يسعى الأهالي المصابون بالهلع إلى الهرب من القرى النائية في ولاية راخين شمال ميانمار إلى بنجلادش مع استمرار المعارك التي أسفرت عن عشرات القتلى بين قوات الأمن الميانمارية ومتمردين من أقلية الروهينجا.
وبلغت حصيلة المعارك منذ الجمعة 92 قتيلا على الأقل وأرغمت آلاف المدنيين من الروهينجا المسلمين ومن سكان راخين الآخرين على الهرب. وتعد ولاية راخين مهداً للعنف الديني وللاضطهاد الذي تعانيه بشكل خاص أقلية الروهينجا المسلمة التي لا تعترف ميانمار بأفرادها مواطنين ميانماريين وتعدهم مهاجرين غير مرغوب بهم في البلد ذي الغالبية البوذية.
لكن بنجلادش ترفض بدورها استقبال مزيد من هؤلاء اللاجئين الذين لجأ عشرات الآلاف منهم إليها بسبب العنف الذي تعرضوا له.
وأمس، تجمع نحو ألفين من النساء والأطفال الروهينجا على الحدود مع بنجلادش لكن السلطات البنجالية رفضت السماح لهم بالعبور. وبات العديد منهم في العراء أو أُرغموا على العودة إلى قراهم، حيث احتجزوا بين نيران القوات البورمية والمتمردين الذين يقاتلونها.
وقال قائد شرطة حرس الحدود في مدينة اوخيا البنجالية منصور الحسن خان «جميعهم نساء وأطفال. عندما رأوا دورية حرس الحدود لم يجرؤوا على العبور إلى بنجلادش».
لكنّ مراسلاً لـ«فرانس برس» رأى العديد يعبرون عبر ممرات حدودية في وقت مبكر أمس، بعيداً من أعين الحراس وتحت المطر الغزير، حتى أن بعضهم اجتاز نهر ناف سباحة.
وقال طبيب في قسم الطوارئ في المدينة، إن رجلين أُصيبا في ميانمار أُدخلا إلى المستشفى في بنجلادش. وأضاف طالباً عدم كشف اسمه أن أحدهما وهو في الخامسة والعشرين من عمره توفي بعد ساعات.
وفي وقت لاحق، أكد مراسل لوكالة فرانس برس وعناصر من حرس الحدود في بنجلادش أن القوات الميانمارية فتحت النار من مدافع الهاون والرشاشات على مئات من مسلمي الروهينجا الفارين من المعارك.
وبدأت أعمال العنف الأخيرة فجر أمس الأول عندما هاجم مسلحون يعتقد أنهم ينتمون إلى «جيش أركان لانقاذ الروهينجا» مراكز لقوات الأمن الميانمارية بالسكاكين وبعض البنادق ومتفجرات يدوية الصنع فقتلوا العشرات منهم.
وأكدت السلطات الميانمارية مقتل 77 على الأقل من المتمردين الروهينجا في المعارك، في أعلى حصيلة للقتلى تسجل في يوم واحد منذ ظهور «جيش أركان» السنة الماضية.
وتؤكد هذه الحركة أنها تقاتل دفاعا عن الروهينجا في وجه اضطهاد قوات الأمن الميانمارية والغالبية البوذية في راخين والتي يتهمونها بأنها تسعى لطرد الروهينجا الذين يعدون نحو مليون شخص من الولاية.
وتسببت هجمات على القوات الميانمارية في أكتوبر الماضي بحملة «تطهير» أدت إلى تهجير نحو 87 ألفاً من الروهينجا الذين لجأوا إلى بنجلادش.
وينفي الجيش روايات الهاربين بأن قوات الأمن ارتكبت أعمال قتل واغتصاب على نطاق واسع. وتخشى الجمعيات الحقوقية تكرار ما حصل بعد الهجمات الجديدة.
واستمرت المعارك أمس في ميو توجوي بالقرب من مونجداو المدينة الكبيرة في شمال ولاية راخين. ولاحقت المعارك الأهالي الهاربين من القرى النائية حتى مونجداو.
وقتل ثلاثة مسؤولين محليين في قرية قريبة من مونجداو خلال الليل، وفق مكتب مستشارة الدولة أون سان سو تشي.
وبعد ساعات، اضطر سكان مونجداو القريبة من بنجلادش إلى الهرب مع سماع إطلاق النار عندما هاجم المتمردون مكتباً تابعاً للحكومة المحلية. وقال المسؤول في المدينة مينت كوانغ «نحن في حالة طوارئ»، ثم أقفل الخط.
وتسلح البوذيون من أهالي راخين بالسكاكين والعصي مع زيادة التوتر في المدينة التي تشهد أعمال عنف طائفية منذ 2012.
ومع انتشار الخوف، هربت أعداد كبيرة من أهالي القرى الهندوسية إلى مونجداو بعد سريان إشاعات بأن المتمردين يستهدفونهم كذلك. وقال رجل هندوسي في مونجداو «لا أمان في القرى».
وأعلنت سلطات بورما «جيش أركان للإنقاذ» منظمة إرهابية وقالت إن المجموعة يتزعمها متطرفون إسلاميون تدربوا في الخارج لكن من غير الواضح حجم هذه المجموعة التي يستخدم أفرادها على ما يبدو أسلحة محلية الصنع وبنادق يستولون عليها خلال هجماتهم.
وتعد الأمم المتحدة الروهينجا الأقلية التي يقع عليها أكبر قدر من الاضطهاد في العالم، وأشارت إلى أن 120 ألف مسلم من الروهينجا يعيشون في مخيمات نازحين في ولاية راخين في أوضاع مزرية ولا يمكنهم مغادرتها إلا بصعوبة كبيرة وبعد الحصول على إذن مرور.
ودعت لجنة برئاسة الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي أنان سلطات ميانمار إلى منح أقلية الروهينجا المسلمة مزيداً من الحقوق، خصوصاً في التنقل، وإلا فإن أفرادها قد ينحون إلى «التطرف».
(الاتحاد الإماراتية)