بوابة الحركات الاسلامية : هل شارك "التطرف الاسلامي" في انتصار اليمينية الشعبوية في المانيا؟ (طباعة)
هل شارك "التطرف الاسلامي" في انتصار اليمينية الشعبوية في المانيا؟
آخر تحديث: الأربعاء 04/10/2017 07:17 م
هل شارك التطرف الاسلامي
عودة اليمينيين  إلى مجلس النواب الألمانى (البوندستاج) هى أكثر الأخبار الصادمة في نتيجة الانتخابات الألمانية الاخيرة  . حيث حصد حزب "البديل من أجل ألمانيا" علي مايقرب من 13% من الأصوات ،ويعتقد المراقبون للشأن الالماني  أن ثلثهم من اليمين المتطرف الذين هم أكثر خطورة بكثير من الجبهة الوطنية فى فرنسا-حزب لوبان-، وحزب الاستقلال البريطانى.
لكن الصدمة الكبرى فى هذه الانتخابات هى الضعف المذهل للحزب الديمقراطى المسيحى الألمانى الذى ترأسه ميركل. حيث انخفض نصيبه من الأصوات من41.5% فى عام 2013 إلى 33% هذه المرة. وهذا بدوره، سيحدد المستقبل القريب للسياسة الألمانية والأوروبية أكثر من أى شىء آخر.
وبعد أن استبعد الحزب الاشتراكى الديمقراطى الألمانى   (SPD) –حصل على 19% من الأصوات -الدخول فى ائتلاف آخر برئاسة المستشارة الألمانية ميركل، فإنه لم يتبق الآن سوى خيار واحد للائتلاف: وهو ائتلاف يجمع بين الحزب الديمقراطى المسيحى CDU والحزب اليبرالي الديمقراطى FDP وحزب الخضر. ويعرف هذا الائتلاف باسم تحالف "جامايكا" بسبب ألوان الأطراف المشتركة فيه.

ضربة موجعة لرافعي شعار "الإسلام جزء من ألمانيا"

فوز حزب البديل من أجل ألمانيا يعتبر ضربة موجعة لرافعي شعار "الإسلام جزء من ألمانيا" وفي مقدمتهم المستشارة أنجيلا ميركل. بنى الحزب اليميني الشعبوي برنامجه على "الإسلام ليس جزءا من ألمانيا"، وكسب أصواتا كثيرة على خلفية مناهضته لسياسة استقبال اللاجئين التي يرى فيها ايضا مدخلا لأعداد كبيرة من المسلمين الذين قد يغير وجودهم في ألمانيا ملامح هويتها الثقافية والإجتماعية.
المؤشرات التي ظهرت خلال الانتخابات العامة تكشف ظاهرة تصاعد الخوف من الإسلام بشكل ملحوظ، فقد أظهر استطلاع لآراء الناخبين بعد خروجهم من مكاتب الإقتراع يوم 24 سبتمبر أن 46 في المائة من الناخبين الألمان يخشون "تزايد تأثير الإسلام" في المجتمع الألماني. وكشف الاستطلاع، الذي أجراه معهد "إنفراتست ديماب" للأبحاث طبقا لموقع دويتشه فيله، أن 46 في المائة من الناخبين الألمان "قلقون للغاية من التأثير المتزايد للإسلام" في البلاد. وما يلفت الانتباه هو تصاعد الخوف من الإسلام بشكل ملحوظ وخصوصا بعد موجة اللاجئين التي وصلت إلى ألمانيا منذ سبتمبر أيلول 2015، حيث أظهرت دراسة انجزتها جامعة لايبتسج بالتعاون مع ثلاث مؤسسات بحثية ألمانية، سنة 2016، أن 41,4 في المائة من الألمان يخشون من أن تؤدي هجرة المسلمين بأعداد كبيرة إلى تغيير نمط حياتهم المجتمعية. ولم تكن هذه النسبة تتجاوز 20 في المائة في عام 2009.

حزب البديل اقتنص هواجس الالمان

حزب البديل اقتنص
في حملته الانتخابية استخدم حزب "البديل" نماذجاً كثيرة من سلوك "الاسلاميون "وتجاوزات بعضهم بالإضافة إلى أحداث الاعتداءات الإرهابية، لتغذية الشعور بالخوف لدى قطاعات من الرأي العام الألماني. ونشرت صحيفة "دي فيلت الألمانية" ، مباشرة بعد الانتخابات إحصاءات تفيد بأن نسبة تتراوح بين 96 و99 بالمائة من ناخبي الحزب اليميني الشعبوي راضون عن تركيز الحزب في برنامجه على السعي لتقليص تأثير الإسلام في حياة الألمان وعلى العمل من أجل وضع حواجز قوية ضد دخول اللاجئين.
وصرح فولكر كرونينبورغ أستاذ العلوم السياسية بجامعة بون  "لدويتشه فيله"قائلا :إ ن تفادي الأحزاب التقليدية، مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، التركيز على قضايا الأمن الداخلي ومخاوف المواطنين من إشكاليات تتعلق بالتماسك ووحدة المجتمع، "كان الطريق الخطأ في تعبئة المواطنين الذين لا يشاركون في الانتخابات"، بينما تمكن حزب "البديل" من تعبئة مليون و280 ألف شخصا لم يشاركوا في الانتخابات في السابق. فقد أظهرت النتائج أن الأحزاب الأربعة التي اعتادت الحصول على أصوات الناخبين من أصول مهاجرة، وهي أحزاب الاشتراكي الديمقراطي والخضر واليسار، بالإضافة إلى المسيحي الديمقراطي (خصوصاً في الانتخابات الأخيرة)، خسرت في اقتراع يوم 24 سبتمبر أكثر من مليوني صوت، وراحت لحزب البديل.
وقد اقتنص حزب "البديل" الفرصة وعرف كيف يستفيد من مشاعر اليأس والإحباط تلك. وركز  الحزب في حملته الانتخابية على قضايا أخرى كالتخويف من الإسلام واللاجئين والأجانب بشكل عام. ووصف قادة الحزب قادة ألمان بارزين بـ"الخونة". كما طالب مرشح الحزب الرئيس، الكسندر غاولاند، برمي وزيرة دولة من أصول تركية في الأناضول، كما يتم رمي النفايات والتخلص من القمامة.

