بوابة الحركات الاسلامية : معاشرة الزوج لزوجته الميتة بين الأزهر والتراث (طباعة)
معاشرة الزوج لزوجته الميتة بين الأزهر والتراث
آخر تحديث: الثلاثاء 19/09/2017 06:35 م
حسام الحداد حسام الحداد
فتاوى قديمة في ثوب جديد يقدمها بعض علماء الأزهر لإثارة الجدل وشغل الرأي العام أو حبا في الظهور والشهرة تلك السمة المشتركة بين العديد من علماء الأزهر الذين يخرجون علينا كل يوم بما يثير الجدل بدلا من الاهتمام بتجديد الخطاب الديني وقراءة التراث ومناقشته بما يتناسب مع روح العصر، بعيدا عن مقاصد الشريعة وبعيدا عن مصالح العباد يحلق هؤلاء العلماء في فضاء تلك الفتاوى الجنسية المثيرة للجدل، فقد أثار الدكتور صبري عبد الرؤوف، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حالة من الجدل والغضب لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خلال اليومين الماضيين، بسبب آرائه عن العلاقات الحميمية بين الزوجين، وذلك خلال ظهوره كضيف على برنامج "المتزوجون يتساءلون" المذاع على قناة «ltc». "ومن بين هذه الفتاوى الفتاوى الشاذة:
"خيانة المرأة لا تفسد الزواج" جاءت هذه الفتوى، خلال حواره في برنامج "عم يتساءلون"، بأن خيانة المرأة لزوجها عبر الإنترنت، لا يفسد عقد الزواج بينهما. وأوضح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، خلال رده على سؤال أحد المواطنين، أن قيام المرأة بتخيل رجل آخر غير زوجها حرام شرعًا ولا يجوز، وأن الزوجة تأثم في خيانة زوجها عبر الإنترنت، ولكن يظل عقد الزواج ساريًا بينهما. وفتوى أخرى حول جواز تصوير العلاقة الجنسية حيث أباح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الدكتور صبري عبد الرؤوف، تصوير العلاقات الجنسية بين الزوجين، بشرط أن يكون ذلك بهدف الاستمتاع فقط وعدم مشاهدة غيرهما ذلك. وبرر أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر ذلك بقوله: «بدل ما يشوف حد أجنبي يشوف زوجته أو نفسه، إيه المشكلة؟»، وخلال استضافته في قال الدكتور صبري عبد الرؤوف، إن الجنس الفموي مباح، لكن بشرط عدم إنزال المني في الفم، لافتا إلى أن المني طاهر لأنه خارج من جسم الإنسان. وأوضح "عبد الرؤوف"، خلال لقائه ببرنامج "عم يتساءلون"، المذاع على فضائية "ltc"، أن الجنس الفموي يكون عند الضرورة ولا تحريم إلا بنص، مشيرًا إلى أنه لا يجب ممارسته بشكل متكرر. والفتوى التي كانت أكثر إثارة وجدل هي "معاشرة الزوجة الميتة"  حيث أفتى الدكتور صبري عبد الرؤوف، بجواز معاشرة الزوج لزوجته الميتة، مؤكدا أن الفعل حلال وليس بزنا، ولا يقام على الزوج الحد أو أي عقوبة، لأنه شرعًا أمر غير محرم، لأنها زوجته. وأضاف عبد الرؤوف في لقائه على فضائية "ltc"، أن النفس البشرية لا تقبل مثل هذه العلاقة لكن لا يعتبر هذا من قبيل الزنا، ولكن لولى الأمر أن يعاقب هذا الزوج بالتعزير، لأنه فعل أمرا مخالفا للفطرة الإنسانية. وتابع: "هذا شذوذ أمر لا تقبله الفطرة الإنسانية، ونادرًا من ينتهج هذا الفعل ويكون له ضرر صحي، مطلقًا على الأمر "معاشرة الوداع"، وأنه غير مخالف شرعا وحلال، ولكنه غير مألوف إنسانيا وتعافه النفوس، بالفعل حلال لأنها زوجته وعاشرها، فهو هنا لم يرتكب إثما أو ضررا، وشرعا هذه زوجته، وشرعا له الحق في أن يغسل زوجته، فهو أمر حلال، ولم تعد هناك أي مخالفة شرعية، ولكنه أمر غير محبب اجتماعيا".
ونظرا لحالة الجدل المثارة حول تلك الفتوى والهجوم على الدكتور صبري عبد الرؤوف كان من الواجب البحث عن الفتوى التي أطلقها وهل لها أصل في كتب التراث الإسلامي أم لا؟ فلم يأتي الدكتور صبري بشيء من عنده بل تلك فتوى قديمة وقد تحدث فيها بعض الفقهاء وهذا ما يؤكد ما نحاول أن نقوله لمؤسسة الأزهر بأن عليها مراجعة كتب التراث الفقهي أو قراءتها قراءة تاريخية، وعدم السماح لأحد من علمائه باستدعاء تلك الفتاوى الشاذة والمثيرة للجدل وإطلاقها دون مناقشة، فهذا الفعل اعتداء على حرمة الميتة وهو أمر تعافه النفوس السوية والفطرة السليمة، ولذا لم يأت من الشارع نص بوجوب الحد على فاعله اكتفاء بأنه أمر تمجه النفوس وتعافه. فقد قال ابن قدامة في المغني 9/55 عن وطء الميتة: ولأنها لا يشتهى مثلها وتعافه النفس فلا حاجة إلى شرع للزجر عنها، والحد إنما وجب زجراً.
وقد نص الفقهاء رحمهم الله على حرمة وطء الميتة سواء كانت زوجة أو أجنبية، قال في الإنصاف 8/ 309: وقال القاضي في جواب مسألة: ووطء الميتة محرم.
وقال عليش في منح الجليل 9/ 247: فلا يحد إن وطئ زوجته أو أمته بعد موتها وإن حرم، نعم يؤدب.
فالذي أتى هذا العمل المحرم عليه أمور:
أولها: أن يغتسل غسل الجنابة، قال الإمام أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله: وإن أولج في فرج ميتة وجب عليه الغسل لأنه فرج آدمية فأشبه فرج الحية. انظر المجموع 2/155.
الثاني: هل يلزم إعادة غسل الميتة إن كانت غسلت؟ ذكر الإمام النووي فيه وجهان مشهوران: أصحهما لا يجب لعدم التكليف، وإنما يجب غسل الميت تنظيفاً وإكراماً. انتهى. المجموع.
الثالث: يلزم صاحب هذه الفعلة أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يكثر من الاستغفار.
هذا ما يدل أن ما قاله الدكتور صبري موجود بالفعل في كتب التراث والتي يتم تدريسها في الأزهر الشريف وعليه فقد حان الوقت لمراجعة تلك المناهج التي تدرس لأبنائنا ليس هذا فقط بل على المؤسسة الأزهرية أن تعترف بتقصيرها في مناقشة هذا التراث والتعامل معه بشكل علمي و مناهج البحث الحديثة وأن تقدم لنا فقها يتناسب مع حياتنا الثقافية والاجتماعية.