بوابة الحركات الاسلامية : الجارديان: بعد ضياع حلم الخلافة.. داعش يتبنى سياسة القتل الطائف (طباعة)
الجارديان: بعد ضياع حلم الخلافة.. داعش يتبنى سياسة القتل الطائف
آخر تحديث: السبت 06/01/2018 12:12 م

الجارديان: بعد ضياع حلم الخلافة.. داعش يتبنى سياسة القتل الطائفى

الجارديان: بعد ضياع
تبدد حلم الخلافة التى كثر الحديث عنها، فقد تحطمت أمام قوة الطائرات الحربية الروسية والسورية والأمريكية والجماعات المسلحة المدعومة من إيران والقوات الكردية والجيوش التى انطلقت من دمشق وبغداد. غير أنه على الرغم من أن عام 2017 قد شهد نهاية حلم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بسبب رؤيتها المزدوجة لمجتمعٍ مثالىٍ، فقد انتهى العام بإشارةٍ واضحةٍ إلى أن معركتها العالمية ضد كثيرٍ من الشعوب والعقائد الذين تنظر إليهم بوصفهم الخصوم الروحانيين قد اكتسبت زخمًا.
فقد قتل مؤخرًا عشرات المدنيين فى العاصمة الأفغانية كابول فى هجومٍ انتحارىٍ استهدف مركزًا ثقافيًا شيعيًا. ويعد هذا الهجوم الأحدث من بين الهجمات المتكررة من قبل فرع داعش هناك الذى أثبت مرونته على الرغم من الحملة العنيفة ضده فى الأشهر الأخيرة.
وطبقًا لموقع "أعماق" الإخبارى ذى الصلة بداعش فقد تم تفجير ثلاث عبوات ناسفة فى المجمع الذى يضم وكالة أنباء. ثم فجر الانتحارى نفسه بين الجماهير فى مركز "تبيان" الثقافى، مما أدى إلى مقتل أكثر من 40 شخصًا وإصابة 90 آخرين.
وقد وقع الهجوم على الرغم من الحملة المكثفة التى تقوم بها الولايات المتحدة وأفغانستان لوقف التهديدات المزدوجة من قبل تنظيمى داعش وحركة طالبان لاسيما منذ تولى دونالد ترامب السلطة فى يناير 2017. وقد أدت الهجمات داخل العاصمة الأفغانية، بالرغم من تشديد الإجراءات الأمنية والعسكرية، إلى تزايد المخاوف بشأن استمرار قدرة التنظيم رغم انهيار الخلافة التى أعلنها فى العراق وسوريا.
وفى أبريل الماضى، أسقطت الولايات المتحدة "أم القنابل" على قاعدةٍ لداعش فى أفغانستان كمؤشرٍ على الحملة الضارية ضده. غير أن تلك الحملة فشلت فى اجتثاثه. وفى الأشهر الأخيرة، أشار خبراء ومسئولون إلى المحاولة الناجحة لأحد أفرع تنظيم داعش أن يغرس جذوره داخل العاصمة عن طريق تجنيد عشرات السكان المحليين من بينهم أطفال.
وفى أفغانستان، تمكن تنظيم داعش من تحقيق الكثير باستخدام أقل الإمكانيات. ومقارنةً بفرع التنظيم فى ليبيا على سبيل المثال، حيث يوجد لديه المئات من المقاتلين المحليين ذوى الروح القتالية العالية والخبرة التى تعود إلى السنوات الأولى للحرب فى العراق والذين لعبوا دورًا محوريًا فى جهود داعش المبكرة فى سوريا فى عام 2014، إلا أن حظوظه قد تضاءلت خلال العامين الماضيين. أما فرع أفغانستان فعلى العكس من ذلك، فرغم منافسة مقاتلى حركة طالبان المتمردة الذين يتمتعون بعلاقاتٍ أعمق بأفغانستان، فإن داعش نجح فى تعميق وجوده هناك. وتظهر الهجمات داخل العاصمة الأفغانية أن التنظيم قد تطور بشكلٍ ناجحٍ من تنظيمٍ يقوده أجانب بشكلٍ كبيرٍ إلى تنظيمٍ محلىٍ بشكلٍ متزايد.
وبصرف النظر عن استمراره فى أفغانستان، فإن طبيعة الهجوم الأخير فى كابول تمثل بادرةً أو نذيرًا لما هو قادم عندما يخسر داعش خلافته فى العراق وسوريا. وفى بيانه بشأن الهجوم، ادعى الصوت الإعلامى لداعش أن المركز الثقافى كان يتم تمويله ورعايته من قبل إيران. وأضاف البيان "يعد المركز أحد أهم مراكز التشيع فى أفغانستان، ويتم إرسال الشباب الأفغانى إلى إيران لتلقى دراسات أكاديمية على أيدى علماء إيرانيين".
ويسعى داعش إلى تقديم نفسه بوصفه المدافع عن السنة فى المنطقة، وقد اختيرت الكلمات فى البيان لتأكيد تلك الرسالة. ومن المرجح أن يغدو الموضوع الطائفى هو التركيز الرئيسى للتنظيم فى السنوات المقبلة، فى الوقت الذى يتراجع فيه من الخلافة إلى حركة مقاومة وتمرد. وتساعد السياسة الطائفية التنظيم فى تقديم "فكرة التجاور" من أفغانستان إلى سوريا بدلاً من الخلافة التى يبدو أنه قد خسرها، وأن رسالته إلى أنصاره هى أن ضحايا الهجوم هم جنود محتملون فى الجيش الذى تشكله إيران فى كل مكان.
