بوابة الحركات الاسلامية : السنغال تودع الشيخ "سيرين امباكي".. الطريقة المريدية أهم الطرق الصوفية بأفريقيا (طباعة)
السنغال تودع الشيخ "سيرين امباكي".. الطريقة المريدية أهم الطرق الصوفية بأفريقيا
آخر تحديث: الخميس 11/01/2018 06:05 م
السنغال تودع الشيخ
أعلن في السنغال عن وفاة الخليفة العام للطريقة المريدية الشيخ سيرين امباكي عن عمر يصل 92 عاما، بعد صراع طويل مع المرض بقرية "نياري نغايني" القريبة من مدينة طوبى، معقل الطريقة المريدية في البلاد.

وفاة الشيخ سيرين امباكي
توفي الخليفة العام للطريقة المريدية، الشيخ سيرين سيدي مختار امباكي، مساء الثلاثاء 9 يناير2018، عن سن يناهز 94 سنة، وهو سابع خليفة لمؤسس الطريقة المريدية، الشيخ أحمدو بمبا، يقود الطريقة منذ وفاة سيرين محمدو الأمين بارا امباكي في 30 يونيو 2010.
والشيخ سيرين سيدي مختار امباكي، كان يعاني من مرض أبعده عن المشاركة في التجمعات الكبرى من قبيل الدورة الأخيرة لمغال توبا.
وحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السنغالية جاءت وفاته بعد مرض ألزمه الفراش لمدة طويلة في قرية “نياري نِجايْنِي” على بعد كلومترات قليلة عن العاصمة المريدية “طوبى”. وقد تم دفنه ـ رحمه الله ـ في مقبرة غوي ميندي” بمدينة “طوبى”. 
وولد الخليفة العام سرين سيدي المختار امباكي في عام 1924 في “امباكي كاجور” وهي قرية روحية بامتياز لوالده “سرين بارا امباكي” نجل مؤسس الطريقة المريدية “شيخ أحمد بمب”. 
وقد تربع على عرش الخلاقة المريدية بعد وفاة الخليفة “سرين محمد الأمين بارا امباكي” في 30 يونيو 2010م حتي وفاته مساء الثلاثاء 9 يناير 2018.

رئيس السنغال يعزي:
و قدم الرئيس السنغالي ماكي صال رفقة وفد وزاري ضم رئيس الحكومة ووزير الداخلية التعازي للطريقة المريدية، وأكد في كلمة ألقاها أن رحيل الشيخ سيدي المختار امباكي "خلف فراغا في الأمة الإسلامية"، ووصفه بالباني العظيم.
وأضاف ماكي صال أن الراحل "لعب دورا كبيرا في التهدئة بعد الاضطرابات التي شهدتها البلاد خلال الانتخابات الرئاسية عام 2012، حيث دعا للانسحاب من الشوارع، وخوض حملة سلمية".
وقال الرئيس ماكي سال الذي توجه إلى مدينة توبا لتقديم تعازيه وتعازي الأمة للطريقة المريدية، إن نبأ وفاة الشيخ سيدي مختار امباكي “أحزننا جميعا”.
وأكد أن الراحل “لم يكن مرشدا دينيا فحسب، وإنما كان أحد أعمدة البلاد”، منوها ب”الحكمة والإيمان اللذين تمكن الراحل من غرسهما في قلوب أتباع الطريقة المريدية والمتدينين بصفة عامة “عبر” خطاب التهدئة بين الطوائف” على سبيل المثال.
وأشار إلى أن الراحل ناضل من أجل “توحيد” تواريخ الاحتفال بالأعياد الدينية الإسلامية، ومن أجل مبادرات مماثلة.

منتقى امباكي في خلافة سيرين:
وقد أعلن في مدينة توبا، أمس الأربعاء، عن اختيار الشيخ منتقى امباكي خليفة عاما للطريقة المريدية في السنغال، إثر وفاة الخليفة العام السابق، سيرين الشيخ سيدي مختار امباكي مساء أمس الأول الثلاثاء قرب مدينة توبا عن عمر يناهز 94 عاما.
ويعد الخليفة الجديد للطريقة المريدية ثامن خليفة عام يتبوأ هذا المنصب منذ إنشاء الطريقة قبل أزيد من قرن و3 عقود.
والتقى  الرئيس السنغال ماكى صال الخليفة العام الجديد للطريقة المريدية، الشيخ منتقى باسيرو امباكي، وقدم له تعازي الأمة، مؤكدا بالمناسبة التزامه بمواصلة جهوده الشخصية وجهود الدولة لفائدة الطريقة المريدية.

