لم يفوت تنظيم "داعش" فرصة الفوضى الأمنية العارمة في كابول، وسارع فيما يبدو لخطف الأضواء من حركة طالبان، عبر تفجير جديد استهدف هذه المرة الجيش الأفغاني.
ففي 29 يناير، تبنى "داعش" هجومًا على أكاديمية "مارشال فهيم" العسكرية في كابول، ما أسفر عن مقتل حوالي 11 جنديًا، وجرح عشرات آخرين.
وقالت وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم على "التيليجرام"، إن "هجومًا انغماسيًا لمقاتلي داعش استهدف الأكاديمية العسكرية في كابول".
وبدوره، قال الجنرال دولت وزيري الناطق باسم وزارة الدفاع الأفغانية إن "انتحاريين قاما بتفجير نفسيهما بمدخل أكاديمية أفغانستان العسكرية، وأضاف "قواتنا قتلت اثنين آخرين، وأوقفت ثالثًا حيًا، وصادرت قاذفة صواريخ ورشاشين وسترة انتحارية".
وتقع الأكاديمية العسكرية في شمال غربي كابول، وبدأ الهجوم عليها فجر الاثنين الموافق 29 يناير، واستمر لساعات، ونقلت "فرانس برس" عن مصادر أفغانية قولها، إن المهاجمين أطلقوا صواريخ مضادة للدروع (آر بي جي) على الكتيبة المتمركزة عند مدخل الأكاديمية، تبعه إطلاق نيران أسلحة آلية، واشتباكات متبادلة.
وتعمل أكاديمية "مارشال فهيم" على تأهيل الجيش الأفغاني بكل رتبه، من المجندين إلى ضباط الأركان، وكانت تعرضت أيضًا لهجوم كبير في أكتوبر من العام الماضي قتل فيه 15 مجندًا أفغانيًا، عندما فجر انتحاري نفسه أمام حافلة صغيرة كانت تقلهم للعودة إلى بيوتهم.
ونقلت "فرانس برس" عن مصدر عسكري أفغاني قوله:" يوجد أربعة آلاف شخص على الأقل في الأكاديمية بين مجندين وضباط، فيما يتراوح عدد المدربين بين 300 و500، بينهم شخصيات عسكرية غربية".
ورغم أن "داعش" كان استهدف في السابق مواقع حساسة في كابول، إلا أن هجومه على أكاديمية "مارشال فهيم" العسكرية، جاء فيما يبدو لإثبات أنه يمتلك إمكانات أكثر من طالبان في العاصمة الأفغانية، في إطار السباق المحموم بين التنظيمات المتشددة، للتوسع في أكثر من مكان بأفغانستان، وتجنيد المزيد من العناصر المتشددة.
ففي الأيام الأخيرة، نفذت طالبان هجومين داميين في وسط كابول، أحدهما وقع في 27 يناير، وأسفرت عن مقتل 103 أشخاص، وإصابة حوالي 235 آخرين على الأقل، وخلف أضرارا مادية كبيرة، خاصة أنه استهدف منطقة "شار راه سيدارات"، التي تقع بها سفارات عدة دول، ويوجد بها أيضًا مقر شرطة العاصمة.
وأفادت مصادر أفغانية أن الهجوم نفذ باستخدام سيارة إسعاف محملة بالمواد المتفجرة أثناء مرورها بنقطة تفتيش تابعة للشرطة في شارع يسمح للموظفين الحكوميين فقط بدخوله.
ووقع الهجوم على مقربة من المبنى القديم لمقر وزارة الداخلية الأفغانية، ومكاتب تابعة للاتحاد الأوروبي، فيما قال شهود عيان يان إن الهجوم نفذ في محيط مقر شرطة العاصمة، وفي شارع مزدحم يعرف باسم "تشكن ستريت"، بالقرب من عدد من السفارات الأجنبية.
وزاد من الاستياء بين الأفغان، أن الهجوم السابق كان الثاني من نوعه خلال أسبوع واحد، إذ أسفر اعتداء استهدف فندق "إنتركونتيننتال" في 20 يناير عن سقوط 22 قتيلا، من بينهم 14 أجنبيًا، بالإضافة إلى إصابة عشرات آخرين، فيما تم قتل أربعة من المهاجمين.
وتبنت حركة طالبان الهجومين السابقين، واللذين جاءا بعد فترة، تراجعت فيها هجمات الحركة نسبيا في كابول، مقارنة بداعش، الذي شن في ديسمبر من العام الماضي ثلاث هجمات في قلب العاصمة الأفغانية، كان آخرها، في مركز ثقافي شيعي، بينما استهدف اثنان منها، مواقع تابعة للاستخبارات الأفغانية.
وكان هجوم انتحاري، استهدف في 28 ديسمبر، مركزا ثقافيا شيعيا غربي كابول، قتل فيه حوالي 40 شخصا على الأقل، بالإضافة إلى إصابة عشرات آخرين.
وأظهرت، صور، نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي، عشرات الجثث في ساحة المركز، الذي يضم أيضًا مكتب وكالة صوت الأفغان للأنباء، المقربة من الشيعة، فيما تبنى داعش الهجوم.
وكانت وكالة "أعماق" التابعة لداعش أعلنت أيضًا مسئولية التنظيم عن تفجير وقع في 25 ديسمبر قرب المدخل الرئيس لمبنى وكالة الاستخبارات الأفغانية في كابول، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين.
وقالت مصادر أمنية أفغانية حينها، إن انتحاريا فجر نفسه، بينما كان موظفو الوكالة في طريقهم إلى العمل، ما أسفر عن عشرات الضحايا.
وفي 18 ديسمبر، استهدف داعش مركزا للتدريب تابعا أيضًا لوكالة الاستخبارات الأفغانية، واشتبكت حينها قوات الأمن الأفغانية مع المسلحين، الذين حوصروا في ورشة بناء بمركز التدريب، ما أسفر عن مقتل اثنين منهم، واعتقال آخرين.
ويبدو أن كابول أصبحت ساحة للتنافس بين طالبان وداعش على تنفيذ أكبر عدد من الهجمات، وهو ما يرجح أن حمامات الدم ستتواصل في العاصمة الأفغانية، ما لم تحدث معجزة.
ولعل ما يزيد من قتامة المشهد في أفغانستان، أن طالبان تسعى مجددًا للعودة للسلطة، مستغلة تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وانخفاض عدد قوات الناتو والقوات الأمريكية، بالإضافة إلى ضعف حكومة الرئيس أشرف غني، فيما يراهن "داعش" على الظروف ذاتها، لتعويض خسائره في العراق وسوريا.
(البوابة نيوز)