البرلمان سيناقش مذكرة حجب الثقة عن الحكومة في الجلسة المقبلة وسط غضب شعبي متصاعد نتيجة الإجراءات التقشفية.
عمان - يواجه مجلس النواب الأردني اختبارا مهما الأحد المقبل وهو النظر في مذكرة حجب الثقة عن حكومة هاني الملقي، التي تقدمت بها جماعة الإخوان ممثلة في كتلة الإصلاح قبل أسابيع، على أمل أن يكون البديل عنها حكومة “إنقاذ وطني”.
وكان من المقرر النظر في المذكرة نهاية الأسبوع الماضي بيد أنه تم تأجيلها لدوافع عدة بينها زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى روسيا الخميس، وأيضا مرض رئيس الحكومة هاني الملقي الذي عاد قبل ايام قليلة من الولايات المتحدة حيث كان يخضع للعلاج.
وأعلن رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة إدراج مذكرة حجب الثقة عن الحكومة على جدول أعمال جلسة المجلس مساء الأحد المقبل، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الأردنية (بترا).
وحسب المادة 54 من الدستور، تُطرح الثقة بالوزارة أو بأحد الوزراء أمام مجلس النواب، وإذا قرر المجلس عدم الثقة بالوزارة بالأكثرية المطلقة من مجموع عدد أعضائه وجب عليها أن تستقيل.
وهناك غضب شعبي متنام نتيجة الإجراءات التقشفية التي تضمنتها الموازنة العامة لسنة 2018، والتي تقدمت بها حكومة الملقي في ديسمبر الماضي وللمفارقة صادق عليها مجلس النواب في يوم واحد في سابقة من نوعها.
وقد شهدت عدة محافظات ومدن أردنية وخاصة في السلط في الأيام الماضية مظاهرات احتجاجية، طالبت بإسقاط الحكومة ومجلس النواب الذي اعتبر متواطئا معها في تمرير تلك الميزانية التي شملت جملة من الإجراءات المثيرة للجدل منها رفع الدعم عن مادة الخبز وزيادة أسعار الوقود، ورفع تعريفة النقل.
ويبدو أن الكتل النيابية التي ساهمت بشكل مباشر أوغير مباشر كـ”الإصلاح” في تمرير الموازنة استشعرت الخطر من تنامي حالة الاحتقان ضدها، وهو ما جعلها تندفع صوب خيار طرح الثقة عن الحكومة في محاولة منها للتملص من مسؤولياتها، وإلقائها كاملة على كاهل الأخيرة.
ديما طهبوب: نتطلع لحكومة إنقاذ وطني تستند إلى برنامج إصلاح حقيقي
وكانت الناطقة باسم كتلة الإصلاح النيابية ديمة طهبوب قد أكدت الاثنين أن الكتلة ماضية في مذكرة حجب الثقة عن الحكومة، وأشارت إلى أن هذه المذكرة تشهد تفاعلاً متزايداً من قبل النواب للتوقيع عليها، واصفة المذكرة بأنها كـ”كرة ثلج بدأت تتدحرج”.
ونقل موقع “السبيل” الإخباري الأردني المقرب من جماعة الإخوان عنها القول “سنستمر في هذه المذكرة لحجب الثقة عن الحكومة التي أثبتت فشلها سياسياً واقتصادياً وأمنياً مما يعني أنها استنفدت أسباب وجودها، ونتطلع لحكومة إنقاذ وطني جديدة تستند إلى برنامج إصلاح حقيقي في مختلف المجالات”.
وكانت كتلة الإصلاح الإخوانية التي التقت برئيس الوزراء هاني الملقي قبل أيام قليلة من طرح مشروع الموزانة، والذي أحاطها بالتحديات التي تواجهها المملكة وضرورة اتخاذ قرارات قاسية لوقف تدهور الوضع الاقتصادي، قد أعلنت مقاطعتها لجلسة التصويت على الموازنة في خطوة كانت فارقة لجهة عدد المصوتين لصالحها، الأمر الذي دفع العديد إلى اتهام جماعة الإخوان بالتواطؤ مع الحكومة، لإعادة حبل التواصل مع النظام الذي انقطع على خلفية حراك 2011.
ومع اندلاع المسيرات الاحتجاجية، سعت الجماعة إلى التبرؤ من هذه الاتهامات بطرح مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة، والظهور بثوب الملتصق بهموم الشارع والمدافع عنه، ولم تكتف بذلك بل إنها اليوم تذهب بعيدا من خلال طرح تشكيل حكومة إنقاذ وطني تطمح إلى أن تكون أحد مكوناتها.
ومعظم الحكومات التي تعاقبت على الأردن هي من التكنوقراط، ورغم أن الملك عبدالله الثاني سبق وأن أعلن عن رغبته في إرساء حكومات برلمانية إلا أنه لم يتم تفعيل الأمر لعدة اعتبارات.
ويرى خبراء أن طرح الإخوان لحكومة إنقاذ وطني ليس مناسبا للمشهد الحالي في البلاد لجهة ضعف الأحزاب، كما أن الوضع الداخلي والإقليمي لا يحتمل الدخول في دوامة جديدة من التجاذبات السياسية.
ويقول الخبراء إن اقتراح جماعة الإخوان ينم عن رغبة في تكريس موطئ قدم لها في مؤسسات الحكم، والدليل عودتها عن مقاطعة الانتخابات النيابية والبلدية، ويلفت هؤلاء إلى أن الجماعة بحكم العلاقة المتقلبة مع النظام تريد البحث عن صيغة لضمان استمراريتها في الحياة السياسة عبر مثل هذه الطروحات.
ويستبعد الكثيرون في أن تنجح الجماعة فعليا في تحقيق الأغلبية لإسقاط الحكومة الحالية التي لا تزال تحظى بدعم من الملك عبدالله الثاني الذي يبدي حرصا على إطالة عمر الحكومات، لضمان حالة من الاستقرار يتم بموجبها تنفيذ الخطط الإصلاحية المرسومة.
(العرب اللندنية)