ولا شك أن تقديمه لنفسه بوصفه خط الدفاع الأخير ضد إيران أنه بدأ يهتم بالعمليات المحلية بعد أن خسر الخلافة العالمية. وهذه هى الفكرة الرئيسية للتجنيد وضم أنصار منذ صعوده فى عام 2014، غير أن التنظيم يركز الآن بشكلٍ متزايدٍ على البعد الطائفى ليس فقط ضد الشيعة بل أيضًا ضد المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى.
وكان هجوم التنظيم داخل إيران فى يونيو الماضى يرمى إلى تحقيق هذا الهدف والهجمات التى يصورها على أنها موجهة ضد المصالح الإيرانية مثل تلك التى وقعت فى كابول تخدم هدفًا مماثلاً. وهو يسعى من خلال القيام بذلك، إلى الاستفادة من السوق الذى لا يجد فيه منافسة كبيرة من تنظيم القاعدة وحركة طالبان، فى الوقت الذى  يميلون فيه إلى التركيز على الصراع الطائفى بشكل أقل نسبيًا فى خطابهم الإعلامى. وفى أكتوبر الماضى، قتل انتحاريون مرتبطون بالتنظيم أكثر من 57 مصليًا فى مسجدٍ شيعىٍ فى كابول. ولعل التركيز الطائفى لداعش يجعل استمراره أكثر إثارة للمشكلات للبلد والمنطقة بشكل عام. فبعد يومٍ من هجوم كابول، أعلن التنظيم مسئوليته عن إطلاق مسلح النار على كنيسة فى القاهرة مما أسفر عن مقتل نحو 10 أشخاص فى واحدة من الهجمات التى تستهدف المدنيين الأقباط والكنائس فى البلد فى السنوات الأخيرة.
والدرس الذى يمكن أن نستخلصه من تلك الهجمات هو أن التنظيم لا يزال خطيرًا بصرف النظر عن تقلص نفوذه فى العراق وسوريا. بل إن انكماشه الإقليمى قد يزيد من حالات مقاومته وتمرده فى أماكن أخرى، فى حالة تمكن مسلحيه من الفرار دون إصابات من ساحات القتال للحاق بفروعه فى بلدان أخرى. وقد ظهرت تقارير مؤخرًا تفيد بهروب المسلحين من دولة الخلافة المنهارة. وفى مطلع الشهر الماضى على سبيل المثال، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن المقاتلين الفرنسيين والجزائريين انتقلوا من سوريا للانضمام لفرع التنظيم فى أفغانستان. وتم الإبلاغ عن توجهاتٍ مماثلةٍ إلى مصر وليبيا. كما حذر مسئول فى الاتحاد الأفريقى أيضًا فى الشهر الماضى بأن كثيرًا من بين الـ 6 آلاف الذين انتقلوا إلى سوريا فى 2014 ربما أنهم فى طريقهم للعودة إلى أوطانهم.
وقد يتمكن هؤلاء المقاتلون من تجديد وتنشيط حركات التمرد المنتشرة فى أنحاء المنطقة بطريقة لم يكونوا قادرين على القيام بها عندما كان تركيز التنظيم منصبًا على العراق وسوريا. ولا تزال فروع داعش المنتشرة محدودة الحجم وبعضها ضعيف وذلك لتقلص عدد المسلحين. ويمكن أن يتغير ذلك عندما يتوجه المقاتلون السابقون فى سوريا والعراق إلى الدول الأخرى فى المنطقة، حيث يكون الانضمام إلى الفروع القريبة فى المنطقة أسهل من العودة إلى أوطانهم كما هو الحال فى أوروبا وبريطانيا. والجدير بالذكر أن التنظيم ينمو ويتغذى على الاستقطاب واستهداف الأقليات الدينية ويقدم أهدافه بطريقةٍ ناعمة لإشاعة الفرقة بين الناس. كما تمكنه تلك الأهداف من إعادة تشكيل نفسه بخلاف تنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية الأخرى. وبالإضافة إلى الجمود السياسى والصراعات المستمرة، سوف تستمر النزعة الطائفية فى تزويد التنظيم بفرص نموٍ فى منطقةٍ تعج بالانقسامات العميقة وفى خضم دورٍ متزايدٍ لإيران فى الشرق الأوسط.
ويأمل التنظيم أن يظل هذا التوجه الطائفى جذابًا بين من ينظرون إلى إيران بوصفها القوة المغتصبة لأرضهم والقوة الطائفية المهيمنة فى المنطقة. وربما يقلل الزوال الإقليمى للخلافة من التهديدات الموجهة للغرب، لكن على صعيد المنطقة التى يوجد فيها حاليًا والتى يستطيع أن يتحرك فيها بكل سهولة، فسوف يستمر داعش فى استغلال الانقسامات الاجتماعية والجمود السياسى فى إعادة حشد قواته وتعزيز أوضاعه.