التدخلات السياسية والنفوذ الديني للاتحادات الاسلامية في المانيا :

ينحدر الناخبون المسلمون بألمانيا أساساً من أصول تركية (الثلثين) وعربية ومن البلقان، ولا تتجاوز نسبة حضور ذوي الأصول المهاجرة في بوندستاغ 5 بالمائة وهي نسبة ضعيفة مقابل حوالي 22,5 في المائة ينحدرون من أًصول مهاجرة من إجمالي سكان ألمانيا. وفي خضم بحثهم عن دور في العملية السياسية تواجه مسلمي ألمانيا عقبات كثيرة، ضمنها محاولات بعض دولهم الأصلية إلى التدخل وتوظيفهم سواء في صراعاتها السياسية الداخلية أو في سياق علاقاتها الخارجية. والمثال الأقرب هو تركيا، التي تسببت حملة الاستفتاء على الدستور التركي في انقسام كبير في أوساط الجالية التركية بألمانيا. وقبل الانتخابات تلقى الأتراك، رسالة من الرئيس رجب طيب أردوغان تحثهم على عدم االتصويت للأحزاب الألمانية الرئيسية التي اعتبرها أردوغان أحزاباً "عدوَّة لتركيا".
ويبدو أن دخول مئات الآلاف من اللاجئين من بلدان عربية وإسلامية إلى ألمانيا قد أجّج صراعات النفوذ الديني والايديولوجي ضد الجاليات المسلمة، وقد حذرت تقارير إعلامية وتصريحات لسياسيين في الفترة الأخيرة من أدوار تقوم بها دول مثل تركيا والسعودية وقطر وإيران. كما نظرت محاكم ألمانية في عشرات القضايا المتصلة بعمليات تجنيد وتأطير تقوم بها جماعات متطرفة إنطلاقا من المساجد.

التوترات الأيديولوجية لحزب "البديل" :

التوترات الأيديولوجية
وقد كشف أول انشقاقٍ في حزب البديل من أجل ألمانيا، بعد يومٍ واحدٍ من النجاح المذهل الذى حققه فى الانتخابات عن التوترات الأيديولوجية الواقعة فى قلب حزب ذى توجهاتٍ يمينيةٍ متطرفةٍ أو يمينيةٍ أصوليةٍ أو شعبوية. وعندما يدخل حزب البديل اليمينى البرلمان الأمانى "البوندستاج" لأول مرة، فإن معاداته العلنية للإسلام والمهاجرين سوف تنتقل من بث الكراهية فى ساحة الأسواق وصفحات التواصل الاجتماعى "فيس بوك" إلى قلب الديمقراطية الألمانية. وصرَّح "أرمين- باول هامبل" رئيس الحزب بولاية "سكسونيا" بشرقى ألمانيا وعضو اللجنة التنفيذية للحزب فى إشارةٍ إلى ألوان الملصقات الإعلانية لحزب البديل من أجل ألمانيا قائلًا:" هناك رياح زرقاء للتغيير فى برلين". وأضاف باول:"قائلًا:" هناك ثقافة جديدة للنزاع والنقاش المفتوح على وشك البدء". 
ومن غير الواضح إلى أى مدى سوف يؤثِّر حزب البديل فى السياسة الألمانية. وقد رفضت جميع الأحزاب الأخرى أن يكون لها أية علاقة مع حزب البديل، وهناك احتمال ضئيل أن يدخل "حزب البديل" فى الائتلاف الحاكم فى أى وقتٍ قريب، سواء على المستوى الفيدرالى أو فى الولايات البالغ عددها 16 ولاية. 
ومع ذلك، يتساءل بعض الخبراء عما إذا كان حزب البديل سوف يصمد لفترةٍ تكفى لأنْ تمكنه من صياغة جدول الأعمال السياسى فى ألمانيا على المدى الطويل.
وأخيرًا، فإن حزب البديل من أجل ألمانيا يواجه اختبار التحوُّل من حركةٍ احتجاجيةٍ ليصبح حزبًا برلمانيًا فعالًا. ويقول البعض بأنه قد يصبح أكثر اعتدالًا فى "البوندستاج"، حيث إنه يصبح أكثر انخراطًا فى أعمال الديمقراطية، ويقول البعض الآخر بأن هذا الأمر يعد أملًا ساذجًا.