بوابة الحركات الاسلامية : قبل انفجار مانهاتن بأيام: دراسة أمريكية تنبأت بعمليات إرهابية ينفذها وافدون (طباعة)
قبل انفجار مانهاتن بأيام: دراسة أمريكية تنبأت بعمليات إرهابية ينفذها وافدون
آخر تحديث: الثلاثاء 12/12/2017 09:47 م
قبل انفجار مانهاتن
وقع انفجار صباح أمس الاثنين 11 ديسمبر 2017، في حي مانهاتن بمدينة نيويورك الأمريكية، واستطاعت الشرطة المحلية من القبض على منفذ الهجوم الفاشل مصابا إصابات بالغة وبحوزته قنبلة يدوية بدائية الصنع، والعثور معه على حزام ناسف، وكشفت السلطات عن هوية منفذ الهجوم واسمه عقائد الله (27 عاما) من بنغلاديش ويسكن في بروكلين.

يذكر أن معهد "راند" الأمريكي، سبق ونشر في 4 ديسمبر 2017، أي قبل الانفجار بأسبوع، دراسة تنبأ فيها من وقوع عمليات إرهابية، الدراسة بعنوان "أصول المتطرفين الأمريكيين"، والتي قام بها البروفيسور بريان مايكل جينكينز، كبير مستشاري مؤسسة راند، حذر فيها من تنفيذ عمليات إرهابية تحمل بصمة وافدين إلى الولايات المتحدة، وقامت بوابة الحركات الإسلامية من ترجمة ملخص الدراسة المنشور عل الموقع الإليكتروني لمعهد "راند" للأبحاث.
تقول الدراسة إن المتطرفين الأمريكيين هم صناعة محلية خالصة، وليس قادمين من خارج الحدود مثلما هم في أوروبا، إذ يشكل الإرهابيون المحليون معظم النشاط المتطرف في الولايات المتحدة منذ أحداث 11 سبتمبر، حيث ولد في الولايات المتحدة ما يقرب من نصف منفذي الهجمات الإرهابية التي شهدتها البلاد، ومعظم الذين ولدوا في الخارج وصلوا إلى الولايات المتحدة وهم أطفال، ولم يرتبطوا بأي تنظيمات جهادية مسلحة لسنوات عديدة.

هذه النتيجة التي يطالعنا بها "جينكيز" كانت الخلاصة التي توصل لها في بحثه المقدم لمركز "راند" الأمريكي، والذي قام فيه بدراسة خلفيات 178 شخصا شاركوا في 20 عملية إرهابية محلية بالولايات المتحدة، كذلك الذين تم القبض عليهم لتورطهم في 86 عملية إرهابية جهادية تم إحباطها من قبل الشرطة في الفترة من 11 سبتمبر 2001 حتى مايو 2017.

وتواجه الولايات المتحدة تهديدات معقدة متتابعة في مصفوفة، إذ من الممكن أن تقوم الجماعات الإرهابية الأجنبية محاولة تنفيذ عملية إرهابية كبرى في الولايات المتحدة، ففي السنوات التي تلت أحداث 11 سبتمبر انهالت البلاغات عن تخريب طائرات تابعة للولايات المتحدة، مما شكل وقتها مصدر قلق مستمر، وقد يحاول الأمريكيون العائدون من الجبهات الجهادية أو الأوروبيين العائدين من العراق أو الشام دخول الولايات المتحدة للانتقام من الهجمات الأمريكية على الجماعات الإرهابية في الخارج، إلى جانب التهديد الذي يشكله الإرهابيون المتعاطفون مع تلك التنظيمات الإرهابية في شن هجمات داخل الولايات المتحدة.

وسواء ما كان هؤلاء الإرهابيين قادمين من الخارج أم أنهم من الداخل فلوجودهم آثار سياسية سلبية على المجتمع الأمريكي، وتزايد المخاوف من تسلل الإرهابيين إلى الأراضي الأمريكية سينجم عنه دعوات لتشديد الرقابة على الحدود والقيود المفروضة على السفر، بينما سيؤدي الإرهاب المحلي إلى بذل جهود محلية مضاعفة للحد من تجنيد الإرهابيين في المجتمع عبر شبكة الإنترنت.