لوفيجارو: عودة الحياة لمسيحي العراق

لوفيجارو: عودة الحياة
يصف مسيحيو المُوصل حالهم منذ عدة سنواتٍ عندما سقطت المُوصل قائلين : " لقد كنا نجلس على ضفاف نهر بابل ونبكى... ". يا له من مشهدٍ حزينٍ أصبح اليوم ذكرى. فمنذ عدة أشهرٍ، تم طرد التكفيريين من إقليم "نينوى" ليعود المسيحيون مرةً أخرى لمنازلهم .  نعم، لقد عاد ثلث عدد المسيحيين الذين خرجوا من الإقليم، فهم يُقدَّرون بـ125 ألف شخصٍ هرعوا خارج أراضيهم؛ خوفًا من ويلات الحرب والقتل، وذهبوا لاجئين إلى أربيل وقراقوش . لقد عاد هؤلاء لوطنهم ليحتفلوا بأول عيدٍ لهم فى منازلهم منذ أن سقطت المُوصل عام 2014. فبعد هروبهم السريع من منازلهم منذ 3 أعوامٍ ونصف ولجوئهم لكردستان العراقية، استطاع سكان الإقليم من الكلدان، والأرمن، والسريان، والروم الملكيين أن يحتفلوا بالعيد ويعبِّروا عن سعادتهم فى جوٍ يملأه الفرح والشكر.  لقد عادوا إلى بيوتهم وقلوبهم مُثقلة بالهموم، حيث تم نهب أغلبها ، وتخريب أغلبية الكنائس وتدنيسها. لكن، وبكل تأكيدٍ، فشلت داعش وانهزمت، لكنَّها لا زالت حيةً تنبض لم يتم القضاء عليها بشكلٍ نهائى.ففى الأسبوع الماضى، أعلنت المنظمة الإرهابية عن مقتل 9 مسيحيين فى باكستان فى هجومٍ على كنيسةٍ أثناء إحدى الصلوات.  فالتنظيم الإسلامى، الذى هُزم فى العراق، ما زال لديه عدد لا بأس به من العناصر النشطة والتى تُهدد العالم .
 وتجدر الإشارة إلى أن مستقبل المسيحيين فى العراق ليس مضمونًا. فلن يعودوا جميعهم لمنازلهم، حيث إن بعضهم سافروا للولايات المتحدة، أو أستراليا، أو أوروبا، والبعض الآخر فضَّل البقاء فى دولٍ مجاورة. ويعتبر غيابهم هذا سببًا فى إضعاف وحدة الصف أكثر مما هى عليه . لقد كان عددهم مليون نسمة فى الثمانينيات، واليوم أصبح أقل من 400 ألف فى ظل أوضاعٍ أمنيةٍ غير مستقرة. وأخيرًا، فإن تجديد أى كنيسةٍ أو إعادة بناء أى مبنىً لن يستغرق سوى شهورٍ، لكن السؤال الذى يطرح نفسه اليوم: كم عدد السنوات التى يحتاجها مُجتمع ليعود كما كان فعالًا وقادرًا على لعب دورٍ فى مستقبل العراق ؟  

الإيكونوميست: مُقاتلو داعش يعودون أدراجهم إلى أوروبا التى ترفضهم فى الأساس

الإيكونوميست: مُقاتلو
فى الشهر الماضى، قضت محكمة فى "هولندا" بحكم إدانةٍ بحق سيدةٍ هولندية لضلوعها بالمُساعدة فى التخطيط لعملياتٍ إرهابية، ثم أطلقت سراحها بعد ذلك. والسيدة هى "لورا إتش" (اسم العائلة غير مصرح بالإفصاح عنه بموجب القانون الهولندى)، وقد اعتنقت الإسلام، وانتقلت إلى الأقليم الذى يقع تحت سيطرة تنظيم الدولة (داعش) برفقة زوجها الفلسطينى- الهولندى فى عام 2015 على أمل العثور على الجنة الموعودة فى الدين. ولكن سرعان ما أصيبت بخيبة الأمل، وتحررت من هذا الوهم، فأمضت عامًا فى التخطيط للفرار بمساعدة والدها للعودة إلى وطنها، إلا أن الخطة باءت بالفشل الذريع، وحسبما روى الصحفى الهولندى "توماس رويب" فإن "لورا" و"أطفالها" كادوا أن يلقوا حتفهم فى تبادلٍ لإطلاق النار قبل التعثُّر والسقوط فى أيدى الجنود الأكراد. وقضت المحكمة فى حكمها بأن "لورا" قد انتقلت إلى الأراضى التى يسيطر عليها تنظيم "داعش" برفقة زوجها، وأنها ساعدت فى العمليات الإرهابية، ولكنَّها اكتفت بالحكم باحتجازها لمدة 11 شهرًا فى حكمٍ كافٍ بحقها . 
جدير بالذكر أن "لورا" هى مواطنة بإحدى دول الاتحاد الأوروبى، وهي واحدة من 5 آلاف مواطنٍ غادروا إلى "العراق" و"سوريا" منذ عام 2014، بوصفهم جهاديين مقاتلين أو مُناصرين لهم. وخلال الأشهر الستة الماضية، وتزامنًا مع انهيار داعش، استعدت أوروبا لمواجهة احتمال رجوع مزيدٍ من الجهاديين القادمين جالبين معهم التدريب القتالى، (وكذا الصدمات النفسية جراء القتال). وعلى الرغم من أن البعض من هؤلاء الجهاديين قد تبدد أملهم بشأن الأصولية والتطرُّف، من المُرجَّح أن يمارس آخرون الإرهاب. وبعودة الجهاديين مِمَن شاركوا فى الهجمات التى ضربت "بلجيكا" و"فرنسا"، تواجه الأجهزة الأمنية مُهمة تقفِّى أثرهم بمجرد إعادة دخولهم إلى أوروبا. ويجب على المحاكم أن تقرر ما إذا كانت ستعتقلهم أم لا. أما أجهزة الخدمات الاجتماعية، فعليها أن تُقرر إعادة دمجهم فى المجتمع . 
