بوابة الحركات الاسلامية : القدس وسوريا والعراق محور رسائل بطاركة عيد الميلاد (طباعة)
القدس وسوريا والعراق محور رسائل بطاركة عيد الميلاد
آخر تحديث: الأربعاء 20/12/2017 01:15 م
القدس  وسوريا والعراق
رسائل عيد الميلاد  المجيد واحدة من اهم مظاهر الاحتفال بميلاد المسيح .وهي تقليد قديم .وفي هذا التقرير نننشر ثلاثة رسائل  لعيد الميلاد التالي .ونلاحظ انه قد سيطر عليها احداث القدس ووماسي المسيحين في العراق وسوريا والشرق الاوسط بالاجمال 
ولنبدا من سوريا حيث رسالة يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق
"إن يسوع لما شاهد من هو على صورته ومثاله (الإنسان) متهوراً بسبب المعصية طأطأ السماوات وانحدر وحلّ في مستودع البتول"
بهذه الصورة الرائعة لخّص القديس يوحنا الدمشقي ابن كنيستنا الأنطاكية حدث الميلاد المجيد ورمزه. الرب الخالق والبارئ الكل، لما أبصر آدم أول الجبلة يبتعد عن الله بالمعصية ويفقد من جراء معصيته محاسن الفردوس ونعمه، وافى إليه بابنه الوحيد. وافى إلى كل إنسان. وافى إلى كل طينته التي عجنها هو على صورته ومثاله، ليعيد إليها الجمال الأول.
لقد نقب الرب بميلاده كوة السماوات وسماوات السماوات مريداً خلاص الإنسان. ونقب أيضاً ستار الزمن ودخل زمننا الأرضي وقدسه. ونقب وينقب إلى الآن القلب والذهن البشريين بخفر وسلامٍ ورويّة. وافانا يسوع في مغارة ليضيء مغاور نفوسنا بفتيل محبته. وافانا والدمع ملء مآقينا فكحّل العيون بحلاوة حضوره. أتانا مستدفئاً في مغارة ومتكئاً في مزودٍ ليقول لنا إن سكون الله أقوى من كل شيء. وهو إلى يومنا، ينقب مغاور النفوس وبواطنها ليضع فيها شيئاً من نوره.
والدعوة اليوم إلى كل نفسٍ ألا تطفئ حضور الله فيها وأن تغذيه بالأعمال الصالحة. دعوتنا اليوم أن نتلمّس حضور هذا الطفل الإلهي في وسطنا وفي قلبنا وفي كل مفصل من مفاصل حياتنا. دعوتنا أن نراه وسْط كل محننا وكل ضيقاتنا وأفراحنا وأتراحنا. دعوتنا أن نتحسس حضوره في رونق حياتنا كما في ضيقاتها وفي يسر حالنا وفي عسره. يسوع من أجلنا طأطأ السماوات. ومن أجلنا انحدر من علياء مجده إلى دركات المغارة، ومن قعر المغارة هبّ بنا، بعلياء صليبه ومجد قيامته، إلى مجدٍ أبديٍّ.
نتأمله اليوم ونطرق باب قلبه صلاةً ونسجد أمامه ولسان حالنا: أعطنا يارب نور سلامك. وامسح بنور مراحمك قلوب البشر، وأسبغ سلامك على الأرض. من نورك أيها الطفل الإلهي، نستمد قوةً لنا كمسيحيين أنطاكيين. وبإنجيلك المغروس في قلوبنا نغرس أقدامنا في أرضنا وبيوتنا. ومن عزيمة أجدادنا الذين لبسوك مسيحيين معتمدين على اسمك، نلبس نحن أيضاً درع الإيمان ونتدرّع بصليبك وسط كل ضيقاتنا ونثبت ونبقى في هذا الشرق العظيم. ونثق ونعلم أنك كما أزحت حجر قبرك، أزحت وتزيح ثقل الحجر عن قلوبنا. بنورك نعاين النور وبقوتك نثق رعاةً ورعيةً أننا، رغم كل الظروف، قلبٌ واحدٌ وفكرٌ واحدٌ نحمل بعضُنا أثقال بعضٍ ليتم فينا إنجيلك. ونمد إلى كل إخوتنا ومن سائر الأديان والأطياف القلب واليد المفتوحة لما فيه الخير العام والطمأنينة والسلام لأوطاننا وإنساننا.
لقد آن لليل هذا الشرق أن ينجلي ولإنسانه أن يعيش بسلام في الأرض التي ولد فيها.