الطريقة المريدية: النشأة والمؤسِّس:
وتتجاذب المسلمين في السنغال أربعُ طرق صوفية، هي التيجانية والمريدية والقادرية واللايينية، ورغم أن التيجانية هي الأكثر أتباعًا في السنغال، إلا أن المريدية هي الأكثر تنظيمًا ونفوذًا وسطوةً، كما أن المريدية هي الوحيدة من بين هذه الطرق التي يرجع تأسيسها إلى شخصية سنغالية، هو الشيخ “أحمدو بامبا” المعروف باسم “سيرين توبا” ، ولهذا تكاد تنحصر المريدية في السنغال وأفريقيا الغربية، ويشكل المريدون 35 بالمئة من 13 مليون سنغالي، ولهم ثقل اقتصادي هام، وتنامى نفوذهم خصوصا بعد انتخاب أحدهم، عبدالله واد، رئيسا للجمهورية (2000-2012).
الطريقة المريدية تعني في أصل معناها: الذين يريدون الوصول إلى الله، واسم "المريدية" يرجع إلى مصطلح معروف وشائع في الفكر الصوفي ألا وهو "الإرادة"، التي يعرِّفها القشيري في رسالته بقوله: (بدء طريق السالكين، وهي اسم لأول منزلة القاصدين إلى الله تعالى، وإنما سميت هذه الصفة: إرادة؛ لأن الإرادةَ مقدمةُ كلِّ أمرٍ، فما لم يُردِ العبدُ شيئًا لم يفعله، فلما كان هذا أوَّلَ الأمر لمن سلك طريق الله عز وجل سُمي: إرادة تشبيهًا بالقصد في الأمور الذي هو مقدمتها، و"المريد" على موجب الاشتقاق: من له إرادة ...)
وقد ظهرت الطريقة المريدية بداية القرن الرابع عشر الهجري أواخر التاسع عشر الميلادي (1893م)، إبان الاحتلال الفرنسي لأراضي السنغال، على يد مؤسسها "أحمد بن محمد بن حبيب الله بن محمد الخير بن حبيب الله بن محمد الكبير بن سعيد بن عثمان"، وهو المشهور في السنغال بالشيخ أحمد بمب (بمبا) المعروف باسم “خادم الرسول” والذي ينحدر من أسرة أنجبت عددا من الأولياء في السنغال، وعرف بمقاومته للاستعمار الفرنسي.
واجتذبت الطريقة المريدية آلاف السنغاليين الذين التفُّوا حول مؤسسها؛ الأمر الذي أزعج الاحتلال الفرنسي وقتئذٍ، بالإضافة إلى وشايات نُقلت إلى الفرنسيين عن حيازة الشيخ أحمد وأتباعه لأنواع من الأسلحة؛ ما حدا بالاحتلال الفرنسي إلى نفي الشيخ أحمد بمب أولًا إلى الجابون في سبتمبر 1895م الموافق 1313هـ، ولم يعد منها إلا في شهر نوفمبر سنة 1902م.
ثم لم يلبث أن نفاه الاحتلال الفرنسي مرة ثانية إلى موريتانيا في يونيو سنة 1903م، قبل أن يعود منها مجددًا في أواخر شهر أبريل 1907م، لكنه ظل قيد الإقامة الجبرية من لدن هذا التاريخ إلى 1927م وهي سنة وفاته.
 وقد خلفه مؤسس الطريقة احمد بمب، ابنه البكر وأول خليفة للطريقة المريدية، الشيخ "محمد مصطفى"،  وحين توفي الشيخ "محمد مصطفى" في 13 يوليو 1945، حمل أخاه وخليفته الشيخ "محمد فاضل" (عرف لاحقا باسم سيرين فالو) المشعل وقيادة الطريقة، وبعد وفاة الشيخ "محمد فاضل" في 6 أغسطس 1968، سيرين عبد الأحد ، قيادة الطريقة ليكون الخليفة الثالث.
ولأتباع الطريقة احتفالًا يؤمُّون فيه بالملايين عاصمة الطريقة ومحضنها: (طوبى)، التي تضم قبر مؤسس الطريقة، ويعظم أصحاب الطريقة ذلك اليوم جدًّا حتى يطلق عليه في بعض الأحيان "يوم الحج" لأنهم يفعلون طقوسًا تحاكي طقوس الحج إلى بيت الله الحرام، لكنه يشتهر أكثر بموسم "ماغال طوبا" أو "يوم التعظيم"، ويوافق هذا الاحتفال من كل عام ذكرى نفي مؤسس الطريقة وإبعاده إلى الجابون.
وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أن عدد زوار مدينة طوبى في الذكرى رقم 116 لنفي مؤسس الطريقة، تجاوز خمسة ملايين من مختلف الأصقاع والأمصار.
كما يعد مسجد “طوبا” الذي يقع في مدينة “طوبا” على بعد 194 ميلا شرقي العاصمة داكار، مقر شيوخ المريدية أنشطتهم، في هذه المدينة التي تعد المدنية المقدسة والعاصمة الروحية لهذه الطريقة الصوفية، و مسجد “طوبا” يعتبر اليوم من جواهر السنغال، وحاضنة روحية للطريقة المريدية المنبثقة عن الصوفية. صنّفه موقع “لنترنوت. كوم” من بين أجمل 25 مسجدا في العالم، لما تميّزت به هندسته المعمارية من جمال مستوحى من مزيج من المعمار العربي والبيزنطي.