ومن جانبها، تواجه "فرنسا" التحدى الأكبر. فيقول وزير الداخلية الفرنسى إن 1700 فرنسى شاركوا فى القتال. وقد قطع "إيمانويل ماكرون" الوعد بأن المُقاتلين العائدين سيمثلون للمحاكمة، بينما سيتم التعامل مع  النساء والأطفال على أساس "كل حالةٍ على حدة". ولعل التحدى حتى الآن يكمن  فى التعامل معهم؛ إذ شهد شهر نوفمبر الماضى عودة 302 مقاتل فقط، وليس ثمة تغييرٍ يُذكر قد طرأ فى هذا الشأن. 
ولكن قد يتغيَّر ذلك فى وقتٍ قريب. ففى ظل الفوضى المُصاحبة لانهيار تنظيم الدولة،  يُعد غالبية جهادىّ معظم الدول الأوروبية فى عِداد المفقودين. وفى ذلك، يقول "إدوين بيكر" من المركز الدولى لمكافحة الإرهاب فى "لاهاى، إنه "حتى عامٍ مضى، كانت لدينا تقديرات جيدة بشأن كل مقاتلٍ فيها. الآن باتت نظرة عامة قاصرة، إذ لقى الكثيرون حتفهم. غير أن تقارير الـ،"بى بى سى"، والتى مفادها أن مئات من مقاتلى داعش، بما فى ذلك بعض الأوربيين، هربوا فور سقوط مدينة "الرقة". ويذكر "بيتر فان الستاين" وهو أكاديمى بلجيكى يقتفى أثر الجهاديين، قائلًا: "إن بعضًا قد يتجهون إلى مناطق النزاع فى شمال  أفريقيا، بينما قد يستهدف البعض الآخر أوروبا . فأينما يجدوا فرصةً لشن حربٍ مع تنظيم الدولة "داعش"، ثمة سبيل يتخذونه". 
وتسعى "فيلفورد" شمال "بروكسل" للتأكُّد من أنها ليست من تلك الأماكن. فقبل عامين، وقبل أن يُعلن تنظيم الدولة عن قيام التنظيم، غادر 28 شخصًا بلدهم التى قوامها 40 ألف نسمة للانضمام إلى جماعاتٍ جهاديةٍ فى "سوريا"، مُعتقدين فى ذلك الوقت أن أكبر نصيبٍ لهم فى  أوروبا الغربية . ولكن بعد عام 2015، لم ينضم إليهم المزيد من الجهاديين. وتحرز  المدينة نجاحها من  برنامجٍ مُكثفٍ  مع المجتمعات المحلية والأسر للوقوف على معرفة وتحديد الشباب المعرضين لخطر التطرُّف الأصولى .
 ويقول "هانس بونتى"، عمدة بلدة "فيلفورد" إن حكومته تقيم علاقاتٍ وثيقةٍ مع الجالية المُسلمة، وتساعد فى الحيلولة دون انخراط الجهاديين العائدين فى الجريمة. فمن بين الـ 28 الذين غادروا البلاد، عاد 8 منهم، وقبع 6 منهم فى السجن،  ومات جهادى واحد منهم، وأطلق سراح واحدٍ آخر منهم وأعيد إدماجه بشكلٍ سلمى .
ولكن حتى  مدينة "فيلفورد"، تعانى من الضعف الأكبر الذى يشوب مكافحة الإرهاب  فى أوروبا، وكذا سوء الاتصالات بين أجهزة الأمن فى الداخل والخارج. فقد مكث الإمام، الذى يُشتبه بأنه العقل المُدبِّر للهجمات التى أسفرت عن مقتل 13 شخصًا فى"برشلونة" فى شهر أغسطس الماضى، ويُدعى "يوسف  الساتى" بـ "فيلفورد"  فى عام 2016، بل وحاول إيجاد عملٍ بأحد المساجد هناك. ويذكر "بونتى" أن رواد المسجد حذَّروا حكومته  واتصلوا بالسلطات الأسبانية بـ "فيلفورد"، والتى بدورها فشلت فى أن تُبلغهم بأن "الساتى" يُشتبه  بصلته بالإرهاب .
والتعاون المناوئ للإرهاب آخذ فى التحسُّن. فأوامر إلقاء القبض الصادرة بحق الإرهابيين على نطاق أوروبا، فضلًا عن نظام المعلومات، تقدم من أجل تسهيل التقاط الجهاديين العائدين بمجرد إعادة دخولهم إلى أوروبا . ولكن بعض المشكلات التى كشفت عنها الهجمات التى وقعت فى "باريس" و"بروكسل" فى عامى 2015 و2016 لم تُحل بعد. ويقول "بونتى": "تغرق مدينة بروكسل فى الفوضى، وهى مدينة مُنقسمة على نفسها من بين 19 بلدة و6 أجهزة شرطية مما يُصعِّب الأمر بالنسبة لها فى تنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب". 
ثم ثمة مشكلة فى كيفية معاملة الجهاديين العائدين. وانتقد البعض فى "هولندا" التساهُّل فى الحكم الذى صدر فى حق  "لورا إتش".  إلا أن معاقبة  العائدين غير الضارين بصرامةٍ نسبيًا من سلبيات تنفير المسلمين الآخرين، وقد تتلف التعاون فى مكافحة الإرهاب. إن عزل العائدين الجهاديين فى السجن معًا لسنواتٍ قد يزيد من تفاقم المشكلة. وحسبما يقول المحامى الهولندى "أندريه سيبريجتس"، الذى يترافع بحق الجهاديين: "لا أعتقد أننى أعرف أيًا من الذين أصبحوا أقل تطرفًا داخل السجن" . 