لقد آن للحروب أن تسكت هنا على هذا التراب الذي عليه ولد المسيح ومنه انطلقت الديانات السماوية. ورسالة مشرقنا هي رسالة حرية وسلامٍ وانفتاحٍ على العالم كله.
وليس من ماضيه ولا من حاضره التكفير والعنف والتهجير والإرهاب. نصلي أن يصل ظلام الحروب إلى بصيص نور المغارة. وأن يرسَخَ في أذهان الجميع أن منطقتنا ليست سوقاً لتصريف السلاح وليس من قدر إنسانها أن يموت على شواطئ البحور. 
صلاتنا اليوم من أجل السلام في سوريا ومن أجل صون استقرار لبنان وسلامة فلسطين وخير العراق الجريح وكل بقعة من هذا الشرق بكل بلدانه وشعوبه. صلاتنا من أجل القدس الجريحة بمقدساتها، لكي تبقى دوماً مدينة الصلاة. صلاتنا من أجل السلام في العالم أجمع. ودعاؤنا أن يكلل الرب العام الجديد بالخير والبركات. صلاتنا من أجل المخطوفين وعلى رأسهم مطرانا حلب بولس يازجي ويوحنا إبراهيم. صلاتنا من أجل كل مهجر ومخطوفٍ وملتاعٍ. صلاتنا في ليل الميلاد المجيد، من أجل كل الذين سبقونا على رجاء القيامة والحياة الأبدية من أجل أن يضمهم الطفل الصغير إلى قلبه الإلهي ويدفئهم وأخصّاءَهُم برحمته الإلهية.
وإذ نذكر الشرق في هذه الأيام العصيبة، لا يغيب عنا، ولو لحظة، الحضور الأنطاكي المسيحي الفعال في كل بلاد الدنيا. نصلي إلى طفل المغارة ونسأل مراحمه للعالم أجمع ولأبنائنا في الكرسي الأنطاكي المقدس في سائر أبرشياته في الوطن وبلاد الانتشار.
ومن قلب كنيسة أنطاكية إلى قلوب الناس كلها، أطيب سلامٍ بالمسيح المولود في بيت لحم، وخير شهادةٍ أن المسيحية وُلدت في قلب هذا الشرق وتآخت مع الغير وأن أنطاكية المسيحية تمد يدها إلى الجميع وتعانق كل أبنائها وتفتخر وتعتز بهم أينما حلوا في كل أصقاع الأرض، وهي عبرهم وعبر حضورهم الفعال تحمل إنجيل المسيح وبشراه إلى الدنيا.
بطاركة القدس 
وجاء في رسالة عيد الميلاد لبطاركة ورؤساء الكنائس في القدس 2017
"فقال لهم الـملاك (للرعاة): لا تخافوا، ها إني أبشركم بفرح عظيم يكون فرح الشعب كله: ولد لكم اليوم مخلص، وهو الـمسيح الرب" (لوقا 2: 10-11)
تتجه في هذه الأيام نظرة العالم نحو القدس، وهي مدينة مقدسة لجميع الديانات الإبراهيمية. نحن البطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، ونحن نقترب من الاحتفال بعيد الميلاد، نعيد تأكيد موقفنا الواضح في الدعوة إلى الحفاظ على الوضع الراهن في المدينة المقدسة إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق سلام عادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أسس المفاوضات، والقانون الدولي.
يعرف المسيحيون في الأرض المقدسة أن حضورهم وشهادتهم يرتبطان بشكل وثيق بالأماكن المقدسة وإمكانية وصولهم إليها كأماكن لقاء ووحدة بين الشعوب من مختلف الأديان. إنها الأماكن المقدسة التي أعطت المنطقة معنى. إن أية مقاربة سياسية حصرية تجاه القدس سيحرم المدينة من جوهرها الحقيقي ومميزاتها التي حافظت على السلام على مر العصور. القدس، هي هبة مقدسة؛ هي خيمة؛ هي الأرض التي تظلل العالم بأسره. إن محاولة امتلاك مدينة القدس المقدسة أو تقييدها بشروط التفرد ستؤدي إلى واقع مظلم جدًا.
في هذا الوقت، ونحن ننتظر مجيء النور، نحمل لكم بشائر عظيمة من الفرح، والأمل والسلام من مدينة الأمل والسلام، القدس! سنة بعد سنة، ننضم إلى الكنيسة العالمية في الاحتفال بولادة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح. إن تجسد الكلمة قد جعل الجسد مستمرًا بعد ألفي عام، ليكون مصدرًا للفرح والأمل والسلام، على الرغم من معاناة وصعوبات العديد من الأمم والمجتمعات في مختلف أنحاء العالم.