وعلى الرغم من أن عدد الإرهابيين الجهاديين الفعليين والمحتملين في الولايات المتحدة صغير نسبيا، وهو الأمر الجيد. هذا إلى جانب أنه من النادر أن تثمر الجهود التي تبذلها التنظيمات المتطرفة الإرهابية لإلهام تابعيها بتنفيذ هجمات ناجحة داخل الولايات المتحدة، فالواضح أن المسلمين الأمريكيين لا يستجيبوا للأيديولوجيات العنيفة التي يروج لها تنظيم القاعدة أو تنظيم داعش، وهو ما أشارت إليه نتائج استطلاعات الرأي التي أجراها مركز "بيو للأبحاث"، إذ أوضحت النتائج أن نسبة صغيرة من المسلمين الأمريكيين متعاطفين مع وجهات نظر الجماعات الإرهابية، وإن لم تترجم عبارات دعم العنف السياسي حتى الآن للانخراط في عمليات عنف.

وباستثناء الأيديولوجية المشتركة، فإن معظم الهجمات والعمليات التي تم تنفيذها ليست مرتبطة ببعضها بشبكة سرية، خلافا للإرهابيين في السبعينيات، إذ لا تجمع هؤلاء المنفذين الانتحارين جماعة جهادية أمريكية منظمة، ولا يوجد دليل على وجود تنظيم جهادي منظم داخل الولايات المتحدة، أو وجود خلايا نائمة.

ومن بين الـ 178 ممن المتورطين من الإرهابيين تبين أن 86 منهم هم مواطنون أصليون بالولايات المتحدة، أما الآخرون فقد تم تجنيسهم لمواطنين أمريكيين أو مقيمين قانونيين دائمين لديهم إقامات طويلة في الولايات المتحدة قبل الاعتقال، ولم يكن هناك سوى ثمانية من أصل 178 من الإرهابيين في الولايات المتحدة قدموا بتأشيرات مؤقتة، وثلاثة من طالبي اللجوء، وأربعة منهم تم جلبهم إلى البلد بصورة غير قانونية كأطفال، واثنان من اللاجئين.

ومن الضروري أن تقوم السلطات بفحص الوافدين إلى الولايات المتحدة، وهذا لا يعني أن النظام الحالي به ثغرات أو مخترق، فالوافدين الإرهابيين هو بمثابة البحث عن إبرة في كومة قش، فمن بين عشرات الملايين الوافدين الأجانب كل عام، بما في ذلك الزوار المؤقتين والمهاجرين واللاجئين، لم يشارك سوى 91 شخصا في تنفيذ عمليات إرهابية، ومعروف أنهم ولدوا في الخارج ودخلوا البلاد قبل تشديد إجراءات الدخول بعد أحداث 11 سبتمبر.

ولا يمكن اعتبار الجنسية مؤشرًا للتنبؤ على النشاط الإرهابي المقبل، إذ يأتي الجهاديون من خارج الولايات المتحدة من 39 دولة معظمها من المسلمين، 20 % منهم قادمين من باكستان، أما البقية فهم من 38 بلدا، ولكن التخوف الحقيقي من المقاتلين الأجانب الذين يحملون جوازات سفر أوروبية، إذ يستطيعون الولوج إلى الأراضي الأمريكية بسهولة.

فعليًا لا توجد طريقة محددة لفحص القادمين، لمعرفة مدى تطرفهم وميولهم الإرهابية، من السهل تحديد المهاجرين الذين تحولوا للتطرف بعد وصولهم إلى الولايات المتحدة، إذ جاء معظمهم وهم في سن مبكرة، وكان متوسط أعمارهم عند الوصول 15 عاما، بينما كان متوسط أعمار الإرهابيين في وقت الهجوم أو الاعتقال 28 سنة، صعب أن نحدد ما إذا كان هذا الشاب الصغير أو ذلك سيكون متطرفًا بعد أكثر من اثني عشر عاما.

كما أن العثور على أولئك الذين تم تجنيدهم لاحقا في صفوف الإرهابيين أو قرروا الانضمام إليهم يشكل تحديا هائلا أيضا، ورغم إعلان السلطات المحلية أنها اتبعت مئات الآلاف من النصائح والتوصيات، إلى جانب آلاف التحقيقات التي تم إجراؤها منذ 11 سبتمبر، وتزداد الأمور تعقيدًا؛ لأن 90 % تقريبا من العمليات تعتمد وينفذها فرد واحد، وعلى الرغم من هذه الصعوبة، تمكن مكتب التحقيقات الفدرالي والشرطة المحلية من كشف وإحباط أكثر من 80 % من المخططات الإرهابية المحتملة في الولايات المتحدة خلال السنوات الـ 16 الماضية منذ 11 سبتمبر.