لوفيجارو: تركيا وحملات تطهيرٍ لا تنتهى

لوفيجارو: تركيا وحملات
يبدو أن حملات التطهير التى بدأها رجب طيب أردوغان عقب محاولة الانقلاب الفاشل فى شهر يوليو من عام 2016 لم تنته بعد حيث كان آنذاك قد فصل 140 ألف موظف واعتقل 44 ألفًا آخرين . ولكن ذلك لم يهدئ -على ما يبدو- من رغبة النظام فى العقاب الجماعى، كما يشير إلى ذلك المرسوم الذى صدر يوم الأحد الموافق 24 ديسمبر والذى أعلن فيه عن فصل 2756 موظفًا إضافيًا من بينهم 637 عسكريًا و105 جامعيين. لقد كانت محاولة الانقلاب هذه التى قام بها حوالى ألف من العسكريين مستخدمين حوالى خمسين مدرعة وطائرة بمثابة "هبة إلهية" على حد تعبير أردوغان فقد منحته هذه المحاولة الفرصة ليؤكد سيطرته بصورة أكثر قوة ويحكم قبضته على الدولة وليسحق كل المعارضة باسم " مكافحة الإرهاب".
وكما لو كان الفصل الجماعى لموظفى الإدارات العامة غير كافٍ تستعد الحكومة لإقرار مشروع قانون يسمح بعدم وجود مساءلة قانونية للمدنيين المشاركين فى عملية التصدى لمحاولة الانقلاب. ومن جانبه انتقد الرئيس السابق عبد الله جول ، والذى أنشأ مع أردوغان حزب العدالة والتنمية، الأمر صراحةً دون أن يخشى من أن يؤدى ذلك إلى تعزيز الشعور بأن هذا القانون يسمح بإفلات أنصار أردوغان من العقاب ولا يؤدى خطابه إلى تكثيف مناخ الخوف الذى يسود تركيا.
ومن الواضح أن القمع الذى ينتهجه أردوغان لا يستثنى أحدًا . فقد استهدف أولًا حلفاءه السابقين فى الجماعة الإسلامية القوية التى أنشأها فتح الله جولن، الإمام الذى يبلغ من العمر سبعين عامًا واللاجئ فى بنسلفانيا فى الولايات المتحدة، وعقب ذلك استهدف النشطاء الأكراد وحزبهم حيث تم اعتقال رئيس الحزب وعشرة من نوابه، وعقب ذلك جاء الدور على المعارضة اليسارية و"الكماليين" أى وارثى قيم الجمهورية العلمانية التى أسسها مصطفى كمال أتاتورك حيث استهدفت السلطة صحيفة "جمهورييت" اليومية وذلك علاوة على المفكرين الليبراليين والمنظمات غير الحكومية ووجوه بارزة من المجتمع المدنى . ولكن سياسة القمع اللانهائية التى ينتهجها الرئيس التركى تكشف مع ذلك عن الضعف الحقيقى للنظام، فتركيا لم تكن قط معزولة سياسيًا بهذا الشكل بالرغم من تقاربها مع فلاديمير بوتين. إذ تعد تركيا بمثابة الركيزة الجنوبية الشرقية لحلف شمال الأطلنطى منذ أكثر من نصف قرن ولكن علاقات أنقرة مع الحلف تزداد توترًا يومًا بعد يوم وأيضًا وبصورة أكبر مع الولايات المتحدة. أما عن المفاوضات الخاصة بالانضمام للاتحاد الأوروبى فهى تدور – وأكثر من أى وقت مضى – على وشك الانهيار حتى وإن ادعى الطرفان غير ذلك من أجل مصلحتهما؛ فمن جانبها تريد تركيا طمأنة المستثمرين بينما لا ترغب أوروبا فى إغضاب دولةٍ تأوى ما يقرب من ثلاثة ملايين لاجئ.
وخلال خمسة عشر عامًا فاز أردوغان وحزبه فى كل الانتخابات وذلك يرجع وبصفة خاصة إلى السياسة الاقتصادية التى ضاعفت دخل الفرد فى تركيا ثلاث مرات. ولكن الشقاق والخلافات التى أوجدها النظام بين الإسلاميين والعلمانيين والأتراك والأكراد والسنة والعلويين تثير قلق شريحة متزايدة من المجتمع. كما أن الانتصار السريع الذى حققه فى استفتاء أبريل لدعم السلطات الرئاسية يشير وبشدة إلى هذا الشقاق، فالمدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة والتى دائمًا تمثل معقلًا لحزب العدالة والتنمية، صوتت ضد الاستفتاء. أى أن تركيا المستقبل لم تعد تعترف بأردوغان. وقد أدرك الرئيس التركى ذلك جيدًا ومن هنا يأتى شعوره بالقلق ورغبته فى فرض قبضة استبدادية. 

دويتشه فيله:النظام السوري يتقدم في إدلب والمعارك تدفع الآلاف إلى النزوح

دويتشه فيله:النظام
أحرز جيش النظام السوري تقدماً سريعاً في محافظة إدلب مما قربه من مطار عسكري رئيسي تسيطر عليه قوات المعارضة. لكن هذا التقدم تسبب في تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يكافحون من أجل إيجاد مأوى في طقس شتوي شديد البرودة. 