إن الإعلان الملائكي للرعاة في بيت لحم قد جلب أخبارًا طيبة، وفرحًا كبيرًا، ووعدًا بالسلام لجميع الناس، وخاصة لأولئك الذين يعانون ويعيشون في خوف وقلق بما يحمله المستقبل لهم ولأحبائهم. ظهر الملاك للرعاة الذين كانوا يشاهدون قطيعهم في الليل، وجاء مجد الرب ليبدد ظلمة الليل وليعلن يومًا جديدًا مع بزوغ فجر ولادة المسيح. في تلك اللحظة كان الرعاة يخافون ولا يستطيعون إدراك معنى الإعلان الملائكي، وكيف يمكن أن يؤثر الميلاد على حياتهم وحياة مجتمعهم.
واجه هؤلاء الناس -وهم من بيت لحم وكانوا يرزحون تحت الاحتلال الروماني ومواطنهم هيرودس، وكانوا رهنًا للتمييز والاستبعاد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي- تدبيرًا مختلفًا: العناية الإلهية. لقد كشفت رسالة الملائكة للرعاة -من سياقهم الخاص- حقيقة جديدة، حيث تبدّلت مفاهيم القوة والسلطة بتجسد الله في مذود وضيع.
لقد استجاب الرعاة فورًا لهذا الظهور الإلهي وذهبوا لرؤية "ذلك الشيء الذي حدث وجعل من الرب معروفًا لهم". يواجه عالم اليوم مرة جديدة تحديًا متمثلًا في الإستجابة على الإعلان الملائكي الذي يطالب بالمشاركة في التدبير الإلهي في جلب الفرح والأمل والسلام إلى عالم مزقته أعمال العنف والظلم والجشع.
ما تزال منطقة الشرق الأوسط بأسها في صلواتنا، ونطلب من أمير السلام أن يلهم قلوب وعقول جميع أولئك الذين في السلطة للسير في درب السلام والعدالة والمصالحة بين الأمم. ونحن نحتفل بمجيء المسيح كنور للعالم، فإننا نستوحي التعزية من كلمات نشيد زكريا: "تلك رحمة من حنان إلهنا بها افتقدنا الشارق من العلى، فقد ظهر للمقيمين في الظلمة وظلال الـموت ليسدد خطانا لسبيل السلام".
رسالة الميلاد للبطريرك ساكو: العراق نحو مرحلة جديدة، فلنشق معًا طريق الرجاء
بطريرك الكلدان 
رسالة الميلاد للبطريرك ساكو: العراق نحو مرحلة جديدة، فلنشق معًا طريق الرجاء
تحت عنوان "العراق نحو مرحلة جديدة، فلنشق معًا طريق الرجاء"، وجه بطريرك بابل للكلدان صاحب الغبطة مار لويس روفائيل ساكو رسالة لمناسبة عيد الميلاد المجيد جاء فيها نقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية الكلدانية:"في عيد الميلاد رتل الملائكة: "الـمَجدُ للهِ في العُلى! وعلى الأرض السَّلامُ والرجاء الصالح لبني البشر" (لوقا 2/14). انه عنوان مشروع حقيقي طويل الأمد، تجسد في السيد المسيح ويتطلب أن يتجسد في قلب كلِّ إنسانٍ لكي يعمَّ السلامُ في العالم. هذا المشرع السماوي هو الأمل الوحيد للخروج من حالة القلق والخوف التي يعيشها الناس بسبب الحروب والإرهاب والاقتصاد المتردي والسباق إلى التسلح الفتاك".
أضاف البطريرك ساكو "بعد إعلان النصر على تنظيم داعش الإرهابي وإنهاء سيطرته على الموصل ومدن عراقية أخرى منذ حزيران 2014، وتطهير جميع الأراضي، رجاء العراقيين هو أن يشكِّل هذا النصر العظيم خطوة قوية إلى الأمام في بسط الأمن والاستقرار، ومعالجة التداعيّات التي أثّرت على الأوضاع العامّة، وعودة الأمور إلى مسارها الصحيح من خلال توطيد أسس المواطنة الحقّة وحلّ القضايا العالقة سلمياً كـ"ملف كوردستان"، والقضاء على الفساد والطائفية المتفشية، وإجراء إصلاحات تشريعية وسياسية واجتماعية وتعليمية وتربوية واقتصادية جذرية، فضلاً عن إجراء الانتخابات بموعدها. هذا الرجاء سيعمق قناعة العراقيين بالمستقبل، ويعزز ثقتهم بالدولة، ويوحدهم على مختلف انتماءاتهم تحت خيمة وطنية واحدة، خصوصاً إذا تم إعمار البلدات المحررة وعاد المهجرون إلى ديارهم. انه التحدي الأكبر والرهان لتحقيق المرحلة الجديدة وفق مبادئ أساسية عامة".
