفر إلى تركيا، التي تعتبر الوجهة المفضلة لدى السياح الألمان، وقالت الوزارة إنها لم تعد قادرة على "ضمان سلامة مواطنيها" في ظل الاعتقالات الجماعية "الاعتباطية"، في خطوة يتوقع أن تؤثر سلبا على الاقتصاد التركي. 
من جانبه اتهم وزير الخارجية الألماني زيجمار غابرييل، الذي قطع إجازته وعاد إلى برلين، أنقرة بإسكات "كل صوت منتقد" وارتكاب انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان رأى أنها "تبعد تركيا عن قيم أوروبا الجوهرية" وقيم الحلف الأطلسي و"لا يمكن أن تبقى من دون عواقب".
وبشأن إعادة النظر في السياسة الخارجية الألمانية تجاه أنقرة قالت المستشارة أنجيلا ميركل بأنه أمر "ضروري ولا بد منه"، واعتبر غابرييل أنه يشمل إعادة النظر في القروض والضمانات الحكومية الألمانية للاستثمار في تركيا أو الدعم المالي للصادرات.
وجاء القرار الألماني ردا على تمديد أنقرة حبس الناشط الحقوقي بيتر شتويتنر مع خمسة ناشطين بينهم مديرة منظمة العفو الدولية في تركيا إيديل ايسر بتهمة "ارتكاب جريمة باسم منظمة إرهابية بدون أن يكونوا منتمين إليها"، وبصورة أشمل في إطار خلافات مستمرة بين أنقرة وبرلين منذ سنة. وقال غابرييل إن هذه الاتهامات "غير مبررة" و"غير مقبولة".
و"المنظمة الإرهابية"، التي وردت في التهمة التي وجهها القضاء التركي للناشط الألماني تعبير يعني في أغلب الأحيان في نظر السلطات التركية أنصار الداعية فتح الله غولن المتهم بإعداد انقلاب فاشل في 15 يوليو 2016 والانفصاليين الأكراد في حزب العمال الكردستاني. 
وقال إبراهيم كالين الناطق باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن "توجيه رسالة إلى الألمان تقول إن التوجه إلى تركيا ليس آمنا ينطوي على انعدام المسؤولية السياسية بشكل كبير ونحن لا نقبله". وأضاف "بناء على حسابات انتخابية صغيرة  السعي للإساءة إلى العلاقات الاقتصادية، وإثارة شكوك في أذهان المستثمرين الألمان، هذا غير مقبول".
أكد كالين أن أنقرة حريصة على الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع برلين، مذكرا بعلاقاتهما الاقتصادية الوثيقة. وقال "لطالما ارتبطنا بعلاقات جيدة مع ألمانيا ونحن نريد أن يكون الأمر على هذا المنوال. ولكن يجب أن يجري ذلك في إطار الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة. ألمانيا شريك تجاري مهم بالنسبة لنا".
ويري متابعون أن التحذير الذي وجهته برلين له عواقب اقتصادية فورية، فالألمان يشكلون أكبر عدد من السياح إلى تركيا، قبل الروس. كما أن ألمانيا أحد أبرز شركائها التجاريين. وفي وقت سابق، وصفت وزارة الخارجية التركية تصريحات أدلى بها متحدثان ألمانيان بأنها "غير مقبولة" وتمثل "تدخلا مباشرا في عمل القضاء التركي يتجاوز الحدود"، غداة استدعاء برلين سفير تركيا.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن شافر "بدا ضروريا أن تدرك الحكومة التركية فورا ومباشرة استياء حكومة ألمانيا وعدم تقبلها، وبالتالي فإن توقعاتنا واضحة جدا في ما يتعلق بحالة بيتر شتويتنر، وهذه المرة من دون مجاملات دبلوماسية".
 وحذر المتحدث باسم المستشارة ميركل، شتيفن زايبرت تركيا من أنه لا يمكنها أن تأمل في تحقيق أي تقدم في مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي المجمدة حاليا.