أحرز جيش النظام السوري تقدماً سريعاً في محافظة إدلب أكبر معقل متبق للمعارضة المسلحة في البلاد مما قربه من مطار عسكري رئيسي تسيطر عليه قوات المعارضة. وقال "المرصد السوري لحقوق الإنسان" اليوم الجمعة (الخامس من كانون الثاني/يناير 2018) إن الجيش السوري وحلفاءه استعادوا نحو 84 قرية منذ 22 أكتوبر/تشرين الأول بينها 14 على الأقل خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وأضاف المرصد أن ضربات جوية مكثفة أجبرت مسلحي المعارضة على الانسحاب مما أتاح التقدم السريع للقوات الحكومية هذا الأسبوع.
لكن هذا التقدم تسبب في تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يكافحون من أجل إيجاد مأوى في طقس شتوي شديد البرودة. وتمكنت قوات النظام، بدعم من مسلحين تساندهم إيران وقوة جوية روسية، من استعادة مناطق في شمال شرق محافظة حماة وفي جنوب محافظة إدلب منذ بدء الهجوم في أواخر أكتوبر/تشرين الأول.
وصعدت القوات السورية خلال الأيام الماضية حملتها العسكرية وتقدمت نحو مطار أبو الظهور العسكري الذي حاصره مسلحو المعارضة في 2012 قبل أن يتمكنوا من طرد قوات الجيش السوري منه بالكامل في سبتمبر/أيلول 2015.
وتقع إدلب ضمن مناطق حددتها روسيا من أجل "خفض التوتر" بقصد تهدئة حدة القتال في غرب سوريا. كما توجد قوات تركية في شمال محافظة إدلب أيضا في إطار اتفاق لعدم التصعيد أبرم مع إيران وروسيا.
وقال مصطفى الحاج يوسف وهو مدير الدفاع المدني في إدلب، وهم منقذون يعملون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في البلاد، "ما بعرف وين (أين) مناطق خفض التصعيد في الموضوع؟... إذا كان أعداد شهداء ونازحين وجرحى وتهديم المنازل في ازدياد.. وضرب مدنيين واستهداف المدنيين بنسبة كبيرة جدا... ولا كأنه في خفض تصعيد ولا شيء".
من جهته، قال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لايركه إن 55 بالمئة من التجمعات السكانية في محافظة إدلب مثقلون بالأعباء. وفي نحو عشرة بالمئة من تلك التجمعات يشكل النازحون أكثر من 70 بالمئة من إجمالي عدد السكان. وأشار المكتب إلى أن المعارك أجبرت بعض منظمات الإغاثة على وقف عملها في مناطق بجنوب إدلب. وأضاف المكتب أن المعارك والغارات الجوية أجبرت أكثر من 60 ألف شخص على مغادرة منازلهم منذ الأول من نوفمبر/تشرين الثاني.
وقالت كريستي ديلافيلد من مؤسسة (ميرسي كوربس) وهي إحدى أكبر المنظمات التي تقدم مساعدات في سوريا "الغذاء هو أهم ما يحتاجه الناس الذين يكافحون للبقاء في هذا الجزء من سوريا. ونظراً لتشردهم أكثر من مرة بسبب الصراع فقد استنزفت مواردهم ولم يبق لهم سوى القليل من الخيارات أحلاها مر". وأضافت "لا يبدو لنا أن الأمور ستكون أسهل في أي وقت قريب".

دويتشه فيله:أردوغان: الاتفاقيات الثنائية مع الولايات المتحدة تفقد صلاحيتها

دويتشه فيله:أردوغان:
ندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ"سلسلة مؤامرات خطيرة" ضد بلاده في الولايات المتحدة، وذلك إثر إدانة مصرفي تركي في نيويورك في اطار محاكمة بشأن الالتفاف على العقوبات الأميركية على إيران.
حذر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اليوم (الجمعة الخامس من يناير/ كانون الثاني 2018) من أن الاتفاقيات القانونية المبرمة مع الولايات المتحدة "تفقد صلاحيتها" منتقدا واشنطن بسبب إدانة مصرفي تركي في محاكمة أمريكية.
وأدانت هيئة محلفين في محكمة اتحادية أمريكية يوم الأربعاء مسؤولا تنفيذيا في بنك خلق التركي، الذي تملك الدولة حصة أغلبية به، بتهمة التآمر لانتهاك العقوبات المفروضة على إيران في قضية وصفها إردوغان بأنها هجوم سياسي على حكومته.
وفي أول تصريحات علنية منذ صدور الحكم قال إردوغان في مؤتمر صحفي قبل سفره إلى فرنسا في زيارة رسمية "إذا كان هذا هو مفهوم الولايات المتحدة للعدالة فالعالم يتجه نحو الهاوية".
وأضاف "لتعذرنا الولايات المتحدة.. لكن القوانين في علاقاتنا الثنائية والاتفاقيات الثنائية بيننا تفقد صلاحيتها. أشعر بالأسف لأنني أقول ذلك لكن هذا سيكون الوضع من الآن فصاعدا". ولم يحدد الاتفاقيات التي كان يتحدث عنها.
ونددت وزارة الخارجية التركية بالحكم أمس الخميس ووصفته بأنه تدخل غير مسبوق في الشؤون الداخلية. وأدين محمد خاقان عطا الله، المسؤول التنفيذي في بنك خلق التركي، بخمس تهم من أصل ست وجهت إليه من بينها التحايل المصرفي والتآمر لانتهاك قانون العقوبات الأمريكية.