قال بطريرك بابل للكلدان "تحرير المناطق المسيحية علامة الرجاء للمسيحيين، بالرغم من هجرة ما يقارب نصف عددهم (الذي كان يربو على المليون ونصف قبل 2003) بسبب التمييز والتهديد والخطف وطرد داعش إياهم من بيوتهم في بلدات سهل نينوى. وعليه يتوجب على الدولة وهي الأم الحاضنة للجميع ان تعمل بجد على عودتهم إلى بيوتهم وممتلكاتهم، والحفاظ على حقوقهم كمواطنين أصيلين (المواطنة الكاملة)، والاعتراف بثقافتهم وحضارتهم وتراثهم كجزء أساسي من تاريخ العراق، والتصدي لأي تغيير ديمغرافي في مناطقهم الجغرافية التاريخية. لكن على المسيحيين أيضاً أن يتعلموا الدروس من الماضي وينزعوا عنهم الخوف والنظرة التشاؤمية والمصالح الشخصية التي تقسِّمهم، ويبلوروا رؤيتهم ويوحِّدوا صفَّهم وموقفهم ويتماسكوا لكي يحافظوا على وجودهم ودورهم في الشأن العام والعملية السياسية بشراكة وطنية حقيقية بعيدة عن التبعية والوصاية، ويبنوا وطنهم ومستقبلهم يدًا بيد مع إخوتهم المسلمين، لان لا يستقيم المستقبل ولا العيش المشترك إلا معًا. قوتنا في نسيجنا الوطني المتعدد، فلنشق معاً طريق الرجاء. كما على المسيحيين ان يتواصلوا مع مواطنيهم ومع الكنيسة التي احتضنتهم في محنتهم، وساهمت الى حدٍّ كبير في التفات المجتمع الدولي إلى حالهم. وهي اليوم تشد على أياديهم وتشجعهم على التمسك برجائهم والعودة إلى بلداتهم. فهذه البلاد بلادنا وسنبقى فيها".
تابع البطريرك ساكو "وفي الشأن الكنسي الداخلي، على الكنيسة في العراق أن تقرأ علامات الأزمنة، وتجدد التزامها بالإنجيل، أي بالعودة إلى تعاليم المسيح، كما يدعو دائما البابا فرنسيس بتعميق العلاقة الروحية بعيداً عن النزعة إلى السلطة والمال، وان تقوم بمبادرات حقيقية نحو الوحدة، وأنجَلة مجتمعها، وتأوين خطابها الديني بحيث يتخطى النمط التقليدي الشكلي ليأتي خطاباً مفهوماً ومؤثراً. وان تسير على خطى المسيح تجاه الأشخاص المهجرين والمعوزين والمرضى وتقدّم لهم العناية الممكنة. كما عليها إشراك العلمانيين في نطاق أوسع في المسؤوليات من خلال المجالس الراعوية والخورنية وجماعات الخدمة، العلمانيون أعضاء وشركاء في الكنيسة بحكم معموديتهم وكهنوتهم الملوكي. ومع المسلمين ينبغي فتح حوار صادق لمعرفة وتفهم حقيقة كل طرف والاعتراف به وتقبِّله وخصوصًا ان مجمع الفاتيكان الثاني 1965 قد مهَّد الطريق لهذا الحوار حين صرّح: "أن الكنيسة تنظر بعين الاحترام إلى المسلمين الذين يعبدون الله الواحد، الحيّ القيّوم، الرّحمن القدير خالق السّماء والأرض…" هذا الحوار ينبغي أن يتخطى الشكليات ويعمل جاهدا مع كل ذوي الإرادة الطيبة من اجل استتباب الأمن والسلام وإشاعة قيم التسامح والعدالة والحرية والكرامة للجميع. وفي الختام أدعو المسيحيين في هذه الأيام المتميزة إلى وقفة تضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يعاني منذ سبعين سنة من الظلم والتهجير، كما ادعوهم الى الصلاة من اجل ان تبقى القدس مدينة مقدسة للمسيحيين والمسلمين واليهود".