واستندت القضية إلى شهادة تاجر الذهب التركي الإيراني ضراب الذي تعاون مع مدعين أمريكيين وأقر بالذنب في اتهامات بالإشراف على برنامج للالتفاف على العقوبات الأمريكية على إيران.
وفي شهادته أشار ضراب إلى تورط مسؤولين كبار بينهم إردوغان. وقال إن إردوغان أجاز شخصيا انضمام بنكين تركيين إلى البرنامج عندما كان رئيسا للوزراء.
وتقول تركيا إن القضية قائمة على أدلة مزيفة واتهمت مسؤولي المحكمة الأمريكية بأنهم على صلة برجل الدين التركي فتح الله كولن الذي تتهمه أنقرة بالمسؤولية عن محاولة الانقلاب في عام 2016.
وقال إردوغان في المؤتمر الصحفي "الولايات المتحدة تنفذ... سلسلة من المؤامرات وهي ليست مؤامرات قانونية فقط بل اقتصادية أيضا".

واشنطن بوست: لماذا نجحت كوريا الشمالية فى حيازة أسلحةٍ نوويةٍ بينما فشل العراق

واشنطن بوست: لماذا
كانت كوريا الشمالية تعتبر بلدًا فقيرًا، وتحكمها سلطة مُستبدة وضعيفة أو غير مُحصنة بشكلٍ يجعل من الصعب عليها كثيرًا النجاح فى برامجها النووية والصاروخية، ومع ذلك فقد توصَّلت إلى قدرات أسلحةٍ نوويةٍ متقدمة، وفى أواخر نوفمبر الماضى، أجرت اختبارًا على صاروخٍ باليستى عابرٍ للقارات. والسؤال هنا هو: لماذا نجحت كوريا الشمالية بينما فشلت بلدان أخرى مثل العراق وليبيا؟ يرجع ذلك إلى 3 عناصر هى:
قد يبدو أن الزعماء المُستبدين يسعون إلى التوصُّل إلى أسلحةٍ نوويةٍ بعزيمة وإصرارٍ، لكن ليس كلهم يفعل ذلك بعزمٍ لا يلين . فبعدما خلف والده "كيم جونج إيل" فى عام 2011، جعل "كيم جونج أون" الأسلحة النووية المُتقدمة ووسائل توصيلها الهدف الرئيس له، فقد أعاد توجيه الموارد لمشروع الصواريخ، وشجَّع العلوم بوصفها الأولويةً الرئيسةً للنظام، وربط ،بشكلٍ حذرٍ، صورته العامة بالعلم والعلماء. فى حين أن الرئيس العراقى "صدام حسين"، والزعيم الليبى "معمر القذافى" جعلا تطوير الأسلحة النووية أولوياتهما لكن بشكلٍ مُتضاربٍ أو غير مُتسقٍ. وقام "صدام" بغزو الكويت فى عام 1990 فى الوقت الذى كان فيه برنامج الأسلحة النووية العراقية على وشك تحقيق انطلاقة. ولو لم يغزُ صدام الكويت فى تلك اللحظة الحاسمة ولفت انتباه ومعارضة الولايات المتحدة له، ربما لكان العراق قد توصَّل للأسلحة النووية بحلول منتصف أو أواخر التسعينيات. وكانت مقاربة القذافى من برنامج الأسلحة النووية مُتضاربةً ومترردةً بشكلٍ مماثلٍ، ليعكس فى ذلك الانقسامات المستمرة داخل النظام الليبى حول ما إذا كانت الأسلحة النووية تُمثِّل ضرورةً أم أنها أولوية جادة وذات مغزى. وعلى مدار التسعينيات، سعى "القذافى" إلى حيازة الأسلحة النووية فى نفس الوقت الذى تواصل فيه مع الولايات المتحدة، عارضًا عليها التخلى عن تلك القدرات مقابل تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين. وفى النهاية، تخلى عن البرنامج بوصف ذلك جزءًا من صفقةٍ مع الولايات المتحدة وبريطانيا فى عام 2003 القرار المصيرى، كما يشير تكرارًا مسئولون كوريون شماليون، حيث أيَّد وساند تحالفًا بقيادة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسى الانتفاضة التى أطاحت بالنظام الليبى فى عام 2011.
كما مثَّل تصميم "كيم جونج أون" تحولًا عن مقاربة والده المُتعلقة بالبرنامج النووى. وكان "كيم جونج إيل" قد جمَّد البرنامج النووى خلال التسعينيات بوصف ذلك جزءًا من اتفاق الإطار الذى كان يُجرى التفاوض عليه بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.
الإدارة الاستراتيجية مهمة، وغالبًا ما يُساء فهمها، وهى ما تمثل عنصرًا فى لماذا تنجح نُظم حُكم مُستبدة بينما تفشل أخرى. ذلك أن الحكام المستبدين – حتى الآباء والأبناء – يديرون مؤسسات الدولة والعلماء بشكلٍ مختلف. فقد كان "كيم جونج إيل" يحكم فى الأساس عبر المؤسسات، ولم يرق العلماء أو يجعلهم فوق النُخب الأخرى. أما "كيم جونج أون" فقد اتخذ مقاربةً أكثر شخصية، وذلك بإخضاع المؤسسات الرئيسة لسيطرته عبر عمليات تطهيرٍ مكثَّفة، غير أنه حمى العلماء من عمليات التطهير تلك، ومنحهم مزايا خاصة بما فى ذلك حصص غذائية أفضل وشقق جديدة. ولم يُعلن عن "كيم جونج أون" أنه قتل علماء، بل إنه رسَّخ سمعة التسامح مع حالات الفشل بوصف ذلك جزءًا من عملية التعلم العلمى. ويبدو أنه قد تبنَّى تطبيق مقاربة الجدارة فى تعيين العلماء فى البرامج العسكرية واختيار جيلٍ جديدٍ من الزعامات العلمية. وربما تكون تلك الجهود قد ساعدت فى تسريع نجاح البرنامج الصاروخى فى السنوات الأخيرة. كما أن صدام جعل هو الآخر البرنامج النووى العراقى أكثر جدارةً، وذلك بنقض محاولات أعضاء حزب البعث باستبعاد غير البعثيين من البرنامج. وقد تمتَّع العلماء النوويون العراقيون بمجموعةً من المزايا، وحصلوا بالفعل على موارد لا تحصى على الرغم مما كان يمر به الاقتصاد العراقى من ضغوط.
وعلى العكس، لم يحم القذافى بأى حالٍ العلماء النوويين، حيث كانت مرتباتهم مُتدنية، وكان عليهم الخدمة فى الجيش مثلهم مثل أى مواطن. وكان على البرنامج النووى الليبى أن يتنافس مع مؤسساتٍ أخرى ولاسيما قطاع النفط على أفضل العقول. ولأن القذافى لم يرغب فى الاستثمار فى التعليم العالى فى مجال العلوم والتقنية، الذى كان يُنظر إليه بوصفه المصدر الرئيس لمعارضة النظام؛ومن ثم كان المرشحون المناسبون فى ذلك قليلين. ولم يكن النظام على ما يبدو ملتفتًا إلى أن العلماء النوويين ليسوا مُستعدين للعمل لفتراتٍ ممتدةٍ. ولا غرو إذن ألا يتقدم برنامج الأسلحة النووية هذا.
طوَّرت كوريا الشمالية القدرة على إنتاج أسلحةٍ نوويةٍ وصواريخ محليًا، فقد حظيت البلد بمساعدةٍ على طول الطريق: تعيين علماء أجانب، وشراء ومبادلة تقنيات رئيسة من ومع بلدانٍ أخرى وشبكات الربح، لكنها استفادت من تلك المبادلات بشكلٍ أكبر مما استفاد به العراق وليبيا. لماذا؟ أحد الأسباب ربما يكمن فى أنه عندما قلَّصت الصين دعمها للدولة خلال الستينيات، طورت كوريا الشمالية أساسًا محليًا لبرامج طاقتها وأسلحتها النووية، وقد أعطى ذلك العلماء خبرةً قيمة،ً ومهَّد الطريق أمام مقاربةٍ أكثر طموحًا لصالح الأسلحة النووية. وبشكلٍ مماثلٍ، فإن كوريا الشمالية أخذت وقتها فى تطوير الخبرة والمهارة والمواد والمعدات والأجهزة لبرنامج الصواريخ الباليستية، الذى تم تطويره بشكلٍ كبيرٍ فى عام 2017. أما القذافى، فقد اتخذ المقاربة العكسية، وهى شراء التقنيات الرئيسة من الخارج بدلًا من تطوير تلك القدرات داخل البلد. وشعر الليبيون أنهم خُدعوا من قِبل مزوديهم النوويين فى السوق السوداء، ولاسيما من قِبل "عبد القدير خان"، الذى باع لهم معداتٍ قديمةٍ ناضلوا كثيرًا من أجل تشغيلها، غير أن مشكلتهم الرئيسة تمثَّلت فى عدم كفاية الموارد المحلية.
وعندما أمر صدام علماءه ببدء برنامج الأسلحة النووية بعد ضرب إسرائيل للمفاعل النووى العراقى عام 1981، وجههم إلى تطبيق التقنيات التى يستطيعون إتقانها، وتجنُّب البحث عن المساعدة الخارجية، التى يمكن أن تُنبِّه العالم الخارجى، وطبقوا تقنياتٍ قديمةٍ لم تكن فعالةً فى كثيرٍ من الحالات، لكن أولئك العلماء العراقيون استطاعوا إتقانها بأنفسهم، وبعد سنواتٍ من التجربة والخطأ، بدأ العراقيون فى إحراز تقدمٍ، وعندما تطلَّع زوج ابنة صدام إلى خارج البلد للمساعدة، مخالفًا فى ذلك أوامر صدام، كانت قدرات البرنامج العراقى، والخبرات من التجربة والخطأ الماضية، كانت فى وضعٍ يمكن الاستفادة منها بشكلٍ جيد، لكن تلك المحاولات تعرَّضت للإجهاض مع غزو العراق للكويت.
قد تُضطر البلدان المُجبَرة على الاعتماد على نفسها أن تبدأ بتقنياتٍ دون المستوى، لكن على المدى البعيد تكون مستعدةً للنجاح بشكلٍ أفضل من البلدان التى تستسهل وتقوم بشراء التقنية النووية من على الأرفف. وفى الوقت الذى تواجه فيه الأنظمة الاستبدادية، التى تسعى إلى إقتناء أسلحةٍ نوويةٍ عقبات خطيرة، لاسيما إذا كانت دولة ذات مؤسساتٍ رسميةٍ ضعيفةً، يختار الزعماء استراتيجياتٍ مختلفةٍ لمعالجة تلك التحديات. وكما تظهر تلك الحالات الثلاث، فإن تلك الخيارات تساعد فى تفسير لماذا نجحت كوريا الشمالية وفشل العراق وليبيا.